الخميس , أبريل 25 2024

الحرب الاقتصادية "مقامرة ترامب" ضد الصين

الحرب الاقتصادية “مقامرة ترامب” ضد الصين
أفادت بعض الدراسات الاستقصائية التي قامت بها بعض وسائل الإعلام الأمريكية، بأن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قرّر أن يقامر بمنصبه كرئيس لأمريكا والدخول في حرب اقتصادية مع الصين، لإجبار هذا البلد الذي يُعدّ ثاني أكبر اقتصاد في العالم على الانسحاب والخضوع لقرارات أمريكا ولفتت تلك الدراسات أيضاً إلى أن الصين لا تنوي القيام بإجراءات من شأنها أن تقلّل توتراتها مع أمريكا وذلك لاعتقادها بأنها خصم لا يُستهان به في الساحة الاقتصادية.
وفي سياق متصل، أعلن كل من الرئيس الأمريكي “ترامب” وممثل التجارة الأمريكية “روبرت لايتيزر”، مرّة أخرى فرض 100 مليار دولار كرسوم إضافية على السلع الصينية القادمة إلى أمريكا، وتماشياً مع أنماط الحرب التجارية الكلاسيكية، أعلنت الصين أيضاً بأنها ستواجه هذه الإجراءات التجارية وستتعامل مع واشنطن بالمثل.
من جهته أعرب “لاري كودلو” كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، بأن مهمته الرئيسية هي إقناع “وول ستريت” بأن تلك الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس “ترامب” ليست بداية حرب اقتصادية مع الصين ولقد أجرى “كودلو” يوم الجمعة الماضي، العديد من المقابلات واللقاءات الصحفية، ليبرر للرأي العام العالمي بأن الرئيس “ترامب” استعان ببعض الأدوات القانونية لـ “منع سرقة الملكية الفكرية الأمريكية ونقل التكنولوجيا من قبل الصينيين” وفي مقابلة إذاعية أقرّ الرئيس “ترامب” يوم الجمعة الماضي، بأن هذه المواجهة الاقتصادية قد يكون لها بعض الأضرار البسيطة ولكن نتائجها النهائية ستكون إيجابية بالنسبة للاقتصاد الأمريكي”.
بالطبع، إن لم تكن تلك النتائج التي توقعها الرئيس “ترامب” قليلة الأضرار، فإنها ستؤدي إلى هزيمة الجمهوريين في انتخابات الكونغرس النصفية المقبلة.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الصين الكثير من الأدوات التي تمكّنها من تحويل تلك الأضرار القليلة إلى ألم مرير لأمريكا وبالتالي، فلقد أعرب قبل عدة أيام السيناتور الجمهوري عن ولاية “نبراسكا” الأمريكية، “بن ساس”، الذي يُعدّ واحداً من أشد المنتقدين لسياسة الرئيس “ترامب” الاقتصادية ضد الصين، قائلاً: “لحسن الحظ، لقد نثر الرئيس ترامب الغبار فقط وإذا كان ينوي الاستمرار في هذا الأمر فإنه بذلك سيكون أحمق، صحيح أن الصين قد ارتكبت الكثير من الأخطاء في الأعوام الماضية ولكن الرئيس ترامب ليس لديه في الوقت الحالي أي خطط حقيقية للفوز في مواجهته هذه وسياسته هذه ستهدد وستقضي على الزراعة الأمريكية، تعالوا نواجه الصين ولكن يجب أن يكون لدينا خطة واضحة لمعاقبة الصين، لا معاقبة أنفسنا، وسياسة ترامب هذه تُعدّ من أحمق الطرق للقيام بهذا الأمر”
من جهته أعرب “مارك زاندي”، كبير الاقتصاديين في شركة “مودي” في مقابلة صحفية أجراها مع شبكة” CNBC” ، حيث قال: “التعريفات الجمركية تأتي بمعنى زيادة الضغوطات الحالية على الاقتصاد الأمريكي وزيادة معدل البطالة في هذا البلد ولعبة الرئيس “ترامب” بالتعريفات الجمركية ستؤدي في أحسن الأحوال للحيلولة من ارتفاع الرسوم الجمركية على الصين وفي أسوأ الأحوال، ستؤدي إلى تنامي المخاطر الاقتصادية التي هي مرتفعة بالفعل في وقتنا الحالي ومن الممكن أن تُضيف كل هذه التدابير التي قرر الرئيس “ترامب” القيام بها، الكثير من المخاطر إلى الاقتصاد الأمريكي ومع هذا كله، فمن المحتمل أن ينتهي هذا الصراع بقبول الصين لبعض القرارات الأمريكية ومن الممكن أيضاً أن تقوم الصين بإزالة بعض الحواجز أمام التجارة العالمية ولكن هذا الشيء لا يُعدّ إنجازاً كبيراً”.
وحول هذا السياق، أشارت شبكة “CNN” الإخبارية في تقرير كتبه الصحفي “دانييل شين” يوم الجمعة الماضي، إلى بعض خيارات الصين التي قد تستخدمها في حربها الاقتصادية ضد أمريكا ولقد أكد الخبير الاقتصادي “الكس ولف” في بداية هذا التقرير، قائلاً، إن الصين ستواجه العديد من المشكلات الاقتصادية في حال دخولها في حرب اقتصادية مع أمريكا وذلك يرجع إلى أن صادراتها إلى أمريكا أعلى بكثير من صادرات أمريكا إليها ولفت “ولف” إلى أنه خلال العام الماضي وصلت واردات الصين من أمريكا إلى ما يقارب 130 مليار دولار ووصلت واردات أمريكا من الصين إلى ما يقارب 505 مليارات دولار وفي حال استمرت الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين، فإن هذه الأخيرة ستواجه نقصاً كبيراً في السلع الأمريكية المستوردة.
وفي سياق آخر قال “لاري هو”، الخبير الاقتصادي في بنك “ماكار” للاستثمار في “هونغ كونغ”، إن الصين يمكنها ممارسة الكثير من الضغوطات الاقتصادية على أمريكا، مستعينة في ذلك بالسلع غير المادية، كالسياحة والتعليم الجامعي والصناعات التي يستخدمها الأمريكيون أكثر من الصينيين ووفقاً لبعض التقارير الصادرة عن بنك “نومورا” الاستثماري، فإن أكثر من نصف الميزان التجاري لأمريكا البالغ 39 مليار دولار في مجال تبادل الخدمات مع الصين، يتعلق بالأموال التي ينفقها السياح والطلاب الصينيون في أمريكا.
من ناحية أخرى، يمكن أن تهدد بكين الشركات الأمريكية العاملة في الصين، ففي العام الماضي، تم تطبيق نفس هذا النهج على كوريا الجنوبية، حيث أمرت السلطات الصينية، بإغلاق عشرات المتاجر التي يملكها مواطنون من كوريا الجنوبية في مجمع “لوت” التجاري في الصين.
ووفقاً لبعض تحليلات الخبراء، ففي حال زيادة التوترات بين الصين وكوريا الشمالية والجنوبية، فإن أمريكا ستخسر جزءاً كبيراً من عائدات شركاتها العاملة في الصين وستبلغ خسارتها تقريباً 1.4 مليار دولار ومن ناحية أخرى، إذا احتدمت حدة هذه المواجهة وأصبحت حرباً اقتصادية، فإن الصين يمكنها أيضاً أن تستخدم أدوات أكثر قوة، حيث يمكنها بيع السندات الوطنية الأمريكية التي يشتريها الصينيون وهذا الأمر سيشكل خسارة كبيرة لأمريكا.
الوقت