الثلاثاء , أبريل 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

خلفيات التصعيد الصهيوني ودلالات صمت العرب

خلفيات التصعيد الصهيوني ودلالات صمت العرب

إيهاب شوقي*

صمت عربي مطبق وكأن شيئا لم يحدث في الجولان المحتل، وكأن قصفا متبادلا واختراقا لأجواء سوريا لم يحدث، صمت لم تقطعه إلا تصريحات خليجية متعاطفة مع الصهاينة ضمنيا وصريحة بحرينيا!

وتجاهل لم يفضح نواياه الا تحليلات استراتيجية مزعومة تهاجم “التوغل” الايراني المزعوم في الاقليم ومحاولات “السيطرة” و”التدخل” في شؤون دوله! ما هي الدلالات التي يمكن استنتاجها بخلاف التخلي العربي الرسمي عن المقاومة وسوريا وفلسطين والاصطفاف المخزي مع الصهاينة؟

يمكن استنتاج بعض الدلالات، ليس من قبيل الرأي فقط، ولكن من خلال التحليل بضمها لبعض الشواهد الأخرى كما يلي:

– إن هذا الصمت في شكله معبر عن حياد وكأن الأمر لا يعني العرب، وهو ما يقود للمضمون المتمثل في تبني الرواية الصهيونية والاصطفاف مع أمريكا والكيان الاسرائيلي فعلياً، بتكريس صورة سياسية مفادها، أن هناك حرباً بين طرفين غير سوريين على الأراضي السورية.

– الأمر الآخر والمتمثل في عدم التعليق الرسمي، يشي أن الأمور وصلت لأبعد مما تتحمله التبعية وأبعد مما يتحمله أيضا هامش التمايز عن الموقف الأمريكي والصهيوني الرسمي، فلو أعلن اصطفافاً رسمياً مع القصف الصهيوني، فهي عمالة مباشرة تتخطى حدود التبعية وقد فعلتها البحرين، ولو أعلن إدانة للقصف، فهو تمايز يتخطى الهامش المسموح به أمريكيا واسرائيليا، لأنه سيحسب اصطفافا مع المقاومة وهو ما لا يتحمله أي طرف بلا أي استثناءات.

– واللافت أيضا في هذا الصمت أنه يعكس يقينا بأن المعركة الكبرى بدأت، وانتهى وقت المناورات والعاب السيرك السياسية، ومن غير المسموح لأي طرف الا ان يعلن اصطفافا نهائيا بين المعسكرين، وهو ما فعلته الأنظمة عبر مسارات فرعية في وسائل اعلامها، حيث حملت المقاومة والمشروع (الايراني التوسعي) مسؤولية ما حدث وما سيحدث.

هذا يأخذنا أيضا لوضع النقاط على الحروف بناء على بعض الملاحظات:

– أولا: وصف ما حدث بأنه معركة “ايرانية – إسرائيلية”، ينتقص من الدور السوري والسيادة السورية من جهة، كما يسئ أيضا لايران باعتبارها تحارب في جبهة بعيدة عن أرضها. وما نراه صائبا هو أن المقاومة جبهة واحدة وسوريا تستعين بحلفائها وأصدقائها وبناء على طلبها، وهي من تقود المعركة، وما حدث هو استهداف لسوريا وانتهاك لسيادتها وعدوان عليها وعلى ضيوفها وحلفائها، وكان الرد سوريا أيا كانت الأدوار والتكليفات في تفاصيل هذا الرد.

– ثانيا: من المفيد تكرار التأكيد على أن روسيا ليست من معسكر المقاومة، وانما دولة صديقة، ولها مصالحها التي تتقاطع مع مصالح المقاومة، وقدمت تضحيات تجعلها أكثر من صديقة، إضافة الى مواقفها السياسية الوازنة داخل مجلس الامن الدولي.

من النصائح التي يستمع لها ترامب حاليا، نصيحة تقول: “يجب على الولايات المتحدة أن تعمل على تعزيز المكاسب التي تحققت من خلال جهود التحالف في شمال شرق سوريا، وربط الانسحاب بالشروط على الأرض والاستفادة من استعداد الجهات الفاعلة الإقليمية، مثل المملكة العربية السعودية”. وينبغي على الولايات المتحدة تعبئة تحالف دولي أوسع لتمويل وتوفير الخبرة الفنية لتحقيق الاستقرار، وصياغة إطار متعدد الجنسيات موجه للأهداف والمبادئ لتحقيق الاستقرار وتشجع الشركاء الإقليميين على إرسال قواتهم الخاصة إلىها.”
وجهت هذه النصيحة قبل ايام من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، وتزامنا مع الاعتداءات الصهيونية على سوريا واستفزاز ايران وقبل الاشتباك الخطير الأخير .

وما نفهمه هنا هو أن التصعيد ربما جاء بغية التعجيل بتفاهمات تجلب قوات متعددة الجنسيات تعزل الجولان المحتل عن القوات السورية وحلفائها، وقوات أخرى تحل محل القوات الأمريكية تعزل التواصل العراقي السوري والذي يشكل رعبا للصهاينة. ما لم تفعله “اسرائيل” بالدم ستحاول فعله بالسياسة بعد أن أيقنت أن المقاومة تتحرك كجبهة واحدة.

المقاومة ايضا تعمل بالسياسة ولكنها تعلم أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها، وأن السياسة خادمة للمقاومة لا قائدة لها.
العهد