الجمعة , مارس 29 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

فوبيا الزواج.. لماذا ينسحب البعض في اللحظات الأخيرة؟

فوبيا الزواج.. لماذا ينسحب البعض في اللحظات الأخيرة؟

شام تايمز

«كلما اقترب موعد زفافي شعرت برغبة قوية تدفعني للانسحاب»، «خائف من الزواج حتى لا أكون في موقف الندم على اختياري»، «فكرة الزواج بالنسبة لي مخيفة للغاية»، عبارات تتكرر بين الكثير من الأشخاص المصابين بفوبيا الزواج أو ما يُعرف بالـ«جاموفوبيا»، ربما لا يُدرك المحيطون بهم أن هناك اضطرابًا نفسيًّا بهذا الاسم له أسبابه وأعراضه، وهذا ما يجعلهم غير مُدركين لطبيعة معاناتهم فيضغطون عليهم في سبيل اتخاذ قرار الزواج؛ لأن ذلك سيجعلهم يعيشون حياة أفضل من وجهة نظرهم.

شام تايمز

يمكن تلخيص ما تعنيه فوبيا الزواج بأنها خلل نفسي يظهر على هيئة رهاب خارج عن سيطرة الشخص، غير مستند إلى أسباب منطقية فيما يتعلق بالارتباط الرسمي متمثلًا في الزواج، ويعيش الكثير من المصابين به في عزوبية أبدية لعدم قدرتهم على الدخول والاستمرار في علاقات مستقرة.

لكل خائف من الزواج أسبابه الخاصة

تتباين الأسباب التي تجعل الشخص يعاني من خوف مرضي تجاه الزواج، لكن يأتي في مقدمتها الخوف من فشل تجربة الزواج، وقد يكون هذا الخوف ناتجًا عن اتباع الشخص أسلوب التعميم مستندًا إلى تجارب المحيطين به، فيرى أن فرصة نجاحه في الزواج ضئيلة، منطلقًا في ذلك من ارتفاع نسب الطلاق، بالإضافة إلى العلاقات المهددة بالانتهاء.

تمتد جذور هذا الخوف في بعض الأحيان إلى مرحلة الطفولة أو المراهقة، بالعيش مع أب وأم علاقتهما غير سوية، وفيها ظلم وعنف لأحد الطرفين، وينعكس ذلك على تطبيق الفرد لآلية «الاستدماج»، وهي إحدى حيل الدفاع النفسي؛ فيؤكد له عقله الباطن أن أي علاقة زوجية سيشرع فيها لن تكون سوى نسخة من تلك العلاقة السيئة التي عاشها في صغره، فمن هنا يكون هذا حاجزًا لا يستطيع تجاوزه لأخذ خطوة الزواج.

تؤثر الأمراض النفسية بشكل واضح في الإصابة بفوبيا الزواج، فمثلًا إذا كان الفرد يعاني من انعدام الأمن الشخصي، يصيبه ذلك بالخوف من الزواج نظرًا لما ينتج عنه من مشاركة للمسئوليات والماديات، وقد يُصور إليه اضطرابه النفسي أن الزواج بمثابة تهديد قد يؤدي به إلى السجن مثلًا بعد قضية مع زوجته تستولي فيها على ثروته.

كما تنتشر «الجاموفوبيا» بين مرضى الاكتئاب بالذات، إذ يشتكي الكثير منهم أنه رغم اتخاذهم خطوات فعلية للزواج، إلا أن الخوف الذي يلازمهم يجعلهم يتراجعون عن إتمامه، ويرجع ذلك لأسباب معقدة منها انعدام الثقة في النفس، وعدم الإقبال على الحياة، وانخفاض الطاقة والثقة الجنسية، وغيرها من أعراض الاكتئاب.

مؤخرًا نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها بعض الدول العربية أخذ الكثير من شبابها قرارًا بالامتناع عن الزواج، لما أصبح يمثله من ضغط نفسي لمتطلباته المادية التي لا يستطيعون توفيرها، فأصبح قرار الزواج يحتاج في بعض الأحيان إلى الاقتراض من البنك لسداد مصاريف الزواج، وأيضًا شراء المسكن، والأثاث بنظام التقسيط، وهو ما يعني المزيد من الضغوط.

أعراض تؤكد أن الخوف من الزواج أصبح يستدعي العلاج

قد يتساءل الكثيرون ممن يخافون من الإقدام على الزواج ما إذا كان الوضع الذي يعيشونه طبيعيًّا أم مرضيًّا، ويمكن التأكد من ذلك بالتعرف إلى أعراض فوبيا الزواج التي تتمثل في:

1- تجنب النقاش في موضوع الزواج للابتعاد عما يثيره في الذهن من أفكار سلبية وصور مخيفة.

2- الإدراك أن الخوف من الزواج هو أمر غير عقلاني، ورغم ذلك لا ينجح الشخص في القضاء عليه.

3- اقتناع الشخص بشكل غير قابل للنقاش أنه ليس أهلًا لخوض تجربة الزواج سواء كان ذلك على المدى القريب أو البعيد.

4- في مراحل متقدمة تظهر على الشخص أعراض جسدية تزداد عند الشعور بالالتزام، أو اقتراب موعد الارتباط رسميًّا، مثل الشعور بالغثيان والرغبة في البكاء، بالإضافة لزيادة معدل ضربات القلب، ودوار متكرر مع ضيق في النفس.
أعداد غير المتزوجين في ازدياد

لم يعد الخوف من الزواج بمثابة ظاهرة عابرة، فالإحصائيات الرسمية تكشف أن عدد الأشخاص الذين لم يتزوجوا أصبح مثيرًا للانتباه، بكل تأكيد هناك أسباب أخرى ساهمت في الوصول لهذه الأرقام، لكنها تعكس أن الوضع لم يعد كما كان قديمًا بكون أغلب أفراد المجتمع يخوضون تجربة الزواج، ونبدأ من مصر إذ أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن نسبة المصريين الذين تجاوزت أعمارهم سن الخامسة والثلاثين دون زواج وصلوا إلى 13 مليون ونصف، منهم 11 مليون امرأة، أما في الكويت فبلغت نسبة المواطنين غير المتزوجين 35%، وأرجعت الإحصائية الأسباب إلى التكاليف المالية المبالغ فيها للزواج، بينما في السعودية أكدت وزارة التخطيط أن عدد السعوديات اللاتي تخطين سن الثلاثين دون أن يتزوجن بلغ 4 ملايين فتاة.

لا يقتصر الأمر على الدول العربية، فإذا ما نظرنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، سنجد هناك 112 مليون شخص تخطوا السن القانونية للزواج (18 عامًا) ولم يتزوجوا، وتبلغ نسبتهم 47% من السكان البالغين، وعند تحليل هذه النسبة وجدوا أن معظم الحاصلين على مؤهل جامعي لا يقدمون على الزواج قبل بلوغ 46 عامًا، وفقًا للمسح القومي لنمو الأسرة في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي أكد أنه كلما زادت نسبة الوعي لدى الشخص كان أكثر تمهلًا في اتخاذ قرار الزواج.
الخائفون من الزواج يتحدثون لـ«ساسة بوست»

«فكرة فاشلة ومخيبة للآمال فالزواج ما هو إلا عبارة عن صراعات وأذى وخيانة».

«الزواج في مجتمعنا الشرقي سجن ندخله بأرجلنا ورغبتنا».

«أنظر إلى الزواج على أنه فكرة مخيفة بشكل كبير، ومسؤولية يجب أن يُحسب لها ألف حساب».

اتجهنا إلى الخائفين من الزواج وسألناهم كيف يرونه؟ فأجابوا بعبارات مشابهة للعبارات السابقة، لكن يبدو أن تجارب الأشخاص المحيطين بهم أثرت فيهم بشكل كبير، إذ تقول لنا سناء صالح (26 سنة) – اسم مستعار- أن الخوف من الزواج بدأ معها منذ دخولها الجامعة عندما أصبح معظم صديقاتها متزوجات أو يبحثن عن زوج بسبب خوفهن من التخرج وهن يحملن لقب عانس وعاطلة، وبرغم ذلك رأتهن متشابهات في المسؤوليات والمشاكل والروتين الباهت، وتصف وظيفتهن في الحياة بشكلها الحالي أنها غير آدمية.

يُرجع بعض الأشخاص الخائفين من الإقدام على الزواج خوفهم إلى أكثر من سبب، فترى فاتن (24 سنة) أن خوفها سببه ما ينتج من الزواج من تحمل للمسؤولية في سن من المفترض أن تكتشف نفسها فيها، إلى جانب عدم وجود شخص يُقدر طبيعة شخصيتها وطموحها، إضافةً إلى ارتباط الزواج بشكل كبير من وجهة نظرها بالتنازل والتضحية.

ألقت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في العالم العربي بظلالها على عزوف الكثير من الشباب عن الزواج، فقد أكد محمد سعيد (27 سنة) – اسم مستعار- في حديثه لـ «ساسة بوست» ذلك قائلًا: عدم وجود استقرار وظيفي للزوج يهدد ظروف الأسرة لاحقًا، وفي الوقت الحالي يحتاج الزوج إلى قدرات مالية أكبر من استطاعته حتى يُعلم أولاده بمستوى يستطيعون من خلاله أن ينافسوا في سوق العمل بعد تخرجهم، ويحصلوا على وظائف جيدة.

من ناحية أخرى اتصلت الثقافة الذكورية بإحجام بعض الإناث عن الزواج، فمن وجهة نظر سالي عبده (24 سنة) – اسم مستعار- تخوفها من الزواج راجع إلى سيطرة الذكور المتمثلة في ظلم وقهر المرأة بلومها على أي خطأ، ورغم ذلك عليها أن تتحامل على نفسها وتتحمل الإهانة، والخيانة، وتهرب الرجل من القيام بمسؤولياته.

انتشار عادات معينة تتعلق بالزواج في العالم العربي، والفجوة بين الأجيال تجعل إتمام الزواج أمرًا صعبًا وتحديدًا في مرحلة الاتفاق على النواحي المادية، ففي حديثها مع «ساسة بوست» أكدت نهى صلاح (26 سنة) – اسم مستعار- أن شكل الاتفاق بين الزوج وأهل الزوجة يجعل الأمر أشبه بصفقة تجارية يحوز بها من يدفع أكثر، وكأن الأساس في الزواج هو الأثاث والمهر وحفل الزفاف، بالإضافة إلى وجود نظرية خاطئة شائعة تربط سعادة الزوجين بتكاليف زواجهما المبالغ فيها، ومن أبرز مظاهرها شراء غرفة للأطفال رغم عدم قدومهم إلى الدنيا، مما يثقل كاهل الزوج بالمزيد من الأعباء المادية غير الضرورية.

من الأسباب المهمة المؤثرة في الخوف من الزواج قلة المصادر التعليمية للثقافة الجنسية السليمة في العالم العربي، وعبرت صابرين سامي (20 سنة) – اسم مستعار- عن ذلك بقولها: «أخاف من الزواج لخوفي من الجنس، ولا أتخيل أن أمارسه بسبب حرجي من الفكرة نفسها»، وتؤدي الثقافة الجنسية الخاطئة التي تُعطي كل الحق للرجل في العملية الجنسية لأن تشعر السيدات بالاستياء تجاهها، وتؤكد ذلك دنيا سعيد (26 سنة) – اسم مستعار- قائلة: من ضمن أسباب خوفي من الزواج تعامل الرجل مع الجنس على أنه نوع من أنواع الشهوة ليس أكثر؛ فالرجل غالبًا هو من يبادر في الطلب من زوجته أن يمارسا العلاقة الحميمية بشكل يظهر فيه بطريقة واضحة رغبته في أن يفرغ شهوته دون أن يلتفت لاحتياجاتها.

يواجه الأشخاص الخائفون من الزواج أو الممتنعون الكثير من العوائق في مصارحة أسرهم بما يدور في أذهانهم، فلم يكن ذلك هينًا أبدًا على هناء عبد الله (28 سنة) – اسم مستعار- فعندما أخبرت أهلها بخوفها من الزواج وترددها، أهانوها واتهموها أنها من الممكن أن تكون مارست علاقة جنسية من قبل وتريد التهرب بالأسباب التي أخبرتهم إياها، ووصل الأمر إلى محاولة أخذها للكشف على عذريتها عند طبيبة نساء وولادة، وبعدما فشلوا معها، أحضروا شيوخًا لرقيتها ظنًّا منهم أنها ممسوسة.

لكن إلى متى سيظل الخوف من اتخاذ قرار مصيري كالزواج؟ سألنا حسام قاسم (26 سنة) – اسم مستعار- هذا السؤال فأجابنا ملخصًا نظرته لمستقبله: المخاوف لا تنتهي ولن تنتهي بالانتظار، بالعكس من الممكن أن تنتهي عندما يقرر الشخص في لحظة معينة أن يغامر ويأخذ القرار؛ لأن الوحدة ليست مريحة مثلما تبدو من الخارج.
خطوات عملية للتغلب على فوبيا الزواج

ربما يساور الخائفين من الزواج القلق من عدم وجود حلول ممكنة للتخلص من معاناتهم، لكن ما هم فيه ليس نهاية الطريق، فهناك عدة طرق عملية يمكنهم اتباعها مثل:

1- ابحث عن جذور المشكلة

لكل فرد سبب رئيسي يمنعه من اتخاذ قرار الزواج يجب عليه أن يكتشفه بنفسه، على سبيل المثال إذا كنت تظن أنك لن تكون قادرًا على الالتزام بمسؤوليات الحياة الزوجية، أو أن الزواج سيمنعك من الخروج مع أصدقائك كل يوم مثلما اعتدت، لماذا لا تبحث بعد تحديد خوفك عن وسيلة للتعامل معه أو للحد منه؟

2- واجه مخاوفك

العيش في خوف يجعلك تدخل في حالة نفسية وهمية ربما تأخذك بعيدًا عن الواقع، لذلك من المهم أن تتفهم طبيعة الحياة التي تكون قاسية في كثير من الأحيان، وأنها تلزمك التخلي عن مخاوفك والتحرك بحرية بعيدًا عنه، وكثيرًا من المخاوف المتعلقة بالزواج تكون نابعةً من أوهام بُنيت في عقل الشخص بشكل تراكمي على مدار السنين، ربما يكون التخلي عنها ليس سهلًا لكنه يستحق التضحية.

3- حفز نفسك

عندما تفكر في الزواج قد يتبادر إلى ذهنك صورة لمستقبل لا تود أن تعيشه، والحل للتغلب على هذه الصور السلبية بناء صور أخرى إيجابية، وفي نفس الوقت واقعية لحياتك مع الشريك الذي تظن أنك ستكون سعيدًا برفقته، ويساعدك وجوده في تطوير ذاتك للأفضل وشعورك بسمو روحك.

4- خذ وقتك

تفشل الكثير من العلاقات نتيجة التسرع في الانتقال بين مراحلها دون استيعاب الطرفين لطباعهما، ومدى مناسبتها لأن يعيشوا سويًا، لذلك عندما تدخل في علاقة عاطفية عليك أن تتمهل قدر الإمكان وتعطي لكل مرحلة حقها، وتتعرف بشكل دقيق على شريك حياتك، بهذه الطريقة ستكون قللت المخاطر المتوقعة؛ مما يجعلك أقل خوفًا.

5- ثق بأنك تستطيع أن تنجح

ترجع فوبيا الزواج في بعض الأحيان إلى رؤية الشخص لنفسه بأنه لا يستطيع إتمام أي قرار حتى نهايته وينجح فيه، لكن على أرض الواقع هذا ليس صحيحًا فكلنا نمتلك قوة ومرونة غالبًا أكثر مما نتصور، ففي حالة إذا كنت تحب شخصًا وتريد أن تكمل حياتك معه، وتأكدت من أنك أخذت القرار الصحيح، كن على ثقة حينها بأنك تستطيع التعامل مع تحديات المستقبل بغض النظر عما يمكن أن يحدث فيه.

ساسة بوست

شام تايمز
شام تايمز