الجمعة , أبريل 19 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

سامي كليب: إيران وحزب الله سيخرجان من سوريا

سامي كليب: إيران وحزب الله سيخرجان من سوريا
المنطق يقول إنه بعد سيطرة الجيش السوري على المدن السورية الكبرى وأريافها بالقتال أو المصالحات مدعوما بحلفائه إيران وحزب الله وروسيا، وبعد اتفاق موسكو وواشنطن على بقاء الدولة السورية موحَّدة واستمرار عمل المؤسسات فيها وعلى رأسها الجيش، لن يكون ثمة حاجة لبقاء القوات الإيرانية او قوات حزب الله مباشرة على الأرضي السورية.
يقول المنطق ثانيا، أن كل الأطراف تعبت من الحرب، وأن الناس يريدون فُسحة أمل، بعد أن سقطت كل محاولات إسقاط الرئيس بشار الأسد بالقوة، وصار بقاؤه حاليا محور اتفاق ضمني أو علني او نتيجة القبول القسري لبعض الأطراف الرافضة ذلك من بعض المعارضة (وليس كلها) وبعض حلفائها (وليس جميعهم).
ولو ابتعدنا قليلا عن العواطف وعن بعض الخلفيات والمسوِّغات الدينية لبعض الأطراف بشأن مبرر قتالها في سوريا، فيجب الاعتراف بأن قسما لا بأس به من الشعب الايراني ما عاد قابلا أن تدفع دولته الأموال لحزب الله ولجبهات أخرى، بينما هو بحاجة الى تحسين وضعه الاقتصادي المرشح لتقلبات عديدة بعد العقوبات الاميركية والخوف الاوروبي من البقاء في إيران. لذلك نسمع رأيين في ايران أبرزهما للمرشد السيد علي خامنئي والحرس الثوري الذي يعتبر ان كل التضحيات الانسانية والاقتصادية والسياسية ضرورية في كسر التوازن الإقليمي لصالح ايران ولصراعها مع إسرائيل، يقابله رأي في القيادة السياسية وبين الناس يقول لكن كفى تضحيات فالداخل أولى.
يجب الاعتراف كذلك بأن قسما لا بأس به من السوريين على مستوى الشعب وبعض القيادات العسكرية والسياسية والأمنية، يفضلون بقاء روسيا فقط كدولة راعية للاستقرار والمصالحات والدعم، ويؤيدون انسحاب كل القوى الأخرى، دون أن يعني ذلك مساسا بالتحالف الاستراتيجي العميق بين دمشق وحليفيها حزب الله وإيران. لا أتحدث هنا عن الأسباب الاجتماعية والحساسيات المذهبية المختلفة والمتعلقة بالحضور الايراني، لكن بمفهوم الدولة وسيادتها التي أصيبت بضربات كثيرة في السنوات الماضية.
ولو ابتعدنا عن العواطف أيضا، نجد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحتاج هو الآخر لأسباب سياسية وعسكرية وخوصا اقتصادية انهاء الحرب السورية، كان يُرسل قوات روسية سنية تعمل كرجال شرطة في بعض المناطق التي تم اخلاؤها بالمصالحات من المسلحين، لكي يزيد طمأنة الناس، ويقال انه أرسل بعض المُفتين الروس، وان لقاءات دينية ممتازة جرت بين مسؤولين دينيين سوريين وآخرين روس للمساهمة في نزع الفتيل الطائفي، والتأسيس لشيء أفضل في المستقبل. ( هذه كانت رسائل ممتازة للداخل ولكن أيضا لدول الخليج التي كانت تخشى ان يحل الايراني مكان بعض السكان السنة)
يقول المنطق ثالثا: إنك حين تربح، فلا يُمكن أن تربح كل شيء، وان الحروب غالبا ما تنتهي بالتفاوض، حتى حين يبدو في ظاهرها ثمة منتصر ومهزوم. لقد أدت الحرب السورية الى انقلاب العديد من الموازين، فبقي الأسد والجيش وقسم كبير من الشعب الى جانبه، وتعاظم الحضور الايراني وحضور حزب الله في المشهد الاقليمي، وقام محور مقاوم شديد البأس ،وانهارت المعارضة، وأصيب الكرد بهزات وجودية كبيرة، وتلاشى دور ” أصدقاء سوريا” من الدول الغربية (التي كالعادة تبيع وتشتري بسهولة لأن المصالح وميزان القوى هما الأسس وليس الأخلاق)، وتقهقر الإرهاب، وانحصر النقاش حاليا بتعديل الدستور وبإجراء انتخابات في أوانها أو سابقة لأوانها لكنها ستؤدي على الأرجح الى بقاء الأسد( حتى ولو أن البعض يقول ان التسويات الدولية قد ترغب في لحظة معينة بمخارج أخرى) .
حين يكون المشهد على هذا النحو، فان بعض المُغالين يقولون :نعم لقد انهزمت أميركا والغرب والمعارضة وإسرائيل ودول الخليج الداعية لإسقاط الأسد، ونحن نستطيع أن نفرض أي حل، ولن نقبل الا بما نريده. لكن أهل المنطق والمعرفة والخبرة بالتفاوض الدولي يعرفون أن ترسيخ الاستقرار في سوريا بحاجة لغطاء دولي عماده الروس. وروسيا تريد أن تبعث رسائل اطمئنان لأميركا ولدول الخليج وتريد أن تقول لإسرائيل انه بعد استقرار الأوضاع السورية وسيطرة الجيش السوري على كل المناطق بدعم ورعاية واشراف روسي (على الأقل حاليا) ، لن يكون ثمة خطر من حزب الله وايران عند حدودها ( أي حدود فلسطين المحتلة) .
أنا شخصيا أعتقد، ان المنطق يقول إن لا حاجة لبقاء حزب الله وايران مباشرة في سورية لاحقا، (ولو دعت الحاجة لاحقا فالتواصل بات أسهل من رمشة العين) وان ترتيبات حدودية ستجري، تقضي بعودة الجيش السوري حتى الحدود (لأن لا الأسد ولا ايران ولا حزب الله سيقبلون بمنطقة عازلة بعمق ٢٥ كيلومترا أو أكثر كما تريد إسرائيل). هذا يفترض طبعا تفاهما عميقا أميركيا روسيا لا يُبقي أي منطقة سورية خارج سيطرة الجيش السوري، حتى ولو أننا في مرحلة مؤقتة سنرى بعض المناطق القليلة باقية خارج السيطرة المباشرة.
هكذا المنطق يقول، أما من يعتقد دينيا أنه بعد أن وصل حتى الحدود، فقد صار اقتلاع إسرائيل أسهل، ومن يعتقد بالمقابل بأن لحظة ضرب إيران الآن مناسبة أكثر من أي وقت مضى، ومن يعتقد بأنه حان الوقت لاعتراف اميركا بسرقة إسرائيل لبعض الجولان ( فشروا)، فان هؤلاء بحاجة الى إعادة تفكير جدية قبل اشعال فتيل الحرب. مثال جنوب لبنان واضح، هناك توازن رعب، لا إسرائيل تستطيع الاعتداء بسهولة ولا حزب الله يرغب بإشعال الجبهة. هذا ما قد ينسحب على جبهة الجولان والمنطقة الجنوبية لسوريا.
هكذا يقول المنطق، لكن في العالم اليوم مجانين كثيرون، و” تويتر” السيد ترامب يشتغل ليلا نهارا في الاتجاه وعكسه. و لا يرغب بالحرب لأسباب أكثر، لكن نتنياهو المُكبل بالفضائح كان يرغب بالحرب لأسباب كثيرة قبل أن يسمع كلاما مقلقا ولاجما من بوتين حول تجهيزات محور المقاومة للرد في حال شنت إسرائيل اعتداء كبيرا.
الفرق بين إيران والعرب، أنها تُحسن التفاوض كما تُحسن القتال، وحين تشعر بأن التفاوض مناسب لا تتردد. ولا شك أن السوري يُفضل أن يكون هو وحده على أرضه رغم محبته العميقة لحلفائه. ويعرف أن إعادة الاعمار لن تكون سهلة الا بعودة الانفتاح على الدول العربية التي بعث بعضها برسائل ود كثيرة في الآونة الأخيرة.
لكل هذه الأسباب، أقول ان المنطق يقول أنه لن يتأخر اليوم الذي تقول فيه ايران وحزب الله:” انتهت مهمتنا في سوريا ونحن مطمئنون على مستقبل الحليف”
سامي كليب

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز