الخميس , مارس 28 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

قطر والحلف الأطلسي والمحاور في المنطقة

قطر والحلف الأطلسي والمحاور في المنطقة
تحسين الحلبي
ربما لم ينجح الاستعمار البريطاني والأميركي في المحافظة الدائمة على مصالحه الاستعمارية كما يشاء إلا من دول الخليج الست في تاريخه الاستعماري، فقد عينت بريطانيا عام 1915 المؤسس لعائلة سعود ملكاً على معظم أراضي شبه الجزيرة العربية بموجب اتفاقية وقعها معه بيرسي كوكس، وجاء فيها نصاً أن كل من يخلف هذا الملك يجب أن يتم اختياره ضمن شرط هو أن يكون «موالياً لبريطانيا ولا يخرج عن سياستها» إلا حين تسمح بذلك بالطبع وهي التي عينت أمراء وملوك وشيوخ بقية دول الخليج الخمس الأخرى ثم تقاسمت ثرواتهم النفطية مع الولايات المتحدة بعد أن فقدت مكانتها بالمقارنة مع مكانة الولايات المتحدة.
بريطانيا خسرت مستعمرات كثيرة في آسيا ولم تخسر هذه الدول الست بمشاركة أميركية ولذلك سارعت رئيسة الحكومة البريطانية اليزيبيت ماي في كانون الأول عام 2016 إلى ترؤس اجتماع للدول الست بعد خمسة أشهر على إعلانها الخروج من الاتحاد الأوروبي وأعلنت أنه «اجتماع لإعداد ترتيبات تجارية بين بريطانيا ودول الخليج بهدف تحقيق مستوى جديد لازدهار البريطانيين»، وعقدت صفقات بقيمة 30 مليار دولار سنوياً لمصلحة الخزينة البريطانية وما كاد دونالد ترامب يترأس الولايات المتحدة حتى سارع إلى سلب أكثر من 510 مليارات دولار دفعة واحدة، 400 مليار لفتح استثمارات في الولايات المتحدة و110 مليارات ثمن أول صفقة سلاح أميركي يوقعها ضمن صفقات متتالية على مدى عشر سنوات بقيمة 350 ملياراً إضافية، أي إنه سلب السعودية أموالاً تفوق كل ما سلبته بريطانيا.
لكي تسهل عملية سلب أموال كل دولة من الدول الست الخليجية على حدة شجعت واشنطن السعودية والبحرين على التحرش بقطر وتركت النزاع بين قطر وبقية دول الخليج مفتوحاً لا أحد يستطيع إنهاءه إلا إذا وافقت وفرضت نهايته بعد حصار مرّ عليه عام حتى الآن، وبسبب نتائج الحصار الخليجي على قطر بدأت العائلة المالكة القطرية تفتش عن مخرج، فقد اقترح قبل أيام قليلة وزير دفاع إمارة قطر خالد بن محمد العطية على قيادة حلف الأطلسي أن تنضم قطر إلى العضوية الكاملة للحلف، وأن طموح قطر منذ فترة طويلة كان ومازال هو أن تصبح عضواً فيه، وهذا ما نقلته المجلة الإليكترونية الباكستانية «ذي نيوز» بالإنكليزية.
تضيف المجلة: إن قيادة الحلف رفضت تلبية هذا الطموح لأن الحلف لا يضم إلا الولايات المتحدة والدول الأوروبية فقط، ويذكر أن قطر تشارك في اجتماعات الحلف كمراقب إلى جانب إسرائيل التي تشارك هي أيضاً على غرار أي دولة غير أوروبية باجتماعات الحلف فإذا كان الحلف لا يستطيع ضم إسرائيل إلى عضويته لأنها ليست أوروبية فكيف سيضم قطر؟!
يرى المحللون في بريطانيا وفي مركز أبحاث «تشاتام هاوس» البريطاني للدراسات الإستراتيجية أن العائلة المالكة بدأت تخشى على مستقبلها وليس على مستقبل قطر من استمرار الحصار المشدد عليها وحاولت الاستقواء باتفاقية تسمح لتركيا بإرسال وحدات عسكرية إلى قطر لكن من دون وجود اتفاقية دفاع مشتركة تركية قطرية، ولو رغبت واشنطن بمنع وجود قوات تركية فيها لفرضت على أنقرة والدوحة الابتعاد عن هذه اللعبة لكن الاستراتيجية الأميركية بدأت تتبع تكتيكاً يسمح بفتح نزاعات وخلافات وأشكال مقاطعة وحصار بين الدول المتحالفة معها من دول الخليج وكذلك مع تركيا.
واشنطن هي المستفيدة من بيع الأسلحة لكل هذه الدول بمئات المليارات بدءاً من السعودية وانتهاءً بقطر بالذات، وبتركيا التي سيرسل لها ترامب 100 طائرة من نوع إف 35 حتى نهاية عام 2019 أما بريطانيا فهي تحصل على صفقاتها مع هذه الدول بعد موافقة واشنطن، والمستفيد الثالث من هذه النزاعات هو إسرائيل التي تعرض خدماتها لكل الدول النفطية الخليجية وتتجاوب معها السعودية ودول أخرى تطبيقاً للجزء الإسرائيلي في الاستراتيجية الشاملة الأميركية، وبالمقابل وجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن زيارته إلى بريطانيا في منتصف أيار الماضي ستعزز دوره بفضل الدور البريطاني في المنطقة، ولذلك بدأت ساحة الاستقطاب والفرز في المنطقة تولد ثلاثة محاور: الأول محور سورية إيران وحزب الله وتقارب العراق معه إضافة إلى الجزائر واليمن وتونس، والثاني هو محور السعودية والإمارات والبحرين وتقارب الكويت مع بعض سياساته، ومحور ثالث هو قطر وتركيا وحدهما بينما تفضل مصر أن تبقى على صلة وتماسك بمعظم هذه الدول عدا قطر وتركيا اللتين تشنان حرباً إعلامية على مصر.
يلاحظ معظم المتتبعين لشؤون الشرق الأوسط أن المحور الصاعد الذي يزداد قوة واستقطاباً للحلفاء والأصدقاء هو محور المقاومة القادر على فرض شروطه في تشكيل مستقبل المنطقة أكثر من أي محور آخر.
الوطن

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز