الجمعة , أبريل 19 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

تانغو رغم نهايته "الصادمة" لن ينتهي!

تانغو رغم نهايته “الصادمة” لن ينتهي!
كان يمكن “تانغو” أن ينتهي أول من أمس، أي عند الحلقة 30. لا لشيء إلا لأنه مسلسل يحق له ما لا يحق لغيره. مثلاً أن تُسدل ستارته على نهاية تطرح المتفرجين أرض الاحتمالات السرمدية، وكلّ واحدة منها قابلة لأن تكون هي الحقيقة. عملٌ دراميّ أسر المتابعين طيلة شهر رمضان المبارك، وأشركهم في كلّ تفاصيله، حتى غرقوا في فعل الترقب والتحليل والشكّ، وتحوّلوا بسحر مخرج وكاتب، محققين جنائيين منهمكين في فكّ لغز الجريمة ومعرفة هوية القاتل!
كان يمكن أن تكون النهاية صادمة وغير متوقعة، ذلك أنّ كلّ شيء كان متوقعاً في “تانغو”. نحن أمام قصة فيها الحبّ والخيانة والانتقام والاستغلال والقرارات المبنية على خوف أو طعنة والاستسلام لغدر الحياة والاستعاضة عن مرّها بالممنوعات. لكننا أيضاً سرعان ما نكتشف أننا في صلب عالم المافيا والجريمة وطغيان المال، وهنا لا قلوب تفكّر ولا عقول تلين. رصاصة واحدة وينتهي الأمر. رصاصة في رأس “فرح حبيب” (دانييلا رحمة) حيّرتنا منذ الحلقة الأولى، وورطتنا في توجيه أصابع الاتهام نحو الجميع: لينا (دانا مارديني)، سامي (باسم مغنية)، كريم (يوسف حداد)…حتى أصاب شكّنا عامر (باسل خيّاط) مع أنه في غيبوبة بسبب حادث السيارة الذي تعرّض له هو وفرح، ونور (ليزا الدبس) وهي شقيقة القتيلة!
لا أحد بريء، ولا أحد توحي تصرفاته بأنه المجرم. وهذه، ميزة العمل الأساسية. حتى الحلقة ما قبل الأخيرة، كنا نغرق أكثر في الحيرة، لكن ليس أبداً في الملل أو الضياع. حبكة القصة، التنقل بين الماضي والحاضر، الإخراج، وإبداع الممثلين أجمعين، كلّها عناصر تكاملت واجتمعت لترفع العمل. ولعلّ مفاجأة هذا العام، باعتراف كثيرين، هي طبعاً دانييلا رحمة التي تألقت وأدّت دروها بحرفية عالية، حتى خلناها سيدة تقطن في المبنى الملاصق لبيتنا. حقيقية، صادقة. متألقة وقفت أمام متألقين مخضرمين: باسل خياط رأينا في عينيه وجه الخيانة، وخفنا منه قاتلاً يرمي الناس في صدورهم، وكدنا نصفح عنه عندما ذرف دمعة معترفاً بحبّه لفرح وصولاً إلى تعريض حياته للخطر لتجنب قاتل حبيبته. دانا مرديني “مجرمة”. أداؤها إجرام. امرأة محطمة تتعرّض لطعنة في الظهر أيضاً! ما أقساها هذه الحياة! تجهد في الوقوف، فتوقعها المخدرات. تقف مجدداً فتحاول الانتقام بالحبّ. هي المنتصرة في النهاية لأنها لم تدخل سجناً فرضه ظلم الحياة، بل تحررت ومضت في طريقها. باسم مغنية “ضيّعنا”: هل هو مذنب أم بريء؟! هل علينا أن نتعاطف معه أم نبغضه؟ حتى الرمق الأخير، بقينا حذرين فأدركنا في النهاية أنه مظلوم. أبدع مغينة في دوره وقدّم لنا الدليل القاطع!
يستحق المسلسل التصفيق الحارّ، إذاً. مع أنه مقتبس عن عمل أجنبي، لكنّ الإصرار على وصمه بالإبداع المحليّ وجعله متميّزاً، كانا واضحين.
في حلقة أول من أمس، لحق عامر بفرح إلى صالة الرقص. كان يريد حمايتها بأي طريقة ممكنة. مخدر على قماشة كانت كفيلة بإيهام رجال المافيا بأنه قتلها، سيّما وأنه كان قد اتفق مع “كريم” على ذلك. رقصة “التانغو” الأخيرة. رقصة “التانغو” عندما تستحيل رقصة الموت. خطوات إلى الأمام، وأخرى إلى الخلف، ودوران في فضاء النهايات. يحمل عامر حبيبته ويخرج بها إلى الحرية التي ظنّها. كان يمكن أن ينتهي العمل هنا، ويتركنا القائمون عليه في صدمة ودهشة، فاتحين آفاق تحليل وفرضيات جديدة لامتناهية. هكذا من دون أن نعرف أي شيء آخر، لا عمّا حلّ بسامي ولا بلينا ولا بعامر ولا بأحد. يتركنا متسائلين: هل كريم هو القاتل، أم المافيا؟!
لم يحصل كلّ ذلك. كان على النهاية أن تكون واضحة. على الرقصة أن تنتهي مع الموسيقى. حلقة أخيرة أكدّت ما لمحّت إليه سابقتها: كريم هو القاتل (ومعه المافيا طبعاً)، لينا وسامي سيعيشان ويخرجان من المحنة بأقلّ الأضرار ربما، وعامر ينتظره حكم الإعدام أو المؤبد. لكنه، بعد عامين، يفتح عينيه فجأة. يصحو كأن شيئاً لم يكن. هل حقاً سيمضي عامر الباشا حياته الجديدة وراء القضبان؟!
يحق لنا أن نمضي في التفكير حتى بعدما سكتت الموسيقى وتوّقف الرقص. “تانغو” هذه المرّة، له صدى!

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز