الجمعة , أبريل 19 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

فيلم سفر برلك فيروز من أين الإسم؟

فيلم سفر برلك فيروز من أين الإسم؟
عندما كان لبنان يرزح تحت الاحتلال العثماني. حيث تعيش عدلا (فيروز) مع جدتها في ضيعة مجد الديب. وكانت تنتظر يوم خطبتها من حبيبها عبدو، وفي طريق العريس عبدو لشراء محبسي الخطبة، قبض العسكر العثماني على عبدو، ليعمل بالسخرة في تقطيع الحطب. ذهبت عدلا لتقتفي أثره، قادها البحث أخيراً إلى ضيعة عمتها في عين الجوز، واكتشفت هناك أن عمتها والمختار (نصري شمس الدين) يساعدان في مقاومة الاحتلال العثماني، وأن ابنة عمتها زمرّد (هدى شقيقة فيروز) واقعة في حب عسكري لبناني هو سليمان، الذي يخدم في الجيش التركي. إخراج هنري بركات، مساعد مخرج يوسف شرف الدين. بطولة فيروز ونصري شمس الدين.
الفيلم مأخوذ عن وقائع تاريخية وهي: مأساة سفك دماء مسيحيي السلطنة العثمانية، التي قررت منذ أكثر من مائة عام تصفية المسيحيين، واقتلاع جذورهم من أرض آبائهم وأجدادهم. وضع العثمانيون خطة لإبادة وتهجير الشعب المسيحي، فراحوا يلصقون التهم بالأرمن أولاً، بأنهم على اتصال وتنسيق مع الروس والفرنسيين من أجل التحرر من سلطتهم والانفصال عن السلطنة.
ومع بداية تفكك السلطنة العثمانية وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني، ارتكبت المجازر بحق الأرمن في الأول من تشرين الثاني – نوفمبر سنة 1895، وبلغ عدد الضحايا ما يقارب ثلاثمائة ألف قتيل، ناهيك عن ما سلب من ممتلكاتهم في المدن والأرياف. وعرفت هذه المجازر بالمجازر الحميدية، وبرر يومها بنو عثمان فعلتهم الشنيعة، بأنها ضربة تأديبية بحق الأرمن، وليست إبادة جماعية كما زعم البعض.
وكان حلم إقامة الدولة الطورانية لا يزال يراود طغاة السلاطين، وينتظرون المناخ المناسب لتنفيذه. وهذا الحلم كان من أمنيات السلطان سليم الأول، الذي كان يتجلى في توحيد كل الأقوام والأعراق الخاضعة لسلطة العثماني، بغية خلق وطن عظيم وأبدي وبلغة وديانة واحدة تسمى (طوران). هذا هو السبب الرئيسي لما جرى بحق مسيحيي السلطنة العثمانية.
سنة 1909 أُجبر السلطان عبد الحميد على ترك كرسي السلطنة، وأسندت السلطنة للسلطان رشاد. أما جمعية الإتحاد والترقي والتي نشأت في تسالونيكي، وكان أغلب المنتمين إليها هم من يهود الدونمة، فكانت هي الحاكم الفعلي والعقل المدبر لسياسة السلطنة في ذلك العهد. وكانت تضم في صفوفها جمال باشا السفاح وأنور باشا وطلعت باشا، وكان شعارهم: (أقتل _ أحرق _ دمر).
1- مع بداية الحرب العالمية الأولى في شهر تموز – يوليو سنة 1914، دخلت السلطنة العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا، التي وعدتها بأن تعيد لها المناطق التي خسرتها في السنوات الأخيرة. وبإشارة خفية من ألمانيا قرر الطغاة البدء بتنفيذ مخططاتهم لإبادة الشعب الأرمني، ومعه باقي الطوائف المسيحية التي تعيش في السلطنة.
2- لم يكتفِ مخططهم بتصفية مسيحيي السلطنة فقط، بل تجاوز حدودها ليشمل مسيحيي جبل لبنان. حيث أمر جمال باشا السفاح بقطع الطرق عن جبل لبنان، حتى لا تصل المواد الأساسية للعيش، فكانت حرب إبادة صامتة بالمجاعة، ذهب ضحيتها حوالي مائتي ألف قتيل من موارنة لبنان، أي 40 % من سكان الجبل.
3- في 15 شباط -فبراير 1915 صدرت أوامر من الباب العالي في الآستانة، وفيه تم تسريح جميع المسيحيين العاملين في السلطنة من وظائفهم. وطلبوا من المسيحيين تسليم ما يملكون من السلاح خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام. وما أن تمت الأيام الثلاثة حتى بدأ الجنود يدخلون بيوت المسيحيين بحثاً عن السلاح. فكانوا يضربون النساء وينكلون بهن، ويفزعون الأطفال بأساليبهم المتوحشة، ويحفرون داخل غرف البيوت وساحاتها. ولما لم يجدوا ما كانوا يبحثون عنه، استباحوا حرمة الكنائس والأديار واعتدوا على الكهنة والرهبان، ونقبوا زوايا الكنائس والمذابح، ونبشوا قبور الراقدين من رجال الدين والرهبان، كل ذلك قاموا به بأسلوب همجي ووحشي يندى له الجبين.
4- في 24 نيسان – أبريل 1915 صدر المرسوم السلطاني والمعروف باسم (السفر برلك)، والذي يدعو حكام الولايات والمدن بترحيل الأرمن إلى خارج حدود السلطنة، هذا المرسوم المشؤوم كان إشارةً لبدء عمليات التصفية. فبدأت الذئاب المتعطشة لدماء المسيحيين، تطحنها بأنيابها الوحشية، من خلال ارتكاب أفضع وأبشع المجازر بحق الشيوخ والنساء والشبان والأطفال والرضع، حتى أنها فاقت بشراستها ما اقترفه المغول والتتر.
5- باسم الترحيل سيقت قوافل المسيحيين إلى البراري والوديان وقمم الجبال والأنهار، وذبحت بأبشع وأقسى الآلات الحادة. وتفننوا باختراع الطرق الشيطانية للتنكيل بهم، ولم يستثنوا من جرائمهم لا كبيراً ولا صغيراً، فأمعنوا بضحاياهم بحقد دفين. فبقروا بطون الحوامل ليقتلوا الجنين قبل أمه، ورجموا الأطفال بالحجارة حتى الموت أمام أعين ذويهم، ورموا الكثيرين في الأنهار والآبار وهم أحياء، وأحرقوا مجموعات كثيرة بالنار وهم على قيد الحياة، وأجبروا الكثيرين أن يرقدوا تحت عربات القطار ليمر من فوقهم ويهرسهم، وأوثقوا رجالاً بأخشاب ضخمة ونشروهم من الرأس إلى القدم، وأثاروا الكلاب الشاردة على الفتيان فنهشتهم وأكلتهم، ورموا الفتيات في حفر ورجموهن بالحجارة حتى فاضت أرواحهن، وأزلفوا الشيوخ في الصحارى فظلوا يعانون الجوع والعطش حتى فارقوا الحياة، واستأجروا قصابين خصيصاً ليذبحوا المسيحيين كالخراف، وانتهكوا أعراض العفيفات واغتصبوهن بالتهديد والوعيد، وخطفوا السبايا من النساء والعذارى ما حلى لهم وطاب، ونهبوا ممتلكاتهم ومقتنياتهم قبل أن يفتكوا بهم. ناهيك عمّا تحمل الشهداء من عذابات مضنية قبل استشهادهم، فقد زُجّوا في غياهب السجون دون رحمة ولا شفقة، وحُرموا من المأكل والمشرب، وتحملوا أقسى العذابات من ضرب مبرح، وقلع أظافر، ونتف شعر، وصب النفط والرصاص المنصهر في الأفواه، وكوي الأجسام بالحديد المجمر، وبتر الأقدام والأطراف، وثقب العيون بمسامير جافية، وقطع الآذان والأنوف، وجلد عنيف بالسياط، والصلب تهكماً بسيدهم يسوع، والكثير من وسائل التنكيل والتعذيب، والتي يعجز عن اقترافها حتى وحوش الغابة المفترسة.
هذا غيض من فيض مما تحمله شهداؤنا الأبرار من زمرة الأشرار. ومما يثير الدهشة أن ما جرى وحصل كان تحت سمع العالم وبصره، ممثلاً بالسفراء والقناصل المعتمدين لدى سلطنة الظلم، والذين اقتصر دورهم على تدوين ما جرى بحق المسيحيين، وإرسال التقارير إلى حكوماتهم الكريمة، التي ومع الأسف الشديد وقفت متفرجة ولم تحرك ساكناً لوقف نزيف الدم البريء، فاستحقوا أن ينالوا لقب شهود زور بجدارة، وسُطرت مواقفهم الجبانة والخسيسة في سفر التاريخ الأسود، وسيبقى سكوتهم وصمة عار على جبينهم مدى الدهر.
هذا ما جرى بالأمس بحق مسيحيي السلطنة العثمانية. فقد قتل مليون ونصف أرمني، وإلى جانبهم نصف مليون من باقي الطوائف المسيحية، من كلدان وآشوريين وسريان وروم وبروتستانت. وسلبت أموالهم وممتلكاتهم والتي لا تقدر بثمن، ورُحل المتبقون حفاة عراة إلى خارج السلطنة.
6- من المعلوم أن المسيحيين في المدن كانوا أصحاب التجارة والصناعة وجميع أنواع الحرف اليدوية، ومنهم الكثير من المثقفين يشغلون أرفع المناصب بالجيش والدولة. أما في الأرياف فكانوا يملكون القرى التي حولوها بكدهم وجدهم إلى جنات عدن.
7- اقترف بني عثمان مجازر إبادة جماعية ضد مسيحيي السلطنة، ولا زالوا يتنكرون لما اقترفته أيديهم الأثيمة من أبشع الجرائم ضد الأبرياء. ولا زال المجتمع الدولي ساكت غير مكترث لما جرى، وكأن شيئاً لم يجرِ بحق شعب أُبيد، واقتلعت جذوره من أرضه التاريخية. يبدو أن الدول الكبرى من خلال مواقفها الخجولة تكيل بمكيالين، وبحسب مصالحها ليس إلا. يرك كلداني فقد أصابها ما أصاب الأبرشيات الأخرى. دخلنا إلى كاتدرائية مار بثيون الواسعة الأرجاء، فلم نجد فيها سوى قبر مطرانها الشهير مار سليمان صباغ، يرقد وحيداً في كاتدرائية كانت تعج يوماً بالمؤمنين، ولم يبقَ منهم أحد ليفتح بابها للصلاة. استيقظ أيها المطران المعترف من غفوتك الأبدية، وانظر إلى ذاك الميتم الذي شيدته لتضم فيه يتامى المسيحيين ومن كل الطوائف، فقد آل بناؤه إلى السقوط، لا صوت أطفال تُسمع بل سكون وسكوت. أما دار المطرانية البديع فقد أصبح عشاً لطيور السماء.

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز