الأربعاء , أبريل 24 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

مؤامرات أمريكية وتفاهمات روسية في درعا

مؤامرات أمريكية وتفاهمات روسية في درعا

إيهاب زكي

مهما أوتيت من جوامع الكلم، فلا يمكنك إقناع مهزومٍ بامكانية الانتصار، فهو يسعى بكل ما أوتيّ من حيّلٍ دفاعية لإثبات أنّه مهزوم، وقد يكون للأمر علاقة بعقدة الدونية على المستوى النفسي، ولكن بما أننا نتحدث السياسة لا علم النفس، فإنّ الأمر قطعاً مرتبطٌ بالخيانة، وخيانة الأوطان هي أيضاً ذات بعدٍ نفسي له علاقة وطيدة بالدونية، فأينما حققت الدولة السورية انتصارات وتقدم الجيش السوري على أيّ جبهة، ثارت نظرية المؤامرة عبر التفاهمات الروسية الأمريكية وحتماً”إسرائيل” في المنتصف، رغم أنّ أصحااب نظرية هذه المؤامرة هم ألدّ أعداء نظرية المؤامرة الحقيقية التي تستهدف هذه المنطقة أرضاً وشعوباً وتاريخاً ومصيراً، فتراهم يسارعون لتجيير هذا الانتصار إلى التفاهمات أولاً والتخلي الأمريكي ثانياً، ففي عقيدتهم فهذا الأمريكي قدرٌ لا رادّ لقضائه، فمشيئته هي الحاكم الفعلي لنواميس الكون، حتى هزيمة العدوان في الحديدة، أرجعها بعض هؤلاء لمؤامرةٍ أمريكية حوثية، رغم أنّ العدوان على اليمن من ألفه إلى يائه أمريكي صهيوني، لكن هؤلاء لا تستطيع عقولهم احتمال أنّ هناك من هو قادر على تمريغ الأنف الأمريكي في الوحل، فيعيد الأمر لعدم الرغبة الأمريكية في الانتصار.

كانت القيادة السورية تقول سنقوم بتطهير كل الجغرافيا السورية من الإرهاب، شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، وترتيب أولوية الجبهات يخضع للأهمية الاستراتيجية والنظرة العسكرية، ومع كل تقدم يخرج علينا أصحاب الإفك بحديث التفاهمات والغرف المغلقة وتقاسم النفوذ، رغم أنّ معركة درعا ليست الأولى، فقد سبقتها معركة حلب ومعارك دير الزور وحمص والغوطة وغيرها، وفي كل مرة ذات الوجوه وذات الكلمات وذات التحليلات، ولم يحدث أن صحّ أيّ من أوهام تلك التفاهمات والمؤامرات عن تقاسم نفوذ، فالمدن والقرى والبلدات تعود إلى كنف الدولة السورية ونفوذها حصراً، ومع بداية معركة تطهير درعا من الفيلق”الثوار الإسرائيلي” عادت ذات الاسطوانة عن النفوذ وتقاسمه، وهذا لا يتكرر فقط مع بدء المعارك العسكرية، بل يمتد لكل شأنٍ سوري، فمنذ انتخاب الرئيس الأسد لولاية جديدة عام 2014، وهو يكرر لا شأن لأحد بالانتخابات السورية، وهي ستجري في الوقت المحدد لها دستورياً، أيّ مع انتهاء ولايته الجديدة عام 2021، وحين تنقل مصادر غربية عن التفاهمات المتوقعة بين بوتين وترامب في القمة المرتقبة في 16/تموز/يوليو ستشمل أجراء انتخابات رئاسية عام 2021، يصبح أنّ الأسد خضع للتفاهمات الروسية الأمريكية، وليس أنّ أمريكا رضخت لما كان يقول الأسد.

وكما كانت تقول القيادة السورية وتعمل على إخراج القوات الأمريكية من سوريا، وفي آخر لقاء للرئيس الأسد مع قناة روسية”على الأمريكيين مغادرة سوريا، وسيغادرون بشكلٍ ما”، وهذا الكلام من قائدٍ اختُبر تصميمه على مدى سبع سنواتٍ وأكثر، لا يمر مرور الكرام على مسامع أصحاب القرار في البيت الأبيض والبنتاغون، بغض النظر عن رؤوسهم كانت حامية أو باردة، ولكن حين تنقل “سي أن أن” عن مصادر أمريكية عن “أمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتوصل لتفاهمات مع نظيره الروسي تسمح بانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية في أقرب وقتٍ ممكن”، نصبح أمام تفاهمات وتقاسم نفوذ ونظرية مؤامرة، والحقيقة والمؤامرة الحقيقية هي ما الثمن الذي سيدفعه ترامب لقاء السماح له بخروجٍ آمن من سوريا، وبما أننا اليوم بصدد معركة درعا، يقول هؤلاء بمؤامرة أمريكية لعودة “قوات النظام” إلى حدود عام 1974 مع فلسطين المحتلة، مقابل بقاء الأسد وإخراج القوات الإيرانية وقوات حزب الله، وينسون أمرين مهمين جداً، الأول هو أنّ الرئيس الأسد ومنذ اليوم الأول لسيطرة الإرهاب”الإسرائيلي” على المناطق السورية، وهو يخيّرهم بين المصالحات أو الموت، والآن حان دور درعا، ويبدو أنّ بعضهم اختار الخيار الثالث وهو الهرب غالباً إلى امهم الرؤوم”إسرائيل”، والثاني أنّ الرئيس الأسد هو من يقرر من يبقى ومن يغادر وعلى رأسهم روسيا، وهذه الرأي البديهي بحاجة للكثير من الشطف الفكري، بعد التلوث الدماغي الذي نشره إعلام النفط، لتستطيع العقول المدفونة تحت هذا الركام الأسود استيعابه.

وبعد كل هذه المؤامرات والتفاهمات على كل المستويات وفي كل الجبهات، على الأكراد شمالاً البدء في رحلة البحث عن نظرية مؤامرة تخصهم حين تطرق قبضات الجيش السوري مناطقهم، وللتذكير فقد قال الرئيس الأسد حين سؤاله عن الأكراد” سنلجأ لخيارين، التفاوض والتفاهم وإلّا فالقوة، وليس لدينا خيارات أخرى بوجود الأمريكيين أو بعدم وجودهم”، ونرجو ألّا نضطر لإعادتهم تذكيرهم بهذه المواقف حين يبدأون بنسج النظريات حول تقاسم النفوذ الروسي الأمريكي مقابل رؤوسهم، وهذا الموقف أيضاً ينسحب على امبراطورية إدلب العظمى لصاحبها السلطان العثماني وأولاده، حين بلجأون بنسج نظريتهم الخاصة عن نفوذ روسي تركي مقابل رؤوسهم وإعادة”قوات الأسد” إلى إدلب، وعليهم أن يدركوا أنّ النفوذ التركي الوحيد هو السماح للقوات التركية بخروجٍ آمن أيضاً، وعلى “إسرائيل” وأمريكا التفكير بأدواتٍ أخرى للضغط لتمرير صفقة القرن بعيداً عن الملف السوري، لأنّه ملفٌ محكم الإغلاق بشمع النصر الأحمر، وبما أنّ هذا النصر وحده بكل مفاعيله الآنية والمستقبلية هو العائق أمام تمرير هذه الصفقة، فعليهم الانتظار طويلاً مع الاستمرار بسياسة إذلال النفط ومحازبيه على أمل إحداث ثغرةٍ في جدار النصر الصلب.نبأ برس