الجمعة , أبريل 19 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

التوجه الى ادلب:خيار إستراتيجي له تعقيداته

التوجه الى ادلب:خيار إستراتيجي له تعقيداته

شام تايمز

مازن جبور

شام تايمز

التوجه إلى إدلب بعد انتهاء معركة الجنوب السوري يشكل خياراً رئيساً للدولة السورية باعتبارها المنطقة الأخيرة التي يوجد فيها تكتل رئيسي للإرهاب في البلاد، إلا أن هذا الخيار محاط بالكثير من الإشكاليات ويحتمل الكثير من السيناريوهات لعل أبرزها التصادم الذي من الممكن أن يحصل مع تركيا، وثانيها التأثير الذي يمكن أن يتركه فتح جبهة إدلب على ملف شمال شرق البلاد فيما يخص المفاوضات مع الكرد، وثالثها مدى التزام واشنطن بتعهداتها لموسكو، ومدى عمق التوافقات الأميركية التركية على شرق الفرات بعد اتفاق «خريطة طريق» منبج.
يبقى السيناريو الذي تسعى الدولة السورية لتحقيقه قائم على أساس ما نصت عليه جميع القرارات والاتفاقات الدولية المتعلقة بالأزمة السورية، ولعل آخرها ما أكده القرار الدولي 2254 الذي ينص على ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة سورية، وهو ما تكرره الجهات السورية دائماً عبر التأكيد على استمرار الحل العسكري حتى استعادة آخر شبر من الأرض، ولا بد أنه السيناريو الأكثر ترجيحاً بأن تسير الأمور باتجاهه خصوصاً بعد ما آلت إليه الأمور في الجنوب رغم حساسية المنطقة نظراً لقربها من كيان الاحتلال الإسرائيلي.
إلا أن اندلاع معركة في الشمال، أمر مختلف باعتبار أن المنطقة يوجد فيها قوات احتلال تركية الأمر الذي تبرره أنقرة باستمرار بأنه تطبيقاً لاتفاقات «خفض التصعيد» المنبثقة عن اجتماعات العاصمة الكازاخستانية أستانا مما سيجعل فتح معركة في الشمال يخضع لحسابات أكثر تعقيداً.
وانطلاقاً من ذلك، قد يشكل فتح معركة في الشمال مطلباً أميركياً كردياً بالدرجة الأولى كونه سيقود إلى مواجهة مباشرة مع النظام التركي مما سيخفف أولاً من حدة سيفه المسلط على كرد سورية وسيقدم لواشنطن هدية مجانية عبر توتير العلاقة على خط موسكو أنقرة، وفي الوقت ذاته فإن ما سيؤول إليه الوضع في الشمال سيرخي بظلاله على الوضع شمال شرق البلاد، نظراً للتشابه من حيث الشكل حيث هناك تنظيمات مسلحة متمثلة بـ«قوات سورية الديمقراطية – قسد» تعمل تحت قيادة أميركية ودعم غربي في ظل ما يسمى «التحالف الدولي» لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي.
وبالتالي، فإن النتيجة التي ستتمخض عنها فكفكة ملف الشمال سواء عبر العمل العسكري أو من خلال حل يتمتع بالمقبولية لدى جميع الأطراف سيرخي بظلاله على الوضع في مناطق سيطرة الكرد وقوات التحالف في شمال وشمال شرق البلاد.
وإذا ما ذهبت سورية وحلفاءها باتجاه الحل العسكري لملف الشمال، فلا بد أن الكرد ومن خلفهم واشنطن سيقتربون أكثر من الحوار مع دمشق، وقد يشكل ملف القضاء على تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي بالتحديد في إدلب ملفاً للعمل الكردي المشترك مع الجيش العربي السوري، وهو في الوقت ذاته يمثل اختباراً يعزز ثقة الطرفين في التوصل لحل عبر التفاوض، أما في حال السيناريو الآخر القائم على أساس حل سياسي في شمال البلاد فقد يشكل ذلك دافع للكرد لرفع سقف مطالبهم التفاوضية مع دمشق.
بالنظر إلى ما سبق، يبدو أن مصير إدلب معقداً كثيراً ولعل أبرز هذه التعقيدات تتمثل بالعدد الكبير من قاطنيها، وهو ما سيجعل تكلفة أي عملية عسكرية على المحافظة باهظاً جداً من الناحية الإنسانية، بالإضافة إلى المساحة الشاسعة لإدلب مع ما تتمتع به التنظيمات المسلحة هناك من وجود قوات كبيرة وسلاح ثقيل عززه انتقال آلاف المسلحين إليها من مناطق سيطرتها السابقة، وما يزيد من ذلك الدعم التركي المباشر لتلك التنظيمات عبر قيادتها ووجود قوات الاحتلال التركي إلى جانبها.
ويبدو أن النظام التركي استشعر الخطر الذي يتربص به وبمرتزقته بإدلب مبكراً، فسارع الرئيس رجب طيب أردوغان للاتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين وركز على وضع إدلب، حيث أكد أردوغان لبوتين أن «تقدم الجيش نحو محافظة إدلب بطريقة مماثلة لما جرى في درعا يعني تدمير جوهر اتفاق أستانا».
كذلك عقدت تركيا ولا تزال تعقد محادثات مكثفة مع أطراف المعارضة السياسية والتنظيمات المسلحة لمحاولة التوصل إلى صيغة اتفاق يجنب إدلب أي عملية عسكرية سورية روسية إيرانية.
وبالتالي، فإن مصير إدلب سيظل ملفاً ساخناً على خط اتصالات الفواعل الدولية في ملف الأزمة السورية، حيث إنه سيضع علاقات تلك الفواعل أمام اختبار حقيقي في ظل احتمالات صدام المصالح بينها، خصوصاً أن إستراتيجية سورية وروسيا باتت واضحة، وهي استعادة كل المناطق التي فقدتها خلال الأزمة السورية، ومن ثم فإن مصير إدلب تحدده سورية وحلفاؤها وليس النظام التركي ومرتزقته.
وقد تشكل إستراتيجية عقد اتفاقات تسوية منفردة مع بعض التنظيمات المسلحة في المنطقة إحدى الطرق للتغلغل في الشمال، كما إن حشد القوات حول إدلب ومناطق وجود التنظيمات الإرهابية عامل ضغط على النظام التركي ومرتزقته لتنفيذ اتفاق يرضي الدولة السورية وحلفاءها.
وينتشر في محافظة إدلب تنظيم «هيئة تحرير الشام» الواجهة الحالية لـ«جبهة النصرة» والذي يحوي في صفوفه عدداً كبيراً من المسلحين الأجانب «أوزبك، شيشان، إيغور وعرب» ويقدر عددهم بحسب تقارير إعلامية بأكثر من 35 ألف إرهابياً، إضافة إلى تنظيمات أخرى مبايعة لـ«النصرة» وميليشيات مسلحة أخرى.
وما يؤكد وجود أرضية لعقد اتفاقات تسوية منفردة، فإنه مع بدء مدفعية الجيش العربي السوري بدك معاقل «النصرة» في مدينة جسر الشغور وريفها بريف محافظة إدلب، أبدت «عشائر إدلب» استعدادها لدعم الجيش في عمليته المرتقبة في المحافظة.
وتداولت صفحات محلية مؤيدة ومعارضة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنباء حول الموضوع المذكور وأكدت ما ارتكبه التنظيم بحق وجهاء بعض مناطق الريف الإدلبي.
بدورها أفادت مواقع إلكترونية معارضة، بأن تنظيم «النصرة» اعتقل أشخاصاً في ريف محافظة إدلب، بتهم التعامل مع الحكومة السورية، والترويج للمصالحات في المنطقة.
وذكرت المواقع، أن التنظيم اعتقل أكثر من 11 شخصاً من بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي، ضمن حملة بدأتها، منذ ليل الجمعة.
وأوضحت المواقع نقلًا عن مصادر في البلدة، أن التهم الموجهة للأشخاص هي التعامل مع الحكومة السورية، والتواصل مع مسؤولين فيها، بهدف الوصول إلى مصالحات.
ولم يعلن تنظيم «النصرة» عن الحملة التي أطلقها، لكنه هدد في وقت سابق بإلقاء القبض على من ـسماهم «مروجي المصالحة».
وراجت في الأيام الماضية دعوات على صفحات المعارضة في مواقع التواصل الاجتماعي ما اعتبروه ضرورة اغتيال «عرابي المصالحات»، بالتزامن مع الحديث عن نية قوات الجيش العربي السوري بدء عملية عسكرية على إدلب لطرد الإرهابيين منها.
في الخلاصة لا بد أن يستفيد الجميع من التجارب السابقة بدءاً من حلب وصولاً إلى دير الزور وتدمر ومن ثم محيط دمشق ووسط سورية وانتهاءً بجنوبها، للتأكيد على حقيقة هدف الدولة السورية وإصرارها على تحرير كامل التراب السوري، بالترافق مع البحث عن حلول أقل دموية تنتج استقراراً ولو نسبياً في الشمال تحت السيطرة الكاملة للدولة السورية وبما يؤمن عودة كل الذين خرجوا بهذا الاتجاه من باقي المناطق السورية إلى ديارهم، ولعل التعاون في القضاء على النصرة في الشمال يشكل مفتاح بناء الثقة بين الأطراف المختلفة للمضي في الخطوة الأولى على طريق الحل الأقل دموية ودماراً.
الوطن

شام تايمز
شام تايمز