وكالة أوقات الشام الإخبارية
الأرض كروية وليست مسطحة.. 8 تجارب بسيطة يمكنك إجراؤها بنفسك تثبت ذلك
رغم أن الفكرة منذ قديم الأزل تبدو بديهية للمجتمع العلمي، إلا أن حقيقة كروية الأرض لم تزل أمرًا مُختلفًا عليه وغير مقبول لدى الكثير من الناس؛ فالجدل بشأن هذه الحقيقة لا ينتهي في جميع أنحاء العالم، بما فيها المجتمعات المتقدمة في أوروبا والولايات المتحدة؛ إذ إن هناك من يرفض بشكل قاطع الاعتراف بأن الأرض كروية الشكل، ويروجون أن الأرض مسطحة، وأن الشمس والنجوم فوقها على شكل قبة في السماء؛ فإن كنت أحد هؤلاء الذين يشكون بأن الأرض مسطحة لأسباب دينية أو أيديولوجية، فهذا التقرير يستعرض لك ثماني تجارب بسيطة – يُمكن أن تجربها بنفسك – تُثبت أن الأرض كروية، وليست مسطحة، دون الحاجة للسفر إلى الفضاء، ومراقبة الأرض بعينيك المجردتين.
1- قف على الشاطئ وراقب السفن تُبحر وتبتعد
هل وقفت على شاطئ البحر يومًا وتابعت ببصرك سفينة تُبحر وتبدو أصغر كلما قطعت مسافة أكبر، هذا المشهد دليل يُمكن استخدامه لإثبات كروية الأرض. فعند مراقبة السفن البعيدة تبدو أصغر، وتظهر كما لو أنها تغرق قليلًا في الماء، أما إذا راقبتها وهي تقترب من الشاطئ الذي تقف عليه فستجدها تبدو أكبر كلما اقتربت، وكأن بقيتها يخرج من تحت سطح الماء.
يعتمد التفسير البسيط لهذا المشهد على أن الاختفاء المتدرج للسفينة هو مجرد وهم ناتج عن ابتعادها، ولكن هذا الافتراض ليس منطقيًا؛ لأن الأشياء تبدو أصغر على مسافات أطول، لكن لا يختفي جزؤها الأسفل حتى تختفي تمامًا، مثلما يحدث عند مراقبة السفن.
يمكننا تشبيه ما حدث بمتابعة نملة تمشي على سطح برتقالة، فإذا نظرت لها في مجال رؤيتك ستراها كاملة، أما لو تركتها تسير ببطء، فسترى جسم النملة وهو يتضاءل حتى يختفي، وعندئذ ستكون في الجانب الآخر من البرتقالة، كحال السفينة في الجانب الآخر من الأرض.
تتشابه تجربة السفينة مع تجربة النملة، ولكن بشكل أوسع؛ فنحن لا يمكننا رؤية انحناءة الأرض بالعين المجردة؛ لأن درجة الانحناء طفيف جدًا مع مئات الكيلومترات، ولكن تسمح لنا نعومة سطح المحيط وفضاؤه برؤية ما يكفي لمراقبة السفن التي تتحرك فوق هذا المنحنى التخيلي بعيدًا عن الشاطئ.
2- اتصل بشخص في دولة بعيدة
إذا كانت الأرض مسطحة فمن المفترض أن يكون الوقت واحدًا في كل مكان على سطحها، وستشرق الشمس في نفس الموعد وتغرب في الوقت نفسه، وسيعم الكوكب كله مناخ واحد، ولن نسمع عن دول تعيش في الليل لأشهر، وأخرى تعيش في ضوء الشمس، فستكون الشمس فوق الجميع في الميعاد نفسه من اليوم.
ببساطة هذا لا يحدث، فالكوكب ينقسم لمناطق زمنية؛ ما يعني أن كل جزء من الكوكب له وقت مختلف عن الآخر؛ ويمكنك ببساطة إثبات صحة الأمر بالاتفاق مع صديق في دولة بعيدة على موعد محدد للاتصال، يكون واحدًا عند كليكما، وليكن عند تعامد الشمس فوق الرأس واختفاء الظل؛ ما سيحدث هو أنك سوف تتصل به قبل تعامد الشمس فوق رأسه، أو سيتصل هو قبل تعامد الشمس فوق رأسك.
أو يمكنك أيضًا ببساطة مشاهدة قناة غير محلية، فستجدها تعلن عن برامجها محددة مواعيد مختلفة لكل دولة، يجمعها وقت واحد هو وقت العرض المختلف حسب خطوط الطول ودوائر العرض، الأمر الذي يُذكرنا بمواعيد مباريات كرة القدم في بطولات أمريكا الجنوبية؛ فإن كنت تعيش في إحدى الدول العربية، ستتذكر أن المباريات كانت تقام هناك أثناء النهار، بينما يكون الليل قد حل في دولتك العربية؛ والسبب في ذلك يرجع إلى أن دول أمريكا اللاتينية تقع في النصف الآخر من الكرة الأرضية بالنسبة للدول العربية.
3- كلما ارتفعت.. رأيت أبعد
إذا أحضر شخصان تلسكوبيهما، واختار أحدهما الوقوف على مستوى سطح الأرض، واختار الآخر الصعود على هضبة تعلو مستوى الشخص الأول، وبدأ بالنظر في اتجاه أفقي، فما الذي سيراه كل منهما؟
في الحقيقة كلما ارتفعت عن الآخرين سترى بشكل أفضل ولمسافة أبعد عن المستوى العادي، ولأننا عادة ما نربط هذا بوجود عوائق مثل الأشجار والمنازل التي تعيق رؤيتنا في العادة، فيجب أن تتم التجربة في مكان مفتوح، ليس به منازل أو أية عوائق، واستهداف نموذج بعيد بما فيه الكفاية، لا يزاحمه شيء؛ لتتمكن من ملاحظة الفرق واضحًا ومرصودًا، وقتئذ إذا اعتليت مبنىً قريبًا جدًا منك لقياس فرق الرؤية؛ فسترى النموذج أكبر وأوضح، وسترى ما بعده، وأبعد مما شاهدته وأنت في المستوى العادي، وهذا الأمر يفسره انحناء الأرض.
4- راقب ظل الشمس
صنع الإنسان القديم ساعته لحساب الوقت باستخدام عِصا ثبتها في الأرض، وبدأ في حساب الوقت بحساب الظل الناتج من سقوط أشعة الشمس على العصا، والذي يتحرك بمرور الوقت، فيما سمي بساعة الظل. وقبل الميلاد بحوالي 200 عام استخدم إراتوستينس هذه الفكرة لحساب محيط الأرض، لكنها أيضًا ساعدت في إثبات كرويتها، وهو الأمر الذي كان مفاجأة في مثل ذلك الوقت.
الطريقة المقترحة للتحقق من كروية الأرض، تتلخص في وضع عِصي في أماكن متفرقة من الأرض، وستجد أن هذه الأماكن المختلفة ستعطيك ظلالًا بأطوال مختلفة؛ الأمر الذي لن يحدث لو كانت الأرض مسطحة، بل كانت هذه الظلال ستتساوى في الطول، باعتبار أن الأشعة تسقط متوازية على الأرض المسطحة.
ويمكنك أيضًا إشراك صديق آخر يعيش على بعد عن منزلك لإجراء هذه التجربة، وذلك باستخدام عصي لها الطول نفسه، فتضعانها في مكان يرى ضوء الشمس، ومن ثم قياس الظل الناتج عن العصي على الأرض في الوقت نفسه، وعند مقارنة النتيجة ستكون أطوال الظل مختلفة، وسبب ذلك أن الأرض كروية، فلا تسقط أشعة الشمس بالقوة نفسها والاتجاه ذاته على كافة أرجاء الأرض في الوقت نفسه، ولكنها تختلف من مكان لآخر.
5- تابع خسوف القمر
لاحظ أرسطو، والذي أدلى بكثير من الملاحظات حول الطبيعة الكروية للأرض، أنه خلال خسوف القمر، وأثناء مراقبتها، بينما تقترب الأرض من أن تقع بين القمر والشمس على خط مستقيم، سيظهر انحناء طفيف على سطح القمر، يطغى أكثر وأكثر ويزيد من الظلام على سطح القمر، حتى يظلم تمامًا، ووقتئذ سيظهر خط دائري من الضوء حول القمر المعتم.
هذا الخط الذي ظهر حول القمر هو أشعة الشمس المتبقية التي لم تحجبها الأرض، ودائريته، مع انحناءة الخط الذي خلفته الأرض على سطح القمر، دليل على شكل الأرض الدائري، وبما أن الأرض تدور فثبوت هذا الظل الأسود المنحني والهالة المنيرة من حوله، طوال متابعة الخسوف، يثبت أن الأرض ليست دائرية فقط، بل هي كروية الشكل.
من ناحية أخرى، يثبت كسوف الشمس أيضًا أننا في مجرة كواكبها وأقمارها ونجومها عبارة عن أجسام مستديرة دائمة الدوران، وأن الأرض ليست مسطحة تقع فوقها الشمس والنجوم في هيئة قبة.
6- جرب أن تصل لحافة السطح
ليس هناك إجابة محددة من معتنقي نظرية تسطح الأرض عن الحافة التي ينتهي عندها العالم، ويسقط عندها الأشخاص، ولكن بالبحث الجاد، نجد أننا نبحر في عالمنا ونقطع مئات الأميال منذ آلاف الأعوام، سواء باستخدام المراكب والسفن أو باستخدام الطائرات في العصر الحديث، ولم نعرف أو نسمع عن حادث سقوط سفينة أو طائرة في الفضاء لأنها خرجت عن محيط الكوكب، بل على العكس يمكن لسفينة أن تبحر من جنوب أمريكا إلى جنوب آسيا بكل سهولة، الأمر الذي ما كان ليحدث لو لم تكن الأرض كروية، فلو كانت الأرض مسطحة لما تواصلت قارات العالم، واستطعنا السفر مسافات طويلة.
7- أين مركز الجاذبية إذًا؟
إن قوة الجاذبية بين شيئين تعتمد على كتلتيهما والمسافة بينهما، وبما أن الأرض كائن ضخم يجذبنا جميعًا، فإنها تجذب الأشياء عندما نتركها تسقط من أيدينا، وهذا يُفسر أن الأرض كروية، فهي تجذب الأشياء إليها من أي مكان على سطحها، وتجذبنا نحن بالفعل بنفس المقدار، نحو مركز الكتلة أينما كنا.
أما لو كانت الأرض مسطحة لقل وزننا كلما ابتعدنا عن المركز، وسمعنا عن أطراف سطح الكوكب التي لا يوجد عليها بشر؛ لأنها ليس لديها مركز ثابت للكتلة، وستتركز الجاذبية في منتصف السطح وتقل تدريجيًا بالحركة نحو الأطراف.
ما نثبت خطأه هنا أيضًا أنه إذا كانت الأرض مسطحة، فوفقًا لمركزها الذي يقع وسط محيطها المسطح، إذا أسقطنا الأشياء من أيدينا ونحن نقف فوق المركز مباشرة ستسقط كما نراها كل لحظة، ولكن كلما ابتعدنا عن هذا المركز خطوة وخطوتين وأسقطنا الأشياء نفسها فإنها لن تسقط مباشرة إلى الأسفل، بل ستقطع الأشياء مسافة طائرة أو زاحفة وصولًا لمركز جاذبية الأرض، وهو بالطبع ما لا يحدث لأن الأرض كروية وتتساوى الجاذبية على جميع أرجائها.
8- راقب مجموعات النجوم
في حالة تسطح الأرض ووجود النجوم فوقها؛ فإن النجوم التي ستظهر لشخص يعيش على أحد أطراف الأرض الافتراضية، هي نفسها التي ستظهر لشخص يعيش في الطرف المقابل للأرض. وهذا يتعارض مع ما لاحظه أرسطو بعد إحدى رحلاته لمصر، عندما وجد أنه شاهد مجموعات نجمية في مصر وقبرص، لم يتمكن من رؤيتها في المناطق الشمالية. الأمر الذي لا يمكن تفسيره إلا أن يكون المراقب واقفًا على سطح كروي منحني؛ مما جعل أرسطو يذكر في ملاحظاته أن الأرض كروية، وأن تغييرًا بسيطًا في المسافة المقطوعة لن يجعل ملاحظة هذا التأثير كبيرًا.
وهكذا يمكن لأي شخص ملاحظة هذا التأثير عند السفر بين الدول، وكلما كانت المسافة بين المناطق أكبر، كلما كانت ملاحظة هذا التأثير أكبر، أما الطريقة الأسهل التي يمكننا تجربتها فهي البحث عن صورة المجموعات النجمية لتلسكوبات الهواة في المناطق المختلفة حول الأرض؛ إذ يمكن الحصول على هذه الصور من خلال الإنترنت.
ساسة بوست
