الخميس , مارس 28 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

معادلات الصراع والتحوُّلات المتسارعة: قراءة واستشراف

معادلات الصراع والتحوُّلات المتسارعة: قراءة واستشراف
محمد علي جعفر
لا يمكن بناء أي استشرافٍ مستقبلي للأحداث دون ربطها بالماضي والحاضر الخاص بها. يَعتبر بريجينسكي أحد أرباب التخطيط، أن إستشراف المستقبل يقوم على أساسين: التعلم من الدروس الحقيقية للتاريخ ومعرفة ماذا تريد. ولأن الجميع اليوم مُنشغلٌ بالتحليل الخاص بالسيناريوهات المتوقعة بين الحرب والتسوية، في منطقة تعيش حالة من التحوُّل، فلا بد من تقديم قراءة قد تساهم في بناء هذه السيناريوهات. فكيف يمكن قراءة الواقع الحالي للأطراف في ظل معادلات الصراع القائمة؟
عدة ملفات أساسية كانت محور الإستهداف الأمريكي وشهدت تحولات متسارعة في الآونة الأخيرة ، نُشير لأهمِّ تفاصيلها فيما يلي:
أولاً: فيما يخص الجبهة السورية يستمر رهان الأطراف المختلفة على استحقاق إدلب والدور التركي فيها. في حين غطَّت الأزمة الروسية الإسرائيلية على المشهد السوري، وبدت واضحة تأثيراتها التي أدخلت تل أبيب في لعبة أكبر منها، يمكن أن تُوظَّف آثارها لصالح محور المقاومة في أي استحقاقٍ مستقبلي.
ثانياً: في العراق انتهى الإستحقاق الإنتخابي بنتائج يكفي القول أنها لا تُرضِ واشنطن وحلفاءها. وأنهى معه كل المحاولات الهادفة لإعادة الإحتلال السياسي. عرف العراقيون كيف يستثمرون نقاط قوتهم، ومصالحم المشتركة، ليصل الى الرئاسات الثلاثة من يؤمنون بضرورة التنسيق السياسي مع طهران.
في العراق انتهى الإستحقاق الإنتخابي بنتائج يكفي القول أنها لا تُرضِ واشنطن وحلفاءها
ثالثاً: في إيران، استطاعت الدولة والنظام من خلال الإستراتيجية التي وُضعت التغلب على سيناريوهات الأزمة كافة. تعايَش الشعب مع الأزمة وبات جزءاً من مواجهتها. لم تُفلح جهود تحويلها (الأزمة) الى نقطة ضعفٍ تضرب الإستقرار السياسي والإجتماعي. فعلى الرغم من صعوبة الوضع، يتناغم الفرقاء السياسيون الداخليون في مقاربتهم للحلول وتبادل الأدوار. يُخطئ المراهنون في قراءة الظروف، لجهلهم بالعقلية الإيرانية. فقد ساهم التحريض بتوحيد الصف حتى على الصعيد العرقي والإجتماعي الداخلي. خارجياً، لم تؤثر الحركة الأمريكية والخليجية على الدور الإيراني، بل زادت من تأثيراته.
رابعاً: في لبنان، ما يزال الواقع الداخلي متأثراً بالتحولات الإقليمية. دون أن يعني ذلك وجود خطرٍ مُلح على الصعيد الأمني والعسكري. هذا لا يعني الإستخفاف بالتهديدات، لكن التحديات التي طرأت والإتهامات الإسرائيلية للبنان أعادت توحيد الصف الداخلي لا سيما فيما يخص التفكير بالمخاطر الإسرائيلية وسلوك الدولة اللبنانية خيار الرد عليها، وهو ما له العديد من الآثار التي ستظهر تجلياتها مستقبلياً.
يبدو واضحاً من خلال ما تقدم، وجو عدة نتائج تُعتبر نقطة قوة نُشير لها في التالي:
أولاً: فشل الرهان الإسرائيلي في سوريا وتراجع هامش الحركة العسكرية الإسرائيلية خصوصاً بعد الأزمة مع روسيا، في ظل دولة تُعيد نسج الوضع الداخلي على كافة الأصعدة.
ثانياً: فشل الرهان على ضرب التماسك الإستراتيجي الايراني الروسي والنجاح الحاصل في ادارة المصالح المشتركة بين الطرفين.
ثالثاً: فشل الرهان على الفتنة الداخلية في العراق لا سيما مشاريع الإنفصال، وخروج العراق سياسياً نحو واقعٍ جديد.
رابعاً: فشل الرهان على بناء أرضية قادرة على ضرب النظام في إيران وبالتالي ضرب مركزية محور المقاومة.
خامساً: فشل إخضاع الواقع اللبناني لوجود ظروف مختلفة ساهمت في إجهاض الرهان الأمريكي.
بناءً لما تقدم، يبدو واضحاً وجود تحولٍ أساسيٍ في الصراع، قد لا يلتفت له الكثيرون، لكنه يُعتبر الأهم ومكمن القوة، ويمكن وصفه كما يلي: “بات كل طرفٍ في الصراع يمتلك القدرة على مواجهة التحديات ضمن شبكة محكمة الإرتباط وقادرة على تأمين التناغم بين المصلحة الداخلية والإقليمية”. يعني ذلك أن إشغال جميع الأطراف بمشاكل داخلية لم يُحقق الرهان الأمريكي بتجيير جهودهم نحو الداخل وبالتالي إدخال الأطراف بلعبة المصالح وتناقضاتها، بل على العكس، ارتفع منسوب القدرة على تأمين المصالح الخاصة للأطراف ضمن إطار المصلحة الكبرى للصراع. هنا يكمن أساس التحول، الذي يجب أن يكون الأساس في تحديد أي سيناريو مستقبلي، فهل باتت الصورة المستقبلية واضحة؟
العهد

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز