الخميس , مارس 28 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

من سيفوز في الصراع .. ترمينيتور أم العراب؟ صراع المافيا بين أردوغان و بن سلمان

من سيفوز في الصراع .. ترمينيتور أم العراب؟ صراع المافيا بين أردوغان و بن سلمان
نارام سرجون
أراهن بعمري ان لايوجد شخص سعد بقتل الخاشجقي مثل رجب طيب اردوغان الذي وجد ان العناية الالهية قد رمت الخاشقجي في طريقه واعطته جثة لم يتورع عن امتطائها ووكزها لتسير به ويحارب بها .. فهو يمتطيها ويردد قول الشاعر (مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا …. كجلمود صخر حطه السيل من عل) .. فالخاشقجي يقبل اردوغان على جثته نحو آل سلمان ثم يدبر نحو ترامب ثم يتراجع .. ان طريقة عناية اردوغان بقضية خاشقجي واحتفاله بها و”مزمزة” الحكاية كل يوم وتقطيرها بالقطارة وتحويل الامر الى مسرح طالما افتقده اردوغان تدل على ان الرجل تعلق بقشة الخاشقجي وهو محاط بالمياه في قاربه الذي تمزقت اشرعته في سوربة .. وتذكرني هذه الرعاية التركية والضخ الاعلامي التركي التشويقي بأحداث ايلول وبرجي التجارة العالميين التي عصرتها اميريكا الى آخر قطرة ولازالت تعصر ذلك الحدث حتى اليوم ..
وهاهو اردوغان اليوم يعود الى منصة المسرح الذي هجره جمهوره بعد ان خسر السلطان نجوميته وطرد منه بهراوة السوخوي والجيش السوري .. وصار يستعيد امجاده الخطابية وتهديداته التي افتقدها وابتزازه للخصوم .. فمنذ ان دخل الروس الحرب ودحر الجيش السوري زبانية اردوغان وعملاءه وحملة عرشه السلطاني وحصرهم في ادلب كان الرجل يبدو كسيرا مهزوما لايعرف كلمة (لا) ولايشبه في ردوده الا سمير جعجع ليلة خرج من السجن وصوته خافت وشعره ابيض وعينه كسيرة .. فمنظر اردوغان لاينسى في لقاءاته مع بوتين وخاتمي ويدعو للشفقة لمن ينظر في هذا الرجل المكسور والذليل الذي يساق من اتفاق الى اتفاق ولايقدر الا على ترداد كلمة (تمام أفندم) امام القيصر .. وكانت صورته امام جمهوره تتآكل رغم كل محاولاته الاستعراضية التي لم يعد لها جمهور ولامعجبون .. فالرجل سقط في عيون مريديه .. الى ان جاءت حكاية الخاشقجي والتي تشير كل الدلائل ان الاستخبارات السعودية غالبا مخترقة وتم استدراجها بسذاجة الى فخ في منتهى الغباء لم تكن مضطرة اليه .. بل ووجدنا ان الخاشقجي كان في انتظاره كاميرات وتسجيلات تسكب في مكاتب المخابرات التركية كل الاصوات والصور .. وان صحت حكاية التسجيلات فعلا فان هذا يعني ان الفخ كان معدا للمخابرات السعودية بعناية فائقة .. وليس الخاشقجي هو العصفور الذي دخل الفخ .. بل المخابرات السعودية .. فالخاشقجي دخل القفص في القنصلية .. ولكن القنصلية نفسها كانت في القفص التركي الذي أطبق عليها ..
في خطاب اردوغان الذي استمعت اليه وجدت اردوغان القديم الذي كان لايوجه خطابه الى الملك سلمان ولا الى ابنه المراهق الطائش بل كان يوجهه الى الجمهور التركي والجمهور الاسلامي الذي فقد انبهاره بالرجل الذي كان يجترح المعجزات وكان فيما مضى يهدد ويلوح بالعسكر والصبر المثقوب القعر الذي ينفذ مخزونه بسرعة امام خصومه وسيقتحم بلادهم بجيوشه .. وهاهو اليوم ينفخ أوداجه ويعد انه يخطط لأن يأتي بالمتهمين الرئيسيين الى استانبول مكبلين ليحاكمهم امام العالم .. وهو رغم تصنعه اللين والحيادية في خطابه الاخير وخفف من لهجته تجاه الملك السعودي الا انه ادار الحملة الاعلامية التركية قبل الخطاب بقسوة ضد السعودية قبل ان يلقى خطابا ابتزازيا متقنعا بالتهدئة .. لكنه رغم كل ذلك يريد بهذا الموقف اذلال الملك السعودي وابنه ويحاكمهما بشكل غير مباشر عبر محاكمة رجالهما في استانبول لأن هؤلاء سيقولون انهم تلقوا الأوامر من القصر الملكي السعودي .. والأهم انه يريد تدويل القضية وتحويل الملك وابنه الى متهمين او ربط مصيرهما بقرارات المحكمة الجنائية الدولية .. واذا مانجا العهد السعودي الحالي من الفخ فانه سيبقى أعرج .. وقليل الهيبة ..
عاد اردوغان ليقدم نفسه على انه الزعيم العالمي الاسلامي الذي ينظر اليه العالم وهو يمسك بأنفاس السعودية التي قبل اسابيع لم تتحمل حتى كندا في توجيه لوم اليها وانفلتت اعصابها عليها وهددتها باجراءات عقابية اقتصادية .. وأغلقت فم الاوروبيين بالمال والابتزاز عندما عاتبوها على جرائم اليمن .. وحيلة اردوغان واضحة وهي ان ضرب هيبة السعودية في نظر العالم سينقل تلك الهيبة اليه كزعيم للعالم الاسلامي .. كما ان السعودية المكروهة في العالم الاسلامي ستكون وليمة شهية يقدمها اردوغان للعالم الاسلامي الذي لايكن الود لها بسبب تاريخها المشهور بالفساد والعمالة لاميريكا .. وهو يطبخ العائلة الحاكمة ويقطع لحمها بالمنشار كما قطع لحم الخاشقجي – على ذمة اردوغان – الذي وجد ان نهش لحمها وضربها بقسوة سيعني منحه المزيد من القوة والزعامة بعد ان فقد الزعامة بالهزيمة المنكرة في سورية التي كسرت مشروعه الاخواني ..
لكن اردوغان يدخل لعبة خطرة للغاية هي أخطر بكثير من لعبته في سورية .. فهو دخل على خط الصراع في الاسرة المالكة السعودية .. فهناك صراع عنيف للغاية بين الفرع السلماني للاسرة السعودية وبقية اجنحة الاسرة .. ويبدو ان اردوغان يريد كسر الفرع السلماني لصالح جناح آخر ينسق معه .. وكذلك فانه صار وجها لوجه مع معسكر ترامب .. لعبة اردوغان الخطرة تعيده الى المغامرة .. فالرجل انخرط في لعبة دولية استخباراتية كبيرة .. فهناك من يريد ابتزاز السعوديين وارغامهم على المجاهرة بالعلاقات السرية العميقة القديمة مع اسرائيل للتوطئة لتقديم تنازلات في الملف الفلسطيني والقدس ناهيك عن الضغط في المجال المالي .. ولكن هناك في اميريكا جهات متصارعة تريد تجريد ترامب من موظفيه في السعودية المتمثلين بالفرع السلماني الذي ابتلع الاجنحة الاخرى للعائلة المالكة التي كانت متحالفة مع معسكرات اميريكية في الخارجية او الاستخبارات والبنتاغون فكل جناح في العائلة مرتبط بمركز من مراكز القوى العميقة الاميريكية .. وترامب ومعسكره يعتمد على الفرع السلماني وانصياعه في ترويج وتسويق نفسه على انه يأتي بالسعوديين الى اميريكا ويعصر دمهم ويحلب أثداءهم وضروعهم ويقطع من لحمهم ليطعم الاقتصاد الاميريكي الجائع .. وهاهو رغم انه يريد ابتزاز السعوديين وحده بذريعة حمايتهم الا ان عملية الخاشقجي ستجعله يتقاسم الابتزاز مع جهات أخرى داخل امريكا وخارجها .. وهو بالتالي يتم تجريده من انجازاته التي يفتخر انه صاحبها الحصري حيث يصورها خصومه على انها انجازات ملوثة بالعنف .. ويبدو ان اردوغان الذي ينسق مع اجنحة غاضبة من الاسرة المالكة يقدم خدماته لبعض الاميريكيين في الدولة العميقة الذين يريدون فرض اجندتهم السياسية على معسكر ترامب لاضعافه بتجريده من خصومه ليخوض الاخير مواجهة مع روسيا ويعيد الاعتبار للسلاح الاميريكي عبر الانخراط في الصراعات المسلحة التي بدأ ينسحب منها .. ويبدو الصمت الروسي ذا دلالة .. فروسيا لاتريد التسرع في التعليق ولكنها ترى ان الاتراك يريدون ان يخرجوا من الزاوية التي حشروا فيها .. فلاشك ان تقوية الجناح المنافس لترامب في اميريكا سيساعد اردوغان في تخفيف ضعفه في الشأن السوري ويتخفف من محاصرة روسيا وايران لطموحاته والزامه بخطة واتفاق سوتشي .. وسينعكس ضعف ترامب بسبب ذلك على سياسته الخارجية ..
وباختصار فان اردوغان يقود معركة خطرة للغاية .. فهو يريد ان يلحق بن سلمان بالخاشقجي .. ولكن بن سلمان لن يتردد في الحاقه بالخاشقجي .. فاردوغان يتوجه للصدام مع الصلف السعودي والتيار الصاعد في الاسرة المالكة الطامح للهيمنة على العرش .. واردوغان يقوم عبر لعبة الخاشقجي بالدفع بأجنحة سعودية في الاسرة المالكة صديقة له يريد ان يسلمها العرش .. ولكن عليه ألا يغفل أن هذا الصدام العلني سيجعل التيار السلماني يستجيب له في البداية ليحاربه باستماتة بعد ذلك ويقدم كل مالديه لاغراق اردوغان في ازمات كبرى وسيتحالف مع الشيطان في سبيل ثأره .. وقد يتحول رد الفعل الانتقامي منه بأشكال عديدة مثل القيام بتسخير قوى المعارضة السورية التي تشرف عليها السعودية ضده .. ويطلق العنان للأكراد وتقوم السعودية بتسليحهم داخل تركيا .. خاصة اذا ماوجد ترامب انه تضرر في برامجه الاقتصادية بسبب ألاعيب اردوغان وهو مضطر مع فرع آل سلمان لايقاف هذا الرجل المحتال الذي يلعب ضد ترامب مع خصوم الاخير داخل اميريكا ..
سيخطئ من يظن ان السلمانيين سيتركون اردوغان يفترسهم ببساطة أو يبتزهم وسيقاتلون بضراوة .. وهؤلاء سيقدمون كل ماتملك السعودية حتى آخر فلس من اجل رده على اعقابه والثأر منه بعد نهاية الازمة .. وعندما يزول غبار هذه المواجهة لن ينسى السلمانيون أخطر تهديد صريح يهز عرشهم قام به أردوغان .. وثقافة الاسرة المالكة ثقافة بدوية حقودة وحساسة لكل من يريد ان يستولي على سلطتها .. فهي لم تغفر لصدام حسين انه دخل الكويت وهدد بالمتابعة نحوها ولكنه خلق اول شعور عربي جمعي ان الاسر المالكة الخليجية تجب ازاحتها بالقوة .. فدفعت السعودية بكل ماتستطيع لتدمير العراق ووضع حد لهذا الشعور الذي خلقه صدام حسين وحرض عليه .. ورغم ان السعودية استجابت لمخطط غربي ضد العراق لكنها سهلت اسقاط صدام حسين وساهمت في تمويل تدمير الخطر العراقي وتفتيت العراق استجابة لرغبتها الثأرية .. وهي وبنفس الطريقة لم تنس اهانة القذافي للملك (ابو متعب) في احد المؤتمرات وقررت ان تتآمر عليه وتتحالف مع خصومها ضده وتدفع فاتورة الحرب عليه مع قطر في سبيل ازاحته .. فتحالفت مع كل من تستطع ودفعت كل الفواتير كي تنتقم .. من ملك الملوك ..
لن تسكت السعودية أو المملكة السلمانية على ماحدث .. ووصول وفد مصري سياسي اليها لشد أزرها يعكس قلقا واستنفارا لدى المحاور المتصارعة .. فمصر والامارات – وربما ترامب – لاتريد للسعودية ان تخسر المعركة في وجه تركيا وقطر ألد اعدائها .. لأن هذا سيعيد تقوية الاخوان المسلمين في المنطقة وفي مصر .. وغالب الظن ان المخابرات المصرية ستدخل على الخط في ادارة الصراع الاستخباراتي السعودي مع المخابرات التركية العثمانية .. ويبدو ان وصول وفد مصري من الخارجية ليس ببعيد عن وصول موفدي مخابرات مصريين للتشاور .. ويجب ان نشهد ان المخابرات المصرية متفوقة على المخابرات التركية بدليل انها لعبت دورا خطيرا للغاية في هزيمة تيار الاخوان المسلمين في مصر رغم كل مافعلته مخابرات اردوغان لافتراس القيادات العسكرية في الجيش والمخابرات المصرية وأخونتها بسرعة .. الا ان المخابرات المصرية كانت مستعدة وتغدت بالمخابرات التركية قبل ان تتحول الى عشاء لها وهي التي كانت تجهز قرارات اخوانية تطبخ في استانبول لتمييع القوة المصرية في الجيش والمخابرات .. ويبدو ان ملف المواجهة السعودية التركية ستدخل على خطه عدة اجهزة مخابرات بقوة وستغير المشهد بأي شكل ليعيد التوازن المفقود بالتنسيق مع معسكر ترامب الذي لايريد ان يشاركه عملية ابتزاز السعودية اي طرف مهما كان .. ويبدو بن سلمان مثل وحش جريح سيقبل بأن يدفع اي ثمن من أجل ان ينتقم من الصياد الذي اطلق عليه النار من استانبول وأصابه وهو في الرياض ..
للأسف فان ماقد يدفع الثمن هو القضية الفلسطينية لأن زيادة ضغط اردوغان على السعوديين سيجعلهم يسرعون التحاقهم بالتنسيق مع اسرائيل لأن هناك من يظن ان اللوبي اليهودي سيقف الى جانبهم .. لأن الضغط التركي الهائل على سلمان وابنه قد يضعفهما الى درجة انهما سيقدمان تنازلات في فلسطين كانا يترددان في اعلانها خوفا مما بقي من الرأي العام ..
اليوم اردوغان عدونا في مواجهة السعوديين اعدائنا .. ونحن سعداء جدا في هذه المواجهة وكان الله يقرأ امانينا ودعواتنا .. ونتمنى ان ينضم للحرب كل من كان يحاربنا .. وأعتقد ان الفيلم الجديد في المنطقة قد بدأ بمشهد قتل الخاشقجي .. وهو الحرب السلمانية الاردوغانية ونحن سنستند الى الارائك ونتمتع بالمشاهدة رغم مقاطع الرعب احيانا .. ونشرب المرطبات ونأكل البوشار .. فالاثارة عالية والأضواء خافتة والمؤثرات الصوتية عالية وحجم اجهزة الاستخبارات المنخرطة لايحصى .. وكاننا نراقب فيلم العراب وصراع المافيات والعائلات والعصابات رغم ان مقدار احترامنا لقيم ابطال فيلم العراب لاشك يختلف لأن في العراب قيما أكثر رقيا من قيم عراب تركيا وعراب السعودية .. ولكن سيندمج فيلم العراب مع فيلم تيرمينيتور في هذا المشهد التركي السعودي .. فالمشكلة هي ان المافيا التي يقودها اردوغان وعائلته وحزبه والمافيا التي يقودها سلمان وعائلته ستتربع على ذروة صراعات المافيا الدولية .. الفيلم مشوق بامتياز .. وسيتفوق على كل افلام الاثارة والافلام البوليسية .. وكل زعيم مافيا في المشهد القادم يريد ان يلعب دور .. ترمينيتور .. أو دور العراب .. ولارحمة بين زعماء المافيات ..

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز