السبت , أبريل 20 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

دبلوماسية «الإحباط» في سورية

دبلوماسية «الإحباط» في سورية
مازن بلال
تبدو اللجنة الدستورية جزءاً من إخفاق الجهد الدبلوماسي في سورية، فالمسألة لا ترتبط برفض دمشق لتدخل الأمم المتحدة ولا في نية روسيا عدم التسرع بهذا الأمر حسب تصريحات نصر الحريري من موسكو، فمعادلة الدستور السوري يصعب صياغتها على شاكلة التوازن الدولي الذي يرسمها، وتاريخ التشريعات السورية يوضح صعوبة وضع هذا الملف على سياق دولي، فالصراع مع الانتداب الفرنسي كان في صلبه مسألة الدستور الذي لم يكن فقط عقداً اجتماعياً، إنما قضية أوجدت بشكل فعلي سورية كما عرفتها الأجيال اللاحقة.
كانت الدساتير اللاحقة لمرحلة الانتداب مرتبطة بطبيعة السلطة السياسية، وذلك بعد أن تأسست الجمهورية بشكل فعلي، ومن هذه النقطة تحديداً يمكن النظر إلى طبيعة العمل الحالي الذي يتعامل مع حل الأزمة السورية، فالأزمة التي بدأت عام 2011 ليست في جوهرها مسألة دستورية، والكثير من البنود التي تم الاعتراض عليها مرتبط بالترتيبات السياسية المتعلقة بطبيعة السلطة السياسية، وهذا الأمر شهدته سورية مراراً على الأخص في دستور 1950، ولكنها كانت تعبر عن صراعات لقوى سياسية، وفي كثير من الأحيان عن مخاض لبروز مؤسسات الدولة التي كانت تتطور بشكل سريع.
عمليا فإن تاريخ الأزمات الدستورية في سورية كانت تنتهي بتوازن جديد للقوى، لكنه لا يغير بنية الدولة كما ظهرت عشية الاستقلال، حيث بقيت سورية وفق جغرافية – سياسية واضحة من دون تبدل، رغم العديد من التحولات سواء في علاقاتها الإقليمية أم الدولية، على حين يبدو البحث في مسألة الدستور وفق الأزمة الحالية مختلفاً كلياً، ويفترق عن الصراعات السابقة بأمرين أساسيين:
الأول: إن تغيير الدستور هو أمرُ واقعٍ دوليٍ وليس سورياً، فالتفاهمات التي يتم بناؤها تمس هوية سورية كما ظهرت عام 1947، فاللجنة الدستورية التي يتم النقاش حولها هي في حقيقة الأمر لن تضع الدستور، إنما ستشكل الإطار الذي يؤشر لتوافق سوري بشأن العقد الاجتماعي الذي يتم رسمه ضمن نطاق أضيق.
كان واضحاً منذ مراحل مبكرة للأزمة السورية مسألة الاهتمام بوضع دستور جديد، فالعديد من مراكز الأبحاث والمنظمات الدولية غير الحكومية عَملت على هذا الأمر، وعقدت مؤتمرات وتمت دعوة السوريين إليها، فالصراع الذي حمل بشكل سريع تشكل أجهزة سياسية خارج سورية، وميليشيات متعددة الجنسيات داخلها؛ تم تلخيصه بإخفاق في المسائل الدستورية، وبالتأكيد فإن الكثير من التحولات طرأت على المجتمع السوري طوال عقود، لكن الخيار أمام الجهود الدبلوماسية يتمحور حول الإبقاء على الدولة السورية، أم تغييرها مع جميع دول المنطقة عبر دستور يعيد ترتيب الجغرافية السياسية بالكامل.
الثاني: هو أن الأزمة السورية تعبر عن انهيارات إقليمية وليست دستورية في المطلق، فهي تشبه ما حدث خلال حملة إبراهيم باشا التي أفضت لتوازن دولي جديد، بعد أن هددت هذه الحملة السلطة العثمانية في إسطنبول، وهذا الأمر لا يمكن حله بتعديلات دستورية ولا بسلطة انتقالية حسب تعبير بعض الأطراف الدولية، بل يحتاج لتصورات جديدة لرسم التوازن في المنطقة، والتحالفات التي تظهر اليوم بما فيها الزيارات الرسمية «الإسرائيلية» لبعض الدول العربية، هي محاولات لوضع توازن جديد يحتاج لاختبارات متعددة.
لا تستعجل روسيا على الدستور السوري، في وقت تدرك الحكومة السورية صعوبة ترك هذه المسألة السيادية للخارج، مع إمكانية التحول إلى النموذج العراقي أو اللبناني، والطريق الشاق لإنتاج الحل السوري لا يمكن أن يظهر بقرار دولي، بل بجهد سوري مطلق لإعادة رسم التوازن من جديد.
مقالات

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز