الخميس , أبريل 25 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

حكوماتنا السلحفاتية

حكوماتنا السلحفاتية

لطالما كان الالتزام بالمدّة الزّمنيّة لتنفيذ أيّ مشروع، صغيراً كان أم كبيراً، هو أهم مقاييس تطوّر الدّول والحكومات والشّركات العامّة والخاصّة، لذلك نجد أنّ الجداول الزّمنيّة للتّنفيذ تحظى بقدسيّة خاصّة ولا يجوز المساس بها، بل أكثر من ذلك، إذ تتباهى الشّركات العالميّة عندما تقوم بإنجاز أي مشروع قبل انتهاﺀ المدّة الزّمنيّة العقديّة له ويُضاف ذلك إلى سجلّ إنجازاتها ويحسّن من ترتيبها العالميّ بين الشّركات المنافسة.

الجداول الزّمنيّة هي آخر ما تفكّر فيه معظم الحكومات السّوريّة، السّابقة منها واللّاحقة، لذلك نجد أنّ تنفيذ الكثير من المشاريع الحيويّة والهامّة في البلد أخذ وقتاً فائضاً عن حدّه بسنواتٍ وسنوات، ويعود السّبب إلى أنّ الغرامات المترتّبة على التّأخير لا تشكّل هاجساً لدى الشّركات المتعهّدة بالتّنفيذ.

إذا ما أخذنا مشروع تعبيد الطّريق الدّولي الواصل بين دمشق وحمص وباقي المحافطات، سنجد أنّه استمرّ لفترات طويلة تخلّلها بعض الانقطاعات، وكأنّ محافظة دمشق تسرج آليّاتها على سلحفاة وتسير بها والنّتيجة مخجلة بحقّ اتوستراد دولي كان من المفروض أن يكون واجهةً مهمّة للبلد والشّريان الأساسي لحركة تدفّق البضائع بين المحافظات من جهة والدّول المجاورة من جهةٍ أخرى، إذ لم يترافق تعبيد الأتوستراد بشكل مباشر مع تخطيطه بالفوسفور الأبيض إلّا منذ فترة وجيزة وغير مستمرّة ولا ندري ما المانع أن تخرج ورشة التّخطيط وتعمل 24 ساعة بنظام مناوبات ولا تعود إلّا بعد إتمام العمل بشكل نهائي، والمفارقة أنّها تخطّط المناطق المعبّدة حديثاً ولا تخطّط الطّريق القديم و كأنّ الأتوستراد يتبع لدولتين مختلفتين وليس في دولة واحدة، وكأنّ التّخطيط القديم لا زال واضحاً ويفي بالغرض الموضوع لأجله.

مجمّع يلبغا في ساحة المرجة أيضاً ضرب أرقاماً قياسيّة بعدم إتمام كسوته الخارجيّة، أكثر من ثلاثين عاماً ومازال على وضعه المزري وقد يبقى ثلاثين عاماً أخرى دون إنجاز، مع العلم أنّ الجامع التّابع له قد تمّ إنجازه، لن نقول بزمن قياسي، ولكن بكسوة داخليّة وخارحيّة جميلة وملفتة.

المواطن السّوري يائس، ويتعوّذ من الشّيطان الرّجيم كلّما سمع أنّ حكومته وضعت مشروعاً للتّنفيذ، خاصّةً إذا كان هذا المشروع يمسّ حياته اليوميّة “طرقات، أنفاق، ساحات، صرف صحّي، ضواحي سكنيّة، مستشفيات، مدارس ….” لأنّه يعرف أنّه سيدخل في داومة يعلم ساعة بدئها ولا يعلم ساعة انتهائها، ويقفز إلى ذاكرته مخطّط “إيكوشار” الشّهير الّذي ينظّم مدينة دمشق والّذي مرّ على وضعه بالتّنفيذ عشرات السّنين ولم يُنجز منه إلّا 17% فقط.

إنّ جلّ ما يتمنّاه ذلك المواطن أن تُلزم الحكومة الشّركات المنفِّذة سواﺀ أكانت قطّاعاً عامّاً أو خاصّاً أو مشتركاً باحترام مواعيد الإنجاز والتّسليم، وألّا يتعارض ذلك الإلتزام بجودة التّنفيذ واعتماده المواصفات العالميّة والدّوليّة خاصّةً إذا ما عرفنا أنّ الحكومة بصدد تنظيم مناطق السّكن العشوائي في مدينة دمشق ومحيطها والّتي تعدّ من أكثر الملفّات تعقيداً وأكبرها تحدّياً وأعظمها مساساً بالسّواد الأعمّ من الشّعب السّوريّ.

بشار كاسر يوسف – دمشق الآن