الأربعاء , أبريل 24 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

صراع القوة بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادئ

صراع القوة بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادئ

مات نولاند

يعتقد فابي أن الصين لا تسعى إلى الحرب مع الولايات المتحدة كما أن الولايات المتحدة لا ترغب بحرب مع الصين. يتفهم الطرفان وزن العواقب

في ما يلي مراجعة كتاب “الإصطدام: صراع القوة بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادئ”

للكاتب مايكل فابي راجعها مات نولاند ونقلها إلى العربية إبراهيم عبد الله العلو:

مع تعزيز الزعيم الصيني زي جينبينغ زعامته للحزب الشيوعي الصيني بطرق لم يمكن التفكير بها منذ وفاة ماوتسي تونغ يقدم التأمل في المنافسة بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية الصين الشعبية فرصة لنفض الغبار عن الزعماء الأوائل لاستشراف المستقبل.

فقد نبّه الخبير الإستراتيجي الصيني سون تزو قائلاً “لا يعتبر النصر مائة مرة في مائة معركة ذروة البراعة، ولكن قمة المهارة تكمن في هزيمة العدو من دون خوض حرب.”

ويبدو أن الصين تمتثل لكلمات سون تزو وهي تنتقل نحو الأهداف الإستراتيجية من دون استثارة رد فعل عسكري من الولايات المتحدة أو أي كان.

تغيرت ديناميكية القوة العظمى في المحيط الهادي منذ الحرب الباردة وخاصة في ضوء إنشغال أميركا خلال العقدين الماضيين بالشرق الأوسط ووسط آسيا. ومع ذلك لا توجد حرب أو أي إحتمال وشيك لها وتستمر الخدمات والسلع بالتدفق. وناصر الزعماء الصينين والأميركيون السلام والإعتماد الإقتصادي المتبادل.

ورغم ذلك يتنامى التوتر بين الولايات المتحدة والصين مع تشعب أهدافهم الإستراتيجية، ويقوم الطرفان بتدعيم مقدراتهما العسكرية ووجودهما في المحيط الهادي.

يفتتح الصحفي مايكل فابي كتابه “الإصطدام” بزعم مفاده أن الولايات المتحدة والصين في حالة حرب غرب المحيط الهادي. ويثبت ذلك بالقول إن الصين بنت وبسرعة قوات بحرية هائلة القوة تهدف إلى إستغلال نقاط الضعف والحساسية في البحرية الأميركية وتستخدمها الصين كتفوق إقتصادي وعسكري لترهيب جيرانها والإستهزاء بالأعراف الدولية وتدعيم خططها لخلق نظام عالمي جديد في شرق آسيا.

يراجع فابي العداوة الأميركية الصينية بتعابير البحرية بالرغم من أن العنوان الكامل لكتابه “الإصطدام: الصراع بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادي” يشير إلى هذا الإستنتاج ولكن التوتر يذهب أبعد من القوى البحرية ويمتد إلى أعلى المستويات في كلا الحكومتين.

وبينما تتواصل الحرب من دون أن يلحظها الأغلبية ولكن آلاف البحارة الأمريكيين ونظرائهم الصينيين هم بالفعل عند طرفها الواخز. وقد تؤدي أفعالهم وسوء أحكامهم وحساباتهم إلى معركة في غرب المحيط الهادي.

يكشف فابي جداله عبر عشرة فصول بما فيها نبذة رائعة عن التاريخ الجيوسياسي والملاحي الذي يقف خلف هذه الحالة الراهنة.

ولا تزال جمهورية الصين الشعبية تشتعل غضباً من “قرن الإذلال” (1839-1949) عندما تطاولت القوى الإستعمارية على سلالة إمبراطورية متهالكة وسامتها الخسف وجمهورية واهنة وأهانت مجتمعاً تعود ذاكرته الثقافية والمؤسساتية إلى آلاف السنين. وتعرض جمهورية الصين الشعبية نهجاً إنتقائياً لماضي الصين. ويشير فابي مثلاً إلى الإعجاب الصيني الجديد بالإدميرال زينغ هي من القرن الخامس عشر والذي ميزت مغامراته البحرية الذروة الماضية من القوة البحرية الصينية. وإستناداً إلى تراث زينغ تشكل جمهورية الصين الشعبية نفسها كقوة بحرية تاريخية وتستخدم معالم من رحلاته- إضافة إلى الإدعاءات التي ساقتها حكومة كيومينغ تانغ في عام 1947- لتؤسس الإدعاء بملكيتها لبحر الصين الجنوبي.

يفصّل فابي المجابهات بين السفن والطائرات الصينية والأميركية بما في ذلك الهبوط الإضطراري السيء السمعة لطائرة تجسس إشارات “إي بي 3” على جزيرة هاينان في عام 2001 بعد إرتطام قاتل مع طائرة حربية صينية.

ومؤخراً عام 2013 كاد يحصل إصطدام وشيك بين سفينة الصواريخ الأميركية الموجهة “يو اس كاوبنس” (سي جي -63) مع سفينة حربية صينية في بحر الصين الجنوبي. كان فابي وقتها على متن كاوبنس ويتذكر أن السفينة الأميركية وليست الصينية هي التي تراجعت وتركت المنطقة.

كان حضوره على متن تلك السفينة مهماً واستفاد من بناء علاقات مهنية مع ضباط البحرية. واستخدم هذه الإتصالات ليقدم للقراء منفذاً لا يصدق للقيادة البحرية العليا. ويمنح تواجده مع قائد العمليات البحرية آئنذاك الأدميرال جوناثان غرينيرت عنوان فصله “معانقو الباندا” حيث يفصّل فابي تفضيل السياسة الأميركية لاحتواء الصين والتي سادت خلال إدارة الرئيس باراك أوباما.

وبالعكس يستخدم الكاتب منظور قائد القيادة الباسيفيكية الأدميرال هاري هاريس لتقديم القراء لمخيم “ذباح التنين” من خبراء الصين الأقل دموية بشأن التعاون مع الصين التي يرونها غير جديرة بالثقة وتشجع المواجهة كطريقة للحفاظ على النظام العالمي.

ويكون فابي في أفضل حالاته عندما يستخدم أصوات ضباط البحرية ليشير إلى الأحداث والرؤى. ويسهّل نهجه الصحافي مطالعة الكتاب بالرغم من تقديمه مستوىً ملائماً من التفاصيل النظرية والتقنية. ولكن الكتابة لا تتغول كثيراً في الأكاديمية والتحذلق. ويجب أن يأخذ كتاب فابي مكانه إلى جانب كتاب “النجم الأحمر فوق المحيط الهادي: نهوض الصين وتحدي الإستراتيجية الأميركية البحرية(2010)” لتوشي يوشيهارا وجيمس هولمز والذي ينهج منهجاً علمياً بصورة أعمق للبناء الصيني البحري.

ولا شك أن كتاب “الإصطدام” يجذب جمهوراً أعرض من القراء ويخبر أعداداً أكبر من الأميركيين بما تقوم به بحريتهم في المحيط الهادئ والتحديات التي تواجهها كل يوم.

وبالرغم من شبكة العلاقات المثيرة للإعجاب لدى فابي، فإن إعتماد الكتاب على الرؤى الشخصية يقلل من فعاليته. إذ تقاعد معظم الضباط الذين قابلهم بما فيهم الأدميرال سام لوكلير والذي انتهى تفويضه كقائد للأسطول الأميركي في المحيط الهادئ قبل ثلاث سنوات والأدميرال هاري هاريس، وبعض الضباط الملاحوظين رغم غيابهم مثل القائد السابق الأدميرال سكوت سويفت والذي يعتبر مفكراً متعمقاً بالصين ويستحق الثناء.

يعتقد فابي أن الصين والولايات المتحدة تسيران بإتجاه أزمة وتقوم حكوماتهما بتوجيه أساطيلهم تحسباً لأمر جلل. وبدأت الملابسات تطفو إلى السطح. وتستخدم أقوى دولتين في العالم البحارة لتعزيز السياسات الإستراتيجية في بيئة بحرية متوترة بشكل متزايد حيث قد يفضي أي حساب فردي خاطئ إلى إندلاع حرب بين القوتين النوويتين.

وجدلية فابي غير المنطوقة هي أن على الشعب الأميركي أن يفهم الحالة الجيوسياسية في غرب المحيط الهادئ لأن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين أكثر علاقة ثنائية ذات عواقب هائلة في العالم.

وينوّه الكاتب إلى أن الصين والولايات المتحدة قد حُشرتا في “فخ ثوسيديديس” الذي ينسب إلى مؤرخ الحرب البيلوبونيسية الإغريقي العظيم، والذي اكتسب شعبية جديدة بفضل الأستاذ في جامعة هارفرد غراهام اليسون في كتابه الذي يحمل نفس الاسم، حيث إن المفهوم يعمل كتحذير من خطر الصراع بين القوة الصاعدة والقوة المهيمنة.

وفي الحالات التاريخية الستة عشر التي تفحصها أليسون، تجنبت القوى المتنافسة الحرب في أربع حالات فقط. جادل ثوسيديديس “بأن نهوض أثينا والخوف الذي ولّده في إسبارطة هو الذي جعل الحرب حتمية”. وإذا كان فابي محقاً كذلك هي الحال في المستقبل بين الولايات المتحدة والصين في بحر المحيط الهادئ.

ولننظر إلى استعادة الصين المثيرة للجدل للأرض والشعاب وغيرها من “المناطق المتنازع عليها” في بحر الصين الجنوبي. ولا يوجد لدى الولايات المتحدة من سبب يدعوها للإهتمام بمن يملك تلك الجغرافيا واختيارهم لاستغلالها.

إن المواقع الصينية المتقدمة في بحر الصين الجنوبي هي أشبه بعبء عسكري أكثر منها قيمة عسكرية. كما أن آثار الأوامر الثانية هي أهم ما يقلق الولايات المتحدة. وقد تكون الصين مرحب بها في أهدافها وحيازاتها في بحر الصين الجنوبي وغيره إذا تم الأمر، وفقاً للآليات الدولية الراهنة. كما أن إعتناق الصين لمثل تلك الطرائق الشرعية سيعزز من النظام الدولي المعاصر. وبالمقارنة عندما يستخدم اللاعبون الدوليون القوة أو الإكراه لتحقيق أهدافهم –كما فعل الروس في أوكرانيا- يتلاشى الألق الأميركي ويتآكل الإيمان بالنظام العالمي. ويكمن إهتمام أميركا الأعظم في استمرارية هذا “النظام العالمي” المتعدد الأطراف حتى وإن تم بتكاليف باهظة. ولكن بأي ثمن؟ لا يغامر فابي بإبداء رأيه في تلك المسألة.

يعتقد فابي أن الصين لا تسعى إلى الحرب مع الولايات المتحدة كما أن الولايات المتحدة لا ترغب بحرب مع الصين. يتفهم الطرفان وزن العواقب. وإذا أخذنا صفحة من سون تزو: تفضل الصين النصر من دون قتال- وهي استراتيجية ناجحة إلى حد كبير بالنسبة لهم خلال العقدين الماضيين. وربما كانت مزايا الصين الراهنة ليست جميعها من صنيعها ولكنها تعزى للآثار المتراكمة لخيارات الولايات المتحدة الإستراتيجية- مثلما حذر بيركليز سكان أثينا من أنه لا يخشى أفعال الإسبارطين بقدر ما يخاف من أخطاء الأثينيين.

ومع ذلك يقول فابي إن الفرق بين الولايات المتحدة والصين أن كلا الطرفين لا يرغبان بالحرب ويراهن حكام الصين على أنهم أكثر رغبة بالقتال من الشعب الأميركي وقاموا ببناء أسطول قادر على القيام بالمهمة.

تمثل قصور الكتاب الأعظم في فشل فابي في النظر إلى التوتر بين الولايات المتحدة والصين نظرة كلية شمولية. وهو يستند إلى عالم خبرته في الصحافة العسكرية والبحرية وينشر ما يراه. وفي أثناء ذلك يتجاهل الكاتب الطرائق الأخرى لفن الحكم- وبالتحديد الأذرع الدبلوماسية والإقتصادية للسلطة والتي قد تصبح ذات شأن في الإبحار بعلاقة القوة العظمى مع الصين. كما قد تتداخل المواجهات بين الأسطولين في السنوات القادمة. لا تدخل القوات البحرية في حروب مع بعضها البعض. ولكن الدول هي التي تخوض الحروب. ولذلك يحجم المنظور البحري الذي يقدمه فابي من إمكانيات الكتاب.

قد يشد هذا الكتاب المبتدئين غير العارفين بالعمليات الراهنة في غرب المحيط الهادئ والأشخاص العاديين المهتمين بالشؤون البحرية. ولكنني لا أعتقد أنه سيثير إهتمام صناع القرار أو السياسات ضمن البحرية لأنه لا يتوصل قط إلى حكم قاطع ولا يوفر فكرة جديدة حول كيفية مناقشة العلاقة مع الصين في البحر خلال السنوات القادمة.

ومع ذلك، إذا وصلت الأمور إلى الحرب، فإن أي صراع بين الصين والولايات المتحدة سيصطبغ بطابع بحري مميز ويجب أن يتآلف الأميركيون مع قواتهم البحرية وكيفية تجهيزها للقيام بأصعب مهمة قد تكلّفها بها الأمة. والقوات البحرية الأميركية إنعكاس للتاريخ وللقيم والجغرافيا الأميركية وإنعكاس للأمة ككل. ويبقى الكثير على المحك في جاهزيتها للفعل- في المحافظة على السلام وفي الإنخراط في الحرب.

المصدر:

https://www.claremont.org/crb/basicpage/sea-wars-in-asia/

Crashback: The Power Clash Between the U.S. and China in the Pacific

by Michael Fabey

Simon and Schuster – New York – 2017

المصدر : كليرمونت