الخميس , أبريل 25 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

رسالة من مقاتل يتحدث عن أزمة الغاز والفيسبوك بلغة الخندق لا بمفردات الفندق

رسالة من مقاتل يتحدث عن أزمة الغاز والفيسبوك بلغة الخندق لا بمفردات الفندق
إذا كانت الجدران دفاتر المجانين، فعلى الأرجح لن يكون الفيسبوك خيار العقلاء في مقاربة القضايا ذات الحساسية العالية، وهذا ليس انتقاصاً ممن وجدوا في هذه الوسيلة الإشكالية قناةً للبوح ..إلاّ أن تجربتنا كانت مريرة معها، نحن كمجتمع سوري اختار طريقة تلقّف مختلفة تماماً للتكنولوجيا، لا سيما في حربنا الضروس مع الإرهاب..فعبرها مرّت كل ” أطنان” الشتائم لسورية الأم ممن حملوا شهادات ميلاد وهويّة نسب ذات جذور سطحيّة.
ذات الوسيلة ارتآها بعض ” بعيدي النظر” المنبر المناسب لمخاطبة مقام الرئاسة الرفيع، لافتعال الصراخ توجّعاً من عضّات وقائع أزمتنا الصعبّة، مع الإرهاب والشتاء والغاز و أمريكا والبرد وتركيا، وكل طيف السّاعين لتركيع الشعب السوري، منذ حوالي ثماني سنوات وحتى هذه اللحظة، ولا يظنّن أحد أن المعركة انتهت، و إن تحققت “انفراجة الغاز والمشتقات النفطيّة”، فما مررنا به كان جولة في عموم حرب نوالي انتصاراتنا فيها حتى اللحظة..
الآن رحلت أزمة الغاز وحليب الأطفال، لكن دعونا نتحدّث بهدوء بعد أن هدأ الضجيج.. فلقد مريباً ومريعاً، أن تعلو الأصوات الصارخة من لفح البرد، على ألسنة مترفين أغلب الظن أن ما كتبه أحدهم فاتحاً “مزاد التشكّي” كان من أحد المقاهي أو المطاعم الفاخرة في بيروت، رغم ذلك علينا أن نقبل باحتمال حدوث فيض عاطفي، وتأسٍّ وتفجّع على مشاهد لا تنفصل مطلقاً عن طقوس الأزمة والدم والألم، لكن أين..حيث علينا ألا ننشد استنشاق نفحات البارفان الباريسي، والسيجار الكوبي، ونتذوق طعم الويسكي الاسكتلندي المعتّق..فهنا دمشق الجريحة والصامدة وليست بيروت أو دبي أيها السّادة.
كم ستكون الرسالة مؤثّرة لو خُطّت بأنامل مرتجفة، لأم أو أب شهيد، أو مأزوم في هذه الحرب خسر بيته أو ممتلكاته وبات آوٍ في زقاق أو ملجأ أو حديقة.
لكن ذلك لم يحصل ولن يحصل، لأن هؤلاء أدركوا بكل جوارحهم أن الأزمة ليست مجرّد فقدان اسطوانة غاز..حتى هذه يعرفون جيداً أنها فُقدت لذات الأسباب التي جعلتهم ذوي شهداء ومهجّرين..
ويدركون أن الصمود لا يأتي بالصراخ والردح..علّمتهم تجربتهم أن يصمدوا في ربع السّاعة الأخيرة، ولعبة “عضّ الأصابع” التي يمارسها علينا الأمريكي والأوروبي..وأزمة الغاز كانت أحد الفصول وليس كلّها.
إن معالجة قضايا الشارع لا تكون ببضع جمل تأليبية يكتبها هواة “حشد الشعبيّة” على صفحة فيسبوكيّة، وهو يتجشأ تجشؤات ما بعد وجبة دسمة، وربما أمام ” شومينيه حامٍ” في فيلا أو منزل مترف.
علينا كعقلاء أن نستوعب ونعي ونرحم..نستوعب أن حصارنا نفطياً وغذائياً هو جزء من حصارنا كلياً، ونعي أن نكئ جروح المواطن وتأليبه لا يخدمه بل يزيده وجعاً و ألماً، ونرحم من أوكلت إليهم مهمة الحل – وهو واجب – لكن حالت إجراءات الحصار دون إيفائهم لالتزاماتهم التي لم يدخروا جهداً لإيفائها.
مواطننا صبر ..وصبره كان جزءاً من منظومة الانتصار ..فلا تلعبوا على عواطفه وجذوة الملل التي بدأت تعتريه، على مخارج الأزمة لأنه توّاق إلى الدفء والسلام والنماء، لكن خصالنا نحن السوريين وتجاربنا..تؤكّد أننا نأكل أوراق الشجر ولا نركع جوعاً.
فلنوجّه رسائلنا الفيسبوكية الحامية إذاً في زمن البرد، إلى ترامب وقادة سفنه وقراصنته الذين يتلطّون ويتربصون بنا، هنا على تخوم مياهنا الإقليميّة، وليس في أي اتجاهٍ آخر، أو لنصمت فالصمت صبر والصبر نصر.
هي عبارات قالها بعفويّة وصدق الانتماء إلى هذا الوطن، مقاتل مُسرّح للتو من خدمة العلم، بعد قتال ومنافحة لمدة 6 سنوات ضد الإرهاب دفاعاً عن سيادة بلده وقدسيّة ترابها، التقيناه مصادفة وشرع بالحديث تلقائياً، عن سقطات هواة الصيد في الماء العكر، ونحن تولينا مهمة صياغة عباراته في هذا المقال..
فأين كل أولئك من هذا البطل السوري، الذي هو و أمثاله من يحق لهم فعلاً أن يعبّروا عن أوجاعهم وأوجاع مواطن تولّوا مهمة حمايته لسنوات وسنوات..لكنه باختصار أصرّ على الحديث بلغة الخندق لا بلغة الفندق.
المصدر: سينسيريا