الثلاثاء , أبريل 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

«بلومبرج»: الأسد قريب من «الانتصار» لكن صراعات جديدة تظهر في سوريا

«بلومبرج»: الأسد قريب من «الانتصار» لكن صراعات جديدة تظهر في سوريا
في ظل اقتراب الحرب السورية من نهايتها واقتراب الرئيس بشار الأسد من حسم الانتصار فيها، نشر موقع وكالة «بلومبرج» تحليلًا لأونور آنت رئيس مكتب الوكالة في تركيا، وإيمي تايبل مراسلة وكالة «أسوشييتد برس»، يوضِّحان فيه صراعاتٍ أخرى تظهر على السطح في ظل توجُّه أطراف فاعلة إقليمية ودولية نحو إعادة التفكير في استراتيجياتٍ قائمة منذ أمدٍ بعيد.
استهلَّ الكاتبان تحليلهما بالحديث عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا الذي أجَّج الكثير من ألسنة اللهب، قائلين إنَّه سيُفسِح المجال أمام حلفاء الأسد الروس والإيرانيين، وسيُشجِّع إسرائيل على إعلان إقدامها على ضرب مواقع إيرانية، مما سيستفز إيران للرد. لذا يُحذَِر بعض المحللين من اندلاع مواجهةٍ بينهما قد تُثير حربًا إقليمية تجرُّ إليها لبنان والعراق أيضًا.
وأشار الكاتبان في الوقت نفسه إلى أنَّ «المتطرفين الإسلاميين» عاودوا الظهور. إذ استهدفوا قواتٍ أمريكية وكردية وحققوا نصرًا مفاجئًا في ساحة القتال في مدينة إدلب، التي تُمثِّل آخر معاقل المعارضة، مما قد يُعجِّل بتعرُّض المدينة لهجومٍ محتمل من جانب الجيش السوري وروسيا. وفي خضم ذلك، دفعت احتمالية وقوع هجومٍ محتمل من جانب تركيا الأكراد السوريين إلى طلب الدعم من الأسد وحلفائه.
واستشهد الكاتبان بتصريحٍ لفواز جرجس، المتخصص في العلاقات الدولية بكلية لندن للاقتصاد، قال فيه: «ينبغي ألَّا نخدع أنفسنا ونقول إنَّ الحرب انتهت. صحيحٌ أنَّ المعارك الكبرى انتهت، لكنَّ الواقع هو أنَّ الصراع الاستراتيجي والسياسي الذي تنخرط فيه القوى الإقليمية المحورية حول سوريا يتصاعد ويشتد». وأضاف: «في الواقع، أرى أنَّ هذه هي أخطر مرحلةٍ في الصراع السوري».
واستعرض الكاتبان أربع نقاطٍ رئيسية ربما تُشكِّل الصراعات المحتملة:
1- إسرائيل
بدأ الكاتبان النقاط الأربعة بالحديث عن إسرائيل، قائلين إنَّها تعهدت منذ فترة طويلة بعدم السماح لإيران بإقامة قاعدةٍ على خطوط الجبهة الأمامية في سوريا تُمكِّنها من مهاجمة الدولة اليهودية. لكن في تغيرٍ هائل مقداره 180 درجة بحسب الكاتبين، صارت إسرائيل الآن تتحدث علانيةً عن عملياتها هناك بعد سنوات من الصمت أو الاعترافات الغامضة.
ويرى الكاتبان أنَّ الانسحاب الأمريكي المرتقب يعني أنَّ إسرائيل قد تفقد أقوى حائط دفاعي ضد القوات الإيرانية وحلفائها في المنطقة، لكنَّه يحدث أيضًا في وقتٍ يشهد إضعاف إيران بفعل العقوبات الأمريكية.
واستشهد الكاتبان بتصريح جادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الذي سيترك منصبه الشهر القادم فبراير (شباط)، لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، الذي قال فيه إنَّ آلاف الأهداف الإيرانية ضُرِبَت داخل سوريا على مرِّ العامين الماضيين، وإنَّ عمليات إسرائيل تحظى بمباركة إدارة ترامب. وكذلك تصريح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي ذكره في كلمةٍ ألقاها في القاهرة الشهر الجاري وقال فيها: «ندعم بقوة جهود إسرائيل لمنع إيران من تحويل سوريا إلى لبنان أخرى». ويرى الكاتبان أنَّ هذه إشارة إلى القوة السياسية والعسكرية التي يمتلكها حزب الله المدعوم إيرانيًا في لبنان، وعدو إسرائيل اللدود.
ويعتقدان أنَّ المخاطر الآن في ذروتها، وأنَّه ليس من مصلحة إيران أن تعطي إسرائيل مبررًا لشنِّ حربٍ شاملة، لكنَّ الحرب، حسب ما ذكره فواز جرجس، «تندلع أحيانًا بسبب سوء تقدير أو متغيرات مجهولة أو حدثٍ عشوائي مفاجئ أو شرارةٍ صغيرة»، مضيفًا أنَّ أكبر تهديد في سوريا هو اندلاع «حرب إسرائيلية إيرانية يمكن أن تتصاعد بسهولة إلى صراعٍ إقليمي شامل».
2- إدلب
انتقل الكاتبان إلى استعراض النقطة الثانية، وهي إدلب، وأشارا في البداية إلى اتفاق موسكو وأنقرة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي على عدم شنِّ هجومٍ محتمل من جانب الجيش السوري على المدينة، ما كان من شأنه أن يدفع موجةًَ جديدة من اللاجئين إلى تركيا، التي تستضيف نحو أربعة ملايين لاجئ بالفعل. لكنَّهما ذكرا أنَّ الحسابات تغيَّرت الشهر الماضي بعدما نجح مقاتلون مرتبطون بتنظيم القاعدة في دخول المدينة وانتزاعها من قوات المُعارضة المدعومة تركيًا.
وأشارا إلى تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي ذكر فيه أنَّ بلاده قد توافق على هجومٍ سوري محدود مدعوم من روسيا لاستعادة إدلب، معتقدين أنَّ ذلك يُعد انقلابًا كبيرًا في سياسة أنقرة، التي ظلَّت تدعم قوات المعارضة السورية طوال الحرب.
ويرى الكاتبان أنَّ قدرة تركيا على المساومة محدودة في ظل رهانها على زوال النظام السوري سريعًا، ويبدو أنَّ أفضل ما يمكن أن يفعله الرئيس رجب طيب أردوغان، بحسب الكاتبين، هو الضغط على نظيره الروسي فلاديمير بوتين لأخذ المصالح التركية في الاعتبار.
واستشهدا بكلام هيكو ويمن، مدير مشروع سوريا ولبنان والعراق في «مجموعة الأزمات الدولية» ببيروت، الذي قال: «ذكر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف «أنَّ روسيا (ستدرس) المصالح التركية، لكنَّ تلك الكلمة تبدو تعبيرًا دبلوماسيًا عن كلمة (مستحيل). لا أستطيع أن أرى أي سبب قدٍ يدفع الروس إلى الرغبة في بقاء المزيد من الأراضي السورية تحت سيطرة تركيا».
3- «المتطرفون الإسلاميون»
بعد ذلك، انتقل الكاتبان إلى الحديث عن النقطة الثالثة، وهي «المتطرفون الإسلاميون» حسب وصفهما، وأشارا في البداية إلى قول ترامب إنَّ القوات الأمريكية ستنسحب من سوريا لأنَّ تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» قد هُزِم. لكنَّ التنظيم، بحسب رأيهما، أرسل إشاراتٍ قاتلة مفادها أنَّه ما زال يُمثِّل خطرًا كامنًا.
فللمرة الثانية في أقل من أسبوع، استهدف مُفجِّروه الانتحاريون قواتٍ أمريكية يوم 21 يناير (كانون الثاني)، ولم يُسفر الهجوم عن وقوع ضحايا أمريكيين، لكنَّ أودى بحياة خمسة مقاتلين من الأكراد المتحالفين مع القوات الأمريكية. بينما في الأسبوع الماضي، قُتِل أربعة أمريكيين وأُصيب ثلاثة آخرون حين استهدف شخصٌ انتحاري دوريةً في أشد الهجمات دمويةً على القوات الأمريكية في سوريا.
واعترف الكاتبان بأنَّ التنظيم قُمِع إلى حدٍّ كبير في سوريا والعراق، لكنَّهما يعتقدان أنَّ الانسحاب الأمريكي في الوقت الذي يشهد حالةً سائدة من عدم الاستقرار قد يمنح التنظيم فرصةً لإعادة تنظيم صفوفه، بل وحتى تجنيد مقاتلين آخرين. وقالا إنَّ ذلك هو ما فعله تنظيم القاعدة بالضبط بعدما غزت الولايات المتحدة أفغانستان لتدمير مخابئه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001.
واستشهدا بتصريح أنتوني سكينر المدير في شركة «فيرسك مابلكروفت» للاستشارات وإدارة المخاطر، الذي قال فيه: «نظرًا إلى أنَّ تنظيم داعش لم يعد بإمكانه الاعتماد على جيشٍ رسمي ثابت، فقد لجأ على نحوٍ متزايد إلى أساليب حرب العصابات والهجمات الإرهابية الفردية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة والبنتاجون إلى أنَّ التنظيم ما زال لديه أعضاء يتراوح عددهم بين 20 ألف و30 ألف شخص في سوريا والعراق».
4- الأكراد
اختتم الكاتبان تحليلهما بالحديث عن النقطة الرابعة، وهي الأكراد، وأشارا في البداية إلى أنَّ قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا أحبط أولئك الذين اعتبروها دعوةً لإيران لملء الفراغ في شمال شرق سوريا، وخيانةً للحلفاء الأكراد الذين قاتلوا ضد تنظيم داعش. لكنَّه، بحسب الكاتبين، قوبل بترحيبٍ في تركيا، التي منعها وجود القوات الأمريكية من الهجوم على القوات الكردية المدعومة أمريكيًا، التي تعتبرها مرتبطةً بالانفصاليين الأكراد الذين يقاتلون من أجل الحصول على الحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا.
ويرى الكاتبان أنَّه ليس من الواضح أنَّ روسيا ستسمح لتركيا بشنِّ عمليةٍ عسكرية في عمق الأراضي السورية. وذكرا أنَّ التصريحات الأمريكية المتضاربة بشأن الجدول الزمني للانسحاب أدَّت إلى تعليق قدرة الجيش التركي على الهجوم، لكنَّ أردوغان قال إنَّ تركيا ستسيطر على بلدة منبج الواقعة تحت سيطرة الأكراد في شمال سوريا، وستُسلِّمها في النهاية إلى «أصحابها الحقيقيين» على حد قوله.
وأشارا إلى أنَّ وحدات حماية الشعب الكردية المنزعجة من احتمالية انسحاب القوات الأمريكية قد طلبت من السلطات السورية وموسكو إرسال قواتٍ إلى المناطق الحدودية الواقعة تحت سيطرة القوات الكردية منذ سنوات لردع أي هجوم تركي محتمل.
وذكرا أنَّ تركيا شنَّت حملةً على مدينة عفرين الواقعة في شمال شرق سوريا العام الماضي أخرجت القوات الكردية والمدنيين الأكراد من المدينة.
ويرى سكينر أنَّ أردوغان يُمكن أن يُرضي القوميين في بلاده قبل الانتخابات المحلية المُقرَّر إجراؤها في مارس (آذار) القادم بالهجوم على المقاتلين الأكراد، لكنَّ التداعيات الاقتصادية المحتملة من تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة تُقوض «مكاسب» هذه العملية على حد قوله.
وقال سكينر: «لطالما كان واضحًا أنَّ وحدات حماية الشعب هي أولى أولويات تركيا. لكن من الواضح أن تركيا تُفضِّل تجنُّب شنِّ غارةٍ عسكرية على مناطق ما زالت القوات الأمريكية موجودةً فيها».
بينما قال ويمن إنَّ من الصعب تخيُّل أنَّ تركيا ستغزو المنطقة دون موافقة موسكو، مضيفًا أنَّ الجيش السوري لنَّ يتحرَّك «إلَّا إذا ضَمَن أنَّ القوات الأمريكية لن تضربه من الجو».
وأضاف: «أعتقد أنَّ واشنطن تريد حقًا تجنُّب ظهور انطباع بأنَّ إيران وحلفاءها يملأون الفراغ الناجم عن انسحابها، والسماح للسوريين بدخول المنطقة سيُعطى هذا الانطباع بالضبط. ربما يستطيع الأكراد التوصل إلى اتفاقٍ مع السلطات السورية، لكنَّ دمشق كانت متشددةً تجاه ذلك في الماضي، وليس لديها سببٌ كاف يجعلها تُغيِّر موقفها الآن».