الجمعة , مارس 29 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

سوريون في “أرذل العمر” يودي بهم جحود الأبناء وقهر الحرب إلى “دور المسنين”!

سوريون في “أرذل العمر” يودي بهم جحود الأبناء وقهر الحرب إلى “دور المسنين”!
“الشيخوخة” مصطلح يخيفنا منذ فترة شبابنا، فنخشى على أنفسنا من الوحدة التي لطالما ارتبطت بالتقدم بالعمر.
قد يكون السبب اختلاف الأحاديث بيننا وبين آبائنا وقد يكون اختلاف الاهتمامات وقلة الوقت لدينا كشباب يسعى لكسب مناصب الحياة وعيشها بكل ما فيها من تفاصيل، ما يعزز المسافات والقطيعة التي قد تؤدي في بعض الحالات إلى وضع المسن في دار العجزة ونسيانه في هذه الدار بعيداً عن أبنائه وأحفاده الذي لطالما حلم برؤيتهم.
في جولة لـ “الأيام” على أحد دور المسنين المعروفة كان الحزن والوحدة هما الطاغيان على وجوه الكثيرين، لكن الخيبة هي الشعور الأكثر حضوراً حين تبدأ الحديث معهم عن كيفية وصولهم إلى هنا…
ثمة من يشذّ عن القاعدة دائماً: أشخاص وجدوا سعادتهم هنا بعيداً عن جحود الأبناء أو الأخوة، فتأقلموا مع أوضاعهم وصنعوا حياة جديدة في هذا المكان.
لو كان الدار قصراً… لن يغنينا عن أبنائنا!
تختلف قصص العجزة هناك، فمنهم من وضع في الدار بسبب سفر أبنائه، ومنهم من لجأ إليها بعد التأفف من خدمته، ومنهم من وضع وهو في أوج شبابه بسبب عجزٍ فتك بجسده، ومنهم من لعبت الحرب دورها في حياته فلم تترك له منزلاً أو ابناً أو قريباً يحتمي به، ورغم اختلاف سبب إقامة كل مسنٍ في هذه الدار الخاصة ذات الخدمة والجودة العالية إلا أنهم يجتمعون بعبارة واحدة “لو كان هذا المكان قصراً… فهو لا يغنينا عن جلسةٍ وسط أبنائنا… ولا يغنينا عن منازلنا”.
قصص العجزة الموجعة
بعينين دامعتين تجيب أم محمد عن سبب إقامتها في دار العجزة، فليس من الهين على مسنةٍ القول إن بناتها اللواتي أفنت شبابها في تربيتهن والعناية بهن منذ صغرهن حتى كبرهن أن يضعنها في دور المسنين بسبب انشغالهن، ورفض أزواجهن تحمل تبعات العناية بوالدتهن، ليكون قرارهن في نهاية الأمر وضعها في الدار وزيارتها كل شهرٍ مرة، وعند سؤالنا لأم محمد:هل تقومين بزيارتهن في منازلهن لرؤية أطفالهم؟ أجابت أم محمد: لقد طلبت زيارتهن في العديد من المرات للتعرف على أحفادي، لكنهن في كل مرة يعتذرن بسبب انشغالاتهن ويؤجلن الزيارة ليوم آخر فلم أعد أطلب ولم يعدن يسألن.
ولم تصدق أم زياد التي كانت تحدثنا عن أبنائها الثلاثة الذين وضعوها بالدار بسبب سفرهم وعملهم خارج القطر، قدوم ابنها الكبير من بلجيكا لزيارتها في الوقت الذي كانت تحدثنا به عنه، لتصرخ عند رؤيته وتضمه بمشهدٍ أبكى الجميع، وأرهق قلوبنا وعقولنا بسؤالٍ واحد كيف لهذا الابن أن يفلت حضن أمه بعد هذا العناق ليتركها في هذا الدار من جديد؟ أيعقل أن يكون قد نسي الحبل السري الذي ربطه معها لشهور أم أنه نسي الحليب الذي أرضعته والليالي الذي سهرت لمعالجته من مرضه، كيف له أن ينسى ويترك من أفنت جسدها لتبني جسده؟
حتى مع العجزة لعبت الحرب دورها
لم ترحم الحياة أبو إياد الذي لعبت الحرب لعبتها في حياته، فلم تترك له أي فردٍ من أسرته الذي أفقدته إياهم بانفجار سيارة مفخخة في حيهم، لينتهي به الحال في الدار يساير بقية الموجودين ويحاول إقناعهم بأنهم أفضل حالا منه بجملته المعهودة “على الأقل بقي لديكم من يزوركم ولو مرةً بالشهر”، متمنياً لو أنه توفي مع أفراد أسرته بدلاً من بقائه وحيداً مرمياً على أحد أسرة دور العجزة.
ولم يختلف الوضع على ستيلا (من أصول روسية) ذات الـ70 عاماً التي درست في شبابها اختصاص المكياج وتصميم ملابس الفنانين للمسرح، ومنحت ابنها الفرصة لدخول عالم الفن والمضي في عالم الشهرة الذي مهد له سبل السفر والبعد، ليتركها عند أكثر مرحلة حرجة في حياتها وحيدة مرمية بين أيدي الممرضات اللواتي يدفع لهن شهرياً للعناية بها.
بعمر الشباب عجزوا!
من الممكن أن تكون جميع القصص التي تناولناها متداولة معروفة في دور امتلأت بالعجزة الذين عانوا الأمرّين في وحدتهم، لكن من الغريب أن ترى رجلاً بعمر الـ 41 عاماً درس الهندسة وتعلم أكثر من 7 لغات وزار العديد من البلدان، يجلس بين هؤلاء العجزة على كرسيه المتحرك منذ 12 عاماً أي عندما كان بعمر 29 عاماً، بعد أن وضعته زوجته وأبناؤه في الدار بسبب عدم تحملهم لمتاعب العناية به وخدمته!
لجأت للدار لكرهها للأعمال المنزلية!
ولكن ليست كل أسباب وجود النزلاء في دار المسنين حزينة أو مفروضة عليهم، ذلك أن ثمة من اختار الدار بملء إرادته، إحدى النساء المقيمات في الدار (عمرها 60 عاماً ) اختارت بعد أن توفيت والدتها أن تأوي نفسها في دار العجزة، بدلاً من اللجوء إلى أحد أخوتها كونها لم تتزوج وليس لديها أي معيل غيرهم، مبررة رفضها لشراء منزل تقيم به بكرهها للقيام بالأعمال المنزلية وعشقها للإقامة في الفنادق الفخمة والاجتماع مع الأصدقاء بحكم عملها سابقاً في شركة الطيران السورية، معتبرةً أنها في هذا المكان تجد سعادتها.
قد يكون للمسن متطلبات واهتمامات والتزامات كثيرة بعيدة كل البعد عن تفكيرنا وأسلوب حياتنا كشباب، لكن أليست هذه الاختلافات والمتطلبات والالتزامات ذاتها التي يتعرض لها الأب والأم عند إنجابهم لطفلهم الأول؟ فكيف لهم أن يتحملوا وكيف لنا أن ننسى ونرمي؟
ليلاس العجلوني – الأيام

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز