الخميس , أبريل 25 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

نارام سرجون:غياب العلم السوري .. وحضور العلم الاسرائيلي .. في عين سيغموند فرويد العرب

نارام سرجون:غياب العلم السوري .. وحضور العلم الاسرائيلي .. في عين سيغموند فرويد العرب

نارام سرجون

انهم العرب المولعون بالتناقضات .. والمسلمون الذين يفعلون الشيء ونقيضه .. والأمر له علاقة بتركيبة العقل الشرقي والمدارس الفلسفية التي نشأت عليها عملية التعامل مع الاسئلة الكبيرة .. والتي لخصها كلها ابن رشد طبيب عقل الامة ومحللها النفسي قبل ان يكون الفيلسوف الذي سرقته منا الأمم .. وأنا أعطيه لقب سيغموند فرويد العرب .. الذي كان كتابه مدرسة في علم التحليل النفسي للعقل العربي بشكل او بآخر .. فالرجل كتب كتاب (تهافت التهافت) والذي حكى فيه عن تناقضات العقل اللافلسفي او اللاهوتي الذي أسس لطريقة تفكير العامة .. فالنخب التي تصنع نهج التفكير وتؤسس لمدارس الثقافة وعملية التفاعل العقلي مع المسائل اليومية تسببت في ان تكون طريقة تفكير العامة معوجة ومختلة عندما يأتي الأمر الى مواجهة الاسئلة السهلة والصعبة في آن واحد .. فالعامة تتبع الخاصة .. والخاصة هي تلك الطبقة من المفكرين والمتعلمين التي تتبعها العامة (العمياء) التي تبحث عمن يقودها في عملية اختيار الخيارات في الحياة ..

منذ وقع الفلاسفة المسلمون في التناقض سارت الأمة وثقافتها على هذا النهج ولاتزال تقع في الحفر والفخاخ منذ ان فشلت عملية احياء علوم الفلسفة لأن علوم احياء الدين هي التي نجحت .. والدين من دون فلسفة جسد بلا روح .. ماان تغاد الروح الجسد حتى يذيل ويموت او يتحول الى مومياء .. لأن الفلسفة هي التي أنجبت الدين والتفكير اللاهوتي .. فالدين طريقة فلسفية خاصة جدا في اختيار الاجوبة الكبرى في الوجود ..

المهم أنا أتذكر ابن رشد في كل يوم وفي كل خبر عن العرب والمسلمين .. وعقب كل خبر اتابعه أو أقرأه اتذكر عبارته الشهيرة التي اختصرتنا جميعا في عنوان كتابه (تهافت التهافت) .. اي تناقض التناقض .. ولو تركت نفسي على سجيتها لرأيت ابن رشد في كل ركن وسوق ودكان ومقهى ومطعم وزواج وقضاء .. فنحن فعلا امة مولعة بأن تمارس التناقضات .. وسبب فشلنا في السياسة والاقتصاد والدين اننا نحيا على التناقضات ونقول التناقضات وتكون التناقضات حتى في شعاراتنا ..

ومن جديد حضر ابن رشد الي عندما حدثت زيارة الرئيس الاسد الى طهران وجعل البعض لايرى في كل الزيارة الا غياب العلم السوري .. وطبعا احتفلت المعارضة بهذا الاكتشاف وهللت واقامت الأفراح والليالي الملاح لأن طهران عاملت الرئيس السوري كانه محافظ لمحافظة ايرانية ودللت على ذلك بأنها لم تضع العلم السوري خلفه في انتهاك صارخ للبروتوكولات .. وطبعا أحس بعض الوطنيين بالحرج بسذاجة وانهم حشروا في الزاوية ليس لأنهم لايثقون بالرئيس بل لأنهم أبناء التناقض الفكري والثقافي الذي جردهم من القدرة على معالجة الهجوم بالمنطق ..

غني عن القول انني لن أدخل في المهاترات وادخل في تبرير المشهد على انه ليس بروتوكوليا لأن التبرير ولغة الاعتذار هي الاهانة لقوة المشهد .. فليس في المشهد اي شيء يستحق الانتباه او النظر باستثناء الحرارة التي ظهرت في الايدي والابتسامات .. فليس وجود العلم او غيابه هو السيادة او رمز المساواة والتناظر والتعادل .. والانشغال بهذا المشهد واقامة الافراح والزينات لاشك تذكرنا باحتفالية أخرى اقامها العرب والاخوان المسلمون لدى زيارة الرئيس الروسي بوتين الى قاعدة حميميم ولقائه بالاسد .. ولم يصدق المعارضون والاخوان عيونهم وهم يرون احد العسكريين الروس يقترب من الأسد ويشير عليه بتصحيح بروتوكولي عادي .. واعتبروا الامر عظيما جدا وله دلالة خطيرة وكانه ليلة القدر عثروا عليها .. وانها دليل على تبعية سورية وحكومتها لبوتين الذي كان يزور محافظة روسية واستقبله فيها المحافظ الذي منعه ضابط روسي من السير الى جانب الرئيس بوتين ..

في سنوات الحرب كنا نسمع مثل هذه النغمات والالحان .. مثل ان ليس للأسد كلمة في سورية بل هي للايرانيين وأحيانا للروس .. وانه يسكن غواصة روسية وان فريق حراسته من الحرس الثوري الايراني .. وكلها كانت في سياق الدعاية السوداء والتشويه ولكنها كلها كانت تذكرنا بأننا نسمع حوارات داخل ردهات مشفى للمجانين .. انه مشفى عربي كبير في الشرق ونحن نزلاؤه .. ومرضنا العقلي هو (تهافت التهافت) .. انه المرض الذي شخصه فينا أبو الفلاسفة .. الفيلسوف المسروق كما هي اثار الشرق المسروقة وابجديته .. كما سرقت قبله العجلة من بلاد مابين النهرين وسورية الطبيعية وكان من ضمن المسروقات نظام السنة الميلادية وأشهرها الاثني عشرة وأيام الاسبوع السبعة ونظام الدقائق الستيني والشرائع الحمورابية والسماوية .. انه مرض تهافت التهافت ..

في ثقافة التهافت تجد المشرقي المسلم لايأكل لحم الخنزير لأن الله حرمه .. لكنه يبعد دبق لحم الخنزير عن المائدة ويتشمم المرق ان انت فيه رائحة لحم الخنزير ليصرخ على النادل ان يبعده ولكنه يميل على اذنه ويطلب منه نبيذا معتقا .. وتجد المسلم لايقرب الصلاة وهو سكران .. لكنه يصلي بعد ان يذبح انسانا .. وبعد ان يسرق معملا في حلب .. ويغتصب حرة في الموصل بعد ان يسبيها ويقتل أهلها .. وفي التناقض تجد المشرقي لايقبل الزواج من عربية تخالفه المذهب .. فاذا كان مسلما رفض المسيحية العربية بشدة .. ولكنه يتباهي بزوجة اروروبية مسيحية .. ولايعيب عليه الناس دينها يبل يغبطونه ويحسدونه ويهنئونه ويحتقلون معها بالكريسماس ..
نعم مانفعله في حياتنا اليومية نقلناه الى حياتنا السياسية .. فقد كان ابن رشد يتجول في مؤتمرات الثورة السورية ويضحك وهو يرى كيف ان الثوار لايملون من حكاية بيع الجولان لاسرائيل ولا من حكاية 40 عاما ولم تطلق رصاصة على الجولان .. ولكن كل أصدقاء اسرائيل التي تحتل الجولان وال1ين يمنعون تحرير الجولان كانوا يدعمون الثوار .. وكان كل الثوار في الجنوب السوري يتلقون العلاج في مشافي اسرائيل التي تحتل الجولان ويأخذون الذخائر والاسلحة النوعية منها ومن قلب معسكراتها في الجولان .. ويصافحون ضباطها ووزراءها ..ويرفعون اعلامها .. وبعد كل هذا يعيدون حكاية بيع الجولان كأنها حديث رواه ابو هريرة عن اركان الاسلام .. وكان ابن رشد يرفع حاجبيه اعجابا بنفسه وليس بالثوار لأنه أثبت لنفسه انه افضل من قرأ عقل الشرقي وعقل الدين .. فالثوار يقولون انهم ثوار الكرامة والحرية ولكنهم أذلاء شحادون يتوسلون رضا الغرب والشرق .. وينتظرون رواتبهم ومخصصاتهم ممن لاكرامة وطنية لهم .. وهم تسببوا في اهدار كرامة شعب من اكثر الشعوب كرامة صار يشاهد مرميا على الارصفة والمخيمات وفي قوارب الموت .. وهم استماتوا لدعوة الناتو لاحتلال بلادهم حتى ان مرشدهم القرضاوي اجبر النبي على ان يصافح الناتو ثم غضبوا من الوجود الايراني والروسي لانه احتلال .. في تناقض لايمكن لابن رشد الا ان يستعيض عن عنوان تهافت التهافت الا بعنوان وقاحة الوقاحة !!

ولاشك ان ابن رشد احس بالزهو والفخر وهو يسمع اتهامات العرب والمسلمين للشيعة بانهم عملاء اسرائيل في لبنان والعراق وسورية وانهم يتآمرون على أهل السنة والجماعة وان تدميرهم هو تدمير لاسرائيل .. رغم ان نتنياهو ذهب ملايين المرات الى كل عواصم العالم ولكنه ممنوع عليه ان يدوس تراب ايران وسورية ولبنان .. وهو ليس على لسانه الا تهديد حزب الله وايران وسورية لوجود اسرائيل .. مع ان القوى التي هزمته هزيمة منكرة كلها جاءت من ايران وسورية وجنوب لبنان .. ورغم ان كل زيارات نتنياهو ووزراءه وجولاتهم في مساجد المسلمين وكل التطبيع العربي جاء من دول لايحكمها زعماء شيعة على الاطلاق بل بعضهم هاشميون وبعضهم وهابيون .. ولكنها وقاحة الوقاحة حسب رأي ابن رشد ..
لم يرى العربي رفرفة الاعلام الاسرائيلية في عواصم الخليج وغياب العلم السوري .. ولم يلق بالا لغياب رمز العلم السوري في جامعة الدول العربية وفي بعض الدول العربية .. لايرى العربي والمشرقي ان العلم السوري الغائب في لقاء الاسد والخامنئي لامعنى له لأن وجود العلم وسيادة الدولة هي في السلوك السيادي بين الدولتين وفي الممارسة السياسية ..

وقد أدرك العرب خطورة كتاب ابن رشد في فضح تناقضاتهم مع ذوراتهم فأحرقوا الكتاب في كل الأمصار .. واليوم لو قلنا لهم كيف انهم خاضوا كل الحروب بشراسة ضد اعداء اسرائيل رغم انهم يرفعون شعار تحرير فلسطين لنهض ابن خلدون من بين سطور كتابه المحترق منذ قرون وضحك من العرب الذين حاربوا الاتحاد السوفييتي وحاربوا ايران وحاربوا العراق وحاربوا مصر عبد الناصر وحاربوا سورية واحرقوا ليبيا واليمن ولم يطلقوا رصاصة واحدة نحو اسرائل منذ وجودها .. ولكنهم لايزالون يقولون انهم فعلوا كل شيء لتحرير فلسطين !!

ويحضرني هنا في مثال على تناقص التفكير ووقاحته اجتهاد بعض المفكرين والعلماء المسلمين الذي يكفرون السيدة آمنة بنت وهب أم النبي لأنها لم تنطق بالشهادتين وماتت على الكفر !! بل ان احد ائمة المساجد في الكويت طرد لانه أقنى على السيدة آمنة واسترسل في الثناء عليها .. وهؤلاء يرون ان ابا طالب ايضا مات على الكفر لأنه لم ينطق بالشهادتين .رغم ل مافعله للنبي ودعوته من حماية ورعاية .. فالشهادتان الغائبتان مثل العلم الغائب .. غابت الشهادتان عن السيدة آمنة وعن ابي طالب وغاب عنهما الرضى الألهي واستحقا منزلة الكفر والنار رغم كل مالهما في ضمير النبي من مكانة جعلته بسبب فقدانه أمه يحن اليها كل بقية عمره ويجعل الجنة تحت أقدام كل الامهات من أجلها .. وهنا سيضحك ابن رشد كثيرا ليقول لنا: انه التهافت .. مرضكم الذي ابتليتم به .. وهو الذي جعلكم تبحثون عن العلم السوري في جلسة فيها من الوشائج والمودة والصداقة ماهو أهم من أي علم .. نعم فبعد كل التلاحم والتنسيق وتقاسم المعارك وتقاسم اللقمة والرصاصة بين السوريين والايرانيين والروس يبدو ان غياب العلم هو كل الصورة التي يريدها البعض .. فيا اصحاب الاعلام والرايات .. يامن ترفعون اعلان اميريكا واسرائيل .. لايهم مايرتفع في السماء من اعلام .. بل المهم هي الارض التي تتمتع بالحرية .. وتقف عليها الاعلام منتصبة عزيزة .. أرضنا حرة وأرضكم ارض للعبيد .. ونحن أحرار وانتم عبيد .. ومن كانت ارضه حرة .. ونفسه حرة .. لايهمه كل مافي السماء .. من اعلام وغير أعلام ..