السبت , أبريل 20 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

هل تريد سوريا العودة إلى الجامعة العربية؟

هل تريد سوريا العودة إلى الجامعة العربية؟

شام تايمز

د. عبد الستار قاسم
تتناول وسائل الإعلام العربية بكثافة مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ويرى أغلب المحللين والمتابعين أن الوقت لم يحن بعد لهذه العودة، والسبب واضح أن الدول التي دفعت بقوة نحو طرد سوريا من الجامعة العربية عام 2011 ما تزال مهيمنة على الجامعة حتى الآن. ومن المعروف أن مؤتمر وزراء خارجية العرب قال إن عودة سوريا إلى الجامعة مرتبطة بأمرين وهما التقدم في الحل السياسي للإشكال القائم والعلاقات مع إيران.
يشتد الحديث حول عودة سوريا، لكن لا يبدو أن أحدا سأل الحكومة السورية أو الرئيس السوري فيما إذا كانت سوريا ترغب في العودة إلى مقاعد الجامعة. المفروض أن السؤال قد تم توجيهه لسوريا عسى في ذلك ما يختصر الجدل. فإذا كانت سوريا لا ترغب فإن كل التكهنات حول مواقف الدول العربية التي تسيطر على الجامعة لا معنى لها ولا ضرورة.
لا أرى أن الظروف القائمة الآن في الجامعة العربية تغري أحدا قوميا أو إسلاميا ليكون عضوا فيها. الجامعة العربية منظمة فاشلة، وتاريخها الممتد منذ عام 1945 يشهد على ذلك. كما أن الجامعة العربية محكومة من دول عربية موالية للغرب وتقيم علاقات ديبلوماسية أو تطبيعية مع الكيان الصهيوني، وليس من الشرف العظيم أن تكون دولة عضوا فيها. حتى أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط شخصية متصهينة ولا يوثق بها في الحرص على القضايا العربية. ونذكر جميعا كيف أمسك أبو الغيط بيد ليفني، وذلك إمساك يشير إلى الوئام والمحبة والتقدير. ونذكر ضحكته الشهيرة وهو يتلو على ليفني نكتة مصرية حديثة. ولا ننسى دعوته إلى تعويض الفلسطينيين دون ذكر حق العودة.
تاريخ الجامعة العربية مع القضية الفلسطينية ومختلف القضايا العربية غير مشرف، وهو تاريخ من التخاذل والتآمر والفساد والإفساد. وفي الشأن السوري، بدل أن تقوم الجامعة العربية بعملها في حل المشاكل العربية، قامت بعض دولها بتأجيج الأوضاع في سوريا وتمويل المسلحين الإرهابيين، وفتح الحدود أمام المسلحين من كل الأرض للقتال في سوريا. قامت الجامعة العربية في بداية تأسيسها ببعض الجهود من أجل فلسطين، لكنها كانت أعجز من أن تحاصر المدّ الصهيوني. لكن قادة هذا الدول، بعدما فهموا دورهم في خدمة الاستعمار والصهيونية، قاموا بحركة بهلوانية كذبا على الشعوب وحشدوا قوات لتحرير فلسطين بعد رحيل آخر جندي بريطاني. تقدمت القوات العربية بداية، لكن الاستعمار أوقف الحرب لمدة شهر. حينها قامت القيادات العربية في الأردن والعراق ومصر بسحب قواتها إلى خلف خطوط تقسيم فلسطين. كانت الأمم المتحدة قد أعطت الصهاينة 53% من مساحة فلسطين، لكن قادة العرب أعطوهم حوالي 78%. العراق والأردن سحبتا قواتهما من مناطق القتال إلى خلف خطوط تقسيم الأمم المتحدة، والملك فاروق زود الجيش المصري ببنادق فاسدة، وانتصرت الصهيونية على العرب. ذات القادة أو أبناؤهم أو مواليهم ما زالوا يحكمون حتى الآن، ومن يظن أنهم سيكونون يوما مع القضايا العربية سيبقى أسير أمراض الأوهام.
لن تتمكن القمة العربية من فعل شيء سوى إصدار بيان إنشائي يلمس على مختلف القضايا العربية دون تجهيز آليات لتنفيذ هذا البيان. سيتبنى المتواجدون في القمة القضية الفلسطينية من جديد، لكن منهم من سيخرج من تونس وهو يخطط بإرسال مبعوثين للكيان الصهيوني للاعتذار عن الموافقة على اعتبار القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية. وسترفض القمة قرار ترامب باعتبار الجولان جزءا من الكيان الصهيوني، لكن بعضهم سيطلب من الكيان استعمال الجولان لتشديد الحصار على حزب الله. لن تقدم القمة التونسية خيرا للأمة العربية، ولن تستطيع الجامعة العربية الدفع نحو الحرص العملي على المصالح العربية فضلا عن أن أمينها العام غير مؤتمن. وعلى مدى السنوات لم تخرج الجامعة العربية بقرار يحرص الجميع على تنفيذه إلا مبادرة الخيانة العربية الصادرة عن قمة بيروت عام 2002.
فمن أراد أن يخون الأمة ويسمسر عليها ما عليه إلا أن يكون جزءا من القمة العربية. لا يمكن للقمة العربية اتخاذ إجراءات يمكن أن تغضب أمريكا والكيان الصهيوني. ولهذا تصدر قراراتها دائما بدون وصفات تنفيذية، وسرعان ما تعود المشاحنات على الساحة العربية بعد أن يدير حكام العرب ظهورهم مغادرين إلى كهوفهم في عواصم بلادهم.
فأين هو الشرف العظيم بالعودة إلى الجامعة العربية والاجتماع مع حكام ثبتت خيانتهم المستمرة للقضايا العربية؟ والسؤال الأهم: ماذا كانت ستفعل سوريا لو أنها بقيت في الجامعة العربية؟ لقد كانت عبر تاريخ القمم متماشية مع الركب العام للجامعة، وجرتها الجامعة إلى قرارات إنشائية لا قيمة لها. ويكفي أن سوريا قبلت بالمبادرة العربية لعام 2002، ولم تحاول الخروج منها على الرغم مما فعلته السعودية ودول الخليج في الساحة السورية.
وقد ثبت تاريخيا أن الاتفاقات الثنائية أو الثلاثية أو الرباعية بين دول عربية أجدى من الاتفاقات الجماعية. الاتفاقات الجماعية تنهار فور انتهاء القمة، لكن الاتفاقات الجانبية قد تدوم بعض الوقت. طبعا لا ثقة بالحكام العرب حتى في الاتفاقات الجانبية التي ثبت أيضا أنها تنهار. الاتحاد المغاربي انهار، وانهار مجلس التعاون الخليجي، وانهارت الاتفاقات الاقتصادية الثنائية، الخ. ويبدو أن من أراد غطاء عربيا للخيانة ينضم إلى الجامعة العربية مثلما تفعل قيادات فلسطينية مزورة الآن.
بقي أن نسمع من الحكومة السورية فيما إذا كانت راغبة بالعودة إلى مقاعد الجامعة العربية. وإذا كانت راغبة، نرغب بسماع تبريرها.
رأي اليوم

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز