الجمعة , أبريل 19 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

السر الجديد لإنعاش التنمية الإنتاجية في سورية.. خطوة غير مسبوقة نحو مضمار الاقتصاد المرن

السر الجديد لإنعاش التنمية الإنتاجية في سورية.. خطوة غير مسبوقة نحو مضمار الاقتصاد المرن

شام تايمز

بينما ابتعدت الحكومة عن عنونة نهجها الاقتصادي اكتفت بوضع سياسات ديناميكية تفرضها خصوصية الوضع الذي فرضته الحرب والحصار الجائر على سورية، وانطلقت من اعتبارين محددين في رسم هذه السياسات, أولهما تأمين الحاجات الأساسية للمواطن والثاني دعم الإنتاجين الزراعي والصناعي. وضمن إعادة ترتيب أولويات الإجراءات الاقتصادية والنقدية في هذه المرحلة سجلت سوابق لم نشهدها من قبل تصبّ لمصلحة قوة الليرة أمام العملات الأجنبية وكبح جماح التضخم وتشجيع العملية الإنتاجية لتصبّ في النهاية في خانة استقرار الأسعار، ومنها إصدار شهادات الإيداع بالليرة، بفائدة 4,5 % لتخفيف العبء عن المؤسسات المصرفية، والسماح لها بالتحرك نحو مزيد من جذب الإيداعات، ثم دعم الفوائد على القروض الإنتاجية من خلال كتلة نقدية تبلغ 20 مليار ليرة، وهو الإجراء الذي كان غير مسبوق على الإطلاق , ومن شأنه تحقيق جاذبية كبيرة و إقبال كبير على القروض المصرفية الموجهة لغايات إنتاجية غير استهلاكيّة.

شام تايمز

توزيع

خجل قنوات التوظيف لدى المصارف المحلية برغم ضيق خزائنها بالودائع لا يزال سمة أساسية لها وزادت مفرزات الحرب من هذه التخمة، ولتوزيع العبء الذي تتحمله هذه المصارف من جراء الإيداعات بالليرة وتخفيف الخسائر، قرر المصرف المركزي طرح شهادات إيداع بالليرة لأول مرة في تاريخه بقيمة اسمية للشهادة 100 مليون ليرة وسعر فائدة 4,5% سيتم على أساسه احتساب القيمة بعد الخصم وبأجل لمدة عام، وبما لا يتجاوز 10 % من حجم السيولة لكل مصرف.

مختصون رأوا أن طرح شهادات الإيداع بالليرة تدخل حكومي إيجابي من المركزي وخطوة مهمة في إطار تنفيذ السياسة النقدية وبهدف إدارة السيولة المحلية، حيث تسهم شهادات الإيداع في التحكم بالسيولة بما يساعد على الوصول إلى استقرار المستوى العام للأسعار من جهة، ومن جهة أخرى هذه الشهادات تشكل قناة توظيف جديدة للمصارف في القنوات الاستثمارية إلى جانب قنوات التوظيف المتاحة لها بشكل يشجع على استقطاب المزيد من الودائع للقطاع المصرفي، و بما قد ينعكس على سحب أو تخفيف السيولة المطروحة للتداول والبالغة نحو 1650 مليار ليرة.

المركزي أكد أن فترة استحقاق الشهادة تبلغ عاماً واحداً من تاريخ التسوية المحدد بتاريخ 21 شباط 2019 والحد الأدنى لعدد الشهادات المسموح الاكتتاب بها للجهة المؤهلة الواحدة 5 شهادات والحد الأقصى بما لا يتجاوز 10 في المئة من حجم السيولة لكل مصرف, موضحاً أن البيانات الأساسية للإصدار متناسبة مع حجم كل مصرف، وقد اشترك بالاكتتاب 16 مصرفاً، بنسبة مشاركة وصلت إلى 94,12% وبلغ عدد الشهادات المكتتب بها 1308 شهادات بقيمة 130,8 مليار ليرة وهو «رقم مهم جداً مقارنة بالسيولة الموجودة في المصارف» وفقاً لمصادر المركزي.

أثر داعم

ويعد الدكتور علي يوسف- مدير عام المصرف التجاري السوري.. أن شهادات الإيداع تعد إحدى أدوات السياسة النقدية المطلوبة خلال المرحلة الراهنة، وليتبين أثرها الإيجابي تحتاج إجراءات وخطوات لاحقة من حيث الإصدار لمدد زمنية أطول, علماً بأن عمر شهادة الإيداع سنة كاملة، ومن حيث إصدار شهادات إيداع بالدولار الأمريكي, إضافة إلى دراسة تكليف المصارف بإصدارها. وأوضح أن السيولة المالية في المصرف التجاري وصلت إلى نسب مرتفعة جداً وبات يستحوذ على أكثر من 70 % من السوق المصرفية، وبعد إصدار شهادات الإيداع بالليرة بإمكانه توظيف جزء من سيولته في شهادات الإيداع بعائد يخفض التكلفة التي يدفعها كفوائد على الودائع، ويؤمن رغبة الزبائن في الإيداع والإقراض، والتوسع فيه.

وأشار يوسف إلى أن الشهادات تسمح بتوفير قناة توظيف جديدة للأموال الموجودة في المصارف ما يؤدي لتحفيزها وجذب ودائع جديدة من خلال طرح منتجات مصرفية جديدة جاذبة للجمهور تتناسب مع متطلباتهم, الأمر الذي سينعكس بصورة إيجابية على المودعين.

متوالية صاعدة

مصادر في المصرف المركزي كشفت في وقت سابق أنه ستكون هناك إصدارات جديدة للشهادات بالليرة و إصدار مماثل لشهادات إيداع ولكن بالدولار الأميركي قريباً، وعلى المصارف التقليدية اليوم قبول جميع الودائع من دون سقوف، لأنه أصبح بإمكانها توظيف جزء من سيولتها في شهادات الإيداع بعائد مجزٍ يخفّض التكلفة التي تدفعها كفوائد على الودائع، وتالياً أصبح بإمكان المصرف المركزي التحكم أكثر في العروض النقدية من خلال تفعيل مجموعة من الأدوات النقدية، فعندما توظف المصارف جزءاً من الودائع في شهادات الإيداع أصبح بإمكانها قبول المزيد من الودائع لدى المواطنين والمؤسسات، وتالياً سحب جزء من السيولة النقدية الفائضة، واستخدامها في التمويل والتوظيف، بدوره يمكن للمصرف المركزي أولاً تفعيل السياسة النقدية وضبط العرض النقدي، وثانياً تمويل القضايا التي تطلب منه لأنه مصرف الدولة في النهاية، ويتحمل المصرف مبلغ الفائدة 4,5% التي يدفعها للمصارف المكتتبة بشهادات الإيداع لتفعيل السياسة النقدية، كما يحصل على عائد 0,5 % في حال خصم الشهادات قبل وقت استحقاقها بفائدة 5 % على المبلغ المتبقي.

سقف عالٍ

وأشارت المصادر إلى أنه مع تحريك الكتلة النقدية الموجودة في المصارف وتوجيهها نحو قنوات توظيفية إضافية وعلى رأسها الإنتاج الحقيقي في الزراعة والصناعة، كان هناك توجه لمتابعة آليات الإقراض المصرفي المعتمدة ودفع التمويل تجاه المشروعات الإنتاجية الجديدة ومراقبة تنفيذ القروض وربطها بمراحل تنفيذ المشاريع ، وما ورد في بيان الحكومة المالي لمشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2019 لجهة رصد مبلغ 40 مليار ليرة لدعم وتحفيز القطاع الخاص يظهر هذا التوجه, حيث تم الإعلان عن بدء تنفيذ دعم الفوائد على القروض الإنتاجية من خلال كتلة نقدية تبلغ 20 مليار ليرة بما يهدف إلى دعم المنتجين بـ 50% من الفوائد المترتبة على القروض الإنتاجية في المصارف، الذي بناء عليه قامت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بإعداد مذكرة تضمنت آلية تخصيص هذا المبلغ لدعم وتحفيز القطاع الخاص الإنتاجي في الزراعة والصناعة والسياحة. فمبلغ الـ 20 مليار ليرة مخصص لدعم أسعار فائدة القروض التي ستمنح للقطاع الخاص وفق آلية واضحة، على أن تقوم الوزارة المعنية الصناعة والزراعة بتحديد المجالات المستهدفة بالدعم وعرضها على اللجنة الاقتصادية، وفي حال موافقة رئيس مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية على المجالات المستهدفة تحوّل إلى هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن ثم تقوم الهيئة بطرح إعلان يتضمن الإشارة إلى أنه سيتم دعم المشروعات المزمع تنفيذها في المجالات المستهدفة من خلال دعم أسعار فائدة القروض الممنوحة لقاء الاستثمار أو العمل في هذه المجالات حصراً، وبناء على ذلك الإعلان وعند مراجعة الراغبين بالاستفادة من الطرح، تطلب الهيئة من المتقدم إعداد دراسة جدوى اقتصادية عن مشروعه، وملخصاً عن المشروع مع نوعه، إن كان مشروعاً جديداً أو هو مشروع إعادة تأهيل، وبعد دراسة الأوراق والدراسات المقدمة من صاحب المشروع، تقوم الهيئة بمنحه وثيقة كفالة مشروع في حال أهلية المشروع المقترح لنيل هذه الوثيقة وإرسال نسخة عنها إلى وزارة المالية، ومن ثم يقوم صاحب المشروع بمراجعة المصرف أو المؤسسة المالية التي يرغب بالحصول على قرض من خلالها وعند الاتفاق على تفاصيل القرض.

وأوضح المصدر أنه وبعد إبراز وثيقة كفالة المشروع، يقوم المصرف المعني بإعلام هيئة تنمية المشروعات بموجب كتاب رسمي بمبلغ القرض المتفق عليه وفائدته، ومن ثم تقوم هيئة تنمية المشروعات برفع كتاب إلى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية يتضمن المشاريع المقترحة ومبالغ القروض التي سيتم منحها والفوائد عليها في المجالات المستهدفة تباعاً، حيث تقوم الوزارة برفع حقيبة المشروعات والقروض إلى اللجنة الاقتصادية، التي تقوم بدورها بالتوصية حيال نسبة الدعم التي سيتم تحملها من إجمالي فوائد القروض حسب القطاعات، وبعد ورود توصية اللجنة الاقتصادية إلى هيئة تنمية المشروعات بنسبة الدعم الموافق عليها، وتقوم الأخيرة بإرسال كتاب إلى وزارة المالية يتضمن طلب تقديم الدعم المطلوب.

«المالية» تقول

تقارير وزارة المالية تقول: إن أولوية الحكومة اليوم تقديم الدعم إلى القطاعين الصناعي والزراعي خاصة بعد أن تم إصدار الكثير من القوانين والأنظمة التي تعد من العوامل المهمة المحفزة للاستثمار فتحديث البيئة التشريعية, ولاسيما قانون الاستثمار الجديد المزمع إصداره قريباً، سيجذب الكثير من المستثمرين ويحفزهم للبدء بالاستثمار، والاستثمار يحتاج تمويلاً، وهنا تكمن أهمية دور المصارف، ووضع الأطر التنفيذية لآليات الإقراض, لافتاً إلى انتهاء عملية تأهيل المدن والمناطق الصناعية وتوفير البنى التحتية المتطورة فيها لكي ينطلق الصناعيون في عملهم.

مدير عام المصرف الصناعي -عمر سيدي أكد في وقت سابق أن هناك تعليمات جديدة للتسهيلات ستصدر قريباً تتناسب مع المرحلة الحالية, مشيراً إلى أن عملية الإقراض بدأت منذ عام ٢٠١٨ ومتواصلة بوتيرة جيدة وضمن التعليمات والشروط المحددة للمنح, وكشف أن المصرف يعمل الآن على تعديل التعليمات التنفيذية بما ينسجم مع المرحلة الحالية ولما له من دور كبير في التعامل مع الصناعيين والمنشآت الصناعية, علماً بأن المصرف لا يتعامل فقط مع الصناعيين إنما يموّل فعاليات أخرى مثل الحرفيين والفعاليات التنموية والعلمية ويقدم تسهيلات للصناعيين والحرفيين للنهوض بالصناعة الوطنية، حيث يقدم قروضاً لتأسيس المنشآت الصناعية والحرفية وتوسيعها، وقروضاً لشراء الآلات الجديدة والمستعملة, وقروضاً لإعادة تأهيل المنشآت الصناعية المتضررة، وقروضاً لتمويل رأس المال العامل، وقروضاً تنموية، وكفالات خاصة بالصناعيين.

تشجيع مستمر

ويعود مدير المصرف التجاري الدكتور- علي يوسف ليؤكد أن المبلغ الذي تم تخصيصه لدعم القروض الإنتاجية يعد إحدى الخطوات المهمة التي تشجع على الإنتاج و يتم الدعم بناء على خطة محددة من قبل الجهات المعنية، فمثلاً إذا كان هناك قرض لمشروع محدد وكانت الفائدة 10 % يتحمل المقترض 5 % ويتم دفع البقية من مبلغ الـ20 مليار ليرة المخصص للدعم، وفي النتيجة المصرف يحصل على مبلغ الفائدة بشكل كامل، والمقترض يحصل على الدعم الحكومي, مشيراً إلى أن هذا الإجراء له انعكاس كبير على تشجيع الإنتاج ويدخل ضمن تخفيض تكلفة الإقراض وتوجيه الكتلة المالية الموجودة في المصارف إلى مشاريع حيوية ترفد الاقتصاد الوطني بكل مقومات الدعم.

شام تايمز
شام تايمز