الثلاثاء , أبريل 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

حين تتبنى الجزيرة نظرية المؤامرة

حين تتبنى الجزيرة نظرية المؤامرة

فارس الجيرودي

«سنسّخر كل إمكانيّات بلادنا لمنع المؤامرة على الشعب الليبي، ولدعم حكومتكم التي تتصدى للهجوم على طرابلس»، هكذا خاطب الرئيس التركي رجب طيب أدروغان في اتصال هاتفي فائز السيد السراج رئيس حكومة الوفاق ذات الميول الإخوانية التي تسيطر على طرابلس وأغلب الشرق الليبي، وتحظى بدعمٍ تركي قطري إيطالي وتواجه هذه الأيام هجوماً من قوات الجنرال خليفة حفتر المدعومة من محور الإمارات السعودية فرنسا.
فجأةً لم تعد لفظة المؤامرة مثار سخرية في الإعلام القطري بمختلف أذرعته التلفزيونية والصحفية والإلكترونية، كما كان عليه الحال خلال بدايات «الربيع العربي» المزعوم، فبعد الانتصار الذي حققه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خصومه في مراكز صنع القرار الأميركي، مع تبرئة تقرير المحقق الخاص مولر له من تهمة تلقي الدعم من روسيا أثناء حملته الانتخابية لدخول البيت الأبيض، تحسن موقع الرئيس الأميركي بمواجهة أجهزة الاستخبارات التي لا تزال تحافظ على دعمها لمشروع هيلاري كلينتون الربيعي القائم على مساندة محور قطر تركيا، وأداته جماعة الإخوان المسلمين، حيث تتمثل أهداف المشروع الربيعي هذا في زعزعة استقرار الدول العربية، وإدخالها في دوامة الفوضى، وذلك في مقابل العسكرة التي يستخدمها المحور الإماراتي السعودي لمد نفوذه، مستغلاً حالة الفوضى السابقة، ليقدم للشعوب حله المتمثل في جنرالات من شاكلة السيسي وحفتر، تربطهم علاقات الولاء المالي برجلي الإمارات والسعودية القويين، محمد بن زايد ومحمد بن سلمان.
ترامب قرر ترجمة انتصاره الداخلي على خصومه، دعماً مباشراً لحلفائه في المنطقة العربية، فكشف البيت الأبيض قبل عشرة أيام، عن قيام الرئيس الأميركي بإجراء محادثة هاتفية مع حفتر أقر خلالها بدور المشير (حفتر) الجوهري في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية، على حد تعبير البيان الرئاسي الأميركي.
لكن محور قطر تركيا وعلى الرغم من الهزيمة التي مني بها مشغلوه في واشنطن، لا يزال يمتلك اليد العليا على مستوى صناعة الرأي العام وتشكيل الوعي، وذلك من خلال الأذرع الإعلامية التي طورتها قطر خلال السنوات الماضية، والتي صارت تلتف على العقل العربي، وتعصره كما يعتصر الأخطبوط فريسته، لتعيد تشكيله بما يلائم مشروعات «الفوضى الخلاقة»، وذلك كله تحت شعارات الديمقراطية والحريات التي تسوقها مشيخةٌ لم تعرف رائحة الديمقراطية أو حكم القانون يوماً.
لذلك يبدو هذا المحور قادراً على تسويق نظرية المؤامرة، التي اعتاد لسنوات طويلة ممارسة أسلوب السخرية منها، وخصوصاً في صفوف شريحة الشباب، وهم الأغلبية العددية في العالم العربي، إذ تمكنت قطر وعبر الاستفادة من خدمات مستشارين إعلاميين غربيين، من تطوير مواقع إلكترونية وبرامج تلفزيونية تخاطب الشباب بأسلوبهم، ومن خلال قنوات التواصل الاجتماعي التي تستحوذ على اهتمامهم، وباستخدام تكتيكات السخرية والبساطة والسرعة والإبهار التي تعد أبرز سمات العصر.
بالنسبة لنا نحن الذين شهدنا بأعيننا تدمير بلادنا بالفوضى والفتن الممولة والمحرض عليها من المحورين المتصارعين اليوم، نجد أنفسنا مضطرين وبكل أسف لتصديق قنوات الطرفين، فـ«الجزيرة» تقول إن قوات حفتر غير شرعية وعميلة للخارج وتجند الأطفال والإرهابيين، و«العربية» تقول عن قوات حكومة الوفاق إنها غير شرعية وعميلة للخارج ومتحالفة مع إرهابيين، وكل ما سبق صحيح، فليس في ليبيا اليوم قوات شرعية، وكلا الفريقين الميليشياويين المتقاتلين هما مجرد أدوات خارجية متحالفة مع الإرهاب، ترقص على جثة ليبيا، مقابل خدمة أسياد إقليميين، ليسوا في حقيقتهم إلا عبيداً عند دول الناتو التي «حررت» ليبيا من القذافي، حسب سردية الربيع المزيف.
الوطن