السبت , أبريل 20 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

فساد ونزيف موارد يستوجب الإسعاف السريع..حقائق الدعم وتساؤلات عن المواطن المدعوم.. ؟؟!!

فساد ونزيف موارد يستوجب الإسعاف السريع..حقائق الدعم وتساؤلات عن المواطن المدعوم.. ؟؟!!

شام تايمز

لابدّ من حلّ جراحي وسريع لمشكلة قوامها ” نعمة تحوّلت إلى نقمة” ..و إن كانت الجراحة ليست قراراً ذي شعبيّة عموماً، إلّا أن مقتضيات الضرورة تبيح تجرّع الدواء المرّ.

شام تايمز

في يومياتنا بقديمها وجديدها..حكاية كادت أن تتحوّل إلى جزء من تراث هذا البلد..وما زلنا نسردها بنشوة رغم أنها باتت ” تهمة” تصمنا بقلّة التدبير..حكاية اسمها “الدعم” و تفاصيلها تدور حول “المواطن المدعوم”..
دعم تربية وتعليم عالي، ثم دعم محروقات ومشتقات نفطية، ودعم كهرباء وماء، و دعم القطاع الصحّي..ودعم الخبز، إضافة إلى التسعير الإداري لبعض السلع الأساسيّة..السلسلة طويلة وطويلة ..لكن في نهايتها سؤال معلقاً بات يحتاج إلى جرأة في استجماع خاصيّة التصالح مع الذات للإجابة علية وهو: من هو المدعوم، ومن هو المستحقّ، وهل يصل الدعم إلى مستحقيه، ثم هل أمسى الدعم بشكله الراهن خياراً إستراتيجياً حقاً؟؟
قبل أن يقفز أي جواب متسرّعاً إلى ذهن أي منّا، لا بدّ من التوضيح أولاً أن إجمالي التكلفة الكليّة للدعم، أو ما نسميه “فاتورة الدعم في سورية” تصل إلى حوالي 2 تريليون ليرة سوريّة في العام، أي أكثر من 50 بالمائة من كتلة الموازنة العامة للدولة في العام 2019 الحالي ؟؟!!

الرقم كبير ..بل هائل ولا شك أنه لا يتناسب مطلقاً مع الحصّة المفترضة التي يتلقّاها المواطن المدعوم بتاتاً..فالفرضية التي يرسيها الرقم الإجمالي للدعم المجتمعي عموماً الذي تقدمه الدولة، أن حصّة كل مواطن تصل إلى حوالي 2 مليون ليرة في العام، وهذا يعني أن أسرة مؤلّفة من 5 أشخاص ” متوسط عدد أفراد الأسرة السورية” تكلّف الخزينة العامة حوالي 10 ملايين ليرة سورية في العام، من خلال سلّة دعم قوامها ” خبز ونفط وكهرباء وماء وتعليم وطبابة…الخ” ..فهل أحسّ المواطن بهذا الرقم فعلاً ؟؟

دون أن نجيب أو ننتظر إجابة..نرى أن ثمة مشكلة عويصة تعتري ” ميكانيك الدعم” الذي تحوّل إلى حالة نزف و استنزاف غزيرة لموجودات الخزينة، دون أن يصل بالفعل إلى مستحقّيه.

هنا علينا أن نكون أكثر جرأة في الطرح، لأننا أمام استحقاق إصلاح ومعالجة خلل “مقونن” مقيم، اعترته التشوّهات التي شخّصناها تماماً لكننا نخشى مقاربتها لأن المفهوم عموماً محصّن ” بقدسيّة مصلحة المواطن”، باختصار بات الدعم بيئة خصبة للفساد، وخاصرة نازفة للموارد، و بؤرة لتوتّر العلاقة والثقة بين الدولة ومواطنيها، بما أن المسؤولين الحكوميين يؤكدون وقائع الدعم من وحي الأرقام التي بحوزتهم، والمواطن يتلقى مثل هذه التصريحات بهيئة ” تهمة له” فيتحول الدعم إلى رضّ معنوي نفسي لا كما أريد له عند إقراره وعندما كانت آلية تطبيقه سليمة معافاة.

في دهاليز الفساد الذي بات واقعاً لا أحد يملك نفيه كظاهرة، يضيع الدعم وتضيق دائرة الأشخاص المستفيدين منه، فوجود سعرين ” مدعوم وحرّ” لأي مادّة سيؤدّي إلى فساد وممارسات خارجة على القانون بكل تأكيد.
ولعلّه من الواضح أن القطاعات المدعومة، تمرّ بحالة جفاء مطلق مع المواطن صاحب حصّة الدعم الحقيقي..وكثيرون يتوجّهون في السنوات الأخيرة نحو المدارس الخاصّة والجامعات الخاصّة والمشافي الخاصّة ” متنازلين” عن حقهم المفترض في سلّة الدعم، لأسباب تتعلق بهم تارة، وتارة أخرى تتعلّق بمستوى الخدمة..والظاهرة تتخذ شكل متوالية خروج من تحت مظلّة الدّعم المفترضة، لذا لابدّ من حلّ واستدراك سريع.
في خيارات الاستدراك ثمة مسارات كثيرة ومتشعّبة..كلّها تتطلب الاهتداء إلى آلية محكمة توصل الدّعم إلى مستحقّيه، وتعيد ضخّ كتلة الدعم الإجمالية في قنوات صحيحة ومدروسة، وعندها لن يبقى فقيراً في سورية ..نحن على يقين من ذلك.

فسيكون بالإمكان زيادة الرواتب والأجور..وسيكون بالإمكان منح ” تأمين بطالة” للعاطلين عن العمل، وسيكون بالإمكان تعزيز أداء ” مكنة الإغاثة” ..وسيكون بالإمكان توجيه مبالغ مدروسة لإنعاش المناطق الأكثر فقراً.

اقرأ أيضا: تقرير يكشف ويفضح حقيقة انخفاض الأسعار

وسوف نتمكن من استثمار كتلة الدعم في تحقيق عائد اقتصادي أو تنموي من خلال زيادة كتلة المستفيدين وتوزيع الأموال في المطارح الصحيحة..والأهم أننا نقضي على مسألتين خطيرتين الأولى الفساد في محاولات استحواذ القلّة على الكتلة الأكبر من الدعم، والثانية الهدر وتجربة المشتقات النفطية خير مثال..والعامل الأهم هو إيصال الدعم إلى مستحقّيه ..ومن يستحقون هم كُثر بيننا.

فلابدّ أن ننتهي من إشكالية أن من يستهلك أكثر يكون مدعوماً أكثر، لأنه الأقدر على الاستهلاك.

ناظم عيد – الخبير السوري

شام تايمز
شام تايمز