الأربعاء , أبريل 24 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

معركة ادلب الكبرى.. تفاصيل لم تروى من قبل ج2

معركة ادلب الكبرى.. تفاصيل لم تروى من قبل ج2

يمكنكم قراءة الجزء الأول: معركة ادلب الكبرى.. تفاصيل لم تروى من قبل ج1 ( هنا )

الجزء الثاني:

مع بداية المعركة كانت تصريحات الخارجية التركية مواربة على وقع الهزيمة , والتمسك بالالتزامات السرية التي عقدتها مع روسيا ..

نعم كان هذا اتفاق ضمني بين موسكو وأنقرة في بادئ الأمر على صمت الأخيرة وحياديتها عن المعركة .

“فاتورة فشل اتفاق سوتشي , لابد وأن تدفعها تركيا”.

الأتراك أيضا أرادوا أن تدفع بعض الفصائل في إدلب ضريبة عصيانها لأوامر منها قضت بتراجعها من بعض المناطق.. هي حنكة سورية روسية من ألبست الأتراك عباءة سوتشي, وبالتالي دورا علنيا لزعامة الفصائل.

لم تجد دمشق آنذاك باتفاق “تخفيض التصعيد” خرقاً لثوابت سياسية بالتفاوض، ترحيبات الضرورة المصحوبة بالموافقة كانت الرد السوري المرن والمعتاد، لاتفاق غير قابل للصرف على الأرض في بيئة متحاربة داخليا وغير منسجمة جغرافيا، لناحية توزع سلاح “المعارضة” و “القاعدة”.

أمر لا يقارب حدود المنطق وواقع الميدان، الغلبة دائما للتنظيمات القاعدية, التي تتكتل باستمرار ضمن هيئات موحدة على حساب بعض فصائل “المعارضة”, التي تخشى الجسم الانتحاري والعقيدة القتالية للقاعدة.

“الغوطة الشرقية” مثال عن عجز القوة العسكرية الضاربة “للمعارضة” في مرحلة سابقة عن ابتلاع جبهة النصرة، أو الفصائل التي رفضت التخلي عنها.. في الشمال أراد الأتراك حدودا للمعركة الراهنة في إدلب .

هم لم يتحدثوا عن ذلك فهم يخشوا تمرد القطيع على راعي أقر بشكل مبدئي اتفاق جرهم للمذبح، وأراد الجيش السوري ابتلاع كامل الجغرافية المسلحة وصولا لحدود 2011 مع تركيا..

بصريح القول علمنا كل ذلك منذ البداية, قبل أن نسلك طريق المعركة التي أشاح الأتراك عنها سلاحهم في بادئ الأمر, وسرعان ما دخلوها بانهيار قوة الدفاع المركزية للفصائل المسلحة.

بالطبع، دعونا نتذكر أن اردوغان كان ضيفًا على بوتين منذ وقت ليس ببعيد, وربما اختلفا بعد اتفاق، لم يصّدق الاتراك يوما مع روسيا في الأمور الجوهرية.

هي لعبة وقت, وسياسة التناقضات الدولية “حقيقة اجاد الاتراك هذه اللعبة”.

في الحياد التركي كان الرهان على الفصائل المسلحة, التي طرق الجيش السوري أبوابها الحصينة في الشمال بقوة, بالرغم من امتلاكها للسلاح والعتاد النوعي.

فمنذ أيام عمل «غرفة العمليات العسكرية موم» التي كانت تترأسها «وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية » جنوب تركيا, فإن معظم الفصائل لديها السلاح في المخازن, بما فيها صواريخ «تاو» الأميركية.

و كل فصيل مسلح لديه ستة أو سبعة صواريخ تاو، في حين إن البعض منه تفوق حصته العشرات من هذا السلاح الفتاك.

إذاً دخل الجيش السوري معركة لا عودة فيها للعسكر إلى الخلف, وفي الواقع طلبت تركيا انسحاب الجيش السوري من المواقع التي دخلها.

الطرح بالنسبة لموسكو ودمشق غير قابل للنقاش, و بالمحصلة يجب أن تدرك تركيا, أن الجيش السوري لايزال يقلل من هول الفاجعة عليها, فهو لم يدخل بكامل قدراته و قوته المتمركزة على التخوم “حتى الآن”.

لقد رأيت هذا بجولة كاملة على خط الجبهة, فقوات الاقتحام تنتشر على كامل مثلث “مورك، كفرزيتا، اللطامنة” وعلى محور أبو الظهور, و ريف حلب الغربي..

الجيش السوري يمتلك قدرة أكبر من ما أظهره لخصومه بالشمال.. “لو أردنا لأشعلنا الجبهات من غرب حلب إلى شرق الساحل”! الكلام لضابط سوري, وقفنا واياه أمام طاولة خشبية “غطتها” خارطة عسكرية تظهر أدق التفاصيل للواقع الميداني بالشمال “إدلب , حماة”.

كان الضابط مدركا لظروف المعركة الميدانية منها والسياسية, في الشمال قبل كل اشتباك للبنادق تشتعل نار السياسة إقليميا و دوليا، “معادلة واضحة”.

الهزيمة بالميدان تنسحب على السياسة, وقد تستبق أحداهما الأخرى، هو أمر صعب على تركيا إقناع المعارضة التسليم بخسارة شمال حماة وجنوب إدلب.

هنا تكمن المشكلة، فلا بد من حماية دار الفصائل الأخير من لهيب النيران العسكرية للجيش السوري.

التراجع عن “الالتزامات” أمام موسكو وهدنة طارئة للعودة إلى تنفيذ اتفاق “سوتشي” كان الحل بالنسبة لأنقرة.. كشف أتصال هاتفي, بين أردوغان و نظيره بوتين الخلاف الناشب حول مجريات الاوضاع في إدلب.

طالب أروغان وقف إطلاق النار في إدلب، و أكد الروس على تحييد الإرهابيين من وقف إطلاق النار, وأن يوقفوا استهداف “قاعدة حميميم” و تحقيق ذلك يجب أن يكون وفق الاتفاقات التي تم التوصل إليها في سوتشي والأمر مسؤولية الجانب التركي.

في المنطق “إدلب, حميميم” اثنان لا يمكن أن يتجاورا أو أن يبقيا معا, إن أراد الروس استقرار حميميم , لابد من تدمير البيئة المنتجة للإرهاب في إدلب, ويستدعي ذلك إعلان الطلاق في زواج المتعة الروسي التركي.

لن يتخلى الأتراك يوما عن نوستالجيا الامبراطورية العثمانية.. نحن اقتنعنا بالفكرة وعلى الروس ايضا الاقتناع بذلك. على وقع تطورات المعركة, أشار قيادي في إحدى الفصائل الارهابية إلى أن الاستخبارات التركية اجتمعت بقادة فصائل وأبلغتهم أن «هذه أرضكم ويجب أن تدافعوا عنها وأن تركيا ستقدم كل شيء مطلوب لذلك».

وأضاف انها قدمت «السلاح والمعلومات الاستخباراتية والخرائط وضغط لتمرير مقاتلين من درع الفرات إلى شمال حماة ».

ولأجل ذلك، استقدمت الفصائل الإرهابية, نخبة عناصر قوة الاقتحام.

فقد سارعت “هيئة تحرير الشام” باستدعاء “العصائب الحمراء”, و “الجبهة الوطنية للتحرير” من مناطق “درع الفرات” ، و غالبيتهم من المناطق التي هزمهم فيها الجيش السوري سابقا.

و ترأس القوة المهاجمة ما يطلقون عليهم ” الجهاديين المهاجرين”.. بدأت بموجات الهجوم على المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري مؤخرا مع ظهور أكبر لسلاح التاو الصاروخي بعد شحنة صواريخ أخرى وصلتهم من تركيا , وجمعت لذلك قادة الفصائل باجتماع واحد بما فيهم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني و«حركة أحرار الشام» جابر علي باشا، و«جيش العزة» جميل الصالح و«صقور الشام» أبو عيسى الشيخ، ما يعني «تحالف بين الفصائل المعتدلة والإسلامية والمتطرفة» .

تحالف جديد لقادة تناحروا في الأمس على النفوذ والسلطة, و اتحدوا اليوم بأمر تركي.

أظهرت الصورة الملتقطة لاجتماع قادة الفصائل , الإرهابي علي باشا قائد “حركة احرار الشام” يجاور يمين متزعم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني.

الرجل ذاته أنتزع من الحركة مناطق واسعة وقتل ما يقارب الـ 200 من عناصرها مطلع العام الحالي.. ليس الباشا الخصم الوحيد من جلس مكرها أمام قاتل عناصره.

أبو عيسى الشيخ قائد “صقور الشام” إلى جوار غريمه الجولاني.

الشيخ ايضا كان ضمن اهداف التوسع لهيئة تحرير الشام, والآن الجميع يعمل تحت امرة الجولاني.

ما تم تظهيره علانية, “اجتماع سياسي” لتوحيد البيئة الشعبية بالشمال, وتوحيد الخطر.

بالكواليس كانت الاستخبارات التركية تدير اجتماعا آخر مع قادة المجموعات العسكرية للفصائل.. لتركيا قدرة على جمع التناقضات بالحرب , ولكنها فشلت بفتح الطرقات الدولية وفق اتفاق سوتشي بالسلم ولو فعلت ذلك وألزمت قادة الفصائل بتنفيذ اتفاق «خفض التصعيد» وإقامة منطقة منزوعة السلاح وحل التنظيمات المتطرفة وفتح الطريقين السريعين بين اللاذقية وحلب وبين حماة وحلب (إم 4 وإم 5).

أعتقد ما كانت المعركة قائمة الآن , أو لكانت مؤجلة ربما..

بعد منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء /9/ من أيار ومع اشتداد حدة المعارك بريف حماة, دخل عبر معبر “كفرلوسين” الحدودي, رتل عسكري يضم نحو /52/ آلية عسكرية متجها نحو نقاط المراقبة التركية في تل الطوقان والصرمان بريف إدلب الجنوب على الحدود الادارية لمحافظة حماة.

و جاء ذلك بالتزامن مع تحليق طائرة حربية تركية فوق المنطقة ’ و بعد ذلك بأيام دخل رتل آخر يضم /50/ ألية باتجاه مورك.

هل حقا ما يفعله الاتراك إجراء روتيني لتعزيز نقاط المراقبة ؟ هل الأرتال العسكرية غطاء تركي يخفي نقل السلاح والعتاد المتطور منه إلى خطوط المواجهة ؟ يجب على روسيا الحاضرة بطائراتها في الأجواء أن تعلم.

الآن سعر الصاروخ الحراري “التاو” المضاد للدروع يبلغ 30 الف دولار, وهو من انتاج شركة “ريثيون” الأميركية, فاتورة ضخمة, لابد أن هناك من يدفع ؟.

لن يكون الجابي الأمريكي< و لن يكون المال تركيا , فهو ينهار اقتصاديا.

ربما نعود إلى اسم “قطر” مجددا . في اعقاب ذلك< بدأت موجات الهجوم اليومية للفصائل الإرهابية, على مواقع الجيش السوري بإدارة تركية, في كفرنبودة وقرى سهل الغاب.

بقيت احداثيات التقدم الأخير للجيش السوري تراوح مكانها في الجغرافية, بعد أن استعاد ما دخلت إليه الفصائل بالمفخخات والانتحاريين الآسيويين.

الثبات بالنسبة للجيش السوري هنا, هو ضمن الأهداف والأولويات تأهبا لوثبة تقدم جديدة, و لاستنزاف تكتيكي للكتلة البشرية المسلحة.

انتقلت الفصائل لمهاجمة قرى “جبين , تل ملح” , للتأثير على الطرق الحيوية بين ” محردة , سقيلبية”.

بالتالي الضغط على خاصرة خلفية لمحور هجوم الجيش السوري. على المدى البعيد.. ربما الهجمات المسلحة هي لصالح الجيش السوري.

فأمام هذه الكتلة البشرية الكبيرة من العناصر المسلحة< لا بد من مواجهة حتمية.

قد تكون مؤجلة, إذا ما استخدمتها الفصائل الآن, وسيصطدم الجيش السوري بتكتلها عند كل تقدم يحزره.

خاصة أن قادة شيوخ الإفتاء للفصائل يجندون عناصر لقتال الجيش السوري أمام كل بلدة وقرية يقرر دخولها.

بالنسبة لتنظيم “جبهة النصرة” شكل لهذه الغاية ما أسماه “سرايا المقاومة الشعبية”، من أجل تجنيد المدنيين في المعارك المتوقعة ضد الجيش السوري بدعم مباشر من حركة الاخوان المدعومة من قبل تركيا.

لذلك لابد من إفراغ هذه الطاقة البشرية من عناصر النخبة القتالية على خط المواجهة الأول , وخاصة في كمائن قتل تعيد سيناريو “كفرنبودة”.

اضافة لدفع الفصائل لاستخدام كامل مخزونها المسلح في خط مواجهة واحد يسهل على الجيش السوري فيما بعد الانتقال الدراماتيكي في المساحات المكشوفة دون حماية دفاعية تذكر , وبأثر نفسي أصاب معنويات خصومه .
//يتبع //

جعفر يونس – صحفي ومراسل سوري

الوسط