السبت , أبريل 20 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

الحرب تنتصر لنساء سورية..مهن جديدة قاهرة للرجال ومواقع مسؤولية متقدّمة

الحرب تنتصر لنساء سورية..مهن جديدة قاهرة للرجال ومواقع مسؤولية متقدّمة

شام تايمز

سيكون للنساء السوريات على الأرجح في السنوات التي ستلي سنوات الحرب، دوراً بالغاً ومؤثراً أكبر مما هو الآن بكثير في جوانب عديدة من الحياة، ولاسيما على صعيد العمل، وتولّي المناصب القيادية والحساسة، والانخراط أكثر في مجالات العمل المختلفة، إذ قد نرى نساء كثيرات يمارسن أعمالاً كانت حكراً على الرجال وحدهم.

شام تايمز

فنواعم سورية باتت على أعتاب حياة عملية غير معتادةٍ ولا مألوفة، ستساهم في خلقها ظروفُ الحرب وارتداداتها على المجتمع، لسببين أساسيين:

الأول : تناقص الرجال

ليس غائبا عن ذهن أحد كيف عصفت هذه الحرب الظالمة على سورية بأبنائها، وأحدثت نقصاً كبيراً برجالها، وعلى الرغم من أننا لا نمتلك الآن إحصائيات دقيقة لهذا النقص، فمن الواضح أن عشرات آلاف الشهداء التي تنتشر صورهم على أطراف طرق البلاد، تشي بهذا النقص، وتعطي صورة تقريبية أو أوليّة عن حجم الفجوة الكبيرة التي سنواجهها بهذا المنحى بعد أن تضع الحرب أوزارها.

وبالمقابل هناك عشرات آلاف القتلى من الطرف الآخر الذين غُرر بهم ووقفوا ضد بلادهم تنفيذاً لأجندات خارجية، أرادت النيل من وطنهم، ولم يعوا حجم الكارثة التي زجّوا أنفسهم بها.
وهناك أيضاً مئات آلاف المهجّرين الذين تركوا البلاد، وقصدوا دولاً عربية وأجنبية.

هذا كله شكّل نقصاً حادّاً بالعنصر الذكري في سورية فعلاً، وأحدث خللاً ديموغرافياً أدى إلى زيادة عدد النساء، وها نحن نقترب شيئاً فشيئاً من تلمّس آثاره على الأرض.

الثاني : انخفاض مستوى المعيشة

كلنا يشهد أيضاً كيف دفعت سنوات الحرب المتلاحقة بمعيشة السوريين إلى منحدراتٍ صعبة ومستويات قاسية، وبغض النظر عن تفاصيل الأسباب، سواء كانت ناجمة عن تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي، أم عن انخفاض سعر صرف الليرة إلى أكثر / 12 / ضعفاً عما كانت عليه في بداية الحرب، فإنّ هذا كله أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكلٍ جنوني، ترافق مع جمودٍ بالدخل، ولاسيما دخل العاملين في الدولة والذين يعيلون أصلاً أكثر من نصف المجتمع السوري.

الأمر الواقع

هذان السببان المجتمعان سيؤديان بالنهاية إلى اتجاه النساء في سورية فعلاً إلى سوق العمل بشكل أكبر، فالسبب الأول سيؤدي إلى إحداث نقص كبير في قوة العمل، وشواغر كثيرة لامجال بملئها إلا بالاستعانة بقدرات النساء.

أما السبب الثاني فلا بد وأن يدفع بالنساء للاتجاه نحو مزيد من الأعمال، لأن اقتصار دخل الأسرة على مصدر وارداتٍ واحد لم يعد كافياً في ضوء هذا الانخفاض الذريع لمستوى المعيشة، وعدم تناسب الأجور مع النفقات والاحتياجات، فلا بدّ من مصدر آخر، وهكذا تضيق الخيارات أمام النساء، ولا بدّ لهنّ من التوسع أكثر بالاتجاه نحو العمل المأجور.

ملامح دراسات ورصد رسمي

في تقريرها الوطني الأول للتنمية المستدامة، ألمحت الحكومة السورية إلى مثل هذا الواقع القادم دون الخوض في تفاصيله، فقد أشارت في ذلك التقرير إلى انخفاض معدل النشاط الاقتصادي الخام للذكور ( وهو النسبة المئوية لذوي النشاط الاقتصادي ” قوة العمل ” في سنة معينة من مجموع عدد السكان في نفس السنة ) بنسبة صغيرة من 44.6 % عام 2010 ليصل إلى %43.8 عام 2014 ، وارتفع للإناث من 8.3 % لعام 2010 ليصل إلى 12.1 % عام 2014 ، وذلك نتيجة ازدياد مشاركة المرأة في سوق العمل.

اقرأ أيضا: رغم التهديدات الأمريكية.. مشاركة إماراتية نشطة في معرض دمشق الدولي

كما انخفض حجم قوة العمل من 5 ملايين و 530 ألف عامل عام 2010 إلى 5 ملايين و 58 ألف عامل عام 2015 . ويلاحظ ارتفاع نسبة الإناث من مجموع قوة العمل من 17 % عام 2011 إلى 36 % عام 2015 . وسبب الارتفاع في مشاركة النساء في قوة العمل – حسب التقرير الوطني للتنمية – هو ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض القدرة الشرائية للدخل، ويعدّ ذلك من التداعيات السلبية للحرب الإرهابية التي شنّت على سورية.
وانخفض عدد العمال – حسب التقرير أيضاً – من 5 ملايين و 54 ألف عامل عام 2010 إلى 3 مليون و 611 ألف عامل عام 2015 ، وخاصة بين العمال الذكور، وذلك نتيجة للهجرة والضرر الكبير الذي لحق بالقطاعين الزراعي والصناعي.

وماذا بعد ..؟

المسألة لم تعد مجرّد تخمينات، فالأرقام الرسمية الحكومية الأوليّة تدعم ما ذهبنا إليه، ولهذا على نواعم سورية أن يتهيّأنَ فعلاً خلال السنوات القادمة، إلى الخوض في مجالات عديدة من العمل والمسؤوليات الجديدة، وهذا الواقع هو في الحقيقة فرصة كبيرة أمام السيدات، عليها أن تغتنمها قبل فوات الأوان، من أجل تعزيز مكانتها في المجتمع، فقد أثبتت الوقائع أن القوانين السورية التي ساوت بين المرأة والرجل في بعض الجوانب – كالعمل مثلاً – لم تستطع أن تفكّ القيود والأعراف الاجتماعية الكثيرة القاسية عن المرأة، والتي ما تزال تفرضُ حصاراً مهيناً عليها، وتكبّلها بقيود وأغلال تمنعها من ممارسة الكثير من قدراتها وإمكاناتها وإبداعاتها.

فهل ستعمد المرأة السورية إلى اقتناص هذه الفرصة ..؟ وهل ستكون قادرة على اغتنام هذه المتغيّرات – على الرغم من آلامها – لتطوّعها من أجل تحقيق مكاسبها الضائعة ..؟!

إن حصل ذلك فنحن على أعتاب مجتمعٍ رائع في بنيانه، ومكتمل النصاب من خلال تفعيل مكوّناته وثروته البشرية بالكامل، ولنخلع بعدها تلك الأثواب البالية التي ما تزال إلى اليوم تجعل من المرأة – اجتماعياً – كائناً من الدرجة العاشرة، ومكبلاً غير قادر على المساهمة بالارتقاء بهذا المجتمع بشكلٍ أفضل، فأغلب نسائنا ما تزال تقضي أكثر ساعات يومها في المطابخ، وقد آن لها الخروج.

سيريا ستيبس

شام تايمز
شام تايمز