الجمعة , مارس 29 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

الأسد يحاصر القوات الأجنبية في سوريا

الأسد يحاصر القوات الأجنبية في سوريا
هل سلّمت واشنطن سوريا بشكل كامل لخصومها؟ كل الأدلة الميدانية والسياسية والتطورات الدراماتيكية في الأيام الأخيرة توحي بذلك. لم يكن الدخول التركي إلى سوريا والذي بدأ قبل نحو أسبوع، يهدف حصراً إلى إبعاد الخطر الكردي عن الحدود، وإعادة النازحين، بل كان سعي أنقرة الأساسي لتوسيع نطاق سيطرتها داخل سوريا، لتحسين ظروفها التفاوضية خلال أي تسوية مقبلة، خصوصاً أن ورقة إدلب باتت محروقة ولا تستطيع أن تعتبرها ضمن نفوذها.
تطرح الجدية التي تتعاطى فيها واشنطن في عقوباتها الإقتصادية على تركيا الكثير من الأسئلة عن سبب إنسحاب القوات الأميركية من المناطق التركية، علماً أن بقاءها، على قلتها، كان يكفي لمنع أي هجوم برّي تركي على سوريا، ولم يكن هناك داع حينها لأي عقوبات وإشكالات ديبلوماسية بين الحليفين في حلف شمال الأطلسي.
الواضح أن قرار واشنطن الإنسحاب من سوريا كان سابقاً للهجوم التركي، الذي قد لا يكون إلا عاملا مسرّعا له، إذ إن القوات الأميركية كان يجب أن تنسحب قبل نحو سنة لكن الضغط الكبير الذي تعرض له ترامب معَللاً بأن هكذا إنسحاب مفاجئ قد يؤدي إلى إنهيار كامل في الجبهة الحليفة لواشنطن، أجّله إلى اليوم.
ولكي يكون البحث أكثر منطقياً، قد تكون أنقرة وجدت أن دخولها إلى سوريا بات ملحاً بسبب علمها بالإنسحاب الأميركي، وذلك بهدف ملء الفراغ الذي سيترجمه إنسحاب الجيش الأميركي من مناطق شاسعة في سوريا (ثلث الأراضي السورية).
ما حصل في سوريا خلال أسبوع كان عبارة عن فوضى تسبب به الإنسحاب الأميركي، سقط بعده وبسرعة كل الحديث عن التنسيق الأميركي – التركي، ولاحقاً سقطت نظرية التنسيق التركي – الروسي، إذ إن موسكو ساهمت بشكل حثيث بعقد الإتفاق بين “قوات سوريا الديمقراطية” والجيش السوري، الذي دخل ووصل إلى الحدود التركية، في محافظات حلب، الرقة والحسكة، ليكون هو الوارث الحقيقي للقوات الأميركية.
الإنسحاب الأميركي الذي قيل في بعض الأوساط الديبلوماسية أنه سيسلم سوريا بالكامل لروسيا وإيران، أحدث الفوضى الميدانية وأدى إلى النتيجة ذاتها: تسليم سوريا لروسيا وإيران.
في المشهد الميداني، لم تعد المعارضة السورية تسيطر على أي بقعة في سوريا، بإستثناء جزء من محافظة إدلب التي يجمع المعنيين الدوليين أنها تضم تنظيمات مصنفة إرهابية وتالياً فإن أي قرار روسي – سوري – إيراني بالسيطرة عليها في لحظة سياسية مناسبة لن يواجهه أي عائق دولي، في المقابل دخل الجيش السوري وإستلم السلطة بشكل شبه كامل في غالبية المدن والقرى والمعابر التي كانت تسيطر عليها القوات التركية على تنوعها، وهو يكمل هذه السيطرة خلال الساعات والأيام المقبلة.
كل ما تبقى خارج السيطرة السورية هي مناطق دخلت إليها قوات نظامية غير سورية، مثل الجيش الأميركي الذي قرر الحفاظ على عدد قليل جداً من جنوده في التنف، ومنطقة عفرين التي دخلها الجيش التركي، إضافة إلى منطقة ممتدة من تل أبيض حتى رأس العين التي لا تزال حتى اليوم منطقة عمليات وكرّ وفر بين الأكراد والجيش التركي الذي لم يحكم سيطرته عليها بعد.
المنطقة الأولى، أي التنف، هي منطقة صحراوية محاصرة عملياً بالقوات السورية من كل جانب، ومن الحشد الشعبي من الجهة العراقية، ولا يعني حصارها أنها منطقة ساقطة عسكرياً أو أنها منطقة إشتباك، لكنها فقدت غايتها، وأهميتها، وباتت مجرد قاعدة عسكرية لا لزوم لها خصوصاً بعد إفتتاح معبر البوكمال – القائم وتحقيق التواصل الجغرافي الرسمي بين سوريا والعراق.
المنطقة الثانية، تؤمن لتركيا نفوذا في شمال حلب، لكنها تضعها بشكل حقيقي أمام ضغط كبير في حال حصول معركة في إدلب، فهي غير قادرة على دعم المسلحين لأسباب دولية، وغير قادرة أيضاً على منع نزوح عشرات آلاف العائلات من إدلب إلى المنطقة التي تسيطر عليها في عفرين، ما يعني زيادة الضغوط على أنقرة وهذا ما تحاول تجنبه والتخفيف منه. الأهم، أن عفرين ومحيطها باتا محاصرين من الجهة الشرقية حيث دخل الجيش السوري إلى منطقة منبج ووصل إلى الحدود التركية منهياً أي إمكانية للتمدد التركي في هذا الإتجاه.
المنطقة الثالثة، التي شملها الهجوم التركي الأخير، من تل أبيض إلى رأس العين، وهي منطقة ستشكل عامل إستنزاف كبير ما لم تأخذ تركيا قراراً بالإنسحاب السريع من سوريا، إذ إن الجيش السوري وضع حدوداً جغرافية ضيقة جداً للهجوم التركي، الأمر الذي يفقده القدرة على تشتيت القوات الكردية المدافعة، ويفقده أيضاً قدرته على سحقها، إذ باتت “قوات سوريا الديمقراطية” تتمتع بعمق إستراتيجي محمي نظراً لوجود القوات السوريا وتالياً يمكنها إدارة عملياتها وإمدادها بالعتاد والعديد منها.
في المحصلة، إستعمل الجيش السوري إستراتيجية البؤر التي طالم نجحت في مواجهة المعارضة وتنظيمي “النصرة” و”داعش”، مع القوات الأجنبية، الفرق أن إستخدام هذا الأسلوب مع المعارضة كان طريقا للحسم العسكري. أما مع القوات الأجنبية فكان لعب في التوازنات لإنهاء أو لتعطيل فاعلية أو أهمية أو وظيفة القوات الأجنبية هنا وهناك، ما أدى وسيؤدي إلى إنسحابها، وتالياً ترك الساحة السورية بشكل شبه كامل إلى النفوذين الروسي والإيراني.
وكالات
إقرأ أيضا: عبد الباري عطوان: بوتين يقلب الطاولة في سوريا

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز