السبت , أبريل 20 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

عبد الباري عطوان: طبول الحرب تقرع!

عبد الباري عطوان: طبول الحرب تقرع!

شام تايمز

عبد الباري عطوان
انهارت الجولة الثالثة من المفاوضات التي جرت في موسكو بين وفدين امنيين وعسكريين تركي وروسي حول الوضع المتأزم في ادلب، والسبب تمسك الجانب الروسي بكل شروطه في القضاء على الجماعات المسلحة المصنفة على قائمة الإرهاب، وعودة المدينة وريفها بالكامل الى السيادة السورية تطبيقا لاتفاق سوتشي، ورفض الطلب التركي بإنسحاب القوات السورية الى مواقعها السابقة قبل استعادة اكثر من 600 كيلومتر مربع من ريف ادلب وعدة مدن وطرق استراتيجية.
هذا الانهيار يعني ان الجيش العربي السوري سيواصل تقدمه في ريف المدينة واستعادة ما تبقى من قرى وبلدات ما زالت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، تمهيدا لاقتحامها بغطاء جوي روسي، الامر الذي سيضع تركيا امام خيارين لا ثالث لهما، الأول القبول بالامر الواقع تجنبا لمواجهة عسكرية مع الروس والجيش السوري وحلفائه، او استمرار عمليات التحشيد للقوات، والدخول في صدام مع الجيش السوري في محاولة لإخراجه من جميع المدن والقرى التي استعادها بما في ذلك “طريق M5” الدولي السريع الذي يربط حلب بالعاصمة دمشق.
***
الدكتور إبراهيم قالن، المتحدث الرسمي ومستشار الرئيس رجب طيب اردوغان السياسي، اعترف في مؤتمر صحافي عقده في انقره بفشل المفاوضات في موسكو حول ادلب، وكشف ان وفد بلاده لم يقبل بالخريطة ولا الورقة المقدمين له من الجانب الروسي وأوضح “ان تغيير مواقع نقاط المراقبة العسكرية التركية في ادلب امر غير وارد، وان بلاده ستواصل ارسال التعزيزات والتحصينات العسكرية الى المنطقة بهدف حماية ادلب والمدنيين فيها”، وشدد على ان الجيش التركي “سيرد باشد الطرق في حال تعرض عناصره في ادلب لاي هجوم”.
البيان الروسي في المقابل اكد على نقطة ربما تكون هي التي أدت الى انهيار المفاوضات وعودة الوفد التركي الى انقرة “خاوي الوفاض” ننقل هنا حرفيا “ان تحقيق الامن والاستقرار على المدى الطويل في ادلب وأجزاء أخرى من سورية امر ممكن فقط على أساس الالتزام بسيادة البلاد (سورية) واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها”.
هذه النقطة مهمة لأنها تؤكد على سيادة الدولة السورية في ادلب وريفها مما يعني الرفض الحازم للطلب الرئيسي للوفد التركي بإنسحاب الجيش العربي السوري من خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب، وكل المدن والبلدات الأخرى في ريف ادلب، بما في ذلك عودة سيطرة الجماعات المسلحة، وهيئة تحرير الشام على وجه التحديد، على الطريقين السريعين الأول “ام 4” الذي يربط حلب باللاذقية، والثاني “أم 5” الذي يربط الأخيرة بدمشق وعمان، وربما لهذا السبب تقدم الجانب الروسي الى نظيره التركي خريطة بمواقع مراقبة تركية عسكرية جديدة وكبديل للنقاط التركية الـ 12 المحاصرة من الجيش السوري.
الرئيس اردوغان اعطى مهلة حتى نهاية هذا الشهر شباط (فبراير) لانسحاب الجيش السوري، والا سيفرض هذا الانسحاب بالقوة، وارسل اكثر من 80 دبابة و150 عربة مدرعة، وعشرة آلاف جندي الى ادلب لتنفيذ تهديداته هذه، ولكنه نادرا ما ينفذها، لأنه يعلم جيدا انه لن يواجه الجيش السوري فقط وانما حلفاءه الروس الذين يسيطرون على الأجواء في المنطقة، ولهم قوات على الأرض أيضا، الا اذا تلقى دعما عسكريا مفتوحا من الولايات المتحدة وحلف “الناتو”، وهذا امر مستبعد في رأي الكثير من المراقبين.
القيادة العسكرية الروسية لن تسمح بأي هجوم تركي يغير الوقائع الأخيرة على الأرض، ومهما كانت الاعذار، والحكومة السورية فتحت ممرات إنسانية آمنة للنازحين من ادلب لسحب هذه الورقة من الجانب التركي كليا او جزئيا، وكل المؤشرات تؤكد ان احتمالات المواجهة اكبر بكثير من احتمالات التهدئة.
مولود جاويش اوغلو، وزير الخارجية التركي، اعلن في مؤتمر صحافي اليوم ان الرئيسين بوتين واردوغان قد يلتقيان اذا لم تسفر محادثات موسكو حول ادلب عن اية نتيجة، ولكن الرئيس بوتين غير راغب فيما يبدو بهذا اللقاء حتى الآن، ورفض العديد من الطلبات التركية في هذا الصدد، لانه فقد ثقته بالتزام الرئيس التركي بأي اتفاقات يتم التوصل اليها مثلما حدث مع قرارات قمة سوتشي في ايلول (سبتمبر) عام 2018.
***
ما اغضب الرئيس بوتين اكثر زيارة “المناكفة” التي قام بها الرئيس اردوغان الى أوكرانيا، وهتافه بأعلى صوته “المجد لاوكرانيا”، ودعمه لعودة شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا للسيادة الأوكرانية، ولسان حاله، أي بوتين، يردد المثل الذي يقول “ما هكذا تورد الابل يا سيد اردوغان”، وليس هذه هي الطريقة المثلى للتعامل بين الحلفاء”.
الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في المشهد السوري، ومدينة ادلب على وجه الخصوص، واي خطوة متهورة من الجانب التركي قد تشعل فتيل مواجهة إقليمية، وربما دولية، خاصة بعد دخول الولايات المتحدة على خط الازمة للاصطياد في الماء العكر وتوريط تركيا اردوغان في مصيدة حرب ادلب الاستنزافية، واستنجاد الرئيس اردوغان بحلف الناتو الذي اكتشف عضوية بلاده فيه فجأة.
مرة أخرى نقول انها جولة جديدة من عض الاصابع بين بوتين وحليفه “السابق” اردوغان، ولا نعتقد ان الرئيس الروسي سيصرخ أولا.. والله اعلم.

شام تايمز

رأي اليوم

إقرأ أيضا: سامي كليب: الخسارة التركية الكبرى في سورية!

شام تايمز
شام تايمز