الجمعة , أبريل 19 2024

كيف تواجه قناة السويس لجوء بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح؟

كيف تواجه قناة السويس لجوء بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح؟

شام تايمز

تراجعت أسعار النفط في الفترة الأخيرة، إضافة إلى تراجع حركة التجارة العالمية، بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا حول العالم، وهو ما دعا بعض سفن الشحن إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، بدلا من استخدام قناة السويس، للحد من التكلفة المادية، رغم طول الوقت المستغرق في الرحلة.

شام تايمز

وقللت هيئة قناة السويس في مصر – التي تعد الممر المائي الأبرز في العالم – من أهمية تغيير تحالفين ملاحيين خطوط سير بعض سفنهما، بعد الانخفاض الحاد في أسعار النفط عالميا، وسط مخاوف البعض من تأثيرات ذلك على عوائد القناة مستقبلا.

وتقول هيئة القناة، التي يمر عبرها نحو 10 بالمئة من حركة التجارة العالمية، إن تغيير خطوط سير بعض السفن مطلع الشهر الجاري جاء بالتنسيق بين التحالفين وإدارة القناة، التي تتواصل مع الشركات الملاحية بشكل دائم، “للوقوف على طلباتها ودراستها والاستجابة لبعضها”.

ويقول جورج صفوت، المتحدث الرسمي باسم هيئة قناة السويس، إن ثلاث سفن فقط تابعة لخط CMA-CGM وتحالف 2M الملاحي عبروا طريق رأس الرجاء الصالح، في شهر أبريل/ نيسان الماضي، ومايو/آيار الجاري، موضحا: “ذلك الأمر حدث بالتنسيق مع هيئة قناة السويس، وهناك سفن أخرى تابعة للخطين الملاحيين المذكورين عبروا القناة، خلال الأسابيع الماضية”.

وأوضحت هيئة قناة السويس أنها قررت مؤخرا تطبيق تخفيضات مباشرة لبعض الخطوط الملاحية، بعد متابعة تراجع أسعار النفط وإغلاق العمل ببعض الموانئ، وتراجع أهمية عامل الوقت المستغرق في النقل.

وتوفر قناة السويس، وهي ممر مائي اصطناعي بطول 193 كيلومترا يربط البحر الأحمر بالمتوسط، ما يتراوح بين خمسة إلى 15 يوما في المتوسط، من وقت الرحلة عبر الطرق الأخرى.

أما طريق “رأس الرجاء الصالح” فهو طريق بحري، يربط بين آسيا وأفريقيا عبر الدوران حول أفريقيا، وكانت تمر به السفن التجارية المتوجهة من وإلى آسيا، قبل حفر ممر قناة السويس.

ويضيف صفوت، لبي بي سي، أن ما قام به التحالفان الملاحيان يرجع إلى تأثر الاقتصاد العالمي بتداعيات وباء كورونا، وانخفاض سعر برميل البترول، “ما جعل تكلفة الرحلة عبر الطرق الأطول أقل كثيرا، من تكلفة مرورها عبر قناة السويس، فأصبحت شركات النقل على استعداد لتحمل الزيادة في ثمن الوقود المستهلك في الرحلة، مقابل التأخر في مواعيد التسليم”.

ووفقا لدراسة جديدة أجرتها شركة “ألفالاينر”، وهي شركة متخصصة في الملاحة البحرية وعبور السفن، “فقد ارتفع عدد الحاويات، التي اختارت استخدام طريق رأس الرجاء الصالح وتجاوز قناة السويس، إلى أعلى مستوى تاريخي في وقت السلم، بما في ذلك 20 رحلة على الأقل من وإلى آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية”.

ويقول تحالف CMA-CGM الملاحي إن طريق رأس الرجاء الصالح، رغم أنه أطول بنحو ثلاثة آلاف ميل بحري وتزيد تكلفة بعض الرحلات به إلى ما يصل إلى 200 ألف دولار، إلا أن رسوم عبور قناة السويس لا تزال تتراوح ما بين 400 ألف إلى 500 ألف دولار.

ويضيف التحالف أن أمورا مثل تراجع أسعار النفط، الذي تستهلكه السفن، وغلق بعض الموانئ وتراجع الطلب الأوروبي، جعلت الوقت ليس عاملا رئيسيا لحسم اختيار الطريق البحري، بل النظر إلى التكلفة.

فأصبحت المعادلة هي تكلفة المرور في مقابل تكلفة الوقود المستخدم في الرحلة.

ويتحكم التحالفان الملاحيان CMA-CGM و 2M في أكثر من ربع حركة التجارة الدولية، بحسب تقارير عدة. وتختلف رسوم قناة السويس وفقًا لحجم السفينة ومسارها، وعدد الحاويات المنقولة ونسبة الصناديق المحملة.
هل تخفيض رسوم العبور هو الحل؟

وكانت هيئة قناة السويس قد أعلنت مطلع مايو/ أيار الجاري، عن تخفيضات وصلت إلى 17 في المئة للسفن المشاركة في التجارة الأوروبية.

ويقول جورج صفوت، المتحدث باسم الهيئة: “هناك تواصل دائم مع إدارات الخطوط الملاحية وخاصة CMA -CGM و 2M”، مضيفا أن “تعديل نسبة التخفيضات جاء استجابة لطلبات الخطوط الملاحية الخاصة بالوفر الممكن تقديمه من حيث مقارنة تكاليف الإبحار في ممرات أخرى”.

لكن بعض خبراء الملاحة يرون أن هذه الإجراءات من شأنها التأثير بالسلب، على إيرادات قناة السويس مستقبلا.

ويقول حمدي برغوث، خبير النقل البحري : “التخفيضات المباشرة من شأنها خفض إيرادات قناة السويس، ويصعب تغييرها في المستقبل، لأن ذلك يعتبر تخفيضا لتكلفة العبور في القناة على المدى الطويل”.

واقترح برغوث، وهو عضو سابق في هيئة موانئ البحر الأحمر، في اتصال مع بي بي سي، منح الخطوط الملاحية بعض الإجراءات التحفيزية، مثل نسب مجانية من حمولة السفن.

وأوضح برغوث أن قناة السويس قد تفقد نحو 15 في المئة من إجمالي إيراداتها، وهو الأمر الذي يصفه بـ “الكارثة”، مطالبا الحكومة المصرية بأن تركز على إيرادات قناة السويس، بخلاف رسوم العبور، حتى تتمكن من التعامل مع انكماش حركة الملاحة في القناة.

غير أن هيئة قناة السويس تقلل من تأثيرات تداعيات كورونا، وانخفاض سعر النفط..

ويوضح المتحدث باسم الهيئة أن الأمر لن يكون له تأثير ملحوظ على إيرادات القناة، مشيرا إلى أن إدارة القناة قد استطاعت توقع ما يحدث منذ بدء أزمة كورونا، وتحاول منذ أسابيع اجتذاب عملاء جدد للقناة.

وقال صفوت لبي بي سي: ” التعديل الأخير للحوافز تضمن تخفيضات، وصلت إلى 75 في المئة، لسفن الحاويات القادمة من الساحل الشرقي الأمريكي إلى آسيا، وهي خطوط ملاحية لا تستخدم القناة في المعتاد، ولكننا نحاول جذبها في محاولة لزيادة إيرادات القناة”.

وليست هذه المرة الأولى، التي تواجه قناة السويس أزمة كهذه، ففي مطلع عام 2016، قالت تقارير صحفية إن الأسعار المنخفضة للنفط، في ذلك الوقت، قد جعلت عشرات من سفن البضائع تتجنب دفع التعريفات المكلفة لقناة السويس، وهو ما دفع إدارة القناة لاتخاذ قرارات بتخفيضات كبيرة آنذاك.

وتعتبر قناة السويس ثالث أكبر مصادر النقد الأجنبي لمصر، بعد تحويلات المصريين في الخارج والسياحة، على الترتيب، وبلغت إيراداتها 5.9 مليار دولار في العام المالي الماضي.
استجواب برلماني

وتعليقا على التقارير الصحفية، بشأن استخدام خطوط ملاحية لرأس الرجاء الصالح بديلا عن قناة السويس، تقدم محمد فؤاد، عضو مجلس النواب المصري، بطلب إحاطة إلى المجلس عن مدى تأثير ذلك.

وقال فؤاد إن هذه الخطوة سيكون لها بالغ الأثر، على حجم إيرادات قناة السويس، الذي يؤثر بالتبعية على الدخل القومي وميزانية الدولة.

كانت هيئة قناة السويس قد أعلنت، في أوائل الشهر الجاري، عن ارتفاع إيرادات قناة السويس خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2020، لتسجل 1.907 مليار دولار في مقابل 1.869 مليار دولار، خلال نفس الفترة من عام 2019، بنمو قدره اثنين في المئة.

أحمد عمر القاهرة

شام تايمز
شام تايمز