الثلاثاء , أبريل 23 2024

تعديلات استراتيجية لمحور المقاومة تربك اسرائيل

تعديلات استراتيجية لمحور المقاومة تربك اسرائيل
حنا أيوب
بين بناء اسرائيل للجدار الفاصل على طول الخط الازرق بين لبنان وفلسطين المحتلة، وتصريح وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان بأن البلوك رقم 9 يقع ضمن السيادة الاسرائيلية وبالتالي لا حقوق اقتصادية للبنان فيه، ارتفعت حدة التوتر سياسياً واستراتيجياً على الحدود مع فلسطين المحتلة، وبات كلام الديبلوماسيين والمسؤولين الاجانب لا يخلو من تحذير الاطراف المتخاصمة والمتصارعة في الشرق الاوسط من الانجرار الى حرب شاملة بين اسرائيل وحزب الله وحلفائه. وكان آخر تحذير ما اعلنه السناتور الاميركي ليندسي غراهام في 27 شباط الماضي اي ما يقارب الاسبوع، من أن اسرائيل تعد العدة للحرب وان الحرب المقبلة ستنطلق من جنوب لبنان.
في ظل هذا الجو المشحون من التهديدات الاسرائيلية، لم يتوقف محور المقاومة عن ايصال الرسائل الرادعة لأي عدوان اسرائيلي محتمل، وكان احدثها الكمين الذي نصب للـ ف -16 في الاراضي السورية الشهر الفائت والذي ادى الى سقوطها في اراضي فلسطين المحتلة، وبالتحديد الجليل المحتل. الرسلة وصلت الى تل أبيب: المعادلة تغيرت في الشمال على الحدود مع لبنان وسوريا.
رسائل الردع والمعادلات الجديدة
ان الدوائر الاسرائيلية على دراية تامة ان حزب الله الذي واجهها في تموز 2006 والذي كبد الجيش الاسرائيلي خسائر فادحة في الميدان ومنع القوات الاسرائيلية من التوغل في الداخل اللبناني، اصبح اليوم اقوى واكثر تجهيزاً وتدريباً. ان دخول اكثر من ثمانية آلاف مقاتل من حزب الله على خط الحرب السورية على مدى اكثر من 7 سنوات، اكسب المقاومة قدرات قتالية رفيعة المستوى باعتراف الخصم والحليف. فان مشاركة حزب الله في معارك كبرى، بالتنسيق مع الجيشين الروسي والايراني الى جانب الجيش السوري، رفعت بلا شك القدرات العسكرية للحزب والحرفية العالية التي يتمتع بها اصلاً مقاتلوه.
بالتوازي مع اكتساب الحزب خبرات وقدرات عسكية عالية في سوريا، حقق محور المقاومة مكسباً استراتيجياً على اسرائيل وحلفائها في المنطقة عبر الربط البري للمحور وتأمين خط التواصل بين كل من طهران وبغداد ودمشق فبيروت. كما نجح حزب الله، بالتعاون مع ايران والنظام السوري والفصائل العراقية، في توسيع رقعة انتشاره من جنوب لبنان الى الجولان المحتل وكامل الحدود السورية مع فلسطين المحتلة، ما اكسبه تقدماً استراتيجياً على اسرائيل عبر اجبارها على المحاربة في المستقبل على الجبهتين السورية واللبنانية، او ما تسميه اسرائيل جبهة الشمال. كذلك، برزت تطورات اخرى تضع اسرائيل امام وقائع ومستجدات مربكة لها، وهي دخول العنصر العراقي مع كل ما يحتويه من خزان بشري على الخط عبر اعلان اكثر من فصيل عسكري جهوزيته لدخول الحرب معها في اي حرب مستقبلية. هذا ما اكده كل من قيس الخزعلي زعيم تنظيم عصائب اهل الحق واكرم الكعبي امين عام حركة حزب الله النجباء في العراق، من ان اي حرب ستنشب في المستقبل مع اسرائيل سيكون على الاخيرة ان تواجه كل فصائل المقاومة الممتدة من العراق الى سوريا فلبنان.
اضافة الى المستجد العراقي والسوري، اجرى حزب الله وايران نقلة نوعية عبر نقل مصانع الاسلحة والصواريخ من خارج الاراضي اللبنانية الى الداخل اللبناني، ما سيسهل عملية التسليح المستمرة للحزب ويقطع على اسرائيل محاولاتها قطع طرق التموين له وضرب قوافل السلاح الاتية له في سوريا وعلى الحدود مع لبنان.
هذه المعطيات تضع العدو الاسرائيلي امام خيارين متناقضين:
الاول، تردده في دخول الحرب نتيجة عدم قدرته على استباق حزب الله وخشيته من مفاجآت عسكرية يخبئها له في اي صراع مقبل، اذ اثبتت المقاومة في صراعها مع الاسرائيلي انها سباقة دائماً بخطوة الى الامام، وكلما حاول العدو اظهار امساكه بالامور وبساحة المعركة اتته المقاومة بجديد، كما حصل في شباط الفائت عند اسقاط الـ ف -16
الثاني، وهو ان لا يمكن لحكومة العدو ان تتجاهل تعاظم قدرة محور المقاومة حولها. وهذا ما اكده مسؤولون اسرائيليون مراراً عن نيتهم تقليص وضرب الوجود العسكري لمحور المقاومة في الجولان ومصانع الاسلحة في لبنان.
ان تلازم هذين الخيارين في العقل الاسرائيلي، نتيجة استراتيجية ادخال المعادلات الجديدة والرسائل الرادعة التي يتقن محور المقاومة ادارتها يمنع اسرائيل من الدخول قريباً في اي حرب مع لبنان. غير ان كل شيء قابل التغيير في اي لحظة.
الديار

اترك تعليقاً