الثلاثاء , أبريل 23 2024
الرجل الذي اشترى 60 ألف بئر نفطية

قصة الرجل الذي اشترى 60 ألف بئر نفطية بـ250 ألف دولار.. ولماذا يبدو مرتاحاً لانهيار الأسعار؟

قصة الرجل الذي اشترى 60 ألف بئر نفطية بـ250 ألف دولار.. ولماذا يبدو مرتاحاً لانهيار الأسعار؟

في النهاية لم يستطع رستي هاستن جونيور، الفكاك من تلبية نداء مهنة عائلته، ليصبح نموذجاً فريداً ضمن صناعة الغاز والنفط الأمريكية حتى في الأوقات الصعبة.

فقد خاض رستي مسيرة غريبة بدأت بالهروب من مهنة أبيه في صناعة النفط والغاز، ليعود بعدها ليصبح المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الأمريكية Diversified Gas & Oil، التي تمتلك 60 ألف بئر غاز ونفط، حسبما ورد في تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

“لن أدحرج برميل أبي”.. كفاني من هذه الحياة الموحلة

نشأ رستي هاستن وترعرع في منزل يحترفُ أهله العملَ بأنشطة الغاز الطبيعي والنفط في ولاية فيرجينيا الغربية الأمريكية؛ فالجد والأب والحفيد جميعاً كسبوا رزقهم من قطاع الطاقة.

لقد عملوا جميعاً في آبار نفطٍ وعلى خطوط الأنابيب، وعانوا ساعات عملٍ يدوي شاقة، يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام، لإعالة أُسرهم.

وخلال عطلات الصيف، من المدرسة الثانوية وحتّى الكلّية كان رستي يذهب إلى العمل بصحبة أبيه.

ولكن عندما أصبح هذا الحفيد أوّل خريج جامعي بين أفراد عائلة هاستن، في عام 1991، قرر التصرّف في حياته بشكل مختلف تماماً.

يقول: “قررت أن دخول قطاع النفط والغاز هو آخر ما قد أوّد القيام به، فلم أكن أريد المشاركة في هذا القطاع عندما تخرّجت في الجامعة، إنه عمل شاق حقاً”.

لذا، مارَس هوستن العمل المصرفي بنجاح على مدار العقد التالي، مُسلَّحاً بدرجة المحاسبة التي نالها من جامعة فيرمونت في ولاية فيرجينيا الغربية، وانتهى به المطاف في برمنغهام بولاية ألاباما.

لكن مع تقدم السنين بدأ رستي يتذمر من أنه لم يتبع خطى أبيه في الصناعة التي أتقنتها أسرته.

يقول: “كان العيش في ولاية فيرجينيا الغربية شاقاً عليَّ بينما أتقدَّم في العمر، وكان هناك نوعان من الناس؛ إما أنك تعمل في قطاع الفحم، أو قطاع النفط والغاز. إنه أمر تتوارثه الأجيال، فإذا قام أبوك وجدّك بهذا من أجل كسب العيش فإنك بالتبعية تحذو حذوهم”.

“العودة إلى الجذور المتربة”.. 250 ألف دولار تجلب ثروة أسطورية عبر استغلال أوقات الفراغ

“بمُضيّ السنين شعرت بانجذاب إلى هذا العالم، وكانت لديّ أيضاً الرغبة في بناء شيء ما، كنت أرغب في تحقيق شيء ريادي”، هكذا يقول رستي عن الشعور الذي جاءه قبل أن يغير حياته.

لذا في عام 2001، عندما بلغ رستي من العمر 32 عاماً، اشترى بئر غاز قديمة في ولاية فيرجينيا الغربية، نظير 250 ألف دولار تحصّل عليها من خلال رهن منزله.

يقول: “لقد كانت بئراً صغيرة قديمة، وكانت رهناً لعمليات الإنتاج على مدار سنوات، ولكنها كانت بمثابة ثروة طائلة لي. واصلت العمل في البنك خلال السنوات الأربع التالية، لكني كنت أستقلّ طائرة في أي وقت فراغ وأتّجه إلى فيرجينيا الغربية للعمل إلى جانب البئر المِعطاءة التي كانت بحوزتي آنذاك.

كيف حقَّق إيرادات بلغت 550 مليون دولار؟ استغلال الآبار القديمة التي يريد الكبار هجرها

إذا ما انطلقنا سريعاً من تلك المرحلة إلى يومنا هذا نجد شركة رستي -المُشار إليها بـDGO- تمتلك أكثر من 60 ألف حقل غازٍ ونفط في أنحاء فيرجينيا الغربية، وبنسلفانيا، وأوهايو، وكنتاكي، وفيرجينيا، وتينيسي، وهي ولايات تُشكّل منطقة تُدعى أبالاشيا.

وتوظّف شركته 925 عاملاً، وتحقق إيرادات سنوية قدرها 550 مليون دولار أمريكي. وتعتمد 90% من عمليات الشركة على الغاز الطبيعي، فيما تختصّ 10% من العمليات بالنفط.

إن النموذج الذي تجسّده الشركة في عملها مُحدد للغاية، فهي لا تحفر أيّة آبار نفط أو غاز جديدة، بل تشترى الآبار القديمة التي لم يعد المُنتجون الكبار يريدونها، لأن مستويات التدفّق الكبيرة بها قد انخفضت.

يقول: “إنهم لا يريدون تلك الآبار القديمة التي بقي من عمر مُعظمها 50 عاماً في المتوسّط. وعندئذٍ يصير بإمكاننا تولّي الأمر، وتشغيل تلك الآبار بكفاءة عالية للغاية، وجني الأموال”.

وحتى عندما طرح أسهمه في البورصة فعلها بطريقة غير مألوفة

وللمساعدة في جمع الأموال اللازمة للتوسّع المستمر قرّرت الشركة في عام 2017 فتح الأبواب أمام الاكتتاب العام وبيع أسهمها في البورصة.

وفي خطوة غير مألوفة على صعيد الشركات الأمريكية اختار رستي لهذا الغرض سوق الاستثمار البديل التابع لبورصة لندن، والآن ها هو بصدد الانتقال إلى السوق الرئيسي لسوق لندن للأوراق المالية.

يقول محلل قطاع الطاقة، جيمس ماكورميك، من شركة Cenkos Securities، إن استراتيجية شركة DGO المتمثلة في “الاستحواذ على مصادر إنتاج منخفضة التكلفة وطويلة الأمد وتقل مستويات نضوبها من النفط والغاز هو طرح فريد عملياً”.

وأضاف: “في ظل قيادة رستي نمت شركة DGO بسرعة كبيرة منذ طرح أسهمها للاكتتاب العام أوّل مرّة، في فبراير/شباط 2017، وزاد إنتاجها 20 ضعفاً، وزادت مواردها من مصادر إنتاج النفط والغاز 23 ضِعفاً”.

“DGO” صارت حالياً أكبر منتج للغاز في منطقة أبالاشيا، بحسب ما يقول المُحلل المعني بقطاع الطاقة لدى شركة إديسون البحثية، كارلوس غوميز.

وأضاف أن “الشركة تحظى بأصول مُنتِجة طويلة العمر ومنخفضة التكلفة التشغيلية وبإمكانها ضخ نقدٍ مستقر للغاية”.

وتتمثّل الخطة طويلة المدى لشركة DGO في مواصلة شراء الآبار لتحلّ الجديدة محل تلك التي تنضب في نهاية المطاف، ويقول رستي إن الشركة تتطلع الآن للتوسع في مناطق أخرى، مثل ولاية تكساس.

الأغرب أنه سعيد بانخفاض الأسعار الذي ضرب صناعة الغاز والنفط الأمريكية في مقتل

يقول رستي إنه مرتاح بشأن الانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار النفط والغاز منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد.

ويُرجع ذلك إلى حيازته “تحوطات” طويلة الأجل، أو اتفاقات بشأن السعر الذي يبيع به إنتاجه، كما يرجع إلى كفاءة عمليات الإنتاج بشركته على نحو يفوق مُنافسيه.

بإمكان رستي كذلك اللجوء إلى والده للحصول على المساعدة والمشورة؛ إذ يعمل رستي الأب مشرفاً على عمليات الشركة بشمال فيرجينيا الغربية.

يقول رستي متحدثاً عن أبيه: “إنه يبلغ من العمر 72 عاماً، وهو يحب ما يفعل حبّاً جمّاً. هل تتساءل عمّا إذا كان يحاول إخباري بما عليَّ أن يفعل؟ نعم.. بالتأكيد”.

عربي بوست

اقرأ أيضا: جريمة غريبة.. بطلة مصارعة أصلها عربي قتيلة في فندق