السبت , أبريل 20 2024

الصيف الساخن.. من يشعل الشرارة الأولى؟

الصيف الساخن.. من يشعل الشرارة الأولى؟

شام تايمز

علي منتش

شام تايمز

كثيرة هي المؤشرات التي توحي بإمكانية حصول تصعيد عسكري بين “حزب الله” وإسرائيل خلال الاشهر المقبلة، بالرغم من وجود روادع مقابلة تمنع هذا الإنفجار، الا أن ما يحصل في المنطقة قد يشكل نقطة تحول اساسية في مسارات الهدوء التي بدأت عام ٢٠٠٦ بعد القرار ١٧٠١.

اسرائيل لا تتحمل امرين، عودة “حزب الله” من سوريا مع كل الخبرات المتراكمة وتعاظم قدراته النوعية، وقد عاد، فيما بقاؤه بها بوصفه قوّة عسكرية نخبوية قد بقي. اذ ان وجود “حزب الله” في سوريا يمكن فصله الى قسمين: الأول، هو وجوده كقوة دعم عسكرية للجيش السوري في معركته الداخلية، وهذا قد انتهى فعلياً بعد السيطرة على البوكمال، مع بعض الاستثناءات، ووجوده بوصفه قوّة اقليمية تسعى الى بناء قدرات وبنى تحتية ومراكمة القوة النوعية كما حصل في لبنان، وهذا لم ينته بعد. فالحزب باق في سوريا كما قال أمينه العام السيد حسن نصرالله في احد خطاباته الاخيرة، بل ويعمل على تدريب وتجهيز منظومة كبرى من التشكيلات العسكرية المعادية لإسرائيل.

اذاً الحزب عاد من سوريا، اذا كان المقصود بها سوريا الإستنزاف العسكري والمعارك والإلهاء عن جبهة لبنان الجنوبية، لكن الحزب بقي في سوريا اذا كان المقصود بها تدعيم جبهة الجولان وتأسيس تنظيمات مقاتلة وتوسيع شعاع اطلاق الصواريخ من دير الزور الى حلب فالقصير والقلمون. وهذا ما يقلق اسرائيل، خصوصاً انها فشلت من خلال تنفيذها ضربات في سوريا من عرقلة تعاظم القوة النوعية داخل سوريا وفي لبنان.

هذا العامل بحد ذاته قد يعتبر مؤشرا تصعيديا. ففي تل ابيب من يعتبر ان ثمن الحرب بات اقل من ثمن السكوت على تعاظم قدرات الحزب الذي يضع اسرائيل بين فكي كماشة.

لكن الأهم هو عامل الإنسحاب الأميركي من المنطقة، اذ ان الجيش الاميركي يتحضر للانسحاب من كل من سوريا والعراق، وهذا بالمفهوم الاسرائيلي، “يترك اسرائيل وجهاً لوجه مع الغول الايراني”. من هنا قد تسعى تل ابيب الى التوتير قبل الانسحاب الاميركي الذي لن يحدث قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في واشنطن، لذلك قد تستغل اسرائيل هذا الوقت الضائع للقيام بخطوات اثناء الوجود الاميركي لتحقيق مكتسبات وفرض معادلات وقواعد اشتباك جديدة.

المخاوف الاسرائيلية من الانسحاب الأميركي من العراق وسوريا لا تقل عن مخاوفها من اي تسوية مع ايران، وبالرغم ان هذه التسوية ليست قريبة جداً، لكنها تشكل قلقاً اسرائيليا متزايداً، اذ انها، كما يبدو، لن تشمل لا التواجد الايراني في سوريا والعراق ولا مشروع الصواريخ البالستية الايرانية، الذي بات يعادل بفاعليته الاستراتيجية فاعلية القدرات النووية للدول الكبرى.

هذه المعطيات، قد تجعل اسرائيل مستعجلة للحرب، لكن حسابات الربح والخسارة غير المضمونة تفرمل هذا التوجه. من هنا عاد الحديث عن توجيه ضربات محددة لـ”حزب الله” في لبنان وسوريا، حتى وان ادى الأمر الى وقوع اصابات في صفوف الحزب. فإسرائيل قد تتحمل تبعات معركة صغيرة ليوم او يومين بسبب اصابة هدف مهم في سوريا، او بسبب استهداف منشآت تعتقد انها لمشروع الصواريخ الدقيقة في لبنان، لكنها في مقابل هذه المعركة ستحقق تغييرات جذرية في قواعد الإشتباك. فإذا تجنب “حزب الله” الرد تكون تل ابيب قد نقلت قواعد الاشتباك من سوريا الى لبنان، مع ما ذلك من امكانية تكرار الاستهداف متى شعرت اسرائيل بأن منشأة ما مهدّدة فعلياً. وهذا بحد ذاته يعيد تفعيل ويزيد فاعلية نظرية المعارك بين الحروب ويعرقل بناء القوة وتراكمها لـ”حزب الله”.

واذا رد الحزب على الاستهداف، تكون تل ابيب قد وجهت ضربة جدية لقدرات الحزب، وعندها ستسعى الى احتواء رده ومنع الامور من الإنفلات بإتجاه معركة مفتوحة، يساعدها على ذلك وجود الاميركيين في سوريا والعراق.

لكن من الواضح ان هذه المؤشرات كانت موجودة لدى “حزب الله” الذي عمد الى توجيه رسائل واضحة في الفيديو الأخير، بأن رده على اي تخطي لقواعد الإشتباك سيكون قاسيا جداً ولن تتمكن اسرائيل من احتوائه، اذ ان الاهداف التي نشر الحزب احداثياتها هي اهداف التطوير العسكري لإسرائيل، وتالياً فإن قصفها كفيل بنقل المواجهة كلياً الى حرب مفتوحة. الأهم من ذلك، انه صحيح ان الحزب لا يرغب، لأسباب كثيرة، بحرب مفتوحة حالياً مع اسرائيل اذ يسعى الى تمرير انسحاب واشنطن بهدوء والى استكمال استعداداته للحرب الكبرى كما يسميها في سوريا والعراق، غير ان ثمن السكوت عن اي ضربة سيكون اكبر من الحرب، وهذا ما يعرفه الحزب جيداً، لذلك فهو قد يذهب الى تصعيد كبير قد يكون مفيداً له حتى في مفاوضات رفع العقوبات عنه وعن لبنان وتخفيف من حجم الإنهيار الحاصل، اذ انه حالياً يتلقى الضربات الاقتصادية والمالية من دون اي قدرة على الرد عليها في حين ان اشتعال الجبهات قد يعطيها مادة للضغط وللتفاوض الجدي المتوازن مع واشنطن وتل ابيب.

لبنان24

شام تايمز
شام تايمز