الجمعة , مارس 29 2024
قواعد الحياة العشرون: القوانين القاسية التي لن يخبرك بها أحد

قواعد الحياة العشرون: القوانين القاسية التي لن يخبرك بها أحد

قواعد الحياة العشرون: القوانين القاسية التي لن يخبرك بها أحد

شام تايمز

لدينا في سوريا صابونة جميلة ذائعة الصيت تُسمى صابونة الغار. باختصار شديد يُمكن تصنيف رحلة حياة هذا الكائن بأنّها بمجرّد الدخول إلى الحمام، تجثم لأطول فترة مُمكنة فوق أحد الرفوف دون حراك، وكأنّها قبر نُسيَ منذ زمن بعيد.

شام تايمز

لا أعرف بيت سوري لا يحوي هذه الصابونة، صحيح أنّها غير مُستخدمة ويكاد يكون وجودها تراثي أكثر من مجرّد كونه وجود لغاية الاستعمال والتنظيف، إلّا أنّها تبقى ذات مَنصب رفيع لطالما حَلمت به كل صابونة طموحة أخرى.

تذكّرتها عندما نظرت أمامي منذ فترة لأجد رواية قواعد العشق الأربعون بسماكتها العتيدة رابضةً أسفل دستة طويلة لعدّة كتب. سماكة هذه الرواية وجثوها لزمن دون حراك جعلني أتذكر تلك الصابونة ثقيلة الظل، التي إن أردت أن تستعملها في يوم من الأيام ستحتاج لمجموعة من الرجال كي يحملوها معك.

تناولت قواعد العشق في محاولة بائسة لإعادة ترطيب مسالك القلب التي جفّت، والتي دائمًا ما تكون على ارتباط وثيق مع تخريش بسيط نهاية كل عام بسبب كآبة فصل الشتاء المعهودة. بدأت القراءة في الساعة الـ7، في الساعة الـ7 وخمس دقائق كنت قد اتخذتُ القرار بالتخلي عن قراءتها. لا أعرف ما السبب، إلّا أنّ الرشفة الأولى منها كانت مالحةً ولم أحبها. لذلك، اتخذت القرار بالتخلي.

أحببتُ أن أستفيد من العنوان في شيء ما، لكن بدلًا من قواعد العشق الأربعون، سنتكلم في هذا المقال عن قواعد الحياة العشرون وسنبدأ بالجزء الأول.

الإنسان بوصفه عضوية حية قادرة على الاستقلاب وخاضعة لمبادئ الجاذبية الأرضية، كائن جميل إلّا أنّه مُتغطرس يعتقد أنّ كل ما يمر به حدث مُتفرّد خاص به تضافرت كل قوى الكون من أجل مُراعاة مشاعره الرقيقة فيه. الواقع عكس ذلك، فأنت لست الوحيد الذي نجح في امتحان أو ارتقى لمنصب ما. لست الوحيد الذي كسبَ مالًا، لست الوحيد الذي اشترى منزلًا، لستَ الوحيد الذي أنجب طفلة رقيقة عندما ضغطت بأصابعها الصغيرة على يديه شعرَ بأنّه ملكَ الدنيا بأجمعها. أنت لست الوحيد في ذلك!

هذا على المجال الشخصي الضيّق الذي نرى بوضوح أنّ عنصر التكرار العنيف يحكمه بشدّة مذهلة تكاد لا تُصدق، فكيف إذن بالمجال الأكبر والأوسع والأعمّ زمنيًا؟ كيف إذن بالتاريخ بأكمله!

أعتقد لو كان التاريخ رجلًا لبالَ في وجوهنا جميعًا. دائمًا ما أحب تشبيه التاريخ برجل عجوز يستند إلى عكاز، الجميل في هذا الرجل أنّه يعمل أستاذ في الجامعة وهو مسؤول عن تدريس الكثير من الطلاب. مهمته هي وضع أسئلة لجيل كامل يجب أن يجيبوا عليها بما هو صحيح.

المُفارقة هنا أنّ هذا العجوز يُكرر أسئلته على الدوام! نفس الأسئلة تمامًا تُعاد إلّا أنّها تكون مع جيل جديد مختلف عن سابقه. لذلك، أي إنسان يملك جمجمة تحوي عقلًا بدل الحذاء يستطيع فقط أن يفتح كتب الأولين ليرى أنّ كل شيء موجود وتمّ المرور به، والعبرة نفسها قد دوّنت آلاف المرات حتى.

إلّا أنّهم لا يقرأون وإن قرأوا لا يعقلون!

لذلك، ومن خلال رؤية فاحصة يمكن القول أنّ الحياة البشرية بوصفها جزء من التاريخ خاضعة لقوانين ثابتة، حياة الإنسان مليئة بالأسس ذات المسار الواحد. صدق أو لا تصدق، هذا الكون بوصفه أعقد منظومة في الوجود تم تقنينه في معادلات رياضيّة يحفظها أي طالب في الأساسية، فكيف إذن بحياة بشرية ظهرت في الثواني الأخير من عمر نقطة زرقاء باهتة!

الحياة مليئة بالقواعد التي تتجاهلها عامدًا بسبب رغبة فضولية طفولية موجودة لدى كل إنسان في استكشاف المجهول، رغبةً في أن تدخل ذلك الكهف المُظلم الذي لطالما تكلّم عنه الناس، دون أن تعلم أنّ كل مَن وُلِدَ في هذه الحياة يعتقد أنّه أول مَن سيدخل هذا الكهف الذي دخله الجميع من قبل!

مَللت من المقدمة، لا سيما أنّ هناك الكثير من الأمور الواجب تنفيذها، والتي أعتقد أنّك قررت أن تضرب بها عرض الحائط لكي تقرأ هذا المقال. لذلك، لن أُطيل عليك، فالجزء القادم سيكون موعدنا الآخر، أمّا الآن فدعنا نتحدث عن قواعد الحياة العشرون، وما فيها من قساوة – جهدية ومعنوية – يجب أن تعرفها.

باستثناء الوالدين، لا أحد يحبك

لا ليسَ كلامًا عاطفيًا ساذجًا، وليسَ هناك ما يُشير إلى فراق الأحبة وغدر الأصحاب وغيرها من الأمور التي ابتذلت في أي أغنية أو رواية مسطّحة تقرأها، بل للأمر جذور أصيلة يُمكن القول أنّها جذور بيولوجية تدفع نحو حدوث هذا الأمر.

يقول ديفيد باس، رائد علم النفس التطوري في كتابه الجامع الماتع علم النفس التطوري: تخيّل أن تُعطي للجينة – المورّثة – عقلًا! تخيّل أن تعطيها تفكير قادرة على القيام به. ما الذي ستفعله حينها! مَن الذي ستنجذب نحوه!

قطعًا بأنّها ستفكّر بالتقرّب من الأشخاص الذي يحملون أقرب نمط مُشابه لها والدفاع عنهم حتى، وهم غالبًا الوالدين الذين يحملون أقرب نمط جيني إليك، وبذلك يمكن تفسير أنّ الأب والأم بمرتبة أولى والأخوة بمرتبة ثانية هم أكثر الأشخاص الحاملين لمشاعر الود تجاهك. في حال إن كان للجينة عقل تفكّر به.

وبهذا أيضًا يمكن تفسير الكثير من المشاعر الأخرى التي ما هي إلّا صوت الجينات بطريقة غير مُباشرة.

هذا من ناحية علمية مادية بحتة. لا أحد سيحبك باستثناء الأب والأم لأنّ الارتباط بينكم جيني، ولا أعتقد أنّي بحاجة لإثبات مطوّل لتدرك أنّ الوسط الآخر المحيط بك هو مجامل وقشري ولا يأبه بك إطلاقًا، فقط انظر في نفسك، وتحسس شعور الكره تجاه أي شخص، صديقة، صديق تعتقد أنّك تحبّه واعلم أنّ نفس الشيء يُبادلك إياه!

الأمر لا يحتاج الكثير، اعرف نفسك، تعرف الناس. لا يُوجد أبسط من هذا.

الأمر لا يُمكن وصفه باللاأخلاقيّة، فهناك روابط جينية هنا تُعطي للأمر صفة أصيلة ضمن أي إنسان. لذلك، لا حرج منها لكن يبقى دورك الأكبر في أن تكبحها لأطول فترة مُمكنة، والقليل من المجاملة لن يضر، وعلى رأي هاروكي موراكامي: الملح لا يمكن أن يكون طعامًا، إلّا أنّه يُعطي لما نأكله نكهة!

يمكن القول أنّ المجاملة هي ملح العلاقات البشرية.

القوانين قاسية كما قلت، ولعلَ أبرز ما يمكن البدء به هو معرفة أنّه باستثناء الأب والأم لا أحد سيحبك وسيفرح لنجاحك، وفي بعض الحالات – الشاذة طبعًا – حتى هم لن يفعلوا!

الفضيلة الكاذبة

مَن هو الإنسان الصالح؟ مَن هو الشخص الذي يُمكننا أن نقول عنه أنّه إنسان جيد أو صاحب مبادئ أخلاقية وذو توجه سلوكي سليم؟ من هو ذلك الشخص الذي جمع هذه الصفات؟

الإنسان الصالح هو الذي يستطيع أن ينجو من مُحاكمة المبدأ التالي القائل بأنّ: الفضيلة التي ليس معها حرية اختيار، هي رذيلة تنتظر أن تُرتكب!

دعنا نسهب قليلًا لكي نوضّح هذا. مِن الطبيعي أن تكون إنسانًا شريفًا عفيفًا ولم تسرق أي مبلغ مالي طالما أنّه لم يقع أمامك أي كمية من النقود! مع حرية أن تسرقها دون أن يراك أحد!

مِن الطبيعي أن تكون شريفًا عفيفًا لم تمارس خطيئة الزنا – وفقًا لتعبير القرون الوسطى الشهير – طالما أن ليس هناك بجانب منزلك وكر للدعارة! الشرف والعفة يا صديق عندما يكون معك حرية فعل ذلك ولا تفعل، أمّا أن تطبّل آذاننا بعذريتك شيء غير مهم طالما أنّ الفرصة لم تسنح لك!

ليسَ خارقًا للعادة أن تدّعي زهدك في الحياة واعتكافك عنها طالما أن الحياة قد أدارت ظهرها لك، وطالما أنّ حظك بسيط ومالك قليل وكل شيء مُتعثّر في طريقك، لكن الغير طبيعي حتمًا أن تكون صاحب منصب، إنسان مملوء بالنياشين والألقاب والشهادات والسلطات وعندها تزهد بكل ذلك! أن يكون لك الحرية في فعل ما تُريد من الأساس!

القليل ممن حولنا – 99% منهم – يمارسون نوعًا من الصلاح القسري لأنّ الظروف قد أجبرتهم على ذلك، ومع أول رشفة من الحرية يَخلع الجميع ثوب الصلاح ليظهر وجهه الحقيقي الذي لطالما كان يخفيه تحت عباءة الأخلاق الزائفة التي ما كانت إلّا بسبب جبريّة الظروف على ذلك.

اتخذ هذه الفكرة كقاعدة عامة، درجة الصلاح تعتمد على درجة حرية اختيار الإنسان لها؛ لأنّه باختصار شديد، الفضيلة التي ليسَ معها حرية اختيار هي رذيلة تنتظر أن تُرتكب!
أنت مَن اخترت حذائك بنفسك

لا أحد سواي يعلم أنّ حذائي يؤلمني. على الواتساب، وعلى الانستغرام، وعلى مختلف وسائل القيء الاجتماعي الأخرى، رأيت هذه العبارة أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة.

لا أعرف من هو أول من قالها أو صاحبها الحقيقي كي نذكر اسمه من باب أمانة نقل الكلام، إلّا أنّي أعتقد أنّها تحتاج لشرح وتعديل بسيط كي تكتمل الفكرة خاصتها.

الحذاء شبيه جدًا بالدماغ، فالأول وسيلة الإنسان لكي يمشي، والثاني وسيلته للعيش والنظر إلى الحياة بأكملها. البعض يؤلمه حذائه ولا أحد يعلم سواه وهذا صحيح، لا سيما أنّه هو مَن اختارَ حذاءً ضيقًا يرتديه!

مَن أجبرك على ذلك؟ لماذا اخترت ما هو ضيق؟ لماذا جعلت منظورك للحياة منظور محدود جدًا لا يبتعد كثيرًا عن ضيق حذائك؟

مُشكلتنا أنّنا نواسي ونُطبطب على الظهور أكثر من اللازم. منذ فترة قرأت أحد المقالات التي كانت تنتقد شيئًا مهمًا لدرجة أنّي نسيت ما كان هو، المهم أنّ التعليقات كانت جُلها تقول: كفى جلدًا للذات، ونحنا لسنا بهذا السوء، وما إلى ذلك. المشكلة أنّ جلد الذات قليل في الحالة التي نعيشها؛ لأنّ الجلد يكون لشيء حي يتألم كي يستيقظ من سباته، لكن ما الذي سيفعله الجلد مع شيء مات منذ زمن!

وما نفعُ سلخ الشاة بعد موتها!

توقف عن المواساة، توقف عن الطبطبة، أي إنسان تجاوز العشرين ومازال بتفكير عقل أشبه بحذاء ضيّق ينظر به لما حوله هو إنسان ساذج ومُسطّح وكل الحق عليه بنسبة مليون بالمئة. ليسَ للظروف ذنب، ليس لعدم اطلاعك ذنب، الحق عليك كله.

لو كنت مُراهقًا خرجَ من شرنقته حديثًا لبررنا ضيق عقلك، لكن أن تتجاوز العشرين والثلاثين والأربعين وما زلت من أصحاب فكر النِعال، فالمشكلة فيك وبحياتك الضحلة.

نحن في عصر الفضاء المفتوح، الجميع يرى كل شيء، لم تعد حجّة عدم الاطلاع صحيحة، أو أنّ الدولة التي تعيش بها تحظر الكتب، أو أنّ مالك لا يكفي لتشتري. كلها لم تعد موجودة. لذلك، أي إنسان ضحل الآن لا ترحمه أبدًا؛ لأنّه قد اختار ضحالته وجهله عن سابق إصرار وتصميم.

هوَ قام باختيار حذائه الضيّق، هو من حَدّ أفق تفكيره بمحض إرادته الكاملة. لذلك، لن أتعاطف مع ألمك، أنتَ مَن اخترت ذلك، وأنتَ مَن تتحمل مسؤوليته الكاملة.

الـ X التي تسعى نحو الحقيقة

 

ضمن كتاب المرجع الكامل في لغة الجسد لآلان بيز، والذي يظهر من اسمه رائحة التنمية البشرية والكثير من الحشو الذي لا طائل منه، إلّا أنّي قرأته قبل عدّة سنوات وسجّلت العديد من الملاحظات الجيّدة حوله، لا سيما أنّه يذكر الدراسات العلمية وتواريخها مع كل فقرة أو عدة فقرات يتكلم فيها.

يقول آلان بيز في مقدمته مُعبّرًا عن أهمية المجاملة في الحياة الواقعية قائلًا: ماذا سيحدث لو أخبرنا مَن حولنا بالحقيقة الكاملة؟ ماذا سيحدث لو دخلت إلى مكتب مديرك في العمل صباحًا، وقلت له كيف حالك أيها المغرور المعتوه الذي لطالما كرهته! أنا مستعد للعمل اليوم عندك بالرغم من كرهي لك كره الحشرات!

تخيّل أن تمر جارتك من أمام المنزل فتقول لها صباح الخير يا ليندا، كيف حالك اليوم؟ هل لي أن امتدح قوامكِ الممشوق وصدركِ الناهد!

أو لأستاذك الجامعي الذي يعتقد نفسه أحد آلهة الإغريق فتقول له أن ما هو إلّا أخرق يرتدي ربطة عنق ويحمل كرّاسًا من الورق!

مما سبق يُظهر لنا جليًا أنّ الحقيقة الكاملة بضربة واحدة هي أمر كارثي. لذلك، نجد أنّ الشيء الوحيد الأكيد المُشترك بين جميع أفراد الجنس البشري أنّهم يكذبون، أو كما قالها العبقري دكتور هاوس Everybody lies. لذلك، دائمًا ما يكون هناك هامشًا يجب ألّا تتعداه، وهو هامش الكذب أو ما يحلو للبعض تسميته بالمجاملة.

مِن ناحية أخرى نجد أنّ في هذه الفترة يحتدم الصراع مجددًا بين الغريمين التقليدين (الإيمان / الإلحاد) على ساحة الوطن العربي، وكل طرف يسعى لإثبات خطأ الطرف الآخر وأصحيّة طرفه، وكل منهم يُريد أن يقنع الحشد الذي يشاهده ويتبعه بأنّ الحقيقة ها هنا، وأنّها معهم، وأنّها خالصة نقية بنسبة 100%.

المشكلة هنا أنّ الحقيقة لا تأتي بمُفردها، إنما تكون مرتبطةً دائمًا مع فعل السعي نحوها. يمكن تشبيهها بالنهايات الرياضيّة Limit، والتي كان دائمًا مجهولها X يسعى نحو اللانهاية فيها، صحيح أنّه يقترب أحيانًا كثيرًا إلّا أنّه من المستحيل أن يصل، فقط يحاول مُقاربتها. مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الذي يقاربها بنسبة 80% يختلف عن ذلك الذي يفعل بنسبة 10%!

الحقيقة مُرتبطة بالسعي إليها، فكيف إذن يقوم هؤلاء الذين يتصدّرون اليوتيوب وغيره بالشرح والاستفاضة، ومحاولة إدلائهم بالحقيقة التي يعتقدون أنّها معهم لأناس وجمهور مُتفرّج لا يتعدى أقصى همه أن يأكل ويشرب وينام!

هذا شرط الوصول إليها، سواءً كانت معهم أم لا، سواءً كان الطرف الفلاني هو المحق أو الطرف العلاني هو الأحق. الأمر غير مهم؛ لأنّ الجمهور المتابع هو جمهور كسول لا يُريد أن يعلم. والحقيقة ترتبط دائمًا بفعل السعي إليها أي أنّك تبحث عنها.

أمّا أن تفعل مثلما يفعلون هم، فهو شبيه بإنسان يعتقد أنّه يغني الأوبرا العالمية، دون أن يدري أنّ الجمهور الذي أمامه هم مجموعة من الطرشان!

مَن يريد أن يعرف يجب أن يتحرك، الحقيقة أكبر من أن يُحصل عليها بفيديو على اليوتيوب يتفوّق تأثيره الإنتاجي على تأثيره الفكري!
متى تسقط القضية؟ عندما يكون المحامي فاشلًا

خذ على سبيل المثال موقع الأسئلة الشهير Ask.fm أي إنسان يعتقد البعض أنّه مهم، وأنّه مؤثر وأنّه قادر على إسداء النصائح يُسارعون إليه في إحالة كل قضاياهم لتقرير مصيرها وإقرار قرارها. كيف يفعلون هذا؟ كيف تُعطي قضيتك لأحد لا يعرف شيئًا عنها؟

قضية تتعلق بدراستك الشخصية، قضية تتعلق بحياتك العاطفية، قضية تتعلق بعلاقتك مع أبيك. صديقي العزيز أفضل محامي يمكن أن يدافع عن قضيتك هو أنت؛ لأنّك أنت الوحيد الذي يعلم مُلابسات كل الموضوع من ألفهِ إلى يائِه.

ربما القضية خاصتك ضعيفة نوعًا، لكن صدقني لو كنت محاميًا بارعًا، ولو حسبت الوقت وأخذت الظروف بعين الاعتبار فإنّك قد ترفعها نحو الأعلى على الرغم من ضعفها. كل هذا حدث لأنّك كنت المحامي الناجح الذي يعلم أدق تفصيل عن كل شيء.

لا توكل أمور حياتك لأي إنسان آخر، أفضل من يدافع عنك هو أنت، حتى لو حدثَ في فترة ما ونجح الآخر في رفع قضيتك، إلّا أنّ الفضل سينسب له ومَن سيشعر بالانتصار هو لا أنت!

دافع عن نفسك بنفسك، أنت مَن يعرف كل التفاصيل، صدقني أنت غير مهم لديهم أنت مجرد كائن افتراضي يتغذون عليك ويزدادون بك انتفاخًا.

لا تكن محاميًا وضيعًا، مَن يعرف التفاصيل كلها سينجح حتمًا.

تخلّص من أحبابك

أو ما يعرف بالمصطلح والمثل الإنكليزي Kill Your Darlings. هذه العبارة تتعدى معناها الحرفي لتشير إلى الإنسان الذي يستطيع أن يقامر ويدخل في تحديات ضخمة، كونه ذلك الذي لم يعد لديه شيء ليخسره، أو في طريقه لكي يصبح كذلك.

تخلّص من أحبابك تعني أن تتخلص من جميع الأشياء المتعلق بها لدرجة زائدة، والتي هي غالبًا الأشياء التي تشكّل نقاط الضعف لديك، لربما هي نقاط عادية إلّا أنّ عدم وجودها سيملئك بشكل أكبر من وجودها.

أحبابك هم أشياء صغيرة تافهة، ليسَ أمك وأبيك طبعًا، الأحباب هم غالبًا ما يكونون أصحاب طابع مادي.

فالبعض لديه قميص يحبه، صدقني إن تخلصت منه ستصبح أقوى! لديها ساعة ثمينة، تخلصي منها إن لم تعودي تتخيلي وجودك بدونها! لديه هاتف يقضي ساعات يومه عليه، فإن أراد أن يمتلِئ بنفسه يجب أن يضعه خلف ظهره ويتخلص منه.

لماذا يجب أن يفعلوا ذلك؟ لأن الأشياء التي من المفترض أنّهم يملكونها أصبحت هي مَن تملكهم!

إن كان مُبتغاك أن تُصبحَ إنسانًا غير مجوفًا من الداخل فلتقتل جميع أحبابك إذن ولا تتعلق بالماديات أبدًا، لا سيما أنّ نجيب محفوظ قد قال في أحد المرات، لا تتعلقوا بأحد، فالتعلق جزء من الموت.

ستموت وأنت حي، قميصك سيهترِئ، جمالكِ ستطويه صفحات السنين سريعًا، هاتفك سيبيده التطوّر التقني بعد أسابيع ليصبح خردة. لذلك، تخلص من أحبابك ولا تتعلق. لا تجعل الأشياء التي تملكها هي مَن يملكك!

عقلك هو سلاحك، عبّأه بالذخيرة

الصورة المتداولة في أذهان الجميع لا سيما الجيل الفتي، هي صورة ذلك الشخص الذي يقف في المنتصف مُكبلًا من طرفيه بسلاسل قوية، في إشارة واضحة لأنّه يعيش صراع محتدم. في الطرف الأول يكون ما يكبله هو عقله، وفي الطرف الآخر يكون قلبه.

هذا الصراع (القلب / العقل) أو (التفكير العاطفي / التفكير المادي) ليسَ وليد اللحظة بل معروف منذ بدء معرفة البشر بأنفسهم، ولا أعتقد أنّ أحد ما قد نجا من شيء من شظاياه وشراراته. لكن من أجل حل الموضوع، وكإتيان للأمور من آخرها يمكن القول أنّ الأمر محسوم بشكل كامل لصالح العقل.

قواعد الحياة

لتعرف ذلك راقب معظم القرارات الكارثية التي اتخذتها في حياتك، وستعلم أنّها كانت بسبب العاطفة الزائدة لا سيما تلك التي تطغى على تفكيرك العقلي السليم.

هذا من جهة، من جهة أخرى نرى أنّ العاطفة تتبع في كثير من جوانبها الغريزة. فالحب مثلًا يمكنك أن تصنفه كورقة شفافة لكي تغطي غريزة الجنس الأصيلة في جميع الكائنات الحية، والتي تنبّه لها آرثر شوبنهاور عندما قال: يبدو أنّ الحب يخدعنا لكي نتكاثر! والجوع أيضًا نفس الأمر.

فالعاطفة تتبع الغريزة في مضمونها، إلّا أنّها تعبّر عن نفسها بقشرة عصرية حسب كل بيئة وكل منبع ثقافي. لذلك، يمكن أن نقول أنّ الذي يوافق عاطفته كثيرًا يتبع الجزء الحيواني في الإنسان دون أي مُحاكمة من المراكز العُليا!

أمّا العقل فإن علم أنّ طعامك ملوّث، فحتى لو كنت جائعًا سيمنعك من أكله، وإن علم أنّ تلك الأنثى حاملة للإيدز سيمنعك من الاقتراب منها – يُستثنى من ذلك ديكابريو في فيلم ذئب وول ستريت – وإن علم أنّ هناك خطأ وضرر أيًا كان مصدره سيمنعك من فعله إلّا لو طغت عاطفتك عليه!

عقلك سلاحك، عبّأه بالذخائر. أزل ذلك الصدأ العاطفي عنه، عبّأه بشهادة جامعية مرموقة تعبت للحصول عليها، عبّأه بتفكير ناقد لا يقبل التسليم بأي شيء دون سؤال، عبّأه بمعلومات مختصرة عن أشياء لا تستهويها وبمعلومات مطوّلة عن أمور لطالما مِلت إليها.

خسارة كبرى أن تخرج من الحياة بنفس عقلك الذي دخلت به، خسارة كبرى أن تدخل في أعتى معاركك بسلاح فارغ، أو سلاح صدئ، أو سلاح عاطفي ساذج يرمي على أعدائه زهورًا بدل الأفكار!
هناك خلل، وهو من نصيبنا!

قواعد الحياة

لو كان الأمر سهلًا لفعله الجميع. نعم، إن أردت أن تصل لمرتبة ما لا يصلها إلّا القليل فلا بد أن تفعل تلك الأشياء التي لا يفعلها الناس، الأمور التي تصنف تحت قائمة المهام الصعبة؛ لأنّ ما هو سهل سيكون عادي والجميع قادر على فعله!

عندما تستيقظ الساعة الـ 8 في حين أنّ أي طالب مجتهد تنوي أن تصبح مثله يستيقظ الساعة 5 اعلم حينها أنّ لديك خلل! عندما يكون نظامك الصحي لا يختلف كثيرًا عن نظام الصرف الصحي اعلم أنّ لديك خلل! كمية أكلك ونوعية طعامك وممارستك للرياضة هي التي تحدد الطريقة التي تُريد أن تموت بها فاختر ما تريد.

عندما تقضي وقتك على فيسبوك وواتساب وإنستغرام وغيرها من الوسائل الاجتماعية اعلم حينها أنّ لديك مشكلة، وأنّك منعزل وغير متواصل اجتماعيًا كما تعتقد؛ لأنّ هذه المواقع لا تستهدف الاجتماعيين أبدًا، بل تعمل على رفع صوت أولئك الذين لا صوت لهم، فالفيسبوك يصح أن نسميه بمنبر الضعفاء أو الذين لا صوت لهم!

بالمناسبة، يُقال أنّ مُتع الحياة الرئيسة هي (الطعام / النوم / الجنس)، وهذا شيء جميل ومُتفق عليه، لكن الأجمل منه أنّها متع حيوانيّة بحتة! لذلك حاول أن تنمّي ما بقيَ لك من إنسانية قبل أن تموت، ولا تُبالغ كثيرًا بإظهار مشاعر الود تجاه أمور تفعلها سائر كائنات المملكة الحيوانية. خصوصًا أنّ البعض أصبح يمارس نوع من الإباحيّة الطعاميّة على مواقع التواصل تلك!

فتاة خرقاء لا تكف عن التعبير عن حبها للبيتزا، شاب أبله لا يكف عن الحديث عن الشاورما وعن كرشه الذي لطالما ملأه بها، وغيرهم كثر. الأمر السخيف في الموضوع أنّ الطعام والجنس والنوم أمور حيوانية بحتة لا داعي لأن تتفاخر أو تظهر حبك الزائد بها؛ لأنّها موجودة ومتأصّلة عند الجميع.

مَن ينشر صورة طعامه وهو يأكل البيتزا، شبيه جدًا بمن يمارس الجنس! كلاهما متع حيوانية لا أحد ينفيها، لكن لا داعي أيضًا لأن تتشدق بها أمام الجميع!

فعندما تفعلوا هذا كله اعلموا أنّ لديكم خلل، وخلل عظيم أيضًا!

عندما تمر سنة كاملة – 365 يوم – دون أن تقرأ على الأقل 5 كتب رصينة فاعلم أنّك تمشي باتجاه خاطِئ، واعلم أنّ مسارك لن يقودك لشيء مفيد لا لك ولا لمن حولك. المفروض أنّ الإنسان يتطوّر فكريًا كلما تقدّم به الزمن لا أن يتراجع أو يبقى في مكانه حتى.

عندما تقرأ هذا المقال ولا تطبقه أو تحاول أن تبذل جهدك لتأخذ الإفادة منه فاعلم أنّ لديك خلل، وعندما تعلم أنّي لا أطبق ما أكتب وأنّي أهرف بما لا أعرف اعلم أن عندي خلل.

لو كانت الأمور سهلة لفعلها الجميع، لتصل إلى ما تُريد يجب أن تفعل تلك الأمور الغير سهلة التي لا يفعلها أحد. غير ذلك سيكون هناك خلل، وسيكون حتمًا من نصيبك!
اقتل التسويف في حياتك

ساعة رملية ممتلئة

يعيش على سطح كوكب الأرض الباهت حوالي 7.3 مليار إنسان، يختلفون في الأشكال، الأديان، العادات، الألوان وكثير من الأمور الأخرى، إلّا أنّهم يشتركون بشيء واحد وهو أنّهم جميعًا مسوّفون، جميعهم يميلون للكسل والرخاء، صحيح أنّ الأمر تدريجي فهناك مَن يسوّف بمقدار 5%، وهناك من يفعل بمقدار 90%! إلّا أن الأمر موجود ولا يقبل الإنكار.

من الأشياء التي ستندّم عليها عندما تكبر هو أنّك لم تبدأ – في أي شيء وبأي مجال – مُبكرًا. لو أنّك بدأت قبل ذلك التوقيت لكان تغيّر كل شيء، كلما تقدم الزمن أحسست بمدى قيمة اللحظات التي فاتت دون أن تفعل شيء، وبقيمة الأشياء التي فعلتها بشكل متأخر أيضًا.

هناك حديث نبوي يقول: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألّا يقوم حتى يغرسها فليفعل. رغم سذاجة البعض الذين يفسرون ما سبق بأنّه دعوة للحفاظ على البيئة وحماية حقوق الشجرة، إلّا أنّ المعنى قد يكون أعمق من ذلك بكثير.

المعنى يكمن في أن تعيش اللحظة، في أن تمارس العمل ضمن المنطقة الزمنيّة (0). الإنسان لو تعرّض لزلزال لجرى يهرب كالفأر فكيف إذا كانت النهاية، نهاية العالم بأكمله! لكن مع ذلك، فلتكمل ما بدأته، صحيح أنّ النظام الشمسي بدأ بالانهيار، صحيح أنّ السماء أصبحت حممًا تغلي، لكن هذا كله لا يهم، استمر في العيش بلحظة الآن وبعمل الذي بدأت به.

من ناحية أخرى وبعيدًا عن أدبيات نهاية العالم التي أسهبت جميع الأديان في الحديث عنها، هناك طالب يدرس شيء ما، جميل جدًا ما يفعله، لكن هذا لا ينفي أن يقوم بنفس التوقيت بالقراءة والكتابة والعزف والتعلم والرسم وعدّة أشياء أخرى مفيدة.

صدق أو لا تصدق، بعد سنة من الآن ستندم على كل الأشياء التي لم تفعلها، لا أحد يندم على شيء فعله حتى لو كان سيئًا فسيكتفي بالضحك عليه، وسيقول كم كنت غبيًا حين ذلك. الجميع يندم على ما لم ينفذه.

الوقت محدود، وكل يوم يمضي تُطوى صفحة من صفحات كتاب حياتك، فتعلّم من الآن واقتل التسويف، ولا تنس أن تغرز فسيلتك مهما كانت الظروف!

الحب من النظرة الأخيرة

الابتذال الموجود في التلفاز وفي السينما وفي الشوارع وفي أي مكان آخر تولّي إليه وجهك، جعل من كل شيء ذو قيمة في حياتنا مجرّد وهم وتفاهة لا طائل منها، ومما لا شك فيه أنّ من أبرز ضحايا الابتذال هو الحب، وخصوصًا ذلك الذي يقولون أنّه يكون عند النظرة الأولى.

أعتقد أنّ النظرة الأولى غير كافية لأن تحب من خلالها. نعم، هناك انطباع أوّلي نأخذه عن كل شخص وإمّا يكون إيجابيًا أو سلبيًا. لكن الحب من نظرة أولى وحيدة عقيمة هو أمر مُبالغ به، ويعكس إلى حد كبير ضعف في شخصية صاحبه أيًا كان ما يكون.

الحقيقي والأكثر مصداقية هو الحب، لكن من النظرة الأخيرة! نعم، تلك النظرة التي تعلم أنّ من بعدها لن ترى ذلك الشخص للأبد. مَن هم أعظم شخصين في حياة كل إنسان؟ نفس الشخصين الذين تحدثنا عنهم في الفقرة الأولى، الأم والأب قطعًا. هؤلاء في يوم من الأيام – أتمنى أن يطول على الجميع – سيتركونكم وسيرحلون، وستبقى أنتَ وأنتِ وحدكم بعد أن قاموا بإنهاء مهمتهم بالإنجاب والتربية والتعليم وما إلى ذلك.

غالبًا أنت ستكرههم كثيرًا في العديد من محطات حياتك، لكن صدق أو صدق! لن تشعر بمقدار حبك لهم إلّا في تلك اللحظات، اللحظات التي تعلم بها أنّ أوان رحيلهم قد أزفّ وأنّ النهاية قد اقتربت، وأن مَن كانوا يومًا السند قد رحلوا بعد أن أوكلوا مهمة الإسناد إليك عندما استقالوا منها للأبد.

في تلك اللحظة، اللحظة الأخيرة من حياتهم سيصل الحب إلى قمّة مجده، وستدرك أنّك فعلًا قد أحببتهم!

صديقك العزيز، الإنسان الحمار صاحب سلوك الثور إلّا أنّه طيّب القلب ولم يخذلك قط. هذا الصديق لن تشعر بقيمته طيلة مدة صداقتكم التي لربما استمرت لـ 20 سنة، صحيح أنّكم ضحكتم معًا وبكيتم معًا إلّا أنّ كل ذلك مضى في وقته، ولربما مرت أيام كرهته بها كثيرًا، إلّا أنّ حبك له لن يصل لذروة اكتماله إلّا عندما تعلم أنّه قد حجزَ التذكرة، وأنّه قد ركب الطائرة مديرًا ظهره لقدر كبير من الأيام والذكريات التي بنيتموها معًا.

في تلك اللحظة، اللحظة الأخيرة عند إقلاع طائرته ستدرك أنّك أحببته حقًا!

لديك أستاذ في المدرسة، هذا الأستاذ لطيف ورائع ولا يشعرك بالملل، لن تشعر بقيمته إلّا عندما تكبر وتتذكر تلك الأيام التي كنت تجلس بها كالمسمار على مقعد الصف الخشبي الذي لطالما ساهم في ظهور بواسير الطلاب المساكين، لكن ما نفع ذلك إن كان ذلك الأستاذ قد تقاعد عن عمله، ولربما مات، ولربما المدرسة كلها قد أغلقت أبوابها!

في تلك اللحظات ستحب الجميع حينها!

هذا هو الحب الحقيقي، صحيح أنّنا قلنا في البداية أنّ الانحياز للعقل، لكن هنا لا نناقش الحب كشعور عاطفي خاص بين الجنسين، الحب هنا عبارة عن وسيلة تواصل تخبر به الطرف المقابل أنّه كان جزءًا مهمًا من حياتك، وأنّ خروجه منها سيكون صعبًا تقبّله.

هذه هي حياة الإنسان باختصار، الأم والأب سيرحلون، الصديق يُستبدل غالبًا كل خمس سنوات – راقب عدد أصدقائك الذين استبدلتهم من المدرسة للآن وستعلم ذلك – وكل إنسان آخر سيؤدي مهمة في حياتك وبعد انتهائِها سيرحل.

الحياة أشبه ما تكون بسيناريو أنت البطل فيه، كل شخص لديه دور يقوم به ومن بعده يغادر بصمت.

الأب رعاك وانتهى دوره ورحل، الأم فاضت عليك من حنانها لكن دورها وصل لنهايته فغادرت. الصديق رافقك وانتهى، الزوج حماكِ وانتهى، المدرّس علمك ومن ثم تقاعد وجلسَ إلى الجانب. الجميع يظهر في البداية ومن ثمّ يرحل بعد أن يكمل مهمته.

لذلك، كن قويًا يا صديق، الجميع سيغيبون عندما ينجزون أدوارهم، ولن يبقى سوى تلك النظرة الأخيرة، النظرة الغير مبتذلة أبدًا، النظرة التي يكون عندها الحب حقيقيًا.

كذبَ مَن قال بأنّ الحب من النظرة الأولى، الحب لا يكون إلّا عند النظرات الأخيرة!

يُخيّل لي أنّ التاريخ بأكمله أشبه ما يكون أيضًا بفيروس الزكام، لاحظ أنّ الجميع يصابون بالزكام كل عام وأنّ الجهاز المناعي يفشل دائمًا بالتصدي له، والسبب في ذلك يعود لخدعة بسيطة يقوم بها الفيروس وهي أنّه يقوم بتغير المحفظة البروتينية – الطبقة الخارجية – في كل مرة يدخل الجسم مع الحفاظ على نفس البنية الداخلية، فلا تتعرف عليه خلايا الذاكرة المناعية فيدخل ويكشف عن أنيابه بجسم الإنسان!

حياة الإنسان وتاريخ البشر هم فيروس الزكام هذا، دائمًا ما يعود بنفس البنية الداخلية إلّا أنّه يبدّل فقط القشرة الخارجية والتي هي الأماكن، أسماء الأشخاص، الظروف، وغيرها من العوامل الشكلية إلّا أنّ المضمون يبقى هو نفسه نفسه!

لذلك، حاول ألّا تكون جهاز مناعة أبله وألّا تسمح بالوقوع بخطأ وقعَ به مَن قبلك منذ قرون مضت ربما! حاول أن تقرأ ما حولك وتفهم وتعقل ومن ثم تتجنب القيام به أو تقدم عليه.

الحياة مكررة بشكل مرعب، وقواعدها واضحة فقط تحتاج لحدّة في البصر كي تراها، المهم في الأمر كله هو ألّا تعيش بشكل اعتباطي عشوائي، وألّا تحاول إيجاد حل لمسألة رياضية دون أن تدرس القوانين والمعادلات اللازمة من قبل!

هنا سننهي الجزء الأول لنقول لكم كل عام وأنتم بخير، وأنّ اللقاء سيتجدد في الجزء الثاني الذي ستذكّرني به صابونة غار أخرى، أو أي شيء آخر ستعرفونه في وقته.

اقرأ ايضاً: حرير وذهب وفضة: السعودية تستعد لتغيير كسوة الكعبة ليلة عرفات

شام تايمز
شام تايمز