السبت , أبريل 20 2024
«الأطفال الجواسيس».. هكذا تعد «سي آي إيه» كوادر استخباراتية من الصغر

«الأطفال الجواسيس».. هكذا تعد «سي آي إيه» كوادر استخباراتية من الصغر

أُنتج عام 2001 أول فيلم عن «الأطفال الجواسيس» من سلسلة أفلام المغامرات والخيال العلمي ، وحقق نجاحًا تجاريًا ونقديًا في ذلك الوقت، لتُستكمل السلسلة والتي تستعرض وتعتمد على فكرة كون الأطفال جزءًا من عالم التجسس والمخابرات، وهو ما يثير تساؤلًا مهمًا، ألا وهو: هل يُجتذب الأطفال فعليًا لعالم الاستخبارات الحقيقي؟

شام تايمز

في الأسطر التالية نسلط الضوء على ما يحدث في معسكرات تدريب الأطفال على التجسس، ومنصة وكالة الاستخبارات الأمريكية التي توفر المصادر اللازمة لإعداد الأطفال لهذا الغرض.

شام تايمز

معسكر تدريب الأطفال على التجسس!
«لقد تعلمت أساليب وتكنيكات التجسس»، تقول إيزابيلا، الطفلة ذات الـ10 سنوات، في تقرير لـ«دويتشه فيله» عن معسكر متحف الجاسوسية الدولي في واشنطن، وترى إيزابيلا أن تجربة ذلك المعسكر تتفوق على العديد من المعسكرات التقليدية، التي عادة لم تكن تلعب فيها إلا على الجهاز اللوحي إلى جانب الذهاب في رحلات ميدانية وخلوية عادية.
يرتدي طفل آخر نظارة شمسية سوداء كبيرة الحجم، ويقول بحماسة: «هذه هي مهمتنا الأخيرة لإيجاد العميل إكس، نعتقد أن رات قد أخذته». و«رات» هي (وكالة مخابرات أجنبية) وهمية في مخيم الأطفال الجواسيس الذي يستمر أسبوعًا، للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و13 عامًا في متحف الجاسوسية الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن، والذي يضم أكبر مجموعة من التحف التذكارية في العالم.

تقول مديرة تعليم الشباب في المتحف جاكي إيل: «إن حماسة الأطفال تلك تعتبر عادية، فهناك شيء حول التجسس يجذب الأطفال دومًا منذ الصغر؛ مثل الاستماع إلى المحادثات بين الوالدين، والتلصص على مذكرات أختك، إنه شيء يحب الأطفال فعله».

الألعاب في هذا المخيم ليست سهلة كباقي المخيمات، ولكنها محاولة لتنمية هذه المهارات، «فنحن نتحدث عن تجسس حقيقي»، وبهذا يتعلم الأطفال منذ الصغر مهارات التجسس وبرعاية أحد المتاحف الدولية في الولايات المتحدة.

وتكمل جاكي: «نريدهم أن يفكروا بشكل نقدي في العالم من حولهم. نريدهم أن يكونوا قادرين على حل المشكلات. نريدهم أن يعملوا بشكل جيد ضمن فريق. نريدهم أن يكونوا قادرين على التواصل مع جميع أنواع الناس. إن الأمر يتعلق بالقدرة على تقييم التهديدات ونقاط الضعف والفرص. ما نعمل عليه مع هؤلاء الأطفال هو، بصفتك إنسانًا، كيف يمكنك العمل في هذا العالم على أعلى مستوى ممكن؟».

لم تكن هذه المرة الأولى التي يعقد فيها المخيم، بل استمر منذ عام 2006، وحصل بعض مرتاديه من الأطفال على وظائف في مجال الاستخبارات لاحقًا.

«الأطفال الجواسيس»

ليس مجرد سلسلة أفلام
«يعتقد الكثير من الناس أن موظفي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) يتجولون وهم يرتدون المعاطف، ويرسلون رسائل مشفرة، ويستخدمون معدات غريبة مثل الكاميرات الخفية والهواتف السرية للقيام بعملهم. كل تلك الأشياء التي تراها في الأفلام أو تقرأ عنها في روايات التجسس. لكن الحقيقة هو أن هناك القليل من ذلك، ولكن هذا ليس سوى جزء من القصة».

بهذه الكلمات الافتتاحية عرفت الـ«سي آي إيه» منصتها «الأطفال الجواسيس» المتخصصة في تعليم الأطفال للتجسس، وكيف تكون حياة رجل المخابرات. ففي كلمات مشوقة ليس فقط للأطفال، بل للكبار أيضًا، يقول الموقع: «نظارات الرؤية الليلية ليست سوى واحدة من بين العديد من الاختراعات الرائعة التي تستخدمها وكالة المخابرات المركزية في المهام. ففي الواقع لدينا أدوات سرية متقدمة جدًا».

ثم تستدرك المنصة بعد رحلة تعريفية عن طبيعة عمل الوكالة، لترسم صورة لما يجب أن يكون عليه كوادر المستقبل، وهم «الأطفال الذين يتعرضون ويقرأون تلك المادة»، بقوله: «شيء آخر قد يفاجئك بشأن وكالة المخابرات المركزية هو أننا مجرد أشخاص عاديين مثلك. قد يكون عملنا سريًا، لكن حياتنا طبيعية جدًا. لدينا أطفال وحيوانات أليفة، نمارس الرياضة، نشاهد الأفلام، نتناول الطعام بالخارج، نقضي الوقت مع الأصدقاء، ونقوم بعمل تطوعي!».

لينخرط بعد ذلك الطفل بعد هذه الكلمات في عملية التدرب والتهيئة للدخول لعالم التجسس عبر مجموعة من الخدمات التي يقدمها الموقع؛ منها قصص عن بعض الجواسيس التي ترتسم حولهم هالات البطولة والفداء، وليتضح لديهم ما سيكونون عليه في المستقبل. ومن ثم عندما يكون الطفل «مستعدًا لمهمة سرية خاصة به» وفي قالب تشويقي يتوفر قسم الألعاب في الموقع والتي هي عبارة عن بعض التمرينات المساعدة في «كسر الرموز والشفرات والعثور على أدلة سرية لحل ألغاز الذكاء» كما يعرِّفها الموقع.

وفرت المنصة جزءًا خاصًّا للآباء والمدرسين، يحتوي على دروس وموضوعات لتعليم تكتيكات عمل رجل الاستخبارات، مثل طرق جمع المعلومات وكسر التشفير، إلى جانب موضوعات تثقيفية مثل دور المخابرات في الحروب، لتشكل هذه المنصة بوابة دراسية متكاملة ومتخصصة في العلوم الاستخباراتية، وكأنها أكاديمية لطلاب يتم إعدادهم بشكل مباشر ليصبحوا مجندين بين صفوف رجال المخابرات.

أسأل مولي.. خدمة الردود على الأسئلة
بتاريخ 26 يونيو (حزيران) 2020، أُرسلت رسالة إلى موقع «سي آي إيه» عبر خدمة «أسأل مولي» – وهي خدمة توفرها الوكالة لتوفير المصادر والمعلومات الخاصة من داخل الوكالة – بعنوان «التخطيط للمستقبل»، لجد يستفسر عن اللغة الأكثر احتياجًا خلال 20 عامًا القادمة للوكالة الاستخباراتية لبدء تعليم حفيده إياها. ليأتي الرد على الرسالة أن تحديد اللغة التي يجب اتباعها هو أمر صعب. إذ إن عالم الاستخبارات يتطور باستمرار لمواجهة التهديدات الجديدة، وهذا يعني أن بعض اللغات التي كانت ذات طلب منخفض أصبحت الآن في طلب مرتفع بشكل لا يصدق.

وتصرح الوكالة أنه في الوقت الحالي هناك طلب كبير على اللغة العربية والماندرين «الصينية» والفارسية والروسية. ولكن هذا لا يعني أن وكالة المخابرات المركزية غير مهتمة بالمتحدثين الأكفاء من الإسبانية، والفرنسية، والكورية، والألمانية، وجميع اللغات الأخرى.

وتؤكد أن مستقبل الشؤون العالمية لا يمكن التنبؤ به بشكل واضح، على الرغم من أفضل الجهود المبذولة من قبل الوكالة للبقاء في الطليعة. وتشجع الوكالة في النهاية الجد لبدء تعليم حفيده أي من اللغات التي سيحبها والتي توفر «السي آي إيه» فصولًا دراسية لها. فمنذ إنشائها في عام 1947، قامت «السي آي إيه» ولا تزال تسعى للحصول على مرشحين يتمتعون بكفاءة لغة أجنبية قوية لمتابعة «مهمتها العالمية» لفهم العالم، كما تصف هي رسالتها.

وتؤكد «سي آي إيه» – طبقًا لردها على المرسل – أن الدراسات تظهر أن الأطفال الصغار ليسوا أكثر مهارة في تعلم لغات جديدة أكثر من البالغين فحسب، بل إنهم يلتقطون أيضًا اختلافات اللهجة التي تعتبر ضرورية للعمل الاستخباراتي. وهذا لا يعني بالطبع أن البالغين غير قادرين على تعلم لغات جديدة، لكن متعلمي اللغة الأصغر سنًا دومًا ما يظهرون قدرة أكبر على تعلم اللغات واللهجات بطلاقة والتي تبقى معهم إلى مرحلة البلوغ ومع تقدم العمر وذلك من خلال التدرب المنتظم بكل تأكيد.

مصادر «سي آي إيه» للطلاب
تمتلك وكالة المخابرات المركزية متحف أيضًا. في الواقع، لديها متحف كبير جدًا، به ملابس ومعدات وغيرها من القطع الأثرية من تاريخ وكالة المخابرات المركزية.

أن لا يسمع العامة بهذا المتحف لا يُعد أمرًا مستغربًا، إذ إن متحف وكالة المخابرات المركزية ليس مفتوحًا للجمهور، ما دعى البعض إلى تسميته «أعظم متحف لم تره من قبل». لكن ومع ذلك تتوفر عبر موقع المتحف صور لجميع القطع الأثرية تقريبًا، مع شرح موجز عن مكان القطعة في تاريخ وكالة المخابرات المركزية.

ليس هذا وحسب، بل تتوفر قناة على «يوتيوب» خاصة بالوكالة بها فيديوهات تعريفية لبعض أدوات التجسس المستخدمة من قبل عملاء الوكالة، والتي صممها مهندسو وكالة المخابرات المركزية، وبها بعض المقاطع التي توضح ما يلزم لتصبح ضابطًا في وكالة المخابرات المركزية.

بينما يُعد كتاب حقائق العالم لوكالة المخابرات المركزية أحد أهم مصادر الوكالة التعليمية والتثقيفية. فمنذ إصداره في عام 1975؛ أصبح الكتاب موردًا لا يقدر بثمن للمسؤولين الحكوميين، والباحثين، والطلاب، والمعلمين، والمسافرين، والمؤسسات الإخبارية، وغير هؤلاء ممن يبحثون عن معلومات حول العالم الذي نعيش فيه، والذي يبحث في موضوعات شتى ومتعددة.

إقرأ أيضاً: هذا ما قاله اللواء محمد ناصيف.. من إغتال الحريري؟

ساسة بوست

شام تايمز
شام تايمز