الأربعاء , أبريل 24 2024
تركيا تزج بأكراد سوريا أيضاً في أتون كاراباخ

تركيا تزج بأكراد سوريا أيضاً في أتون كاراباخ

تركيا تزج بأكراد سوريا أيضاً في أتون كاراباخ

تواصل تركيا صبّ الزيت على النار في الصراع الدائر على إقليم ناغورني كاراباخ بين أذربيجان وأرمينيا، غير عابئة بالنداءات الدولية التي تطالب بضرورة وقف إطلاق النار وحلّ النزاع عبر طاولة المفاوضات.

وجديد التدخّل التركي أنه بعد الزجّ بنحو ألف مقاتل سوري جندتهم الاستخبارات التركية من فصائل مسلحة ذات غالبية تركمانية للقتال إلى جانب الجيش الأذريّ، فيما هناك آلاف آخرون ينتظرون دورهم للالتحاق بالجيش “الانكشاري” الجديد، تسعى أنقرة حالياً الى تجنيد مقاتلين من الأكراد الموالين لها من أجل تعزيز جبهات القتال وتوطيد دورها في المنطقة، وكذلك من أجل إيجاد جهة منافسة تقف في وجه مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” الذين انتشرت أنباء غير مؤكدة عن صولهم إلى أرمينيا لمساندتها ضد أذربيجان.

وبرز في هذا السياق اسم “رابطة المستقلين الكرد السوريين” برئاسة عبدالعزيز تمّو باعتبارها الجهة الكردية التي تعتمد عليها تركيا من أجل تجنيد مقاتلين أكراد من مدينة عفرين الواقعة تحت الاحتلال التركي منذ العام 2018.

وتشكلت “رابطة المستقلين الكرد” عام 2016 في مؤتمر عقد في مدينة أورفا جنوب تركيا. ودعمت الرابطة كل العمليات العسكرية التي قام بها الجيش التركي في الأراضي السورية بما فيها احتلاله مدينة عفرين عام 2018، وكذلك عملية نبع السلام في مدينتي رأس العين وتل أبيض في شهر تشرين الأول (أكتوبر) عام 2019.

وأفاد ناشطون إعلاميون أكراد “النهار العربي” بأن “رابطة المستقلين الكرد” تعمل حالياً على تجنيد شباب أكراد للقتال في أذربيجان من خلال ذراعها العسكرية “فرقة السلطان محمد الفاتح”، وخصوصاً من خلال القياديين في الفرقة خالد ايبش وقازقلي (لم يذكر الناشطون اسمه الكامل) وهما في الوقت ذاته عضوين في الرابطة”.

وتنضوي فرقة السلطان محمد الفاتح ضمن “الفيلق الأول” في ما يسمى “الجيش الوطني” الذي أنشأته تركيا في الشمال السوري منذ عام 2017.

أحمد مستو يظهر من جديد

وأضافت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها كونها تعمل ضد أنقرة من داخل مدينة عفرين أن عضواً آخر في الرابطة هو أحمد مستو، وهو قيادي أيضاً في فصيل “الجبهة الشامية”، يعمل بشكل حثيث على تنفيذ أوامر أنقرة من أجل تجنيد مقاتلين أكراد باسم “الجبهة الشامية”.

وذكرت المصادر بأنه جرى عام 2018 الترويج لخبر مقتل أحمد مستو، ليتبين في ما بعد أن الأمر كان مجرد مسرحية قامت الاستخبارات التركية بإعدادها لإبعاده عن الأنظار، وتأكيداً لذلك زودت المصادر “النهار العربي” بصورة لمستو التقطت قبل شهر واحد أثناء زيارة قام بها لقرية حاج خليل في ناحية راجو في عفرين.

وشددت المصادر التي تحدثت إلى “النهار العربي” على أن أعداد الكرد الذين وافقوا على الانخراط في مشروع التجنيد ما زال قليلاً في داخل مدينة عفرين، مشيرة إلى أن الخشية هي من الأكراد الذين لجأوا إلى تركيا لأن هؤلاء أوضاعهم المعيشية صعبة ويتعرضون لضغوط كبيرة من أجهزة الأمن التركية لذلك من الممكن أن يوافقوا على القتال مقابل تأمين لقمة عيشهم.

ولم يستبعد الإعلامي الكردي مصطفى عبدي صحة المعلومات التي تتحدث عن إرسال أنقرة مجندين أكراداً إلى اذربيجان، لافتاً في حديث الى “النهار العربي” الى أن “رابطة المستقلين الكرد” شكلها بالأساس جهاز الاستخبارات التركية في مدينة أورفا عام 2017 بهدف الترويج للمشروع التركي في سوريا والمنطقة، ولتشجيع الشبان الكرد على الانضمام الى الفصائل المسلحة بغية قتال “قوات سوريا الديموقراطية”، وبالفعل نجحت لحد ما في ذلك اذ تشكلت بعض الكتائب لأسماء كردية، وشاركت في الهجوم على عفرين، لكن ومع تمكن تركيا من احتلال المدينة تم اعتقال وخطف وتصفية قادة تلك الكتائب، وسحب سلاحهم وحلها، وهذا الأمر لم تعترض عليه رابطة المستقلين وقتها.

وقال عبدي أنه من خلال معلومات قام بتجميعها أخيراً، فإن مكاتب واعضاء الرابطة في مدينة عفرين، وبقية المدن التي تحتلها تركيا في شمال سوريا يقومون بالترويج لتجنيد الشباب والأطفال الأكراد، للانضمام الى ميليشيات المعارضة المسلحة الموالية لتركيا وأن هذا الأمر سيؤمن الحماية لهم ولعوائلهم من الاختطاف والتهجير.

وأضاف: “لاحقاً مع توسع نطاق النفوذ التركي الى ليبيا قامت (الرابطة) ببث دعايات تشجع تجنيد الكرد والتوجه للقتال في ليبيا، وهي إحدى الوظائف المطلوبة منها من الاستخبارات التركية التي دعمت قبل مدة انضمامهم للائتلاف، ووسعت وزادات تقديم الدعم المالي لهم.

وتقوم مكاتب الرابطة في عفرين، بتشجيع الاهالي على إرسال اطفالهم وأولادهم للقتال في اذربيجان، بتهديدات أن هذا الأمر سيكون كفيلاً بحماية بقية افراد الاسرة واملاكها.

وكانت شبكات إعلامية كردية ذكرت أن اجتماعاً بين الاستخبارات التركية (الميت) وأعضاء من “رابطة المستقلين الكرد السوريين (KKS)” حصل يوم 20 من شهر أيلول (سبتمبر) الماضي بطلب من الاستخبارات التركية من أجل الاتفاق على تجنيد شبان وفتيات من كرد مدينة عفرين المتواجدين في تركيا لإرسالهم إلى أذربيجان.

ارسال الشباب الى القتال للتخفيف منهم

وأشارت الشبكات الكردية، نقلاً عن مصادر، الى أن سبب التجنيد هو رغبة الاستخبارات التركية بإرسال أبناء المدينة للقتال في ليبيا وأذربيجان للتخلص من فئة الشباب، سواء المقيمين فيها أم خارجها. وذكرت المصادر أن الحضور أبدوا موافقتهم وأكدوا جاهزيتهم لتنفيذ ذلك والشراكة مع تركيا في المصير الواحد. وكان من بين الحضور كل من: عبدالعزيز تمو ورديف مصطفى وأدهم باشو ومصطفى مستو ومحمد محمد علي الملقب بـ أبو آزاد.

وتعرف هذه الشخصيات بعلاقاتها المشبوهة مع الاستخبارات التركية، بحسب ما أوردت الشبكات الكردية.

في ختام الاجتماع تمّ الاتفاق على فتح باب التطويع في دورات تدريبية “لأهدافٍ مهمة تخدم الشعب الكردي في مدينة عفرين”. على أن يجري لاحقاً إقناع المتطوعين وإغرائهم بمبالغ مالية عالية وممارسة نوع من التهديد والتخويف عليهم من أجل إرسالهم للقتال في ليبيا وأذربيجان.

وحاول “النهار العربي” التواصل مع بعض المسؤولين في “رابطة المستقلين الكرد” للاستفسار عن موقفهم من موضوع تجنيد الأكراد لمصلحة السياسة التركية، لكن لم يلق استجابة حتى ساعة إعداد هذا التقرير.

وتزامن تسريب المعلومات السابقة حول إذعان “رابطة المستقلين الكرد” لأوامر الاستخبارات التركية للعمل على تجنيد مقاتلين كرد والزجّ بهم في صراع كاراباخ، مع توقيع الرابطة مذكرة تفاهم مع “التحالف العربي الديموقراطي في الجزيرة والفرات” الذي يشكل واجهة سياسية مدعومة من أنقرة لمنافسة “قوات سوريا الديموقراطية” في شرق الفرات.

وكان أعلن يوم الجمعة عن توقيع المذكرة التي نصت على تبنّي رؤية متطابقة من النظام السوري والاحتلالين الروسي والايراني، وإخراج ميليشات “ب ك ك” (مقاتلي حزب العمال الكردستاني) من سورية ومحاربتها، وتسليم المحافظات الثلاث الرقة ودير الزور والحسكة إلى أهلها وتمكينهم من إدارتها.

وجاء توقيع هذه المذكرة من ضمن الحراك الذي تقوده أنقرة في شرق الفرات من أجل الردّ على مذكرة التفاهم التي وقعها حزب “الارادة الشعبية” مع “مجلس سوريا الديموقراطي” (مسد) الشهر الفائت. وتعتبر أنقرة أن أي اتفاق يشارك فيه ممثلو “حزب الاتحاد الديموقراطي” إنما يكون موجهاً ضد مصالحها ويهدد أمنها القومي.

وقد تقرر ضمّ “رابطة الكرد المستقلين” إلى صفوف “الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة” في شهر أيار (مايو ) الماضي، وذلك في خطوة اعتبرها مراقبون تلبية لرغبة تركية في تعزيز تمثيل الكرد الموالين لها في هياكلالمعارضة السورية.

وذكرت بعض التقارير الإعلامية أن مئات المقاتلين من “حزب العمال الكردستاني” وصلوا إلى أرمينيا للمشاركة في القتال ضد أذربيجان، غير أن هذه التقارير التي نشرتها وسائل إعلام تركية مقربة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لم يجرِ تأكيدها من مصادر مستقلة. وقد تكون غاية أنقرة من وراء بثّ مثل هذه الإشاعات هي خلق دافع لدى الكرد المناهضين لـ”الحزب العمال الكردستاني” من أجل تحريضهم على المشاركة في القتال في إقليم كاراباخ على قاعدة عدم السماح لخصمهم الكردي بالتمدد من دون التصدي له.

المصدر: النهار العربي -عبدالله سليمان علي

اقرأ ايضاً: مقاتلون أذربيجانيون في سوريا.. لماذا تمنع تركيا عودتهم للقتال في بلادهم؟