السبت , أبريل 20 2024
3 أباطرة من أصول عربيّة حكموا الإمبراطورية الرومانية

3 أباطرة من أصول عربيّة حكموا الإمبراطورية الرومانية

3 أباطرة من أصول عربيّة حكموا الإمبراطورية الرومانية

شام تايمز

في مطلع القرن الثالث الميلادي، كانت الإمبراطورية الرومانية تمتد في ثلاث قارات، من أقصى غرب أوروبا حتى الشام، وأجزاء من شبه الجزيرة العربية، بالإضافة إلى الشمال الأفريقي.

شام تايمز

ونظرًا لطبيعة الإمبراطورية وانطوائها على أعراق وأجناس مختلفة أتيحت الفرصة لأباطرة رومان من مختلف الخلفيات الاجتماعية والعرقية لحكم الإمبراطورية، دون حصر المُلك في عائلة واحدة كما حال ملكيات القرون الوسطى بأوروبا، فغالبًا ما كان الإمبراطور هو صاحب النفوذ الأقوى بعدَ حرب أهلية، أو من استطاع حشد تأييد الجيش لصالحه، ونادرًا ما كان لمجلس الشيوخ رأي حقيقي في تحديد الإمبراطور الجديد.

هذه المرونة في أعلى منصب في الإمبراطورية سمحت للعديد من الأباطرة من مناطق مختلفة لتقلّد المنصب، ومن بينهم «فيليب العربي» الإمبراطور المولود في منطقة شهبا السورية، وسيبتيموس سيفيروس، أوّل إمبراطور أفريقي لروما.

سيفيروس ألكسندر.. ابن عرقا اللبنانية الذي قتله جنوده

تعرف مدينة عرقا في الشمال اللبناني، باعتبارها مدينة أثريّة تعود بعض آثارها إلى العصر الحجري الحديث، كما تعرف بأنها كانت مسقط رأس أحد الأباطرة الذين حكموا الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي، الإمبراطور ألكسندر سيفيروس، الذي حكم روما منذ سنة 222 إلى غاية 235.

عرف عهد ألكسندر سيفيروس صعود الإمبراطورية الفارسية على يد الإمبراطور أردشير الأوّل الذي وصلت حدود دولته إلى العراق، وهو ما استدعى صدامًا عسكريًا مع الرومان بقيادة ألكسندر سيفيروس، لكن جيشه، وتحت قيادته الشخصية، مُني بالهزيمة لعجزهم عن التقدم للأمام.

وفي النهاية تراجع الفرس عن العراق بسبب حجم الخسائر التي طالتهم، ليعود ألسكندر سيفيروس إلى روما معلنًا النصر. ولكن النصر لم يكن حليفه في الشمال كما كان في الشرق، إذ اتجه بعدها بشهور إلى نهر الراين حيث شهدت الإمبراطورية هجمات من القبائل الجرمانية، وقد كان توجّه ألكسندر هو دفع رشاوى للقادة الجرمان مقابل إبرام معاهدات سلام معهم، ولكن جيشه لم يحبذ هذا الحل؛ ما دفع بعض القادة إلى افتعال ثورة في صفوف الجنود ضد ألكسندر، إذ رأوا في التفاوض مع الجرمان إهانة للجيش الروماني.

وانتهى هذا التمرّد بمقتل ألكسندر على يد رجاله، ومعه والدته جوليا ماميا، لتبدأ بموته فترة عصيبة على الإمبراطورية الرومانية تُعرف بـ«أزمة القرن الثالث» في تاريخ روما، وسميت بذلك بسبب الصراع على السلطة الذي هز الإمبراطورية، ففي 50 سنة فحسب من ذلك القرن شهدت روما 26 إمبراطورًا، إذ لم تدم السلطة لأحدهم أكثر من سنة أو اثنتيْن، ولذا تعتبر سنوات حكم ألسكندر سيفيروس الثلاث عشرة طويلة نسبيًا مقارنة بالأباطرة الذين جاءوا بعد عهده.

فيليب العربي.. إمبراطور روما ابن شهباء السورية

في مدينة شهباء، جنوبي سوريا، ترعرع الطفل فيليب الذي سيصير إمبراطورًا لدولة تمتدّ في ثلاث قارات بعد أن يكبر وينضم لجيش الإمبراطورية العظمى. لا تُعرف الكثير من المعلومات عن طفولة «فيليب العربي Philip the Arab»، كما يسمّى في أدبيات التاريخ الروماني، إذ تبدأ الأخبار عنه من فترة قتاله في الشرق خلال خدمته في الجيش؛ إذ كان ضمن الحملة العسكرية التي واجهت الإمبراطور الفارسي «شابور الأوّل».

وتتفاخر المخطوطات والآثار الفارسية بانتصار «شابور الأوّل» على «فيليب العربي» في الحرب، فقد خلّد الفرس هذا «الانتصار» من خلال تماثيل ورسومات تُبرز فيليب مع مرافقيه وهم يسجدون للملك الفارسي معلنين استسلامهم، بينما تذكر المصادر الرومانيّة أن فيليب قرّر عدم خوض تلك الحرب لأسباب إستراتيجية، بل سعى لطلب السلم من شابور بدفع مبلغ ضخم من المال مقابل إنهاء الحرب.

بعد ذلك أصبح فيليب قائد الحرس البريتوري، وهي فرقة من نخبة المقاتلين مهمّتهم حماية الإمبراطور، وأصبح «فيليب العربي» إمبراطورًا على روما في سنة 244 بعد وفاة سابقه الإمبراطور جورديان الثالث. استلم فيليب السلطة في عهد شديد الحساسية والاضطراب، في أزمة القرن الثالث، وبالرغم من ذلك كان عهده فيليب أكثر استقرارًا من غيره ببقائه في السلطة لأكثر من أربع سنوات.

وقد احتفلت الإمبراطورية في عهده ببلوغها ألف سنة منذ التأسيس، ويُذكر أنه استعان في عهده بأفراد من عائلته داخل دواليب السلطة، ورفع نسبة الضرائب وخفّض الإنفاق على الجيش، وهي قرارات لم تحظَ بشعبية كبيرة.

وتذكر المصادر الإيرانية أنه بعد مدّة من حكم فيليب، اشتعلت الحرب بين الإمبراطوريتين مجددًا لتجاوز الرومانيين لأراضي الإمبراطورية الفارسية. فأرسل فيليب إلى الشرق جيشًا بقيادة محارب يدعى داكيوس؛ وبفضل نجاحاته العسكرية ارتفعت أسهمه حين حلّ بالشرق ونصّبه الجنود إمبراطورًا عليهم، لينافس فيليب العربي على السلطة، وينتهي الصراع بينهما بمقتل فيليب.

ولعلّ واحدة من ميزات عهد فيليب العربي، هي تسامحه مع الديانة المسيحية المحرّمة في الإمبراطورية الرومانيّة، بل إن البعض يدعي أنه كان «أول إمبراطور روماني يعتنق المسيحية»، ولكنها معلومة متنازع عليها؛ إذ لا توجد مصادر تدعم ذلك. وبالرغم من هذا فإنه من الثابت أن فيليب أعطى سابقة فريدة في التسامح مع الديانات المخالفة، وبالخصوص المسيحية التي كان أتباعها مضطهدين آنذاك في الإمبراطورية الرومانية.

وقد بنى الإمبراطور فيليب مدينة تخلّد اسمه، «فيليبوبوليس»، في سوريا وتدعى اليوم شهبًا، جنوب سوريا، وتبعد عن العاصمة دمشق 85 كيلومترًا.

من المؤكّد أن «فيليب العربي» لم يكن «عربيًا» بالمعنى المتعارف عليه في وقتنا الحالي، ولا توجد أدلّة تاريخية على أنه يتكلّم العربية، إذ كانت عادة الرومان في ذلك الزمن نسبة الأشخاص إلى مسقط رؤوسهم.

ليبي يحكم الإمبراطورية الرومانية

الإمبراطور «سبتيموس سيفيروس Septimus Severus»، إمبراطور آخر له حضور قويّ في تاريخ الإمبراطورية الرومانية، أصله من شمال أفريقيا، بالتحديد في «لبدى العظمى»، الواقعة في ليبيا اليوم، كما أنّه تزوّج من جوليا دومنا، المولودة في حمص السوريّة.

قاد سيفيروس روما من سنة 193 إلى 211، وقد دخل إلى مجلس الشيوخ سنة 170، وبعد أن أصبح ابن عمّه قنصلًا على أفريقيا سنة 173، عين سيفيروس جنراله الخاص.

بعد اغتيال الإمبراطور على يد حرسه الخاص (الحرس البراتوري)، بدأوا البحث عن شخصيّة تملك الكفاءة اللازمة للجلوس على العرش؛ وانحصر التصويت في ثلاثة مرشّحين كان من بينهم سيفيروس الذي عرف كيف يتفادى صراعًا على السلطة مع المرشّحين الآخرين من خلال وعد أحدهما بلقب القيصر، وفي النهاية نُصب سيفيروس إمبراطورًا لروما بشكل رسمي في بمجلس الشيوخ عام 193.

ويعد سيفيروس أوّل إمبراطور روماني من أفريقيا، وقد قاد جهود توسيع الإمبراطورية في الشمال الأفريقي وأوصل حدود روما إلى الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا، وأجرى إصلاحات في القوّات المسلّحة، ورفع من رواتب الجنود، وألغى حظر الزواج المفروض على الجنود، وعزّزت هذه التحركات من قبضته على العرش.

ولعلّ القارئ العربي يجد شيئًا من التقاطع بين قصّة سيفيروس وبين الخليفة العباسي هارون الرشيد، إذ إن سيرفيروس ترك خلفه ولديْن كان يهيّؤهما للحكم، وهما جيتا وكاراكالا. وقد حاول سيفيروس الاستعانة بولديه لتقوية حكمه، إذ أعطى ابنه جيتا لقب القيصر؛ ما أثار التنافس بين ابنيه حتى وصلت أخباره للشارع.

حاول الإمبراطور إشغال الولدين بإرسالهما في حملة عسكرية إلى بريطانيا دون جدوى، واستمر الصراع على العرش، واشتدّ أكثر بعد وفاته؛ مما أعاد إلى الرومانيين ذكرى سيّئة حين فجّر الصراع على العرش حربًا أهلية قسّمت روما بين إمبراطوريْن.

وبعد وفاة سيفيروس، كان جيتا أقرب من أخيه للعرش، فمجلس الشيوخ الذي رآه الأقرب لأبيه في الملامح والصفات، كما كان يقرّب منه الكتّاب والمثقّفين، بينما كان كاركالا عصبيًا ومزاجيًا، ومع احتدام الصراع بينهما، قرّر كاركالا التخلّص من أخيه نهائيًا، فقام بدعوته لحجرة والدته للتصالح، وهناك انقضّ عليه أحد حراسه ليتركه قتيلًا بين يدي والدته.

أمهما جوليا دومنا، زوجة الإمبراطور سيفيروس، بنت حمص وبنت عائلة عربية حاكمة في الشام تدعى «باسيانوس»، والوصيّة على الإمبراطور الابن كاركالا، وكان لها اعتبار ونفوذ في روما، ولفترة من الزمن تقاسمت الصلاحيات مع زوجة كاركالا، ولكنّها أنهت حياتها منتحرةً بعد مقتل ابنها كاركالا في إحدى الحملات العسكرية التي أطلقها على الإمبراطورية الفرثية (إيران)، فتجرعت مرارة فقد ابنها الأول قتيلًا على يد أخيه، وابنها الثاني قتيلًا في أرض المعركة.

ساسا بوست

اقرأ أيضا :اللتر من دمائه يعادل ثروة.. تعرفوا على الحيوان صاحب الدم الأزرق

شام تايمز
شام تايمز