الخميس , مارس 28 2024

لماذا تستهدف طائرات التّحالف خصوم الجولاني في إدلب؟

لماذا تستهدف طائرات التّحالف خصوم الجولاني في إدلب؟

عبد الله سليمان علي

شام تايمز

ثمة قاسم مشترك بين كل الغارات التي تنفذها طائرات مسيّرة تابعة للتحالف الدولي في محافظة إدلب السورية، هو أن جميع المستهدفين في هذه الغارات هم من خصوم زعيم “هيئة تحرير الشام” أبي محمد الجولاني ومنافسيه.

شام تايمز

فبعد أيام قليلة من استهداف غارة أبا ذر المصري، وهو شخصية جهادية بارزة عمل لفترة مع جماعة “حراس الدين” قبل أن ينفصل عنهم، وكان من أشدّ المناوئين للجولاني وسياسته، جاءت مقتلة قرية جكارة الجماعية، مساء يوم أمس، ليتبين من أسماء القتلى أن معظمهم منن قيادات جهادية انشقّت عن طاعة الجولاني خلال الفترة الماضية، وسعت لتكوين جماعات خاصة بها.

وبعد اللغط الذي حصل حول الغارة الأخيرة وتبعيّة الشخصيات التي استهدفتها، إذ ذكرت بعض التقارير الإعلامية أن من بين المستهدفين قيادات في الصف الأول من “هيئة تحرير الشام”، نفت الأخيرة صحة ذلك، وأكدت حسابات مقرّبة منها على مواقع التواصل الاجتماعي أن العشاء الذي استهدفته طائرة مسيّرة أميركية بالقرب من بلدة سلقين شمال إدلب لم يكن فيه أي شخص من قيادات الهيئة.
وقالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، في بيان، إنّ “القوات الأميركية شنّت ضربة استهدفت مجموعة من كبار ‏مسؤولي تنظيم القاعدة في سوريا كانوا مجتمعين بالقرب من إدلب”.

وأضافت أنّ “القضاء على هؤلاء القياديين في تنظيم القاعدة في سوريا سيقلّل من قدرة التنظيم الإرهابي على تخطيط ‏وتنفيذ هجمات تهدّد المواطنين الأميركيين وشركائنا والمدنيين الأبرياء”.‏

ولم يحدّد البيان عدد القتلى الذين حصدتهم الغارة.‏ غير أن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال تعقيباً على الغارة إن “القصف نفّذته طائرة ‏مسيّرة واستهدف مأدبة عشاء في قرية جكارة في ريف سلقين قرب الحدود السورية – التركية وأسفر عن مقتل 14 جهادياً، ‏بينهم ستّة قياديين”.‏

وأضاف أنّ “بين القتلى خمسة جهاديين من جنسية غير سورية”، مشيراً إلى أنّ “ثلاثة من القتلى ‏ينتمون الى هيئة تحرير الشام، ومن بينهم قياديان من الصفّ الأول”.‏

واستهدفت الغارة بحسب المرصد “اجتماعاً ضمّ قادة من هيئة تحرير الشام مع جهاديين آخرين في إحدى المزارع في ‏قرية جكارة”.‏

ولكن بعد التدقيق في أسماء المستهدفين، تبيّن أن هؤلاء إما وجهاء عشائر من قبيلة العكيدات أو قيادات في فصيل “كتائب الفتح”، وهو فصيل صغير نسبياً ومعظم قياداته كانوا من المنتمين في وقت سابق إلى “هيئة تحرير الشام” لكنهم انشقوا عنها قبل حوالي سنتين.

وأبرز هذه الأسماء: الأشقاء الثلاثة سامر وعامر وإبراهيم سعاد، وأبو طلحة الحديدي، وأبو حفص الأردني، وحمود سحارة، وجرى تداول اسم أبو العبد الأشداء بين القتلى لكن لم يتم تأكيد ذلك.

وسامر سعاد هو صاحب المزرعة التي استضافت الاجتماع المستهدف، وعمل في السابق ضمن الجناح الأمني والاقتصادي لـ”هيئة تحرير الشام” إلى جانب قائد الجناح أبو أحمد حدود، الرجل الثاني بعد الجولاني، وكانت تجمع الرجلين علاقة صداقة قوية، غير أن ذلك لم يمنع سعاد من مغادرة الهيئة لأسباب مجهولة وسط تشكيك البعض في أن انشقاقه كان مجرد مسرحية لاختراق صفوف الجماعات المناهضة للجولاني.

وما يعزز من هذه الشكوك، أن جهاد الشيخ المعروف بأبي أحمد حدود غرّد على حسابه على “تويتر” بعد الغارة بوقت قصير بآية قرآنية يتم اقتباسها عادةً في مواجهة المصائب، وهي “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”. واعتبر ذلك دليلاً على استمرار علاقته بسامر سعاد برغم انشقاق الأخير المعلن.

وقد يكون أبرز المستهدفين في غارة جكارة هو أبو طلحة الحديدي الذي يشغل حالياً منصب القائد العام لـ”كتائب الفتح”، بينما كان حتى منتصف العام 2018 يتولى قيادة القطاع الشمالي من البادية في “هيئة تحرير الشام”. وكذلك الأمر بالنسبة الى القيادي حمود سحارة الذي عمل مع الحديدي في قطاع البادية بصفته نائباً له، ثم انتقل معه إلى التشكيل الجديد منفصلاً عن الهيئة.

وجرى تداول اسم أبو بلال قدس، وهو قيادي أمني في “هيئة تحرير الشام” باعتباره أحد قتلى الغارة، لكن تبين عدم صحة ذلك، خصوصاً أن المذكور جرى تعيينه منذ فترة قصيرة مسؤولاً أمنياً عن قطاع جسر الشغور لملاحقة خلايا “حراس الدين” هناك، وبالتالي لا صلة له بالملفات الأمنية المتعلقة بمناطق شمال إدلب حيث حصلت الغارة.

يتبين مما سبق أن غارة جكارة، وخلافاً لما ذكره المرصد السوري، لم تستهدف قيادات حالية ضمن “هيئة تحرير الشام”، بل إن جميع المستهدفين هم قياديون سابقون انشقّوا عنها قبل وقت ليس بقصير.

وليست هذه المرة الأولى التي يحصل بها لغطٌ حول وجود قيادات من “هيئة تحرير الشام” أثناء غارات جوية ينفذها التحالف الدولي في سماء المنطقة. ففي العام السابق أُعلن عن وجود قيادات من الهيئة في غارة استهدفت مجموعة من قيادات “حراس الدين” في ريف حلب الغربي، ليتبين لاحقاً أن ذلك غير صحيح.

وتصاعدت الخلافات بين “هيئة تحرير الشام” و”حراس الدين” خلال الأشهر الأخيرة، وقادت الهيئة حملة أمنية واسعة لتصفية واعتقال أبرز قادة المجموعة المناهضة لها، وكان آخر المعتقلين القيادي البارز أبو عبد الرحمن المكي، ومن قبله أبو يحيى الجزائري.

وقاد هذا التزامن بين الحملة التي تقودها “هيئة تحرير الشام” ضد “حراس الدين” وغارات التحالف التي تستهدف أبرز قياداته إلى بروز اتهامات بوجود تنسيق سري بين الجانبين بهدف القضاء على أبرز الجماعات التي تبايع “القاعدة” في المنطقة.

ويذهب البعض إلى القول إن تعاون الجولاني مع غارات التحالف هو أحد الشروط التي عليه الالتزام بها كي يُعاد النظر في تصنيفه على قوائم الإرهاب وإعادة تلميع صورته أمام الدول المعنية بالملف السوري.

النهار العربي

شام تايمز
شام تايمز