الخميس , مارس 28 2024
ماكرون يتراجع.. لا نحارب الإسلام ولا ننكر حضارته العظيمة

ماكرون يتراجع.. لا نحارب الإسلام ولا ننكر حضارته العظيمة

ماكرون يتراجع.. لا نحارب الإسلام ولا ننكر حضارته العظيمة

شام تايمز

حمّل ماكرون “التحريف والفهم الخاطىء لتصريحاته” سبب الأحداث والتداعيات التي أعقبت إساءته للإسلام- جيتي

شام تايمز

نشر رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون مقالا في صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، تراجع فيه بصورة صريحة عن تصريحات سابقة هاجم فيها الإسلام، وتسببت بحالة غضب كبيرة في العالمين العربي والإسلامي.

وفي مقاله الذي ترجمته “عربي21″، عبّر ماكرون عن استيائه من صحيفة “فاينانشال تايمز” المعروفة حسب رأيه بمصداقيتها ومعلوماتها الموثوق بها وتحليلاتها الثرية، وذلك على خلفية مقال نشرته الاثنين الماضي على موقعها الإلكتروني وحذفته بعد ساعات، رأى فيه الرئيس الفرنسي انتقادات في غير محلها.

وقال ماكرون ما نصه: “فرنسا لا تنكر فضل الحضارة الإسلامية: رياضياتها وعلومها، وهندستها المعمارية التي أخذنا منها الكثير، وقد أعلنت عن تشييد معهد في باريس للتعريف بهذه الحضارة العظيمة”.

وأضاف: “فرنسا هي البلد الذي يتحدث فيه القادة المسلمون عندما يحدث الأسوأ، ويدعون أتباعهم لمحاربة الإسلاموية والدفاع عن حرية التعبير”.

من الممكن ألا ترى كل هذه الحقائق، ولكن لا يجوز أن تتجاهلها بشكل مطلق، فكما كتب ابن رشد، العالم الموسوعي الذي عاش في القرن الثاني عشر: “الجهل يؤدي إلى الخوف، والخوف يؤدي إلى الكراهية، والكراهية تؤدي إلى العنف”.

وحمل ماكرون “التحريف والفهم الخاطىء لتصريحاته”، سبب الأحداث والتداعيات التي أعقبت إساءته للإسلام، وقال في مقاله: من كان يعتقد أن تصريحات علنية، يدلي بها رئيس إحدى الدول الأعضاء في مجموعة الدول الصناعية السبع، يمكن أن يقع تحريفها على صفحات هذه الجريدة ذات المصداقية العالية.

وأوضح ماكرون طبيعة الألفاظ التي تراجع عنها حيث قال ما نصه: “في الحقيقة، هذا ما حدث في مقال نُشر على الإنترنت الخميس، لقد حُرّفت تصريحاتي وتم استبدال مصطلح “الانفصالية الإسلاموية”، وهو أمر يتجسد بوضوح في بلادي، بـ”الانفصالية الإسلامية” – وهو مصطلح لم أستخدمه من قبل – وتم اتهامي بشن حملة تشويه تجاه مسلمي فرنسا لأغراض انتخابية ولإثارة البلبلة”.

لن أناقش الخلفيات المثيرة للجدل لهذا المقال، ولا حتى الأسس الأيديولوجية التي يستند إليها. أود ببساطة تذكير قُرّائكم ببعض الحقائق البسيطة، وشرح الوضع في بلادي والتحديات التي يتعين علينا مواجهتها.

منذ أكثر من خمس سنوات إلى يومنا هذا، ومنذ الهجمات التي شُنّت على شارلي إيبدو، واجهت فرنسا موجة من الهجمات التي ارتكبها “إرهابيون” باسم الإسلام الذي قاموا بتشويهه.

تم قتل 263 شخصا في بلادنا، من بينهم ضباط شرطة وجنود ومدرسون وصحفيون ورسامو كاريكاتير ومواطنون عاديون.

وفي الآونة الأخيرة، استهدف هجوم “إرهابي” جديد مقر شارلي إيبدو، لكن لحسن الحظ لم يسفر عن أي إصابات؛ وقُطع رأس مدرس التاريخ والجغرافيا، صامويل باتي؛ وقتلت امرأتان ورجل في كنيسة في نيس.

ولطالما صمدت فرنسا ووقفت بعزم وتصميم في وجه هذه الآفة التي تنخر بلادنا. أولاً، بسبب التمسك بمبادئنا، تعرضت فرنسا للهجوم من قبل “الإرهابيين الإسلاميين” لأنها تضمن حرية التعبير وحرية المعتقد وحق اختيار أسلوب الحياة مهما كان.

لقد نهض الفرنسيون ليقولوا إنهم لن يتنازلوا عن أي قيمة من قيم فرنسا أو هويتها أو أفكارها. ولن يتخلوا عن حقوق الإنسان التي أعلنتها فرنسا للعالم منذ سنة 1789.

كما وقفت أمتنا بالمرصاد للإرهابيين وتعقبتهم حيثما كانوا. يتحلى الجيش الفرنسي بشجاعة يُحتذى بها في منطقة الساحل الأفريقي، وعملياته ضد الجماعات “الإرهابية” تصب في صالح أوروبا بأكملها.

كما دفعت أجهزة المخابرات والشرطة ثمنا باهظا في محاولتها لمنع عشرات الهجمات كل سنة. تعمل الدولة بأكملها على أساس القوانين التي يناقشها البرلمان ويصوت عليها، لأننا لن نتنازل عن الديمقراطية ولا عن سيادة القانون.

لكن منذ سنة 2015، بات من الواضح، وقلت هذا حتى قبل أن أصبح رئيسا للبلاد، أن هناك أرضًا خصبة للخطاب الإرهابي في فرنسا.

في مناطق معينة وعبر شبكة الإنترنت، تقوم الجماعات المرتبطة بالإسلام الراديكالي بتعليم الأطفال المبادئ التي تشجع على كراهية الجمهورية وتدعوهم إلى تجاهل قوانينها. لهذا السبب أسميتها “الانفصالية” في إحدى خطاباتي.

إذا كنتم لا تصدقونني، إقرأوا مجدّدا الرسائل المتبادلة والدعوات إلى الكراهية التي انتشرت باسم الإسلام بشكل مضلّل على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أدّت في نهاية المطاف إلى قتل الأستاذ صامويل باتي قبل أيّام.

زوروا الأحياء التي ترتدي فيها فتيات صغيرات أعمارهنّ ثلاث أو أربع سنوات النقاب ويتلقّين تربية في ظلّ جوّ من الكره لقيَم فرنسا.

تحدثوا إلى السلطات التي تواجه على أرض الواقع مئات المتطرفين، الذين نخشى أن يمسكوا سكينًا ويقتلوا الناس في أي لحظة. هذا ما تعمل فرنسا على محاربته – مخططات الكراهية والموت التي تهدد أطفالها – وليس الدين بتاتا، نحن نعارض الظلامية والتعصب والتطرف العنيف وليس الدين في حد ذاته.

ونحن نقول: “لن نسمح بهذه الممارسات في بلدنا!” ولدينا كل الحق في أن نقول هذا، كدولة ذات سيادة وشعب حر.

سنقف بالمرصاد ضد “الإرهابيين” الذين يريدون تحطيمنا. يمكن أن نحقق ذلك بعيدا عن التقارير الإخبارية التي تعمل على تفريقنا.

لن أسمح لأيٍّ كان بأن يزعم أن فرنسا أو حكومتها تعمل على تعزيز العنصرية ضد المسلمين. إن فرنسا – التي تتعرض للهجوم لهذا السبب – دولة علمانية بالنسبة للمسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين وجميع المؤمنين.

حياد الدولة، التي لا تتدخل في الشؤون الدينية على الإطلاق، يضمن حرية المعتقد. وتطبيق القانون يحمي المساجد والكنائس والمعابد اليهودية على حد سواء.

لذلك دعونا نتوقف عن تغذية الجهل بتشويه كلام رئيس الدولة. نحن نعلم جيدًا إلى أين يمكن أن يؤدي ذلك. دعونا في المقابل ندعم العمل الصارم والرصين؛ ونقتدي بالحكمة والقيادة المستنيرة.

عربي 21

اقرأ أيضا: الإمارات تدعو إلى مقاربة جديدة لإنهاء العنف في سورية

شام تايمز
شام تايمز