الأربعاء , أبريل 24 2024

كيف تكافح التدخين على الطريقة الكورية الشمالية ؟

كيف تكافح التدخين على الطريقة الكورية الشمالية ؟

كيف يمكن لدولة مثل كوريا الشمالية أن تتعامل مع واحد من أعلى معدلات التدخين في العالم، بينما يرسل زعيمها رسالة خاطئة من خلال تدخينه المستمر في الأماكن العامة؟

وقد كان هناك عدد من الحملات ضد التدخين في البلاد حيث يدخن ما يقرب من نصف الرجال البلاد، ولكن لا توجد مدخنات، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية.

وقد حدد قانون صدر في وقت سابق من هذا الشهر حظرا على التدخين في الأماكن العامة في كوريا الشمالية، ووضع قواعد لتوفير بيئة “أكثر ثقافة وصحة” للناس.

لكن وسائل الإعلام الحكومية غالبا ما تظهر الزعيم الأعلى، كيم جونغ أون، وفي يده سيجارة ليضرب مثالا سيئا، إذن ما الذي تحققه بالضبط إجراءات مكافحة التدخين في البلاد؟

ماذا يقول القانون الجديد؟

ينص قانون حظر التبغ الذي تم تبنيه في أوائل نوفمبر / تشرين الثاني الجاري على القواعد التي يجب على جميع المؤسسات والمنظمات والمواطنين “اتباعها لحماية أرواح الناس وصحتهم”.

ويشدد القانون على “الضوابط القانونية والاجتماعية في إنتاج وبيع السجائر وعلى التدخين كما هو مطلوب في سياسة حظر التبغ الحكومية”.

كما يذكر الأماكن التي يحظر فيها التدخين ، مثل المناطق المخصصة “للتثقيف السياسي والأيديولوجي” والمسارح ودور السينما والوحدات التعليمية والمرافق الصحية العامة ووسائل النقل العام، وهناك حديث عن عقوبات لكن وسائل الإعلام الحكومية لم تقل ما هي تلك العقوبات.

متى بدأت حملات مكافحة التدخين؟

أصبحت حملات مكافحة التدخين في كوريا الشمالية أمرا معتادا بعد أن أصبحت من الدول الموقعة على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ والتي صدّقت عليها في عام 2005.

وكجزء من قانون مكافحة التبغ في البلاد، وضعت ملصقات تحذيرية على عبوات السجائر وقيود على التدخين في الأماكن العامة.

وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية إن حملة “سريعة” جرت في عام 2019 لإبلاغ المدخنين عن “أضرار” هذه الممارسة، كما قالت وسائل إعلام رسمية أيضا إنه تم اتخاذ خطوات لتقييد استيراد التبغ المصنوع في الخارج.

وذكر موقع يوميات كوريا الشمالية ومقره العاصمة الكورية الجنوبية سول أن التليفزيون الكوري الشمالي وصف أولئك الذين يدخنون في الصباح والمساء بأنهم أشخاص “غير معقولين”.

وقد تم خلال هذا العام إطلاق موقع إلكتروني يقدم معلومات حول مخاطر التدخين، وفي حملة دعائية بهذا الشأن، وقالت أريرانغ ميري، وهي منصة الإنترنت الإخبارية الكورية الشمالية التابعة للدولة: “العلم والمعلومات مهمان في حملات مكافحة التدخين”.

زعيم مدخن

لكن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مدخن شره، وهو غالبا ما يشاهد وهو يحمل سيجارة خلال زياراته التفقدية، سواء كان ذلك في معسكر للأطفال أو أثناء الإشراف على اختبار صاروخ.

وفي فبراير/شباط عام 2019 صُور وهو يدخن أثناء استراحة خلال رحلته بالقطار إلى فيتنام لحضور قمته الثانية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما حملت شقيقته كيم يو جونغ منفضة السجائر له.

وتردد أن ري سول جو، زوجة كيم، حثته على الإقلاع عن التدخين، لكنه “لا ينصت لها”، حسبما ذكرت بعض وسائل الإعلام.

هل صحيح أن النساء لا يدخن؟

ظلت معدلات التدخين مرتفعة في كوريا الشمالية لسنوات، ولا تزال كذلك بالرغم من أنها تنخفض ببطء شديد.

ويقول تقرير لمنظمة الصحة العالمية لعام 2019 إن 46.1 في المئة من جميع الرجال فوق سن 15 عاما في البلاد يدخنون.

وبحسب البيانات، لا يوجد نساء يدخن، وربما يكون ذلك بسبب ازدراء النساء للتدخين في المجتمع الكوري الشمالي.

وقال جيمس بانفيل، مدير منظمة كورياناكونيكت وهي منظمة غير حكومية مقرها أمريكا وتعمل في كوريا الشمالية، لبي بي سي قسم المتابعة الإعلامية: “إنه من المحرمات ثقافيا واجتماعيا أن تدخن النساء في الأماكن العامة، وخاصة الشابات، وحتى بالمقارنة مع كوريا الجنوبية، في كوريا الشمالية، تدخن بعض النساء المتزوجات أو المسنات في أماكن خاصة”.

وقال مين تشاو تشوي، وهو صحفي متخصص في موقع نورث كوريا نيوز: “يُعرف التدخين في كوريا الشمالية بأنه كان ولا يزال مرتبط بالرجال الذين يستهلكون التبغ، وللتدخين دور في ثقافة الذكور الاجتماعية والوظيفية والعسكرية في كوريا الشمالية، والإفراط في استهلاك التبغ والإدمان مقبول ثقافيا بالنسبة إلى الرجال”.

وفي الواقع، يتم استخدام النساء في حملات الدولة لثني الرجال عن التدخين.

وقد بثت قناة تليفزيون الدولة ذات مرة برنامجا بعنوان “العنصر المفضل ذو الجودة الإضافية الذي يهدد الحياة”، وبخت فيه النساء المدخنين الرجال، واصفات إياهم بـ “الحمقى الذين يزعجون محيطهم”.

وبغض النظر عن السياق الثقافي والمعادلات الجندرية (المتعلقة بالنوع الاجتماعي)، فإن التدخين يقتل أعدادا كبيرة في كوريا الشمالية.

ففي كل عام يموت أكثر من 71.300 شخص في كوريا الشمالية بسبب الأمراض التي يسببها استهلاك التبغ، وفقا للبيانات التي جمعها أطلس التبغ.

وبالمقارنة، فإن أستراليا، الدولة التي يبلغ عدد سكانها ما يزيد قليلا عن 25 مليون نسمة، لديها 22.200 حالة وفاة سنويا بسبب استهلاك التبغ.

إذن ما الذي حققته هذه الحملات؟

يشعر بعض خبراء الصحة أن هذه المبادرات لها تأثير.

وقال كي بي بارك، مدير مشروع السياسة الصحية الكورية في كلية الطب بجامعة هارفارد لبي بي سي قسم المتابعة الإعلامية: “أقل من نصف الذكور البالغين أو 46.1 في المئة بالتحديد هم مدخنون، وذلك أقل من 52.3 في المئة في عام 2009، وخلال أكثر من 20 زيارة على مدار 13 عاما إلى كوريا الشمالية رأيت عددا أقل من المدخنين في بيونغ يانغ وخاصة بين الذكور الأصغر سنا”.

ولكن يبدو أن هناك رسائل مختلطة لأن السجائر متاحة بسهولة وبأسعار معقولة في كوريا الشمالية.

و يقول مين تشاو تشوي: ” تسعى كوريا الشمالية، مثل العديد من الدول، جاهدة نحو مفهومها الخاص للحداثة والذي يتضمن بعض السياسات الصحية الحديثة مثل الإقلاع عن التدخين، وغالبا ما يكون الاختلاف بين تطلعات النظام وما يحدث في الواقع كبيرا، ويمكن ملاحظة هذا الانقسام في سياسات البلاد المتعلقة بالتدخين مقابل ثقافة التدخين المزدهرة”.

ويشعر بعض المحللين أن هناك حاجة إلى وسائل ردع أقوى لحمل الناس على التخلص من هذه العادة.

ويقول بانفيل: “ربما تهدف حملات مكافحة التدخين إلى الحد من التدخين في أماكن معينة، وبخلاف قوة الإرادة المطلقة لا توجد آليات كثيرة لمساعدة الشخص على الإقلاع عن التدخين في كوريا الشمالية”.

لكن تخيل كيف ستكون الرسالة قوية إذا جعل القائد من نفسه قدوة وقرر الإقلاع عن التدخين؟ بالطبع ليس هناك معرفة عن متى سيحدث ذلك أو ما إذا كان سيحدث أصلا.

بي بي سي