الخميس , مارس 28 2024
ماذا كان قبطان تيتانيك يفعل بينما كانت سفينته تغرق؟

ماذا كان قبطان تيتانيك يفعل بينما كانت سفينته تغرق؟

ماذا كان قبطان تيتانيك يفعل بينما كانت سفينته تغرق؟

شام تايمز

ميث ظهر في قمرة قيادة تيتانيك بعد لحظات قليلة من بداية الغرق، وسأل بماذا اصطدمت السفينة التي كانت تبحر في رحلتها الأولى عبر المحيط الأطلسي.

شام تايمز

أجاب كبير الضباط الأسكتلندي ويليام مردوخ: “جبل جليدي يا سيدي”، ثم بدأت أسوأ ليلة في حياة إدوارد جون سميث، التي كانت ستمسي ساحرة لولا هذا الحادث المأساوي.

فعلى مدار أكثر من 40 عاماً في البحر، نادراً ما تعرض هذا القبطان الماهر لحادث مماثل، لكنه تحمل مسؤولية واحدة من أسوأ الكوارث البحرية في التاريخ. ففي غضون ساعات، مات أكثر من 1,500 شخص بين ركاب وأفراد طاقم السفينة، من بينهم سميث نفسه.

لم يُعثر على جثة سميث مطلقاً، ولا تزال لحظاته الأخيرة لغزاً، مع وفرة في الروايات المتضاربة، ومنها رواية قفَز فيها من السفينة وهو يحمل رضيعاً. فحسبما كتب المؤلف وين كريج وايد في كتاب The Titanic: End of a Dream: “حصل كابتن سميث على ما لا يقل عن خمس ميتات متنوعة، من ميتات بطولية إلى مخزية”. كذلك انتشرت شائعات عن نجاته.

تقارير متضاربة وصلت إلى قبطان تيتانيك
في البداية عندما اصطدمت السفينة أجرى الضابط الرابع جوزيف بوكسهول فحصاً سريعاً للسفينة وعاد إلى القمرة ليبلغ أنه لم يجد أي ضرر. ولكن مهما كان الشعور بالارتياح الذي شعر به سميث في تلك اللحظة، فقد تحطم بسرعة.

إذ أفاد توماس أندروز، المصمم الرئيسي لتيتانيك، أن فحصه كشف عن حدوث فيضان فيما لا يقل عن 5 من 16 مقصورة مقاومة للماء في السفينة، ومع أنه كان من الممكن أن تظل السفينة طافية حتى إذا غُمرت أربع حجرات بالماء بحد أقصى، اعتماداً على موقعها، فإن انغمار الخامسة يدخلها مرحلة كارثية. وفي منتصف الليل تقريباً، نُقل أن أندروز أخبر سميث أن تيتانيك قد تصمد من 60 إلى 90 دقيقة أخرى، ثم ستحل الكارثة.

عرف سميث الآن أن مصير تيتانيك مشؤوم. وكان يعلم أيضاً أن قوارب النجاة البالغة 20 قارباً، بسعة إجمالية تبلغ 1,178 فرداً، لا يمكنها أن تبدأ في استيعاب أكثر من 2,200 فرد من الركاب والطاقم.

عندما أيقن قبطان تيتانيك المصير المشؤوم، ماذا فعل إنقاذ الركاب؟
كان لا يزال لدى القبطان بعض الأمل في تجنب كارثة شاملة. فبعد وقت قصير من الاصطدام، رأى هو والضباط الآخرون ما اعتقدوا أنه أضواء سفينة قريبة. وقدَّر العديدون أنها لم تكن أبعد من 8 كيلومترات.

وفي الساعة 12:05 صباحاً، أعطى سميث أوامره بكشف قوارب النجاة وتنبيه الركاب. وفي غضون ذلك، أخبر اثنين من مشغلي اللاسلكي الموجودين على متن السفينة بالاستعداد لإرسال إشارات الاستغاثة. وبعد عشر دقائق، وفقاً لتقدير المشغل الناجي، عاد وأعطاهم الأمر بإرسال CQD، وهو نداء الاستغاثة العالمي الذي استُبدل بعد فترة قصيرة بنداء SOS.

لم تجب السفينة التي رصدوها في المدى، لكن أجاب العديد غيرها. فقد ردت السفينة الأقرب، آر إم إس كارباثيا، بأنها ستغير مسارها وتسرع إلى موضع تيتانيك. لكن كارباثيا كانت على بعد 93 كيلومتراً، أو نحو أربع ساعات. وكانت الساعة في ذلك الوقت قد تخطت 12:30 صباحاً بقليل.

وأملاً في جذب انتباه السفينة الغامضة القريبة، أمر القبطان بإطلاق صواريخ استغاثة في الساعة 12:45 صباحاً. وفي الوقت نفسه، حاول بوكسهيل الاتصال بها بمصباح إشارة، مرسلاً التماساً للمساعدة في شفرة مورس. ولم يصدر رد على أي منهما.

من الصدمة نسي أمر قوارب النجاة!
في الساعة 12:45 صباحاً تقريباً، أنزل أفراد الطاقم أول قارب نجاة من تيتانيك إلى سطح المحيط. بالرغم من أن سميث أمر بالكشف عن القوارب قبل 40 دقيقة تقريباً، لم يصدر أمراً ببدء تحميلها وإنزالها حتى ذكّره الضابط الثاني تشارلز لايتولر بسؤال: “أليس من الأفضل إدخال النساء والأطفال في القوارب سيدي؟”.

وكان هذا أحد الحوادث العديدة التي دفعت بعض المؤرخين إلى التساؤل عما إذا كان سميث قد دخل في حالة صدمة.

ففي واقعة أخرى، أمر سميث بإنزال قارب نجاة من سطح السفينة إلى سطح التنزه، بحيث يمكن للركاب الصعود إليه بسهولة أكبر. فذكَّره راكب بلطف: “أنسيت يا سيدي أن كل تلك النوافذ الزجاجية مغلقة؟”، ليجيبه سميث: “بالله إنك محق!”. ويبدو أنه قد خلط بين سطح الممشى المغلق جزئياً في تيتانيك والمفتوح تماماً في شقيقتها أوليمبيك، التي كانت تحت قيادته في وقتٍ سابق.

ومن تلك النقطة فصاعداً، أصبحت أنشطة سميث أغمض. فلم يفقد الأمل في السفينة الغامضة، وأمر طاقم قارب نجاة واحد على الأقل بالتجديف باتجاه الأضواء وإنزال الركاب والعودة إلى تيتانيك لحمل المزيد.

وتفقد سميث أيضاً بشكل دوري التحديثات لدى مشغلي اللاسلكي حتى الساعة الثانية صباحاً تقريباً، ثم أعفاهم من الخدمة وأخبرهم بأن يحاولوا إنقاذ أنفسهم، وفق رواية نقلها موقع History البريطاني.

ظاهرياً، يبدو أن سميث قد حافظ على رباطة جأشه، وظهر حتى النهاية بمظهر القائد، على الأقل بالنسبة لمعظم المراقبين. فقد كتبت ماي سلون، مضيفة ناجية من تيتانيك، في رسالة بعد وقت قصير من الكارثة: “رأيت الكابتن سميث يتحمس. لم يكن الركاب ليلاحظوا، لكنني لاحظت ذلك. كنت أعلم أننا سنغادر قريباً”.

5 ميتات مختلفة لقبطان السفينة الأشهر
في الساعة 2:20 صباحاً، اختفى الجزء الأخير من تيتانيك بين الأمواج. لم تُعرف لحظات سميث الأخيرة بشكل قاطع، لكن التقارير تباينت بشكل كبير.

تقول بعض التقارير الصحفية المبكرة، التي يُزعم أنها مدعومة بشهود عيان، إنه أطلق النار على نفسه بمسدس، رغم قلة المؤرخين الذين يمنحونها أي مصداقية. فيما قال هارولد برايد، مشغّل اللاسلكي الناجي، وهو شاهدٌ أكثر موثوقية، إنه رأى سميث “يقفز من القمرة إلى البحر”. وقال آخرون إن موجة جرفته أو، بعد أن جرفته، سبح عائداً إلى تيتانيك ليلاقي نهايته.

فيما ادعى العديد من الشهود أنهم رأوه بالماء. ففي رواية منسوبة إلى هاري سينيور، رجل الإطفاء في تيتانيك، قفز سميث من السفينة مع “طفل رضيع محمول بحنان بين ذراعيه”، وسبح إلى قارب نجاة قريب، وسلَّم الطفل وسبح عائداً نحو تيتانيك، قائلاً: “سأتبع السفينة”.

لكن لا يزال البعض الآخر يعتقد أنه وصل إلى قارب نجاة مقلوب لكنه فقد قبضته، ربما عندما انفجرت إحدى مداخن تيتانيك الهائلة وارتطمت بالمياه المحيطة.

لكن هل مات حقاً؟
ما يزال الأغرب أن هناك عديداً من التقارير التي نُشرت على نطاق واسع، والتي تفيد بأنه لم يمت أصلاً. فعلى سبيل المثال، بعد ثلاثة أشهر من كارثة تيتانيك، وتحديداً في يوليو/تموز 1912، أبلغ رجل من بالتيمور يدعى بيتر بريال، عن رؤية سميث في شوارع تلك المدينة. لم يكن بريال مجرد رجل مهووس، بل رجل أعمال محلياً يحظى بتقدير كبير، ادعى أنه كان ضابطاً على متن سفينة “وايت ستار لاين ماجستيك” قبل نحو 30 عاماً، حين كان سميث قبطانها. وإضافة إلى ذلك، أكد طبيب بريال أنه “عاقل تماماً ولا يهلوس”.

في الواقع، قال بريال إنه رأى سميث مرتين، مرة يوم الأربعاء ومرة ​​أخرى في يوم السبت التالي، عندما عاد إلى المكان نفسه للبحث عنه. بعد ساعة من الانتظار، قال إنه رأى سميث قادماً واقترب منه وسأله عن حاله. أجاب الرجل: “على ما يرام يا بريال، لكن من فضلك لا تعطلني. أنا أعمل”.

وقال بريال إنه تبِع سميث إلى محطة قطار. وأفاد بريال بأنه قبل أن يستقل القطار المتجه إلى واشنطن مباشرة، ابتسم له الرجل وقال: “كن بخير يا رفيق السفينة، إلى أن نلتقي مجدداً”.

وصرَّح بريال لمراسل قائلاً: “لا يوجد احتمال لأن أكون مخطئاً. سأعرفه حتى من دون لحيته”.

وعاد سميث إلى الأخبار في عام 1940، عندما أشارت رسالة في مجلة Life الأمريكية إلى أن القبطان قضى أيامه الأخير بوصفه مُسِناً منسيّاً بمدينة ليما في ولاية أوهايو، وعُرف باسم “سميث الصامت”.

ومن بين الأدلة التي دعمت هذا الادعاء، أن الرجل وصل إلى المدينة بعد ثلاث سنوات من كارثة تيتانيك، ولم يذكر اسماً لنفسه إلا “سميث”، وكان بعمر يقارب عمر سميث وحجمه تقريباً، وكان يحمل نوعاً من الوشوم الشائعة بين البحارة. ويبدو أن المجلة لم تكن على دراية بأنه فور وفاة سميث الصامت في عام 1915، حددت صحيفة Lima News هوية الرجل على أنه مايكل ماكينا.

قبطان تيتانيك المختفي في نظر القانون!
في أعقاب الكارثة مباشرة، صوَّرت الصحف سميث بوصفه بطلاً: القبطان الشجاع الذي غاص مع سفينته. وبالنسبة للشرير، كان هناك جاى بروس أيزماي، رئيس شركة White Star، الذي نزل في قارب نجاة واتُّهم بالضغط على سميث للحفاظ على سرعة متهورة.

في التحقيقات البريطانية والأمريكية التي تلت ذلك، ظهرت صورة أعقد. حيث اتُّهم سميث بتجاهل تحذيرات من الجليد أصدرتها السفن الأخرى، وبالفشل في تقليل سرعة السفينة لتلائم الظروف الواقعية.

لكن برَّأه التحقيق البريطاني بشكل أساسي، قائلاً إنه لم يفعل شيئاً لم يفعله القادة الآخرون. أما التحقيق الأمريكي فكان أشد قسوة في حكمه. إذ اتهم ويليام ألدن، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان الذي ترأس لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ، سميث قائلاً إن “عدم اكتراث كابتن سميث للخطر كان أحد الأسباب المباشرة والمساهمة في هذه المأساة غير الضرورية”.

لكن السيناتور أشاد به أيضاً؛ لـ”تحمُّله الرجولي واهتمامه الرقيق بسلامة النساء والأطفال الصغار”، وكذلك “إقدامه على الموت”.
وكالات

شام تايمز
شام تايمز