الخميس , مارس 28 2024
روسيا وسورية: الفروق الدقيقة في علاقات الحلفاء

روسيا وسورية: الفروق الدقيقة في علاقات الحلفاء

روسيا وسورية: الفروق الدقيقة في علاقات الحلفاء

شام تايمز

ألكسندر أكسينينوك
أصبحت روسيا وسورية حليفين تدريجياً منذ اندلاع الحروب في الدولة الواقعة في الشرق الأوسط في عام 2011. وهذا ما أكده زعيما كلا البلدين، ويُعدّ أمراً مسلّماً به في الغرب ودول أخرى في المنطقة. أثارت في الوقت نفسه، التشابكات المعقدة للعلاقات في سورية وحولها أسئلة معينة من زملائنا وشركائنا في مركز دمشق للأبحاث والدراسات (مداد). معظمها منطقيّ تماماً وتحتاج بالفعل للبدء في مناقشتها على مستوى الخبراء.
تتمتع روسيا وسورية بتاريخ طويل من التعاون في العديد من المجالات. وكان البَلدان على علاقة وثيقة وبخاصة إبان رئاسة الرئيس حافظ الأسد، رجل الدولة البارز الذي حظي باحترام عالمي. إذ تم التوقيع على معاهدة صداقة وتعاون في ذلك الوقت، لكنها كانت أكثر من وثيقة إطارية ولم تفرض أي التزامات قانونية دولية محددة على أيّ من الطرفين. كانت هذه علاقات ثقة صمدت أمام اختبار الحرب مع “إسرائيل” عام 1973 في مرتفعات الجولان والحرب الأهلية في لبنان (1975-1989)، إذ قاتل الجيش السوري بمشاركة المستشارين العسكريين السوفييت بشكل غير مباشر. كما كانت هناك خلافات حول الوضع في الحركة الفلسطينية والموقف الشخصي لياسر عرفات. ومع ذلك، تم حلّ هذه الخلافات بالحوار المنتظم القائم على الثقة على أعلى مستوى والمشاورات السياسية العسكرية الوثيقة.

شام تايمز

كانت العلاقات الروسية السورية في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما “انسحبت” روسيا، المثقلة بمشاكلها الداخلية، من الشرق الأوسط، في حالة تدهور. بعد انتخابه رئيساً، قام بشار الأسد بالالتفات نحو أوروبا، وبخاصة فرنسا أيام جاك شيراك، بكونها مركزاً لاحتواء الولايات المتحدة، التي اتهمت سورية بدعم المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي. قام الرئيس بشار الأسد بالزيارة الأولى لروسيا في عام 2005. وغطّت الاتفاقيات التي تم التوصل إليها على أعلى مستوى مجموعة واسعة من القضايا في مجال التعاون العسكري – التقني والاقتصادي في سياق تسوية سورية لديونها بالكامل، وأعطت دفعة جديدة لتطوير العلاقات الثنائية في ظل الظروف الجيوسياسية المتغيرة.

مَنْ يحتاج مَنْ أكثر؟

تحوّل “النزاع” في سورية في عام 2011، إلى مواجهة مسلحة. ومنذ ذلك الحين، سيطر المكوّن العسكري على التعاون الروسي – السوري. تدخلت روسيا بشكل مباشر في النزاع بناءً على طلب الرئيس بشار الأسد، وهي حقيقة تم تأكيدها عبر الاتفاقيات الحكومية الدولية بين البلدين، والتي، على عكس الاتفاقيات العرضية إلى حدّ كبير التي أبرمت مع عدد من الدول العربية في الماضي، تحدد التزامات محددة لكلا الطرفين. وهكذا تمّ منح العلاقات صفة جديدة.

إذ تم توجيه كافة الجهود لصد التهديد الإرهابي وإنقاذ الدولة السورية.

في المدة التي سبقت التدخل الحاسم للقوات الجوية الروسية، اتفق معظم الخبراء العسكريين في جميع أنحاء العالم على أن “الإرهاب الدولي” قد وصل إلى ضواحي دمشق، وأن تغيير الحكومة بات وشيكاً، برغم قتال الوحدات الإيرانية وحزب الله اللبناني في سورية.
بعد خمس سنوات، تم تدمير البنية التحتية العسكرية والإدارية لتنظيم “داعش”، وإضعاف المعارضة المسلحة، ولم تعد جيوب الإرهاب المتبقية تشكل تهديداً حقيقياً لـ “الرئيس الأسد”.

كانت الأهداف في ذلك الوقت واضحة، وبطبيعة الحال، لم تكن هناك أسئلة حول ما ينتظره الشعب السوري من روسيا.

لماذا شهدت موسكو ودمشق تصاعداً في الهجمات الإعلامية على غرار من يحتاج من أكثر وما أسباب “عدم اليقين” و”الشكوك” التي يفكر فيها المحللون السياسيون السوريون بطريقة ودية، متسائلين عما إذا كانت روسيا تنوي “التخلي عن سورية وترك الدولة السورية تتعامل مع الضغط المتزايد من الولايات المتحدة أم لا؟ ما التغييرات التي حدثت الآن بعد أن توقفت المرحلة النشطة من “النزاع”؟

لا تدع رواية الجانب الروسي الرسمية مجالاً للشك في موقفها المبدئي. يُعدّ الاحتفاظ بالقواعد الجوية والبحرية في البحر المتوسط خطوة استراتيجية، ما يعني أن روسيا ليس لديها أي “سيناريوهات انسحاب”.

وبحسب وزارة الدفاع الروسية، فإن دعم العملية السورية بالعتاد لا يتجاوز الأموال المخصصة لذلك في ميزانية الدفاع. ويبقى هذا الدعم مرناً ويميل عموماً إلى التقلص مع تراجع العمل العسكري.

إن إضفاء الشرعية على “دخول روسيا” هو أمر آخر تماماً، من وجهة نظر الوثائق القانونية المبرمة بين روسيا وسورية وعلى نطاق دولي واسع.

وهو شيء لا يعتمد على روسيا وحدها، إذ يجب أن يكون في مصلحة دمشق نفسها بشكل أساس.

أي أنه يتوجب على البلدين فعلياً إيجاد توازن القوى على المدى الطويل، سواء في حرب لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى، أو في مدة ما بعد الحرب.

وتبقى وجهة نظرنا هنا واضحة: باستخدام الواقعية السياسية كنقطة انطلاق، تحتاج روسيا وسورية إلى الموازنة بشكل صحيح بين الأهداف الاستراتيجية المشتركة والبحث عن أفضل السبل للتعامل مع الاختلافات التكتيكية المحتملة.

“قانون قيصر”: تحدٍّ جديد لسورية؟

من الجدير بالذكر أن زميلي الموقر عقيل سعيد محفوض يصف في مقال تحليلي الوضع الحالي في سورية بأنه حرب “مفتوحة” لا تلوح في الأفق لها نهاية، ويطرح على روسيا أسئلة مثل: ما “الوسط” بين “التكاليف الباهظة” و”العوائد المنخفضة”… بين “الانسحاب” من سورية و”الاستمرار” في المسار؟”.

من الواضح وجود “سوء التفاهم”، ومن أجل تحليل التوقعات بشكل صحيح، نحتاج إلى العودة معاً إلى النقطة الجوهرية في الوقت الذي وصلنا إليه بعد خمس سنوات من تعاون الحلفاء.

لا تزال تقييماتنا العامة هي نفسها بشكل أساس. إن التحديات والتهديدات التي تواجهها سورية حالياً هي تحديات اقتصادية، وتأثيرها مدمر بسبب العقوبات، وبخاصة “قانون قيصر”، مع انتشار جائحة فيروس كورونا الذي يزيد الوضع سوءاً.

لا توجد في الحقيقة أي متطلبات مسبقة تقريباً لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار الكبرى بعد الحرب في سورية.

يقاتل معظم السوريين من أجل البقاء في مواجهة تزايد ارتفاع الأسعار والغذاء ونقص الطاقة والوقود والبنية التحتية المدمرة. تحشد الحكومة السورية مواردها المالية المحدودة للتخفيف من العواقب الاجتماعية والاقتصادية على البلاد، مع التركيز على دعم الأنشطة التجارية والحفاظ على نظام الدعم.

من الواضح تماماً في الوقت نفسه، أن حلّ مشكلة استمرار قصور الأداء الاقتصادي لا يمكن حلّه دون مساعدة خارجية عاجلة. لكن من الواضح أيضاً، على عكس حالة لبنان، أن مصادر مثل هذه المساعدة لسورية قليلة جداً.
وتقوم الحكومة الروسية، بدورها، بفعل كل ما في وسعها لتقديم مساعدة حقيقية للشعب السوري (شحنات عاجلة من الحبوب والأدوية والمعدات على شكل منح أو عقود؛ إعادة بناء مرافق البنية التحتية المدنية وخطوط الاتصال؛ تقديم المساعدات الإنسانية، إلخ).

تشجع الحكومة الروسية الشركات الروسية على التعاون مع الشركات السورية بشكل أكثر فاعلية وإقامة الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

تتوقع روسيا أن تتخذ الحكومة السورية مزيداً من الخطوات لإنشاء أنظمة حكم مركزية ومحلية تضمن التعامل مع الفساد، وتقدم تسهيلات للمستثمرين الأجانب، وتتأكد من تنفيذ وإطاعة القوانين، وأن يفسح “الاقتصاد العسكري” بطبيعة المجال لعودة التجارة والعلاقات والاقتصادية بأسرع ما يمكن. يمكن النظر لخطاب الرئيس بشار الأسد أمام أعضاء الحكومة المشكلة حديثاً كخطوة رئيسة في هذا الاتجاه.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المقال الذي نشره مركز دمشق للأبحاث والدراسات يركز على روسيا، ومعظم الأسئلة موجهة إلى موسكو وكأنها تحمل نوعاً من “المفتاح السحري” لحل المشاكل كافة.

في الوقت نفسه، يُنظر إلى النصيحة العملية والنقد الودي على أنهما “ضغط” و”تدخل”. أما بالنسبة للديناميات السلبية، فما موقف دمشق من حقيقة أنه بعد انتهاء المرحلة العسكرية النشطة، لم يتغير شيء سوى تعزيز “الضغط النفسي” وتشديد “الخناق الاقتصادي” على سورية؟ وفي ما يتعلق بالديناميات الإيجابية، ما الاستنتاجات التي يجب أن يتوصل إليها السوريون أنفسهم في ما يخص ميزان القوى والخطوات السياسية التي ينبغي اتخاذها؟ لقد غابت هذه الجوانب المهمة عن رادار زملائنا السوريين. نودّ أن نفهم المقصود بعبارة (“العودة إلى” اشتراطات “قرار مجلس الأمن رقم 2254 […] بمثابة العودة إلى آذار/مارس 2011).

إتباع نهج مرن من دمشق

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مناسبات عديدة إن موقف روسيا من قضية التسوية السورية ينطلق من فرضية أن الحل العسكري مستحيل.

وأكد سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا الاتحادية في المحادثات التي جرت مع المبعوث الخاص للأمين العام لسورية غير بيدرسون في موسكو في 3 أيلول/سبتمبر (التي جرت بعد أيام قليلة فقط من جلسة لجنة صياغة اللجنة الدستورية في جنيف)، أن روسيا تدعم جهود بيدرسون لمساعدة الشعب السوري على التوصل إلى اتفاق بشأن الإصلاح الدستوري وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 كدولة ذات سيادة وأحد الضامنين لمسيرة أستانا.

وصادق على هذا الموقف «ترويكا أستانا» وهو معروف لدى القيادة السورية ولا يثير اعتراضات علنية.

يتوقع بعض المحللين السياسيين الروس المطلعين أن يقوم السوريون، وربما الرئيس بشار الأسد نفسه، بقيادة بعض المبادرات الرئيسة التي ستطلق عملية جنيف – ليس كعودة إلى الوضع في عام 2011، ولكن كوسيلة لاستعادة الدولة السورية ووحدة الأراضي وتعزيز كيان الدولة على أساس الوفاق الوطني الشامل.

إن اتّباع نهج مرن من جانب دمشق وفهم أفضل لنواياها سيساعدان روسيا بالتأكيد، ويمنحها أرضية صلبة لتقف عليها في اتصالاتها مع شركائها الغربيين والعرب. بينما يصعب في الواقع الحالي “إعادة تأهيل” سورية اقتصادياً دون جهود دولية منسقة.

وهذا نوع من تقارب المصالح الذي من شأنه أن يسهل إمكانية الجمع بين المساعدات الخارجية والتقدم في الحوار السوري الداخلي في حزمة واحدة لتحقيق الاستقرار.

لقد أثار شركاؤنا في دمشق مجموعة أخرى مهمة من القضايا تتعلق بكون روسيا «حليفة لسورية و”إسرائيل” وإيران وتركيا» في الصراع المستمر وقضايا تتعلق بماهية طبيعة الاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة.
لا يخفى على أحد أن الدوائر السياسية الخارجية في كلا البلدين التزمت دائماً بتبادل عملي للمعلومات الحالية. هذا ينطبق بخاصة على الوضع الحالي.

إذ تتيح لي سنوات خبرتي العديدة في السلك الدبلوماسي (في سورية من بين دول أخرى) أن أؤكد بثقة أن وزارة خارجية الاتحاد الروسي تُطلع القيادة السورية بانتظام على محادثاتها مع شركائها الغربيين والإقليميين حول القضايا التي تهم سورية.

إذا كان هناك أي “عدم يقين” لدى الشعب السوري أو مجتمع الخبراء السوريين حول هذه الحقيقة، فقد يفسر ذلك بحرص روسيا المفرط بشأن المعلومات الحساسة التي تتعلق بعلاقاتها مع حلفائها، أو بسبب عدم قدرة وسائل الإعلام الروسية على نشر أي نوع من المعلومات الدقيقة عندما يتعلق الأمر بالخطوات السياسية الخارجية في هذا المجال، وشرح نوايا روسيا بشكل صحيح للعالم بأسره. بالمناسبة، سورية نفسها أكثر حذراً و”سرية” في تغطيتها الإعلامية لعلاقاتها مع روسيا – التي غالباً ما تكون، بصراحة، جائرة ومتحيزة إلى حدٍّ كبير.

الثوابت الإستراتيجية

ينظر معظم الخبراء الروس إلى العلاقات الروسية السورية في ما يتعلق بمسائل الحرب والسلام على أنها علاقة “توأم” تربطها “خيوط متشابهة”.

يشترك الزملاء الغربيون في وجهة النظر هذه، مشيرين إلى أنه لم تعد الولايات المتحدة وأوروبا تشددان على الامتثال لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 بـ”إزالة” الأسد، وتبنّوا بدلاً من ذلك مفهوم الإصلاح الدستوري والانتخابات الديمقراطية تحت إشراف الأمم المتحدة.

من الطبيعي أن يكون لدى الحلفاء في نزاعات طويلة ومعقدة بعض سوء الفهم. يلاحظ عقيل محفوض أن «الشعب السوري يفهم […] أن روسيا لا تتعامل مع القضية من منظور سوري».

المهم أنه إذا كانت هناك “ثوابت” استراتيجية، وهذا هو الحال بلا شك، فيجب حلّ الخلافات التكتيكية في الوقت المناسب، على أساس الانفتاح والثقة.

على مستوى الحكومة السورية وقوات المعارضة، يجب على الشعب السوري أن يأخذ في الحسبان حقيقة أن لروسيا مصالحها العالمية الخاصة التي لا تتوافق دائماً مع مصالح الشرق الأوسط.

لا يمكن النظر إلى العلاقات الروسية السورية بعين المساواة لعلاقاتها مع فاعلين إقليميين مؤثرين تقوم على اعتبارات مختلفة. لكن شيئاً واحداً يجمعهم: تاريخ مشترك، مصالح متزامنة في مناطق خارج سورية وتعاون متبادل المنفعة، بما في ذلك في المنطقة العسكرية. وبالتالي، من الخطأ طرح سؤال “إما / أو”.

ومن ناحية أخرى، يكشف تقييم واقعي للوضع “على الأرض” أن وجود ترتيبات ظرفية معينة مع “إسرائيل” وتركيا هو أمر يفيد سورية نفسها.

لنأخذ، مثلاً، الاتفاقات الخاصة بجنوب سورية، التي شاركت فيها “إسرائيل” بشكل غير رسمي.

هذه الاتفاقات هي التي سمحت لسورية باستعادة السيطرة على المحافظات الجنوبية بشرط الالتزام بشروط لا تنتهك حقوقها السيادية.

ولم يخف المسؤولون الروس حقيقة أن ذلك يعني سحب الوحدات العسكرية الإيرانية والموالية لإيران من المنطقة الأمنية على طول 80 كيلومتراً واستخدام مبادئ المصالحة الوطنية لتشكيل سلطات محلية.

يحق لروسيا أن تتوقع من سورية الامتثال لهذه الشروط.

ولنأخذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين رئيسي روسيا وتركيا في 4 آذار/مارس 2020 بشأن إدلب في إطار تنفيذ اتفاقية منطقة “خفض التصعيد” التي وضعتها “أستانا ترويكا” بمشاركة سورية. وبهذا التطور، من الممكن تجنب السيناريو الأسوأ، والذي لن يكون في مصلحة سورية وروسيا وتركيا.

وهي لا تغير بأي حال من الأحوال الموقف من مشكلة إدلب كجزء من النهج المبدئي لاستعادة وحدة أراضي سورية والحرب المشتركة ضد الإرهاب.

أما بالنسبة للعلاقات الأمريكية – السورية، فإن روسيا تنتهج سياسة واقعية هنا تهدف إلى منع الحوادث التي قد تؤدي إلى صدام مسلح، وفي الوقت نفسه تبحث عن فرصٍ للتفاعل في تلك المجالات والتي قد تتوافق فيها مصالح روسيا والولايات المتحدة دون المساس بـ”الثوابت الاستراتيجية” لعلاقات روسيا مع حليفها السوري.

ازدادت في الآونة الأخيرة التوترات في شمال شرق سورية، حيث يتركز الوجود العسكري الأمريكي بشكل ملحوظ، ما يجعل من الصعب التنبؤ بالمزيد من التطورات.

وبالتالي، يركز الطرفان بشكل خاص على وجود “قناة لحل النزاع” ويرسمان في الوقت نفسه “خطوطاً حمر” لا ينبغي تجاوزها. سياسياً، تسعى روسيا إلى تعزيز التفاهم بين دمشق والأكراد حول وضعهم الدستوري، ما يزيد من فرص استعادة سورية لوحدة أراضيها كجزء من تسوية ما بعد الصراع.

نظرة مستقبلية

يُقال إنه «من الصعب التنبؤ بالمستقبل».

إن القضايا التي حددها شركاؤنا السوريون من أجل “الحوار الاستراتيجي” واسعة، لدرجة أنه من المستحيل أن تغطي كل شيء. لذلك في الختام، أود إبداء بضع ملاحظات موجزة.

من المعروف أن الشعب السوري يتبنى وجهات نظر مختلفة حول أوضاع البلاد ودور روسيا في الشأن السوري.

يوجد حالياً جزء من المجتمع المدني خارج سورية، وهم ليسوا إرهابيين أو روسوفوبيا (يخشون روسيا).

وبالتالي، كونها تدعم الرئيس بشار الأسد، تؤكد روسيا على ضرورة التوصل لاتفاق سوري داخلي يشكل نموذجاً لدولة سورية المستقبلية ويحصّنها ضد الحروب الأهلية الدموية.

ومن الواضح أنه لا عودة إلى عام 2011، وعلى الشعب السوري نفسه أن يقرر كيفية إصلاح دولته ومجتمعه. كانت الولايات المتحدة في الحروب التي طال أمدها في أفغانستان والعراق والبلقان، منخرطة في الهندسة الاجتماعية وبناء الدولة، لكن أثبتت هذه المهام أنها كبيرة للغاية بالنسبة لها.

كانت لروسيا أيضاً تجربتها المؤسفة في أفغانستان، لأن كلّ حرب لها منطقها الخاص الذي يتخطى السياسة عاجلاً أم آجلاً.

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية السورية في صيف 2021، يغصّ المجتمع الدولي والسوريون من مختلف الانتماءات السياسية بشعور باليأس والتوقعات القلقة.

يتم تطوير سيناريوهات عديدة، متشائمة إلى حد كبير – في ما يتعلق بـ “بلقنة” سورية (تكرار تجربة البلقان) أو حتى حدوث صدام بين الولايات المتحدة وروسيا، أو بين روسيا وتركيا على الأراضي السورية.

وبالتالي هناك شيء واحد يمكننا قوله: تعتمد تسوية الصراع السوري على التوصل إلى حلول وسط، يمكن أن تكون بمثابة سابقة للمجتمع العالمي ومفتاح لحلّ عُقد الصراع الأخرى.

وبدلاً من ذلك، إذا لم يتم استخلاص الاستنتاجات الصحيحة من دروس عام 2011، فقد تتحول التسوية السورية إلى قنبلة موقوتة بالنسبة للتنمية المحلية المستدامة في سورية.
بوست 180

شام تايمز
شام تايمز