الثلاثاء , أبريل 23 2024
5 حضارات قديمة انهارت في ظروف غامضة

5 حضارات قديمة انهارت في ظروف غامضة

5 حضارات قديمة انهارت في ظروف غامضة

لا شكّ أنّ الانهيار هو ظاهرة طبيعية بالنسبة للحضارات بغضّ النظر عن قوتها والمدى التي استطاعت الوصول إليه، إذ إنّ هناك الكثير من الحضارات الكبيرة التي انهارت فجأة مثل الحضارة الرومانية القويّة التي كانت تسيطر في عام 390م على مساحة 4.4 مليون كيلومتر مربع من العالم وبعد 5 أعوام باتت تسيطر على مليوني كيلومتر مربع فقط، وبحلول عام 476م لم تعد تسيطر ولا حتى على شبر واحد.

أسباب غامضة لانهيار حضارات قديمة

وبما أنّ أسباب انهيار الحضارة الرومانية القديمة معروفة للجميع وهو ضعفها الداخلي بسبب الحروب الأهلية في الفترة الأخيرة وكثرة الهجمات الخارجية عليها، فإننا سنتحدث اليوم عن 5 من حضارات العالم القديم التي انهارت وسط ظروف غامضة، وفق ما ذكره موقع History الأمريكي.

ملاحظة: يُعرّف انهيار الحضارات بأنه خسارة سريعة ومستمرة للسكان والهوية، مع تعقيد اجتماعي واقتصادي بحيث تتفتت الخدمات العامة مع فقدان الحكومة سيطرتها على المنطقة الخاصة بها، وقد واجهت الحضارات القديمة كافة هذا المصير تقريباً.

وانهيار الحضارات لا يعني أبداً اختفاء السكان، فحضارة المايا مثلاً انهارت ولايزال في العالم نحو مليوني شخص منهم حتى يومنا هذا، بينما هناك حضارات انهارت واستطاعت فيما بعد أن تتعافى وتعود من جديد كما حدث في الحضارتين المصرية والصينية.

انهيار حضارة المايا

5 حضارات قديمة انهارت في ظروف غامضة
انهيار حضارة المايا

يمكن القول إن حضارة المايا كانت الحضارة الأكثر تقدماً في العالم في العصر ما قبل الكولومبي، حيث نحتت المدن الحجرية الكبيرة في أدغال جنوب المكسيك وأمريكا الوسطى، وبنت القصور والمعابد الهرمية والملاعب.

كما اشتهرت المايا بكتابتهم الهيروغليفية، فضلاً عن مهاراتهم في إعداد التقويم والرياضيات وعلم الفلك والهندسة المعمارية، وقد وصلوا إلى ذروة تأثيرهم خلال ما يسمى بالفترة الكلاسيكية من حوالي عام 250 إلى 900.

ولكن في نهاية الفترة الكلاسيكية، وفي واحد من أعظم الألغاز في التاريخ قام شعب المايا بطرد ملوكهم فجأة، وقاموا بهجرة مدنهم وتوقفوا عن الابتكار التكنولوجي.

تم طرح العشرات من النظريات لشرح ما حدث، إذ يشير بعض المؤرخين على سبيل المثال إلى جفاف كبير ضرب مناطقهم وتفاقم بسبب إزالة الغابات وتآكل التربة باعتباره دافعاً للانهيار المجتمعي.

بينما يلقي آخرون باللوم على الأوبئة وتمرد الفلاحين ضد الطبقة الحاكمة الفاسدة، والحروب التي اندلعت بين سكان المدن المختلفة، أو انهيار طرق التجارة بينها.

وعلى الرغم من انهيار حضارة المايا، فإنّ شعبها لم يختفِ أبداً فلا يزال الملايين من أحفادهم الناطقين بلغة المايا الأصلية يسكنون في العالم حتى يومنا هذا.

انهيار حضارة وادي السند (حضارة هارابا)

تعود حضارة وادي السند أو كما تسمى أحياناً بحضارة هارابا إلى العصر البرونزي في المناطق الشمالية الغربي في آسيا امتد موقعها من شمال شرق أفغانستان، مروراً بمساحة كبيرة من باكستان، وحتى غرب وشمال غرب الهند.

استمر وجود الحضارة منذ عام 3300 قبل الميلاد وحتى عام 1300 قبل الميلاد، وبلغت تمام ذروة نموها في الفترة بين عام 2600 قبل الميلاد وحتى عام 1900 قبل الميلاد.

كانت حضارة وادي السند، إلى جانب حضارة مصر القديمة وحضارة بلاد الرافدين، أكثر 3 حضارات انتشاراً في العالم، فبحلول الألفية الثالثة قبل الميلاد، احتلوا أكثر من 386000 ميل مربع من الأراضي – أكثر بكثير من معاصريهم المعروفين في مصر وبلاد ما بين النهرين، إذ كانوا يمثلون ما يقدر بنحو 10% من سكان العالم.

إضافة إلى ذلك فقد طوروا نصوصاً كتابية لم يتم فك شفرتها بعد، واحتوت مدنهم على أنظمة صرف صحي ظلت منقطعة النظير حتى العصر الروماني.

في حوالي عام 1900 قبل الميلاد، سقطت الحضارة بشكل مفاجئ، إذ هجر السكان المدن وهاجروا إلى جنوب شرق آسيا.

حضارة وادي السند

واعتقد العلماء أن الغزو الآري من الشمال أدى إلى انهيار حضارة وادي السند، لكن هذه النظرية لم تعد رائجة.

في حين تشير الأبحاث الحديثة بدلاً من ذلك إلى أن دورة الرياح الموسمية توقفت عن المنطقة لمدة قرنين، مما جعل الزراعة في تلك المنطقة شبه مستحيلة، إضافة إلى عوامل أخرى لعبت دوراً أيضاً، مثل الزلازل وتفشي الملاريا والكوليرا.

انهيار حضارة أناسازي

في منطقة الأركان الـ4 في الولايات المتحدة الأمريكية التي تضم يوتاه وأريزونا ونيوماكسيكو وكولورادو كان تعيش حضارة الأناسازي خلال القرنين الثاني والثالث عشر، وهو أحد شعوب أمريكا الأصلية.

وكان شعب هذه الحضارة يعيش في منازل مبنية داخل أجراف كبيرة وحفر بحيث تؤمن لهم الحماية في حال هجوم الأعداء الذين لن يجدوا منفذاً للدخول إليهم، حتى أنّ بعض المنازل كانت تحتوي على مئات الغرف.

وكشف الباحثون النقاب عن أسباب انهيار هذه الحضارة، وهي وجود علامات على إقامة مذابح وأكل لحوم للبشر، إضافة إلى أدلة على إزالة الغابات ومشاكل في إدارة المياه ماتسبب بجفاف طويل الأمد يعتقد بأنه كان سبباً أساسياً لجعل السكان ينزلقون نحو العنف وأكل لحوم بعضهم.

في نهاية المطاف أجبر شعب أناسازي على التخلي عن وطنهم بحلول عام 1300 بعد الميلاد والفرار جنوباً.

ويشمل أحفادهم المعاصرون حالياً شعوب الهوبي والزوني، وبعضهم يعتبرون مصطلح أناسازي هجوماً ويفضلون بدلاً من ذلك أن يقولوا “بويبلوانس الأسلاف (أو القدامى)”.

حضارة أناسازي

انهيار حضارة كاهوكيا

بفضل انتشار زراعة الذرة من المكسيك، بدأت قرى السكان الأصليين بالظهور في عام 1200 ميلادية تقريباً في وديان الأنهار الخصبة في جنوب شرق الولايات المتحدة والغرب الأوسط.

كان أكبر هذه الحضارات إلى حد بعيد هي حضارة كاهوكيا التي كان عدد سكانها نحو 20 ألف نسمة وهو عدد كبير ويساوي عدد سكان لندن في ذلك الوقت إضافة إلى أنها كانت أكبر مدن المكسيك في ذلك الحين.

بلغت هذه الحضارة ذروة ازدهارها في الفترة الممتدة من 1200 إلى 1300 ميلادية عندما كانت مركزاً تجارياً كونها تقع بالقرب من أنهار المسيسيبي وإلينوي وميسوري.

ولكن بحلول 1350 ميلادية هجرها سكانها الأصليون ولا أحد يعرف السبب.

ويُزعم بعض الباحثين أنّ فيضاناً كارثياً ضرب الحضارة وجعل سكانها يغادرون حتى أن كريستوف كولومبوس عندما اكتشف الأمريكيتين كانت هذه المدينة مهجورة.

إضافة إلى روايات أخرى تتحدث عن اضطرابات اجتماعية وأمراض ما يسمى بالعصر الجليدي الصغير كانت أسباباً محتملة لانهيار الحضارة، ولكن لا شيء مؤكد إلى الآن.

انهيار حضارة الفايكنغ في غرينلاند

وفقًا للملاحم الآيسلندية، فقد قاد إريك الأحمر أسطولاً مكوناً من 25 قارباً لاستعمار غرينلاند حوالي عام 985 بعد الميلاد بعد فترة قصيرة من نفيه مؤقتاً من أيسلندا بتهمة القتل.

أنشئ إيريك الذي أصبح مؤسس أول مستعمرة للفايكنغ خارج الدول الإسكندنافية مستعمرتين في غرينلاند- مستوطنة شرقية أكبر ومستعمرة غربية أصغر.

وعاش المستعمرون الفايكنغ فيهما عن طريق زراعة الأراضي ورعي الماشية والأغنام وصيد الدببة وحيوانات الرنة.

ازدهرت حضارة الفايكنغ في غرينلاند لمئات السنين، ونما عدد سكانها إلى ما يقرب من 5000 شخص.

مدينة نووك في غرينلاند

في عام 1721 عندما وصلت بعثة تبشيرية عازمة على تحويلهم إلى البروتستانتية تفاجأوا كونهم لم يجدوا في المدينة سوى الخراب ولم يعرف أحد أين اختفى السكان.

ويعتقد علماء الآثار أن المستوطنة الغربية انهارت حوالي عام 1400م، بينما انهارت المستوطنة الشرقية بعدها بعشرات السنوات، وأن بداية العصر الجليدي الصغير الذي ضرب العالم في القرن الرابع عشر كان عاملاً مساهماً في انهيار حضارة الفايكينغ في غرينلاند حيث أغلق مداخل ومخارج المستوطنتين بالجليد البحري.

ويعتقد بعض الخبراء أن السكان حزموا أمتعتهم وعادوا إلى أيسلندا أو دول اسكندنافية أخرى، في حين يعتقد البعض أنهم ماتوا جوعاً أو استسلموا للطاعون الأسود.

المصدر: عربي بوست