الأربعاء , أبريل 24 2024
ساندويتشة الفلافل إلى “700” ليرة.. ومحلات خاصة بـ”قليلي المروة”

ساندويتشة الفلافل إلى “700” ليرة.. ومحلات خاصة بـ”قليلي المروة”

ساندويتشة الفلافل إلى “700” ليرة.. ومحلات خاصة بـ”قليلي المروة”

تمشي في دمشق تشاهد كل أنواع الخير.. أسواقها لا تزال تعج بالكثير من الخيرات، على الرغم من الأزمة والحرب التي تعرضت لها على مدى عشر سنوات.
وأسواق دمشق عديدة من سوق مساكن برزة إلى سوق ساروجة وعين الكرش وسوق الشعلان الشهير إلى سوق باب سريجة ومدحت باشا وسوق الميدان والجزماتية وسوق الحميدية وغيرها الكثير.

هذه الأسواق لا تزال تعرض يومياً الخضار والفواكه على اختلاف أنواعها والحلويات والمواد الغذائية والمكسرات والمؤونة السنوية من المكوس والمربى بأنواعه والكشك واللبن المدحرج.. والملابس والمفروشات والمواد البلاستيكية والأدوات الكهربائية وغيرها.

ومن يتجول في هذه الأسواق وهو ما سجلته “راي اليوم” مباشرة يشعر بالكثير من العجب لِما تحتويه هذه المدينة وأسواقها من خيرات لم تؤثر عليها الحرب… لم ينقص شيء من سوق الشعلان الشهير على سبيل المثال وما زالت كل المواد كلها دون استثناء لم تغِب عن هذه السوق الذي يطلق عليه أيضاً “سوق التنابل” وهذه التسمية معروفة لدى الكثيرين أنها تعني-كما يقال بالعامية- “هذه السوق للناس قليلي المروة” كما يشرح خالد الملا التاجر القديم في السوق.

وهي سوق تخص الذين يشترون كل شيء جاهز مثل الكوسا المحفورة والمحشية والفاصولياء المقطعة والبقدونس المفروحة للتبولة.. وغير ذلك من مواد جاهزة مباشرة للطبخ.

وهذا ليس في سوق الشعلان وحسب فهناك الأسواق الأخرى مثل سوق باب سريجة المحاذي لسوقي مدحت باشا وسوق البزورية.. كلها أسواق لم تؤثر عليها الحرب والأزمة التي ألمّت بسورية لسنوات تجاوزت العقد من الزمن.

ورغم كل هذا الخير تجد شريحة كبيرة من السوريين المقيمين في دمشق متعبون كما يؤكد عمار البلبيسي وهو مهندس شاب لديه طفلين يجد صعوبة في تدبير شئون عائلته بسبب الحاجة والفقر وقلة المال وخاصة هؤلاء الوافدين من مدنهم وقراهم بسبب الحرب وبسبب فقدانهم لبيوتهم.. فهناك أُناس لا يزالون ينامون في الحدائق وفي المساجد،هناك رجال كبار في السن لا يزالون ينامون في حارات دمشق القديمة.

في سوق الشعلان تجد أناسا يشترون كل احتياجاتهم الضرورية وغير الضرورية ويدفعون مبلغاً قد يتعدى المئتي ألف ليرة سورية في اليوم الواحد.
وفي مكان آخر تجد عائلة كاملة أم وأولادها وربما الأب مات في الحرب أو فُقد، تجد هذه العائلة تتسول رغيف الخبز.

في سوق باب سريجة تجد يشتري بعض الزبائن اللحم بأوزان كبيرة ويدفعون مبلغاً مرقوماً، وفي مكان آخر من دمشق نفسها تجد رجال مسنون يبيعون العلكة أو المحارم بين السيارات كي يحصلون على مبلغاً قد يكون ليشتروا فيه “سندويشة فلافل” التي ارتفع ثمنها إلى ال 700 ليرة سورية بعد أن كانت ذات يوم بـ (15) ليرة سورية.

في سوق عين الكرش أيضاً تجد رجل وزوجته وقد دخلوا المول الصغير وبتناولون السلة الكبيرة ليضعوا فيها أكياس السكر والأرز والبرغل والفاصولياء والحمص، وعبوات الزيت النباتي وزيت الزيتون والجبنة واللبنة والخبز الأبيض أو ما يسمى بالخبز السياحي وكل ما لذ وطاب ثم يتوجهون إلى “الكاشير” ليدفعوا مبلغاً قد يصل إلى النصف مليون ليرة سورية.

في الاثناء في مكان آخر ثمة طابور من السوريين على شباك مؤسسة التجارة والأفران ينتظرون بالساعات كي يحصلوا على كيلو من الأرز أو السكر أو على عبوة زيت نباتي أو ربطة خبز عن طريق ما يسمى “البطاقة الذكية” لأن هذه المواد الضرورية بالنسبة لهؤلاء الفقراء جداً تكون رخيصة قياساً بالأسعار الحرة التي تُباع في البقاليات والمولات.

هذا بعض من مفارقات عجيبة أنتجتها الحرب على سورية، فقير جداً وغني فوق العادة.. خير كثير.. وفقر وعوز.. سكر وأرز في المولات وفي البقاليات، وسكر وأرز على البطاقة الذكية.. خبز سياحي أبيض في المولات .. وخبز عادي على البطاقة الذكية.
ويبقى المواطن السوري ذلك المواطن القوي الذي يستطيع أن يعيش في كل الحالات.

رأي اليوم