الخميس , أبريل 25 2024
هل ستكون سوريا مرة أخرى ميداناً للحرب القادمة؟

هل ستكون سوريا مرة أخرى ميداناً للحرب القادمة؟

هل ستكون سوريا مرة أخرى ميداناً للحرب القادمة؟

يام تاريخية تنتظرنا، ليس في الشرق الأوسط فقط، وإنما على مستوى العالم كله. لا أحد يستطيع أن يعرف ما هي القرارات التي سيتخذها ترامب في الأيام القريبة القادمة، وربما لا يتخذها بنفسه، وقد تتخذها القوى التي دفعته إلى صدارة المشهد منذ 4 سنوات وأكثر، إن كانت هنا في الشرق الأوسط أو في أميركا.

كل ما يُقال أو يُكتب في هذا هو تحليل أو تقدير لواقع معقد وخطير، ومحاولة لرؤية المستقبل من خلال تراكم الأحداث واتجاهات تطورها، مع الأخذ بعين الاعتبار هوية ورؤى ومصالح القوى الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي، وبشكل خاص على الساحة الأميركية.

أيام تاريخية تنتظرنا وقد سبقتها أحداثٌ هامةٌ وخطيرةٌ تشير إلى ما ينتظر العالم، والشرق الأوسط بالذات، ومنها:

·اقتحام مسلح وغير مسبوق، في شكله ومضمونه، للكونغرس الأميركي، من قبل جماعات منظمة ومحسوبة على الرئيس ترامب، وقد وصفت رئيسة الكونغرس هذا الاقتحام بالعمل “الإرهابي”، وهدفه المعلن منع الكونغرس من المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها ترامب.

حتى تحولت واشنطن، العاصمة، خلال أيام إلى ميدان يستعد للحرب، وتحول الكونغرس إلى ثكنة عسكرية. لا أحد يعرف مصير هذه المعركة وتداعياتها على المستوى الأميركي، وبالتالي على المستوى الدولي.

· اجتماع علني بين رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهن ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في واشنطن، وسط الأسبوع المنصرم، تناول قضايا أمنية عديدة، تحدثت عنها الصحف الأميركية، منها ما تم تنفيذه ومنه ما ينتظر.

ومن جملة ما أسفر عنه هذا الاجتماع، حملة إعلامية مكثفة جداً على إيران واتهامها بإيواء قيادات من “القاعدة” على أراضيها، بناء على معلومات استخبارية إسرائيلية.

الأمر الذي يعيدنا إلى تلك المعلومات “الاستخبارية”، التي ثبت كذبها لاحقاً، عن وجود أسلحة محرمة دولياً في العراق عشية الغزو الأميركي له عام 2003. كما أسفر الاجتماع عن قيام القوات الأميركية والإسرائيلية معاً، وبدعم قوات ألمانية وبريطانية، وجهات عربية لا تملك قراراً سيادياً على أراضيها أو في أجوائها، بعمليات إنزال جوي فاشلة تبعها قصف جوي واسع لمواقع عسكرية ومدنية في شرق سوريا، وُصِفت، في الإعلام الإسرائيلي، بأنها وضعت المنطقة على مفترق طرق تاريخي، وربما كان يراد لها ذلك.

· إضافة إلى ذلك، اتخاذ ترامب قراراً، وفق موقع “وول ستريت جورنال”، بضم “إسرائيل” إلى قيادة القوات المركزية الأميركية، بدلاً من ارتباطها بقيادة المركز الأوروبي للقوات الأميركية. وقيل إنه حصل في أعقاب التحالفات الأمنية الحاصلة بين “إسرائيل” وعدد من الدول العربية الموالية للولايات المتحدة. وربما، في نظرنا، تمهيداً لعمل عسكري مشترك في الشرق الأوسط.

· أفادت صحيفة “إسرائيل هيوم”، نقلاً عن قائد الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي، “أن الجيش الإسرائيلي يعمل على إعداد خطة عملية جديدة تتعامل مع التهديدات في الشرق الأوسط، ويدور الحديث عن خطة مركبة تتضمن ثلاثة بدائل، وتتطلب زيادة ميزانية الجيش بالمليارات”.

· غواصة أميركية تتحرش بالقوات البحرية الإيرانية دون الإعلان عن هويتها، وتهرب بعد أن حاصرتها القوات البحرية الإيرانية.

· شهادات نشرها “الميادين نت” عن نقل القوات الأميركية لجماعات من “داعش” من سجونها في شرق سوريا إلى شمال العراق، تمهيداً لإطلاقها ضد القوات السورية أو العراقية أو غيرها من القوى المناهضة للاحتلال الأميركي.

· مناورة علنية أولى مشتركة بين القوات الجوية الإماراتية والإسرائيلية، مرتقبة في الأيام القادمة.

·إضافة الاتحاد الأوروبي اسم وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إلى قائمة الإرهاب والعقوبات انصياعاً للأوامر الأميركية.

·سبق ذلك مصالحة مستعجلة بين السعودية وقطر، تم بموجبها فتح الحدود البرية والجوية بين البلدين مع التزام قطري بالتضامن مع السعودية ضد إيران.

كل هذا وأكثر بكثير، حصل خلال الأسبوع الأخير، عشية انتقال السلطة في البيت الأبيض، يحمل الكثير من علامات الاستفهام والمخاطر. وفي حين تشتد الحملة الإعلامية المكثفة ضد إيران والتهديد بشن حرب تدميرية كبرى عليها، تشتد في الوقت ذاته العمليات العسكرية ضد سوريا ويرتفع منسوب الاستعداد لعمل عسكري ضدها ضمن التصور الاستراتيجي الإسرائيلي لعام 2021.

هنا علينا أن نتوقف قليلاً لمراجعة الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، والتي قادها أوباما، واختلف بها مع بنيامين نتانياهو، وأن نتذكر أن الأخير كان يستعد خلال العام 2010 مع إيهود باراك، حين كان وزيراً للأمن في حكومة نتانياهو، إلى ضرب المواقع النووية الإيرانية، بالضبط كما يستعدون اليوم ويصرحون به، ولكن أوباما رفض إعطاء الضوء الأخضر لـ “إسرائيل” ورأى بالأرض السورية حلقة الوصل بين إيران والمقاومة اللبنانية، وأصر أن المهمة الأسهل والأجدى هو ضرب حلقة الوصل هذه لإضعاف الطرفين الآخرين، وهذا ما ترجم لاحقاً بعدوان دولي تقوده إدارة أوباما، ونائبه بايدن، وتدعمه كل القوى المعادية لمحور المقاومة، ضد سوريا.

أما التصور الاستراتيجي لعام 2021 والذي أصدره مركز أبحاث الأمن القومي مؤخراً فيشير أيضاً إلى سوريا، كأرضٍ للحرب القادمة، سيما وأنها ما تزال حلقة الوصل بل العقدة الصعبة، “ولكنها الأضعف في محور المقاومة”، وفق التقديرات الإسرائيلية.

يشير التقرير الاستراتيجي المذكور، أيضاً، إلى استمرار حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط للسنة القادمة مع احتمال الصدام بين المحور الإيراني، أي محور المقاومة والمحور السعودي، البراغماتي، المتحالف مع “إسرائيل”، وهذا “قد يضع إسرائيل أمام تحديات جديدة حين يُطلب منها أن تشارك في أي مواجهة مع إيران”، كما ينوه التقرير، “أن إيران رغم ضعفها الاقتصادي الناجم عن العقوبات الأميركية إلا أنها ما تزال العدو الأكبر لإسرائيل، خاصة وأنها تتعافى تدريجياً من هذا الضعف الاقتصادي”.

وعليه، يوصي التقرير حكومة “إسرائيل” أن تعمل مقابل الإدارة الأميركية الجديدة على استمرار العقوبات الاقتصادية في ظل مفاوضات أميركية إيرانية للعودة إلى الاتفاق النووي”، وهذا يعني استمرار العقوبات الأميركية حتى تقبل إيران بتعديل الاتفاق النووي وفق المطالب الإسرائيلية.

كما يتوجب على حكومة “إسرائيل”، وفق التقرير، “إقناع الإدارة الأميركية الجديدة ببقاء قواتها في التنف (السورية) لمنع التواصل الإيراني البري مع العراق وسوريا وحزب الله”.

والأهم في التوصيات، التي جاءت في التقرير، بما يخص السياسة الإسرائيلية المستقبلية تجاه سوريا، هو ضرورة إقناع المستوى السياسي الإسرائيلي “بالتخلي عن مواقفه الحالية والعمل على التخلص من الأسد رئيساً لسوريا، ويفضل أن يكون بالتنسيق مع روسيا والولايات المتحدة، وهذا قد يتطلب ثمناً يُدفع لروسيا على شكل تخفيف العقوبات الأميركية عليها”.

وقد سميت هذه السياسة الجديدة، في التقرير بـ “السياسة الفعالة”. وتعني أيضاً، “تعزيز التنسيق مع روسيا والولايات المتحدة لاستمرار الضربات الجوية الإسرائيلية ضد التواجد الإيراني في سوريا، والتقارب مع السكان في الجنوب السوري من خلال تقديم المساعدات الإنسانية لهم ليكونوا مستعدين للعمل ضد النظام والتواجد الإيراني هناك”. وهذا ما سنراقبه في المستقبل القريب.

من هنا يمكن الاستنتاج، أن عودة الحزب الديمقراطي إلى البيت الأبيض، سيسمح لـ “إسرائيل”، وفق التقديرات الإسرائيلية، أن تعود إلى استراتيجية أوباما، الذي رأى في سوريا حلقة الوصل الأهم بين محور المقاومة، ولكنها الأضعف، وأن ضربها يحقق الفصل بين إيران وحزب الله.

هذه الاستراتيجية، إذا ما نجحت، تسمح للقوات الأميركية بالبقاء لمدة أطول في شرق سوريا خدمة للمصالح الإسرائيلية الإقليمية، كما تسمح للأكراد بتنمية طموحاتهم، المدعومة من “إسرائيل”، للسيطرة على شرق سوريا، تحت الرعاية الأميركية المباشرة. وفي هذه الاستراتيجية قد يلتقي الحزبان، الديمقراطي والجمهوري، ويؤيدها المسيحيون الصهاينة في الولايات المتحدة.

هذا هو السيناريو الأكثر احتمالاً في تقديري. وعليه، يتوجب على محور المقاومة الاستعداد له جماعياً، لأن كسر حلقة الوصل البرية بين قوى المقاومة، وهي سوريا، يضعف كل قوى المقاومة للأمد البعيد. وهنا لا بد من تنبيه الرئاسة الروسية وقواها العاملة في سوريا أن استمرار الموقف الروسي بالسماح لسلاح الجو الإسرائيلي بقصف أي موقع سوري أو إيراني في سوريا هو إضعاف للقوة الروسية واستهتار بها. وفي نهاية الأمر ستدفع روسيا ثمناً كبيراً لهذا الموقف، ولكن بعد فوات الأوان!

الميادين- أليف الصباغ

اقرأ ايضاً:ما هي المفاجآت الأمنية التي يتخوفون منها في يوم تنصيب بايدن؟