الخميس , أبريل 25 2024

تركيا تحتل الشمال السوري اقتصادياً

تركيا تحتل الشمال السوري اقتصادياً

دخل الأتراك على خط الحرب السورية وعينهم على الشمال السوري فتمحور تدخلهم منذ اليوم الأول حول هدف اقتطاعه المباشر وضمه أو السيطرة غير المباشرة عليه والاستفادة من خيراته عبر اتباع سياسة “التتريك”.
وحاول أردوغان مطلع الحرب ارتداء عباءة الاحتلال العثماني على أبواب حلب والتوعد باستعادتها كولاية تابعة للسلطنة لما تمثله من حلم قديم ظن الأتراك أن الحرب فرصة سانحة لتحقيقه.
وتعرضت حلب قبل تحريرها على يد قوات الجيش العربي السوري لشتى أنواع الظلم والوحشية من قِبل الاحتلال التركي وأذرعه في الشمال فلم يبقى معمل إلا ونُهب أو معلم تاريخي إلا وجرى تدميره أو تشويهه عدا عن التدمير العسكري الممنهج للمدينة التي بقيت عصية على الرضوخ.
وبعد فشل الحلم التركي بحلب قام أردوغان وزبانيته بعدة عمليات عسكرية في الشمال السوري ك”درع الفرات وغصن الزيتون” أفضت إلى احتلال أجزاء منه تحت حجج ومزاعم محاربة الإرهاب.
وبدأت تركيا بالتصرف في الشمال كما أنها استعادت زمن “الباب العالي” مستفيدة من واجهات سورية “حكومات معارضة” لا حول لها ولا قوة سوى على تنفيذ أوامر المحتل التركي.
وفي خطوات وقحة ومخالفة للقوانين الدولية بدأت تركيا بالتواجد كمحتل في الشمال سواء بصورة مباشرة عبر تواجد عناصر تركية أو غير مباشرة عن طريق فرض أنظمة وقوانين تركية تُسهل لها عملية نهب وسرقة خيرات الشمال.
وأسس الاحتلال التركي بحسب وسائل إعلام معارضة في الشمال السوري نظام اقتصادي متكامل تابع له يشمل كل المناحي التجارية والمصرفية والزراعية قام بتطبيقه عبر واجهاته “حكومات المعارضة” وفرضه على السوريين هناك كحل وحيد لتأمين سبل الحياة.
وخضع الشمال السوري بحسب هذه الوسائل لقوانين وأنظمة تركية تحكم العملية التجارية بين الاحتلال وواجهاته عن طريق اتفاقيات ورسوم ووثائق تضبط الاستيراد والتصدير وتُسهل في نهاية الأمر سرقة المنتجات السورية دون تحقيق أي فائدة حقيقية للأهالي في تلك المناطق.
ونظمت غرف التجارة “المعارضة” في الشمال آلية الحصول على “الإذن التجاري” أو “بطاقة التاجر” والتي يسمح لحاملها بعد موافقة سلطات الاحتلال بالعمل التجاري بين الشمال السوري وتركيا.
وسُمح للتاجر السوري في الشمال باستيراد البضائع من تركيا عدا مواد محددة ذات طبيعة خاصة أو المواد التي تمنع تركيا تصديرها خوفاً على أمنها الاقتصادي كما ويُمنع إدخال أي مادة من الشمال لتركيا إلا إذا كانت في الشمال أرخص منها في تركيا.
واشترطت القوانين للحصول على “الإذن التجاري” وجود تراخيص وسجل تجاري وعضوية في غرفة التجارة “المعارضة” وعليه يُقدم طلب لسلطات الاحتلال التركي للحصول على الإذن إما لمدة 6 شهور برسم ألف دولار أو سنة برسم ألفين دولار.
وشمل التصدير من الشمال السوري إلى الأسواق التركية المحاصيل الزراعية كزيت الزيتون والقمح والشعير والقطن والذرة والبطاطا وهي مواد تدخل إلى تركيا دون رسوم لحاجة السوق التركية لها كونها أرخص في الشمال ولأجل ذلك أعادة السلطات التركية افتتاح معابر “باب السلامة وجرابلس والراعي”.
واشترت تركيا المحاصيل من الفلاحين في الشمال عن طريق مكتب المحاصيل الزراعية التركي الذي يُعد المسؤول عن دفع أموال المحاصيل لهم كما تمنح المجالس “المعارضة” بالشمال للمزارعين شهادة منشأ للمحاصيل ووثيقة عن الكمية وبطاقة حساب مصرفي من “PTT” التركي لتمكنهم من تسلّم ثمن محاصيلهم.
ولتخديم هذا النظام المفروض على الشمال قامت تركيا نهايات 2017 بافتتاح عدة فروع لمؤسسة البريد والشحن التركية “PTT” في عموم الشمال السوري المحتل وتزويد مناطق ريف حلب وتل ابيض وراس العين بصرافات آلية.
وعدا عن اشتراط التعامل مع “PTT” لتسلم ثمن المحاصيل الزراعية أجبرت تركيا المنظمات المحلية والأجنبية العاملة في ريف حلب على تحويل الأموال إلى الشمال عن طريقه.
كما اجبرت سلطات الاحتلال التركي المجالس “المعارضة” بالشمال التعامل مع عدة شركات تركية تعمل في مجال تقديم الخدمات كشركة “AK ENERGY” التي تمد المنطقة بالكهرباء.
وبحجة مساعدة السوريين في الشمال على حل مشكلة ارتفاع الاسعار قامت سلطات الاحتلال التركي منتصف 2020 بضخ العملة التركية للتداول بالشمال السوري واجبار واجهاتها “حكومات المعارضة” على التعامل بها.
واعتمدت “حكومة الإنقاذ” في ريف إدلب الليرة التركية كعملة ثابتة وحيدة بينما ضمتها “الحكومة المعارضة المؤقتة” بريف حلب إلى جانب تداول الدولار الأمريكي والليرة السورية.
وساهم انتشار الليرة التركية في الشمال بحسب وسائل إعلام معارضة بالتقليل من عرضها في السوق التركية وهذا ما يدعم قيمتها كما يسهل تداول العملة التركية في الشمال من عملية انتقال المنتجات التركية إليه.
يذكر أن الاهالي في الشمال السوري يعانون من نقص المواد الرئيسية وغلاء الأسعار وغياب سبل الحياة الكريمة عدا عن معاناتهم اليومية مع الاحتلال التركي وزبانيته بينما على المقلب الأخر يقوم الاحتلال التركي بسرقة مُقدرات الشمال السوري ونهب خيراته.
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر