الخميس , مارس 28 2024

الصيدة القطرية الجديدة في سوريا

الصيدة القطرية الجديدة في سوريا

شام تايمز

هل من “صيدة” قطرية-تركية جديدة على مسار التسوية السياسية للأزمة السورية؟!

شام تايمز

ما إن انتهى المؤتمر الصحافي للوزير سيرغي لافروف مع نظيريه القطري والتركي في الدوحة، حتى سارعت وسائل الإعلام الموالية لقطر وتركيا بوصف المسار الجديد لتسوية الأزمة السورية بأنه بديل عن مسار أستانا، ضاربين بعرض الحائط جميع التصريحات، التي أدلى بها الوزراء الثلاثة، وحتى نص البيان الختامي الذي شدد على أن مسار الدوحة لا يتقاطع مع أي من المسارات الأخرى، وبخاصة مسار أستانا، وأنه على العكس من ذلك موازٍ لها.

اللافت في الأمر أن ما جرى الترويج له إعلاميا لا يمكن أن يكون من دون توجيهات عليا سعيا لتسليط الضوء على هذا اللقاء. فقد تبين فيما بعد أن قطر الدولة المضيفة للقاء هي نفسها عملت خلال الأشهر الماضية لكي يعقد في الدوحة، وأصرت على أن يصبح دوريا تتناوب على استضافته العواصم الثلاث.

النشاط الدبلوماسي الجديد للدوحة ودخولها بقوة على المسار السوري مدعومة من حليفها التركي تحمل معاني كثيرة:
أولا، إن قطر لا تستطيع اللجوء إلى هذا الخيار وحدها من دون دعم تركي أرادت عبره أنقرة إيصال رسالة مبطنة إلى دول المقاطعة بأن حصار قطر فشل، وأن الدوحة استطاعت الخروج من هذا المأزق من دون تقديم أي تنازلات، بما في ذلك تحقيق المطالب الثلاثة عشر، التي وضعت شروطا لرفع الحصار.

ثانيا، أرادت تركيا تحقيق توازن معين مع مسار أستانا، حيث يوجد حليفان للقيادة السورية متمثلان بروسيا وإيران.
ثالثا، أرادت تركيا القول لذوي التأثير المباشر في الأزمة السورية إن قطر لاعب إقليمي مهم، وإن لكلمتها ثقلا سياسيا مقارنة بدول أخرى انسحبت من المشهد السياسي المرتبط بسوريا، أو أصبح دورها ثانويا.

وأخيرا،اختلاف الرؤى بين قطر وجاراتها،وتحديدا الإمارات والسعودية بشأن الوجود الإيراني في سوريا.إذ إن القيادة القطرية تراهن على هذا الملف كورقة رابحة في يدها، ذلك على الرغم من وضوح الموقف الأمريكي المطالب برحيل القوات الإيرانية من سوريا مقابل إلغاء “قانون قيصر ” أو تخفيف العقوبات على دمشق .

أما الموقف الروسي فكان واضحا: إذ إن سيرغي لافروف أكد تشابه مقاربة الدول الثلاث للتسوية السورية، بل تطابقها، ووجود فهم مشترك بأن لا بديل عن الحل السياسي على أساس قرار مجلس الأمن 2254، وقرارات مؤتمر سوتشي. كذلك، فإن عميد الدبلوماسية الروسية شدد على أن جميع تحركات موسكو والدوحة وأنقرة وتصرفات اللاعبين الدوليين الآخرين، يجب أن تنطلق من احترام استقلال سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها.

ذلك، في حين أن وزير الخارجية القطري أكد أن المسار الجديد سيقدم المساندة لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى سوريا غير بيدرسون لدعم مفاوضات اللجنة الدستورية في جنيف، كما أعلن نية الدوحة تسهيل وزيادة تقديم المساعدات الإنسانية إلى جميع السوريين في جميع أنحاء البلاد من دون تمييز أو تسييس من أجل تحسين وضعهم الإنساني، وتحقيق تقدم في العملية السياسية، وتسهيل عودة اللاجئين الطوعية إلى ديارهم.

لكن الشيخ محمد بن عبد الرحمن لم يفصح عن الآلية التي ستستخدمها قطر مثلا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق، التي تسيطر عليها الحكومة السورية، في ظل القطيعة القائمة في العلاقات بين البلدين.

الوزير القطري أغفل الإجابة عن سؤال لقناة “آر تي” العربية بشأن إمكان استعادة الخارجية السورية سفارتها في الدوحة، التي أغلقت منذ اندلاع الأزمة في سنة 2011، حين جرى منح الائتلاف السوري المعارض حق تمثيل السوريين على الأراضي القطرية… كما أنه لم يوضح توجهات الدوحة لتحريك المياه الراكدة في علاقات الدوحة مع دمشق، واكتفى بتأكيد موقف قطر الرافض لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، منطلقا من أن أسباب تجميد عضويتها ما زالت قائمة.

تفرد وزير الخارجية القطري بموقف بلاده حيال عودة سوريا إلى الحضن العربي، كان مخالفا كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، اللتين رحبتا بذلك خلال محطة الوزير لافروف الأولى والثانية، بل إن الشيخ عبد الله بن زايد ذهب أبعد من ذلك عندما صرح بأن “قانون قيصر” أصبح يشكل عائقا رئيسا أمام التسوية السياسية في سوريا، وأن أبو ظبي ستبحث هذا الأمر مع الجانب الأمريكي.

أما وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، الذي بدا على وجهه الارتياح التام لما آلت إليه الأمور بعد لقاء الدوحة، فقد جدد موقف بلاده إزاء الحكومة السورية، متهما إياها بأنها، حسب تعبيره، لا تزال تعول على الحل العسكري لإنهاء النزاع المستمر.
من هنا يمكن القول، وفقا للخارجية الروسية، إن جولة الوزير لافروف الخليجية كانت أكثر من مثمرة، وإن ما تم التوصل إليه من تفاهمات مع قادة الدول الثلاث سيشكل منعطفا مهمًا على مسار التسوية السياسية، التي ينتظر منها انفراجا كبيرا ينعكس على الشعب السوري، وبخاصة إذا ما نجحت أبو ظبي بإحراز تقدم في وساطتها بين دمشق وتل أبيب للتوصل إلى سلام دائم يستند إلى المرجعيات الدولية، ويحقق طموحات الشعب السوري باستعادة الجولان المحتل.

وساطة لا تزال أبو ظبي تصر على سريتها وعدم الإعلان عنها، بيد أنها، في رأي كثيرين،
إذا ما استطاعت تحقيق السلام هذا، فإنه سيكون مفتاح الحل لجعل منطقة الشرق الأوسط أكثر استقرارا. غير أن ذلك يتطلب تقديم تنازلات من الأطراف كافة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

يبقى السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل من “صيدة” قطرية-تركية جديدة على مسار التسوية السياسية للأزمة السورية؟!

حسن نصر، الدوحة
روسيا اليوم

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

شام تايمز
شام تايمز