الخميس , مارس 28 2024

“أحرار الشّام” ضحيّة التّقارب بين “الإخوان المسلمين” والجولاني

“أحرار الشّام” ضحيّة التّقارب بين “الإخوان المسلمين” والجولاني

شام تايمز

عبد الله سليمان علي

شام تايمز

تواصل الاستخبارات التركية اللعب في بنية حركة “أحرار الشام” الإسلامية، تمهيداً، على ما يبدو، لفتح الطريق أمام مشروع المجلس العسكري الموحّد الذي تتوخّى أنقرة أن يكون بمثابة العمود الفقري لاستراتيجيتها الجديدة في سوريا، خلال المرحلة المقبلة.

وباتت السياسة التركية في مناطق شمال غربي سوريا محكومة بهاجس التقريب بين جماعة “الإخوان المسلمين” و”هيئة تحرير الشام”. والغاية من ذلك هي محاولة خلق غطاء إسلامي محلي يضفي نوعاً من الشرعية على الاحتلال التركي في المنطقة، ويكون قادراً على تمثيل التوجهات التركية على طاولات التفاوض الإقليمية والدولية الرامية الى مناقشة مسألة حل الأزمة السورية.

واستكملت أنقرة أخيراً خطة إعادة ترتيب أوراق القيادة داخل حركة “أحرار الشام” التي تعيش منذ الربع الأخير من العام الماضي على وقع خلافات داخلية حادة. وقد تمثل ذلك من خلال القرار الذي أصدره القائد العام للحركة عامر الشيخ المعروف بلقب أبو عبيدة قطنا، يوم الأربعاء 28 نيسان/أبريل، والقاضي بتشكيل مجلس قيادة جديد للحركة يضم اثني عشر عضواً.

وذكر القرار أنه بناءً على صلاحية القائد العام لحركة “أحرار الشام” الممنوحة له بموجب الاتفاق (اتفاق بين طرفي النزاع داخل الحركة)، يعيّن الإخوة التالية أسماؤهم أعضاءً في مجلس القيادة وهم: عبيدة الخلف “أبو إسلام” قائد الأركان، الرائد حسين العبيد “أبو صهيب” القائد العسكري، أبو بكر فاروق قائد قوات المغاوير، أبو سلمان الحموي استشاري، أحمد الرفاعي “أبو عبيدة” الوكيل الشرعي العام، علاء جودي “أبو عمر التوبة” قائد لواء، أبو حسن الحموي قائد لواء، أبو عمر الساحل قائد لواء، أبو الخير الشامي قائد لواء، وليد سليمان “أبو حمزة” قائد لواء، المقدم أبو المنذر الحموي مندوب “أحرار الشام” داخل المجلس العسكري الثلاثي في إدلب، أحمد الدالاتي “أبو محمد الشامي” استشاري.

وكان من المتوقّع أن يضم مجلس القيادة ستة أعضاء فقط، بحسب تسريبات سابقة لخطة الاستخبارات التركية بخصوص حل الخلافات داخل الحركة. وأكدت التسريبات أنه سيجري استبعاد القياديين المحسوبين على كل من جابر علي الشيخ القائد العام السابق للحركة، وحسن صوفان القائد العام الأسبق والذي وجهت إليه أصابع الاتهام بتنفيذ محاولة انقلاب على قيادة الحركة بالتنسيق مع أبي محمد الجولاني زعيم “هيئة تحرير الشام”. غير أن الاستخبارات التركية اضطرت إلى إدخال العديد من التعديلات على خطتها لضمان نجاحها، لا سيما بعدما اصطدمت بعقبات وعوائق كثيرة كانت تهدد بإجهاضها في مهدها. وكان من أبرز هذه التعديلات مضاعفة عدد أعضاء مجلس القيادة ليصبح اثني عشر بدلاً من ستة فقط، والتغاضي كذلك عن بند استبعاد القيادات المقربة من القائدين السابقين للحركة.

وما زالت أنقرة تميل إلى تغليب “الخطّ الانقلابي” الذي يقوده حسن صوفان، وأبو المنذر درويش، القائد العسكري العام السابق لـ”أحرار الشام” مقابل إضعاف خط القيادة العامة بقيادة جابر علي الشيخ ومعظم أعضاء مجلس شورى الحركة الذي تقرر إنهاء وجوده لمصلحة تأسيس مجلس القيادة الجديد. وقد تبدّى ذلك بوضوح من خلال تسمية كل من أبو المنذر درويش وأبو صهيب في مجلس القيادة، برغم انخراطهما المباشر في عملية الانقلاب ضد قيادة الحركة، والتي تولدت عنها جميع هذه التطورات. وكان أبو صهيب يشغل منصب نائب القائد العسكري العام لحركة “أحرار الشام”، ليصبح لاحقاً القائد العسكري العام ومن ثمّ عضواً في مجلس القيادة.

ويعتقد مراقبون متابعون لعلاقات الفصائل في شمال غربي سوريا، أن الخطة التركية تنقسم إلى قسمين: القسم الأول ترتيب أوراق الفصائل المرتبطة بأنقرة على أساس أن تكون القيادة العسكرية بيد أبي محمد الجولاني، وذلك من خلال السماح له بالتحكم بالمجلس العسكري الموحد. والقسم الثاني هو اعتبار استرضاء الجولاني بالهيمنة العسكرية بمثابة الثمن الذي لا بدّ منه للتوصل إلى اتفاق معه، يسمح بتعيين شخصية مقربة من جماعة “الإخوان المسلمين” في منصب القيادة السياسية.

وكانت أنقرة قد سعت إلى إعادة تلميع صورة المعارض السوري رياض حجاب، وحاولت الدفع به إلى صدارة المشهد السياسي من خلال اجتماع عقده معه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في الدوحة في شهر شباط (فبراير) الماضي. وقد اعتبر الاجتماع بمثابة محاولة تركية لإحياء دور حجاب على أساس أنه شخصية توافقية وغير محسوب علناً على جماعة “الإخوان المسلمين” – فرع سوريا. وفي مقابلة صحافية مع قناة “الجزيرة”، امتنع حجاب عن التهجم على “هيئة تحرير الشام” التي كان يعتبرها في السابق بمثابة خنجر في خاصرة “الثورة السورية”، وقد فسّر امتناعه على أنه جاء استجابة لتعلميات تركية بضرورة التقارب مع الهيئة التي أعلنت تبنيها الرسمي لعلم الثورة السورية في مناسبة مرور عشر سنوات على اندلاعها في الثامن عشر من آذار (مارس) الماضي.
وكان محمد سرميني، رئيس مركز “جسور” للدراسات، والمحسوب على جماعة إخوان سوريا، قد نشر مقالة موسعة حثّ فيها على إجراء حوار بين المعارضة السورية و”هيئة تحرير الشام”.

واعتبر سرميني أنه إذا كان ثمّة فرصة لأن تُزيل الولايات المتّحدة الأميركية تصنيف “هيئة تحرير الشام” عن قوائم الإرهاب، باعتبارها “مصدر قوّة استراتيجية” في سوريا، وإن كان هناك إمكان لنجاح المفاوضات الكردية – الكردية بين المجلس الوطني وحزب الاتّحاد الديموقراطي، فربما لا يكون هناك ما يمنع من تقارب المعارضة السورية مع “الهيئة”.

وأضاف القيادي الذي لعب دوراً بارزاً في خدمة الأجندة الإخوانية في سوريا، أن إجراء هذا الحوار بين المعارضة والهيئة سوف تترتّب عليه مكاسب سياسية لكلا الطرفين، معتبراً أن وصول الطرفين إلى صيغة للتفاهم المتبادل يمنح “الهيئة” سُلّماً للنزول من شجرة التصنيف الدولي، ويساعدها على إعادة التَمَوْضُع بصورتها المحلية داخل خريطة الحل السياسي، بدلاً من الاكتفاء بصيغة فرض الأمر الواقع في إدلب، من دون أفق سياسي.

ولا يستبعد المراقبون أن تكون خطوة إعادة ترتيب أوراق القيادة داخل حركة “أحرار الشام” إحدى الخطوات التمهيدية التي تقوم بها أنقرة، لتهيئة الأرضية المناسبة أمام تحقيق مشروع جمع رأسي الهيئة والإخوان على وسادة تحالف واحدة.
ويحذّر بعض هؤلاء المراقبين من أن المشروع التركي بعد نجاحه في إدلب سينتقل لتوحيد جميع الأراضي التي تحتلها تركيا في سوريا، تحت عباءة المجلس العسكري الموحد، الأمر الذي سيعزّز من فرص تقسيم سوريا في المستقبل.
النهار العربي

شام تايمز
شام تايمز