الجمعة , مارس 29 2024
فريدمان ينصح بايدن: صفقة في سوريا مقابل إنسحاب إيران

فريدمان ينصح بايدن: صفقة في سوريا مقابل إنسحاب إيران

فريدمان ينصح بايدن: صفقة في سوريا مقابل إنسحاب إيران

شام تايمز

في مقالته الأسبوعية في صحيفة “نيويورك تايمز”، نصح الصحافي الأميركي توماس فريدمان الرئيس الأميركي جو بايدن بإبرام صفقة مع روسيا ودول الخليج تضمن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد مقابل إخراج إيران من سوريا “لأن تحطيم الجسر البري السوري الذي تستخدمه إيران لإمداد حزب الله بالصواريخ سيغير قواعد اللعبة”. ماذا يقول فريدمان في إفتتاحيته:

شام تايمز

“طالما أن إيران والولايات المتحدة أجرتا المزيد من المحادثات المشتركة هذا الأسبوع في محاولة لإحياء اتفاقهما النووي، وتم تسجيل بعض التقدم في هذا المضمار، أود أن أبدي رأياً في هذا الموضوع:

لقد دعمت الصفقة الأصلية التي تفاوض عليها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عام 2015. ولم أؤيد إقدام الرئيس السابق دونالد ترامب على تمزيق هذه الصفقة عام 2018، لكن عندما فعل ذلك، كنت آمل أن يستفيد من الوجع الاقتصادي الذي سبّبه لإيران وإستثمار هذا الألم في إقناع إيران بتحسين شروط الصفقة.

فشل ترامب في ذلك، بل أنه جعل إيران أقرب من أي وقت مضى من إنتاج القنبلة النووية.

أنا أؤيد محاولة جو بايدن إعادة إحياء الصفقة. وأؤيد أيضاً الجهود السرَّية التي تبذلها إسرائيل من أجل “تخريب” قدرة إيران على صنع سلاح نووي – بغض النظر عن الصفقة.

إذا كان هذا يبدو موقفاً متناقضاً (مُركباً) فذلك لأنه، هو كذلك, هناك خيطٌ موحدٌ يمر عبر كل هذا وذاك:

التعامل بفعَّالية مع النظام الإسلامي في إيران، بطريقة تقضي بشكل نهائي على سلوكه، أمرٌ مستحيل. إيران أكبر من أن تغزوها.

والنظام الإيراني مستتر لدرجة أنه يستحيل الإطاحة به من الخارج؛ كما أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مدفوعة بدوافع من أجل السيطرة على جيرانها العرب وتدمير الدولة اليهودية، وهي دوافع أخطر من أن نتجاهلها.

أضف إلى ذلك أن الشعب الإيراني موهوبٌ جداً بحيث لا يمكن حرمانه من القدرة النووية إلى الأبد.

لذلك، عند التعامل مع إيران، فأنت تفعل ما تستطيع، وأينما تستطيع، وكيفما تستطيع، ولكن مع إدراك ما يلي:

(1) أن الكمال ليس في الشكل، (2) أن النظام الإسلامي في إيران لن يتغير.

المسألة ليست مجرد “سوء فهم”. بعد 42 عاماً (من عمر الثورة الإيرانية)، أصبحت بعض الأمور واضحة:

رجال الدين الذين يحكمون في إيران يحتفلون بالصراع مع أميركا وإسرائيل كأداة أساسية لتثبيت أنفسهم في السلطة، وضمان التمويل الجاري للحرس الثوري.
يوم الجمعة، ستشهد إيران انتخابات رئاسية, والإيرانيون “أحرار” في أن يعطوا صوتهم لأي من المرشحين الذين تمت الموافقة المسبقة عليهم من قبل المرشد.

وإذا كنَّا صادقين، فإنها لم تكن متسقة لمدة 42 عاماً فحسب، بل كانت متسقة أيضاً مع الرؤساء الأميركيين ورؤساء الوزراء الإسرائيليين.

ويمكن تلخيص إستراتيجياتهم على النحو التالي:

محاولة الحصول دائماً على أفضل صفقة مع إيران يمكن شراؤها بالمال، أو بشكل أكثر تحديداً، محاولة الحصول على أفضل صفقة يتم من خلالها رفع العقوبات أو إعادة فرضها لكن تسمح بمواصلة الحرب السرية من دون أن تطيح بالنظام القائم بالقوة.

للأسف، فإن رجال الدين الحاكمين في إيران ماكرون ويستطيعون أن ينجوا بأنفسهم من أصعب المخاطر، كما بمقدورهم التنبؤ بعناصر قوتك من على بعد 100 ميل.

وعندما استنتجوا أن لا أحد يجرؤ في الواقع على محاولة الإطاحة بهم أو تدمير منشآتهم النووية – مهما قال القادة الأميركيون أو الإسرائيليون أن “كل شيء مطروح على الطاولة” – وجد رجال الدين الأدهياء طريقة لعدم التخلي عن مشروعهم النووي.

كانت المفاوضات دائماً تصل إلى النتيجة ذاتها:

محاولة الحصول على أفضل ما يمكن أن تشتريه الأموال أو العمل السرّي من إيران. في هذا الشأن،

قال روبرت ليتواك، النائب الأول لرئيس مركز “ويلسون” ومؤلف كتاب “إدارة المخاطر النووية”، أنه وعلى الرغم من كل التصريحات والآراء القاسية، وبرغم إقدامه على اغتيال قاسم سليماني، أهم القادة الأمنيين في إيران، إلا أن دونالد ترامب “لم تكن لديه إستراتيجية دبلوماسية للاستفادة من حملة الضغط القصوى التي مارسها لتحقيق أهداف يمكن أن تساهم في تحسين شروط الإتفاق النووي الإيراني أو على الأقل الحدّ من أنشطة إيران الإقليمية..

ترامب لم يكن مستعداً لاستخدام أقصى درجات القوة. لذلك، كان الإيرانيون ينتظرون نهاية ولايته فقط”.
انا سعيد لذلك. أنا لا أؤيد تغيير النظام في طهران بالقوة من الخارج.

هذا خيار الشعب الإيراني وحده، وهو فقط من يحق له تقرير مصيره. لهذا السبب أنا أدعم كل الخيارات المختلفة التي من شأنها أن تفضي إلى أفضل صفقة يمكن أن يشتريها المال والعمل السرّي – لكن ليس لدي أي أوهام بأنهم سيجعلون إيران جارة جيدة. وكما يقول المثل، “المشاكل لها حلول، لكن المعضلات لها قرون”.

وإدارة الصراع مع هذا النظام الإيراني هي بمثابة التنقل على قرون المعضلة ذهاباً وإياباً، وبشكل دائم.

هذا الواقع، برغم ذلك، يتسبب الآن في شقاق هادئ ولكن خطير بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

وبينما ستتعامل إسرائيل ما بعد بنيامين نتنياهو مع الأمر بهدوء أكثر، إلا أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تعلم بالفعل أن جو بايدن “قطة مختلفة”.

لا يقتصر الأمر على أن بايدن لن يبارك كل نزوات رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد (بينيت) كما فعل ترامب مع “بيبي” (نتنياهو). فبايدن يركز بشدة على تأمين ما يعتقد أنه المصلحة الإستراتيجية الأساسية لأميركا في الشرق الأوسط – ألا وهي منع إيران من حيازة سلاح نووي لأن من شأن هكذا أمر أن يجبر تركيا وجميع الدول العربية على الحصول على أسلحة نووية، وبالتالي تقويض نظام حظر انتشار الأسلحة النووية عالمياً، وجعل المنطقة مصدر تهديد كبير وحقيقي للإستقرار العالمي.

يعتقد فريق بايدن أن حملة الضغط القصوى التي شنها ترامب لم تقلّل من خُبث السلوك الإيراني في المنطقة ولو مقدار ذرة واحدة.

لذلك، يريد بايدن أن يغلق على الأقل برنامج إيران النووي لفترة من الوقت، ومن ثم يحاول أن يخفف قدر الإمكان من المشاكل التي تثيرها إيران في الإقليم بطرق أخرى.

في الوقت نفسه، يريد بايدن التركيز بشكل أكبر على البناء الداخلي (في الولايات المتحدة) وعلى مواجهة الصين.
الحجة الإسرائيلية المعاكسة هي أن الولايات المتحدة ستدفع لإيران حتى تتخلى عن سلاح نووي من غير المرجح على الإطلاق أن تستخدمه أو تنشره – بينما هي تساهم عملياً في تحرير هذا السلاح، وفي الواقع تمويله، لنشر الأسلحة التقليدية الأكثر تطوراً والتي يُرجح استخدامها: الصواريخ الذكية والدقيقة التي تشحنها إيران إلى حزب الله في لبنان ووكلائها في سوريا والتي تستهدف إسرائيل.

من غير المرجح أن تتسامح إسرائيل مع أن يكون هكذا سلاح مصوباً على رأسها بينما رجال الدين الإيرانيون مرتاحون تماماً في طهران.

في الحرب الأخيرة على لبنان، في تموز/ يوليو عام 2006، اضطر حزب الله إلى إطلاق حوالي 20 صاروخاً “أرض-أرض” غبية، غير موجهة وذات مدى محدود لإلحاق الضرر بهدف إسرائيلي واحد.

مع الصواريخ طويلة المدى الموجهة والمزودة بنظام (GPS) التي توفرها له إيران، قد يحتاج حزب الله إلى إطلاق صاروخ واحد فقط على 20 هدفاً في إسرائيل في الوقت نفسه: المفاعل النووي، المطار، الموانئ، محطات الكهرباء، المصانع التكنولوجية والقواعد العسكرية – مع احتمال كبير إصابة كل الأهداف وتدميرها كلها.

يقول فريق بايدن إن الرئيس مُلتزم بكبح هذا التهديد من خلال المحادثات التي يجريها مع إيران – بعد استعادة الإتفاق النووي. وهذا ما يطلبه الإسرائيليون: عظيم، شكراً، ولكن ماذا مقدار الإستفادة التي ستتمتع بها إيران بمجرد رفع العديد من العقوبات عنها؟

لدي فكرة: إحدى طرق نزع فتيل التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل هي أن يحاول بايدن القيام بمبادرة دبلوماسية جديدة وبشكل جذري – أي شراء الوجود الإيراني في سوريا.

سوريا اليوم تخضع لسيطرة فعَّالة في قطاعات مختلفة ومن قبل ثلاث قوى غير عربية – روسيا وتركيا وإيران.

روسيا ليست متحمسة لوجود قوات إيرانية في سوريا إلى جانب قواتها، لكنها احتاجتها للمساعدة في سحق أعداء حليفها الرئيس السوري بشار الأسد.

يمكن أن يذهب بايدن ودول الخليج العربية إلى الروس والأسد بهذا العرض: خروج القوات الإيرانية من سوريا وسنضاعف ثلاث مرات أي مساعدة مالية كانت إيران تقدمها لسوريا، وسنوافق ضمنياً على أن الأسد يمكن أن يظل في السلطة.

سيدعم الإسرائيليون هذه الصفقة، لأن تحطيم الجسر البري السوري الذي تستخدمه إيران لإمداد حزب الله بالصواريخ سيغير قواعد اللعبة.

نعم، ستكون صفقة متهكمة. ولكن ما أقول هنا: (1) إنه الشرق الأوسط يا قوم. و(2) المشاكل لها حلول، لكن المعضلات لها قرون”.

(*) ترجمة منى فرح نقلاً عن “نيويورك تايمز” بتصرف

إقرأ أيضاً: “سي إن إن”: بوتين نال ما يريده من بايدن في قمة جنيف

المصدر بوست 180 بتصرف

شام تايمز
شام تايمز