هل يمكن أن تصبح بيتكوين صديقة للبيئة؟

هل يمكن أن تصبح بيتكوين صديقة للبيئة؟

أُثيرَت مؤخراً، على نطاق واسع، قضية تأثير تعدين العملات المشفرة في البيئة، مع اعتماد الغالبية الساحقة من هذه العملات

على موارد هائلة من الطاقة، لفكّ تشفير العمليات الحسابية التي تشكّل جوهر عمل المشاريع المرتبطة بها.

ومع استثمار المزيد من الأشخاص المهتمين بالمكاسب في هذه الصناعة، يزداد استخدام الطاقة بشكل كبير، ومعها المخاوف

بشأن المناخ، بفعل تزايد انبعاث غازات الاحتباس الحراري.

تعاني “بيتكوين” وأخواتها تراجعاً في قيمتها، منذ أن أعلن الملياردير إيلون ماسك قبل أسابيع قليلة توقف شركته “تسلا” عن قبول

الدفع بها، بسبب ضرر تعدينها على البيئة. مذاك، ظهرت أكثر من مبادرة حول العالم بهدف ابتكار أساليب مختلفة لتعدين العملات

الرقمية، من دون الحاجة إلى استهلاك كميات عالية من الطاقة.

في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار عملات قليلة تستند مشاريعها إلى تقنيات مختلفة عن تلك المعهودة، ولا تحتاج إلى استهلاك

الشبكات الكهربائية والإلكترونية لإنتاجها، حتى إن “إيثيريوم”، على سبيل المثال، أطلقت نسخة مطوّرة من عملتها باستخدام

نظام “إثبات العمل” بدلاً من النظام المعمول به، والذي يكافئ أي شخص يعدّن العملة باستخدام أجهزة إلكترونية وطاقة كهربائية

عالية، من خلال إعطائه أجزاء من العملة نفسها لقاء عمله.

إحدى المبادرات المطروحة عالمياً كانت استخدام الطاقة المتجددة في تعدين العملات الرقمية، كالطاقة الشمسية والهيدروجين.

اعتماد الطاقة المتجددة في تعدين العملات الرقمية من شأنه الإجابة عن واحدة من أكثر الإشكاليات المطروحة عند تناول

مستقبل هذه العملات، كما أنَّ سعرها سيلحظ بالتأكيد ارتفاعاً قياسياً، كما أثبتت عملات رقمية مشفّرة “صديقة” للبيئة، مثل

“ADA” و”Matic”، اللتين ارتفع الطلب عليهما بعد تصريح إيلون ماسك الذي أدى إلى تراجع السوق العالمي لأسابيع.

تجدر الإشارة إلى أنَّ تقنية “بلوكتشين” أو “سلسلة الكتل” التي تستند إليها العملات الرقمية المشفرة قادرة على تقديم حلول

لشبكات الطاقة نفسها لناحية أنظمة التوزيع.

النرويج من الدول السبّاقة على صعيد محاولة تحويل البيتكوين وبقية العملات الرقمية إلى عملات صديقة للبيئة، إذ أطلقت الدولة

الاسكندنافية في 8 آذار/مارس الفائت مشروعاً باسم “Seetee”، يهدف إلى وضع مراكز تعدين بيتكوين في الأماكن التي تزيد فيها

مزارع الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء في أوقات انخفاض الطلب، واستخدام كل تلك الطاقة الزائدة للتعدين. وبذلك، يحصل

المنجم على طاقة منخفضة التكلفة وخالية من الكربون، وتحصل مزرعة الرياح أو الطاقة الشمسية على عميل كبير موثوق به.

المرحلة الحاليَّة في عمر العملات الرقميّة تُبشّر بمستقبل واعد على صعيد تثبيت قيمة هذه العملات وإمكانيّة الاعتماد عليها بعد

الشروع في تطبيق حلول بيئية مستدامة، والمسألة مسألة وقت فقط قبل أن تعاود هذه العملات مسارها الصاعد في قيمتها

السّوقية.