دخان المواطن وسيكارة الدولة
أمسكت وزارة الزراعة بمعاملة تطوير القطاع الزراعي ،وذلك من خلال معادلة تسعير المحاصيل الزراعية بأسعار جيدة ، وتوقيت مناسب ، وأخضعت ذلك للمراجعة حسب الواقع ، ومن المتوقع أن يكون لدعوتها المزارعين لزراعة المحاصيل واستعدادها للشراء بالسعر الرائج ، انعكاس جيد على الإنتاج وبالتالي استقرار الأسعار.
وزارة الصناعة مشت على نفس الطريق ولكن يبدو أنها لم تتلمس واقع المزارعين ، وأظهرت نفسها أحيانا بالبعد عنه وعن الواقع ، وهذا ما أظهره القرار الأخير للوزارة بتحديد أسعار جديدة لشراء التبغ من المزارعين، متجاهلة في معادلتها نسبة ارتفاع الأجور والمحروقات والسماد ، وكذلك نسبة الزيادة في ارتفاع أسعار مبيع الدخان “السجائر” للمستهلك ، مع الإشارة الى أن القطاع الخاص يشتري هذه الأيام كيلو الدخان من المزارع ما بين ١٥ الفا و ٢٠ الفا للكيلو ، وفي الموسم عندما كانت تتسوقه الدولة ب ٣٨٠٠ ليرة كأفضل سعر كان التاجر يشتري من المزارع بعشرة آلاف .
لإعادة المزارع إلى الأرض وإعادة الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي وتأمين المادة الأولية للصناعة ، نحتاج إلى محاكاة الواقع وتعب المزارع والفلاح ، وبحسبة بسيطة لكلفة توريد أي سلعة يمكن أن نحدد السعر لأي منتج مع ميزة دعم الاقتصاد المحلي وليس استنزافه .
الفلاح والمزارع ينتج اليوم بعيدا عن الدعم بسبب الأزمة والعقوبات والحصار، ولذلك يجب أن يتم احتساب الأسعار على هذا الأساس ولا يمكن لدعم حلقة من حلقات الإنتاج ان تحمي المنتج ، ويمكن للوزارة العودة إلى نسبة رفعها لأسعار السماد فقط لتعطي المزارع على أساسها مع العلم ان الوزارة عجزت العام الماضي عن تأمين ٥٠% من حاجة القمح للسماد فيما بقيت المحاصيل الأخرى دون سماد، ومن اشترى اشترى بأكثر من عشرة اضعاف سعر الدولة .
على وزارة الصناعة مراجعة أسعارها ومقاربتها للكلفة وإن لم تفعل فإن معاملها لن تجد تبغا لتشغيلها مع ان الإنتاج سيكون وفيرا ولكن المزارع لن يخسر ليربح الآخرون .
سنسيريا – معد عيسى
اقرأ أيضا: قانون البيوع العقاريّة.. أخطاء وعثرات تصيب سوق العقارات بالشلل