الأربعاء , أبريل 24 2024
كهرباء تحت الشمس

” كهرباء تحت الشمس “

” كهرباء تحت الشمس “

باتت مشاريع الطاقات المتجددة تشكل الحلم والمخرج للمواطنين من أزمة انقطاع الكهرباء ، في وقت ما تزال استراتيجية توليد الكهرباء مصرة على الاعتماد على الوقود الأحفوري (النفط والغاز) ، وبما يفسر سبب أزمتنا الحالية في غياب الكهرباء وانعكاسه بشكل مباشر على الإنتاج و على معيشة المواطن.

إن التجاهل لاستثمار طاقاتنا الكامنة مثل الشمس والرياح والسجيل الزيتي ، وانتظار الغاز والنفط سيجعلنا نغرق أكثر في الظلام ، وما علينا إلا أن نطلع على تجربة الأردن التي كان بضيافتها وزيرا النفط والكهرباء الأسبوع الماضي ، لنعرف حجم الظلم الذي أوقعنا به راسم استراتيجيات توليد الكهرباء ،

فالأردن يولد اليوم ألفي ميغا من الطاقات المتجددة ” شمسي وريحي” ، أي تقريبا تعادل الكمية التي تولدها محطات توليد الكهرباء في سورية ، وهذه الكمية تشكل أكثر من 25 % من إنتاج الكهرباء في الأردن ، الذي ينعم اليوم بفضل ذلك بكهرباء على مدار 24 ساعة ، بل لجأ إلى توقيف تشغيل المجموعات الغازية توفيراً للوقود .

اليوم انخفضت كلفة انتاج الكيلوواط من الكهرباء إلى ما دون 2 “سنت يورو” ووصل إلى 1.32 ” سنت يورو ، بالنسبة للمشاريع الكبيرة أي كلفة الميغا وات الواحدة تعادل 600 ألف دولار ، أي نصف كلفة الميغا الواحدة في مشاريع التوليد من النفط والغاز ، وهذا يطرح سؤالاً عن الإصرار على إنشاء مجموعات التوليد التقليدية التي تعتمد على الوقود رغم أن كلفتها أعلى وتحتاج لكميات كبيرة من الوقود ؟

قد يرد البعض بالقول إن الطاقات المتجددة لا يُمكن أن تكون بديلاً للطاقات المولدة من الوقود الأحفوري، وهذا صحيح ، ولكن يُمكن أن تصل مساهمتها إلى 40 % في إطار التقنيات المتوفرة حالياً ، وحكماً سترتفع النسبة مع التقدم التكنولوجي.

طبعا الكهرباء تتحمل وضعنا المتردي في عدم الاعتماد على الطاقات المتجددة ، فهي لم تعلن عن مشاريع كبيرة لتوليد الطاقة من الشمس و الحجة عدم توفر الاعتماد وهذا منطق ، ولكن من يقوم بتمويل محطات توليد عادي ليضيفها إلى المجموعات المتوقفة بسبب نقص الوقود ، يستطيع تخصيص هذه المبالغ لمزارع شمسية.

وزارة الكهرباء لا تتحمل بمفردها عدم الإقبال على الاستثمار في الطاقات المتجددة ، بل تتحمل معها ذلك وزارة الصناعة لعدم إنشاء معمل لإنتاج اللواقط الشمسية المتقدمة والمواكبة لأحدث التقنيات ، وليس كمنتجات المعمل السوري الكوري الذي يسوق إنتاجه نظراً لعدم وجود منافس ،

ولكن ذلك لا يقيم صناعة ولا ينشر الاعتماد على الطاقة الشمسية ، وكذلك الاستراتيجية التي تعمل عليها إدارة التوليد لن تغير من الوضع إلا للأسوء،

ولا بد من إعادة مراجعة التشريعات المتعلقة بتوليد الكهرباء وشراء الكميات من المستثمرين ، لأن العقود الطويلة يجب أن تدرس بدقة وخصوصية عالية ، لأنها أشبه بالزواج الذي يكون مغرياً في البداية ويكون الشغف لحصوله هو الدافع لإتمامه ، ولكن بعد فترة قد يحوله معيار كلفة المعيشة وعدد الأولاد إلى جحيم.

حتى اليوم وزارة الكهرباء تركز في رسم استراتيجيتها للطاقات المتجددة على القطاع الخاص ، فيما تُبقي مشاريع التوليد ذات الفوائد العقدية لبعض راسمي استراتيجية التعتيم التي نعيشها اليوم.

سنسيريا – معد عيسى

اقرأ أيضا: تعرفوا على أسعار الذهب والليرات الذهبية في سورية